تُهندَس النباتات المُعدًّلة وراثيًا من أجل البحث العلمي لإنتاج ألوان جديدة في النباتات والحصول على اللقاحات وتطوير محاصيل مُحسَّنة. توجد الكثير من الخلايا النباتية متعددة القدرة (التمايزية)، وهذا يعني أن الخلية الواحدة تعطي نباتًا ناضجًا يمكن زراعته ويشكل بعدها في ظل الظروف المناسبة نباتًا جديدًا. يمكن الاستفادة من هذه المقدرة في الهندسة الوراثية، فيمكن عن طريق اختيار الخلايا التي تحولت (انتقل إليها المحُتوى الوراثي المراد إضافته) بنجاح في نبات بالغ زراعة النبات الجديد الذي يحتوي على المحتوى الوراثي المُعدل للخلية الأم في كل خلية من خلاياه من خلال عملية تُدعى زراعة الأنسجة.[1]
الأبحاث
حصل جزء كبير من التقدم الذي حصل في مجال الهندسة الوراثية نتيجة التجارب التي أُجريت على التبغ. نشأ التقدم الكبير في مجال زراعة الأنسجة والمعرفة للآليات الخلوية النباتية لمدى واسع من النباتات من الأنظمة التي طُوِّرَت في التبغ، الذي كان أول نبات يهندَس وراثيًّا، ويعتبر نموذجًا حيًا ليس فقط لمجال الهندسة الوراثية بل لمجموعة واسعة من الميادين الأخرى. على هذا النحو، فوسائل وإجراءات نقل المورثات مستقرة بصورة مناسبة، ما يجعلها من أسهل الطرائق لتحوير النباتات. يوجد نموذج رئيسي آخر وهو نبات رشاد أذن الفأر (الاسم العلمي: Arabidopsis thaliana). نظرًا إلى قصر طول الجين الذي يمتلكه ودورة حياته القصيرة، يمكن إجراء التعديل الوراثي عليه بسهولة، ويحوي العديد من المورثات المشتركة مع أنواع المحاصيل المهمة. كان أول نبات يُعرف فيه التسلسل النوكليوتيدي لمادته الوراثية، وفيه مصادر معلومات حيوية وفيرة يمكن نقلها ببساطة عبر غمس زهرة في محلول بكتريا Agrobacterium المحوَّل.[2][3][4][5][6]
في الأبحاث، تُهندس النباتات وراثيًا للمساعدة في استكشاف وظائف مورثات معينة. أبسط طريقة لذلك هي إزالة المورثة وملاحظة النمط الظاهري الناتج بالمقارنة مع النمط البري. من المحتمل أن يكون أي تغير نتيجة لغياب تلك المورثة. على عكس عملية التطفير، تتيح الهندسة الوراثية إزالة المورثة المستهدفة من دون إحداث تغيير للمورثات الأخرى في الكائن الحي. يقتصر ظهور تعبير بعض المورثات على أنسجة معينة، بذلك يمكن أن تُثبت المورثات المخبِرة مثل المورثة (GUS) إلى المورثة المستهدفة مما يسمح تحديد موقعها. من الطرائق الأخرى لاختبار مورثة معينة تغييرها بشكل طفيف، ثم إعادتها إلى النبات وملاحظة إن كانت ما زالت تملك نفس التأثير على النمط الظاهري. تتضمن الاستراتيجيات الأخرى تثبيت المورثة على محرض قوي وملاحظة ما يحدث عندما يُعبر عنها بشكل زائد، مجبرين حدوث التعبير عن المورثة في موقع مختلف أو في مراحل تطورية مختلفة.[7]
نباتات الزينة
بعض النباتات المعدلة وراثيًا هي نباتات زينة. تُعدل وراثيًا لتغيير اللون أو الرائحة أو شكل الزهرة أو شكل النبات. كان تغيير اللون أول تعديل أُجري على نباتات الزينة التجارية المعدلة وراثيًا. أُطلِق القرنفل المُعدل وراثيًا في عام 1997، وأُطلقت الوردة الزرقاء في عام 2004 وهي أكثر الكائنات المعدلة وراثيًا شعبية. تُباع الورود في اليابان والولايات المتحدة وكندا. من بين نباتات الزينة المعدلة وراثيًا الأخرى الأقحوان والبيتونيا (التبغية). بالإضافة إلى زيادة القيمة الجمالية، توجَد خطط لتطوير نباتات زينة تستهلك كمية أقل من الماء أو مقاومة للحرارة المنخفضة وهذا ما سيسمح لها بالنمو خارج بيئاتها الطبيعية.[8][9][10][11][12][13]
حفظ الأنواع
كان الهدف من إجراء التعديل الوراثي على بعض الأنواع النباتية المهددة بالانقراض هو أن تصبح مقاومة للنباتات الغازية والآفات، مثل حفار ساق المران الزمردي في أمريكا الشمالية ومرض ذبول الدلب الفطري (الاسم العلمي:Ceratocystis platani) على أشجار الدلب في أوروبا. دمر فيروس التبقع الحلقي على البابايا (PRSV) أشجار البابايا في هاواي في القرن العشرين إلى أن أُدخلَت صفة المقاومة المستمدة من العامل الممرض على نباتات البابايا المعدلة وراثيًا. مع ذلك، يبقى إجراء التعديل الوراثي على النباتات لأغراض الحفظ منطويًا على المخاطرة. يوجد قلق خاص من ألا تبقى الأنواع المعدلة وراثيًا شبيهة بالأنواع الأصلية بشكل كافٍ يسمح لنا بالقول إننا عملنا حقًا على حفظ الأنواع الأصلية. قد تكون الأنواع المُعدلة وراثيًا مختلفةً وراثيًا كفايةً لاعتبارها أنواعًا جديدة، وبذلك تقل قيمة الحفظ الحيوي بالاعتماد على التعديل الوراثي.[14][15]
المحاصيل
بشكل عام، المحاصيل المُعدلَة وراثيًا هي نباتات مُعدلة وراثيًا تُستخدم في الزراعة. كان الهدف من الجيل الأول من المحاصيل المعدلة وراثيًا الحصول على الغذاء للإنسان أو الحيوان وإعطاء المحاصيل صفة المقاومة لبعض الآفات والأمراض والظروف البيئية والفساد الغذائي والمعاملات الكيميائية (أي المقاومة لمبيدات الأعشاب). كان الهدف من الجيل الثاني من المحاصيل المعدلة وراثيًا تحسين النوعية، غالبًا عن طريق تغيير المحتوى الغذائي. وهدف التعديل الوراثي في الجيل الثالث من المحاصيل إلى الاستفادة منها في استخدامات غير غذائية، من بينها انتاج الأدوية المصنعة في النباتات، والوقود الحيوي، والمنتجات الصناعية المفيدة الأخرى، وأيضًا في المعالجة الحيوية.[16]
توجد ثلاثة أهداف رئيسية للتقدم الزراعي، زيادة الإنتاج وتحسين ظروف العمل للعمال الزراعيين والاستدامة. تساهم المحاصيل المعدلة وراثيًا في تحسين المحصول عