الشيخ ناصر بن محمد الجارودي القطيفي الخطي' ( نسبة إلى الجارودية إحدى قرى القطيف الغربية إلى الجنوب منها ) مولود آواخر القرن الحادي عشر ( أي قبل 1100هـ.
ناصر بن محمد الجارودي | |
---|---|
معلومات شخصية |
أحواله ومبدأ اشتغاله بالعلم
قال الشيخ علي البحراني في أنوار البدرين : ((وكان اشتغاله في مبدأ أمره عند بعض فضلائها خفية عن والده وكان والده من الفقراء الفلاحين وعليه في كل يوم وظيفة من الحشيش وسائر الخدم وهو يقرأ ويقوم بذلك. ثم هاجر إلى البحرين وحضر عند جملة من فضلائها في عصر العلامة الثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني وقد حضر عنده وأجازه وقد رأيت إجازة الشيخ المذكور له على ظهر رسالته العملية مختصرة ثم بعد وفاة العالم المذكور ، اختص بتلميذه العالم المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني ولازمه مدة مديدة حتى بلغ مبلغا عظيما في العلوم وقرأ عنده كتبا كثيرة في مدرستي بوري والقدم ( من قرى البحرين ) وأجازه إجازة عامة مبسوطة جدا تقرب من ( لؤلؤة البحرين ) للشيخ يوسف بالغ فيها من المدح له والثناء عليه )).
وقال الشيخ مهدي العوازم عند ترجمته في مقدمة الإجازة الكبيرة ـ بعد أن ذكر ما يقرب مما ذكره صاحب الأنوار : (( ثم رجع قافلاً إلى القطيف بعد حوادث دامية وقعت في البحرين ؛ وفيها واصل طلب العلم عند الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور مدة إقامته في القطيف خصوصاً في الفقه كما نقل ذلك صاحب تاريخ البحرين . وهكذا واصل الدرب محصلاً ومؤلفاً ومحققاً ومعلماً . ويظهر ذلك من خلال مؤلفاته ومسائله التي سأل عنها أساتذته ومشيخته ... )) . وقال الشيخ السماهيجي في الإجازة الكبيرة : (( وقد سمع مني وقت مهاجرته إلى البحرين حميت في ظل واليها عن الحين ـ خصوصاً بمدرستي بوري ومدرسة القدم ؛ صانهما الله تعالى عن العدم ـ جملة وافرة من الحديث وقت الدرس بقراءة الغير من كتاب الكافي أصولاً وفروعاً ، والتهذيب ، والاستبصار ، وكتاب جواهر البحرين ، وكتاب مصائب الشهداء ومناقب السعداء ، وشيئاً من علم الرجال من كتاب الميرزا ـ رحمه الله ـ ، وشيئاً من الفقه من كتاب الشرائع وشرحيه ، والمدارك ، والمسالك ، والإرشاد ، والمختلف في قرية أبِي إصبع ، وكتاب الخطب التي أنشأتها في الجمع والأعياد حالة الخطبة ؛ وغيرها من مسائل متبدة في مجالس متعددة في ساعات وأيام وشهور وأعوام ؛ في كثير من العلوم والفنون من الشروح والمتون )) انتهى كلامه . وأن رجع إلى القطيف الأحداث التي جرت واستقراره فيها ، رجع وهاجر مع شيخه السماهيجي إلى بهبهان واستقر بها وفيها كتب له الإجازة الكبيرة ؛ وقد وصف في آخرها الوضع قائلاً : (( وقد وافق الفراغ من تنميق هذه الإجازة مع تشويش البال ، وتقلقل الأحوال ، ومقاسات الخطوب والأهوال ، ومصادمة الحروب والقتال ، ومعاناة الشخوص والانتقال في بلدة بهبهان في عصر الاثنين الثالث والعشرين من شهر صفر ختم بالفتح للمؤمنين والظفر سنة ثمان وعشرين والمائة بعد الألف )) . قصته مع حاكم القطيف ؛ وهي تنم عن ورعه وتقواه وأمره بالمعروف : (( وله تغمده الله برحمته قصة مع حاكم البلاد من أهل القطيف وهي أنه كانت مقبرة بجنب بستان لذلك الحاكم فأراد عمارتها وغرسها وإدخالها في بستانه فوعظه ذلك الشيخ فلم يتعظ ومنعه فلم يمتنع وكانت القطيف والأحساء حينئذ لبعض الحكام من أهل البادية مقدار يومين أو ثلاثة فمشى الشيخ ناصر المذكور إليه حتى اجتمع به وأخبره بما جاء إليه فلما حضر وقت الغداء قام من عنده إلى رحله فدعاه إلى الغداء فامتنع امتناعا شديدا واعتذر إليه ببعض الأعذار وكانت له دوخلة ( وهي إناء من خوص ) فيها تمر فأكل منه فأضمر له ذلك الحاكم سوءا ثم اختبره ببعض العطايا والإقطاعات فلم يقبل قليلا ولا كثيرا فوجده صادقا زاهدا فأجابه إلى ما طلب وكتب إلى عامله ينهاه عن التعرض لتلك الأرض ويأمره بالإحسان للشيخ المزبور فبقيت تلك المقبرة خرابا ، ونقل أنه لما توفي الشيخ المذكور تغمده الله بالكرامة والحبور ، قام ذلك الحاكم لتلك الأرض وعمرها وغرسها في يومها وهي الآن خراب لا يقبر فيها أحد وكانت عاقبة ذلك الحاكم أن قتل أشر قتلة وغصبت جميع أملاكه فهي إلى الآن مغصوبة ... )) .
شيوخه
- الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحرانِي صاحب معراج الكمال والبلغة في الرجال والمعروف بـالمحقق البحراني؛ وقد ذكر المترجم في إجازته للشيخ حسين بن عبد العباس الخطي أنه مجاز من الشيخ سليمان . كما أن الشيخ البلادي في أنوار البدرين ـ كما مر ـ رأى إجازة الشيخ سليمان له على ظهر رسالته العملية.
- الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي البحراني صاحب منية الممارسين وهو أشهر شيوخه. وقد اختص به هذا الشيخ وقد طلب من المُتَرجَم له الإجازة ؛ فأجازه ، ثم إن الشيخ السماهيجي كتب له إجازة عرفت بالإجازة الكبيرة وهي معدودة من الإجازات المدبجة. قال الشيخ السماهيجي فيها : (( إلا أنه من حسن سجاياه ، وكريم مزاياه ؛ التي لا يشملها حد ، ولا يحصرها عد ؛ التمس مني أيضاً أن أجيزه في جميع ما أرويه ، وأن أبيحه رواية كل ما أدريه وما جرى به قلمي في التصنيف .... )).
- الشيخ أبو الحسن الشريف العاملي النباطي كما وهو من شيوخ إجازته في منية المارسين للشيخ السماهيجي.
- الشيخ الميرزا عبد الله بن عيسى الأفندي صاحب ( رياض العلماء ) المتوفى سنة 1130هـ ؛ وهو من شيوخ إجازته كما في منية الممارسين حيث ذكر الشيخ السماهيجي فيها أنه يروي عن الشيخ ناصر عن الشيخ الأفندي والشيخ الشريف أبو الحسن النباطي كلاهما عن الشيخ المجلسي ذكر ذلك الطهراني في ذريعته عند ذكر المنية.
- الشيخ محمد بن يوسف بن علي بن كنبار النعيمي المتوفى سنة 1130هـ ؛ قال صاحب الأنوار : (( رأيت إجازته بخطه عندنا )). وعد الشيخ العوازم عند ترجمته في مقدمة الإجازة الكبيرة الشيخ يوسف صاحب الحدائق من شيوخ إجازته بناء على ما ذكره السـيد عبد العزيز الطباطبائي في مقدمة الحدائق من الشيخ ناصر يروي عن الشيخ يوسف ؛ وهو غير مستبعد ؛ وربما يحتمل أن الشيخ يوسف هو الذي يروي عن الشيخ ناصر.
- الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور ( والد صاحب الحدائق ) من شيوخه قراءة فقد حضر درسه مدة إقامته في القطيف خصوصاً في الفقه كما نقل ذلك صاحب تاريخ البحرين ؛ وتلك المسائل التي سألها إياه تدعم ذلك
تلامذته والراوون عنه والمجازون منه
- الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي ؛ فقد أجاز الشيخ عبد الله قبل أن يجيزه . قال : (( وتشرفت بمواخاته ، وافتخرت بمصادقته ومصافاته ، واقتبست من فوائده، واستعدت من عوائده ، واستجزت منه فأجازني ، وسألته فأفادني )).
- الشيخ حسين بن عبد العباس القطيفي : وهو من المجازين منه ؛ وقد ذكر صاحب أنوار البدرين أن للمترجم إجازة لهذا الشيخ . وقد نقل مبدؤها قائلاً : (( قال الشيخ ناصر المذكور بعد الخطبة : " أما بعد استخرت الله تعالى وأجزت للشيخ الكامل الفاضل ، المحقق المدقق ، الفطن النبيه ، الزكي الفقيه الشيخ حسين بن عبد العباس ؛ وفقه الله لارتقاء معارج الكمال بحق محمد والآل " ... )).
- الشيخ يحيى بن محمد بن علي البحراني العوامي ؛ يروي عنه على ما نقله الطهراني في طبقات الشيعة .
- الشيخ حسين بن محمد بن عبد النبي بن سليمان النبسي البحراني المتوفى سنة 1192 ذكر السيد أحمد الحسيني في تراجم الرجال أنه ممن يروي عن المترجم. وقد ذكره في إجازته للشيخ حسين الحوري الأوالي على ما حكاه الطهراني في الذريعة.
- الشيخ حسين بن أحمد بن عبد الجبار القطيفي يروي عن المترجم على ما في طبقات الطهراني ومنتظم الدرين.
- الشيخ عبد علي بن الشيخ أحمد آآل عصفور الدرازي البحراني صاحب إحياء معالم الشيعة على ما حكاه الطهراني في الطبقات أنه ممن روى عن المترجم.
- السيد عبد الله الجزائري ؛ فقد ذكر في الإجازة الكبيرة أن ممن روى عنه الشيخ المترجم
ما قيل فيه
- قال عنه أستاذه المحقق الشيخ سليمان الماحوزي في جواب مسائله : ((الشيخ الأجل الفاخر ، المخصوص بالمفاخر)) ؛ وقال أيضاً في جواب رسالته (نفي سهو النبي) كما في الطبقات (أنه الشيخ الماهر الفاخر، المصلي في حلبة المكارم والمفاخر، الزكي الألمعي، والمهذب اللوذعي)) كما صرح أنه : ((متوقذ الذهن ، غزير العلم ، سليم الفهم ، كثير الفحص عن أخبار الأئمة الأطهار)).
- وقال أستاذه الشيخ عبد الله السماهيجي في اجازته الكبيرة له: ((الأخ الحقيقي الصافي، والخل التحقيقي الوافي، زبدة الأفاضل وعمدة العلماء الأماثل، جامع الأصول والفروع ، الحاوي لفنون المعقول والمشروع ، الفقيه الفاضل والمحدث النحرير الكامل ، صفوة الأتقياء الزهاد ، ونقوة الأتقياء العباد ، وخاصة المتورعين الأمجاد ، وخلاصة العلماء الأوتاد ، والبحر الزاخر الحاوي لجميع المفاخر ، والبدر الزاهر والنور الباهر، شيخنا الأجل الفاخر الأمجد)) وقال أيضاً في ( منية الممارسين ) عنه: ((وعن أخي الصالح العالم الفاضل الكامل التقي النقي الورع الزكي الثقة المرضي)).
- وقال عنه الشيخ علي في أنوار البدرين : (( العالم الفاخر )) ، وقال : (( العالم الفاضل ، المحقق المحدث ، الكامل الفاخر )).
- قال عنه الشيخ محمد كاشف الغطاء وعن كتابه ( بشرى المذنبين ) في مقدمة الكتاب ـ على ما نقله الشيخ المشيخص في ( القطيف وملحقاتها ) ـ : (( حقاً من أمعن النظر في الكتاب ، وسبر غور هذا السفر الثمين ؛ تتجلى فيه روحه الوثابة لمعالي الفضيلة والأخلاق الفاضلة ، والسجايا الشريفة . أضف إلى ذلك ما يحتويه عليه مؤلفه القيم من براعة الأسلوب البليغ ، وحرية تفكير المؤلف ، والإطلاع الواسع ، وسمو القصد)).
- قال الشيخ عبد العطيم المشيخـص العوامي في كتابه ( القطيف وملحقاتها ) : (( هو أحد أعلام المنطقة في العلم والتقوى والأخلاق))، وقال أيضاً كتابه المتقدم: ((وهو من أفضل مآثر أعلام القطيف)).
مسائله
- المسائل التي سأل عنها الشيخ سليمان الماحوزي البحراني وذكر أنه فرغ من الجواب عنها في رجب سنة 1115هـ وقد وصفها الشيخ سليمان بأنها من المسائل الشريفة والفوائد اللطيفة . وأكثر المسائل فقهية ، وأولها من فروع النكاح. وهي موجودة بعنوان ( أجوبة مسائل الشيخ ناصر الجارودي ) في مكتبة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي تحت رقم :6322.
- مسألة عن سهو النبي (ص) سألها الشيخ سليمان المذكور، فأجابه برسالة. قال المحقق الطهراني في الذريعة: (( رسالة في سهو النبي(ص) للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي المتوفى سنة 1121هـ كتبها في جواب سؤال الشيخ ناصر الجارودي الخطي، وأثنى عليه في أولها، والنسخة بخط تلميذ المؤلف الشيخ أحمد بن إبراهيم البحراني والد المحدث البحراني كتبها سنة 1119هـ في مجموعة)).
- مسائل ثلاث سأل عنها الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور المتوفى سنة 1131هـ والد صاحب الحدائق ، فألف المجيب في ذلك رسالة، وقد وصفها المحقق البحراني في اللؤلوة بأنها حسنة جيدة تشتمل على تحقيق في طلاق الفدية وأنه هل يفيد فائدة الخلع أم لا ؟
مؤلفاته
- بشرى المذنبين وإنذار الصديقين: وتاريخ نسخه سنة 1122هـ. في معجم المطبوعات النجفية للأميني أنه مطبوع بالمطبعة الحيدرية سنة 1375هـ في 364 صفحة. وقد طبع أخيراً طبعة أخرى من تحقيق الشيخ مهدي العوازم القديحي القطيفي.
- ترتيب مسائل علي بن جعفر (ع): قال الطهراني في الذريعة: (( ترتيب مسائل علي بن جعفر (ع) المعروف بالجعفريات والكاظميات على ترتيب أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات بحذف الأسانيد. ونقل بعض فتاوى القدماء مثل الشيخ الطوسي وسلار وأبِي الصلاح وابن إدريس .
مسلكه
الشيخ الجارودي خريج المدرسة الأصولية والأخبارية في آن واحد إلا أنه يبدو عليه أنه تبنى الاتجاه الأخباري وذلك من خلال ملازمته لأستاذه السماهيجي وسفره إياه إلى بهبهان [1].
وفاته
بعد احتلال اليعاربة للبحرين هاجر مع شيخه السماهيجي إلى بهبهان واستقر بها حتى وافاه الأجل فيها سنة 1164 هـ ؛ وقبره الآن مشهور فيها ؛ وقد ذكر ذلك صاحب تاريخ البحرين وصاحب منتظم الدرين .
مصادر
- كتاب القطيف وملحقاتها للشيخ المشيخص
- كتاب "بشر المذنبين وانذار الصديقين" للشيخ ناصر بن محمد الجارودي القطيفي الخطي
- ناصر بن محمد الجارودي - ملتقى صفوة الشيعة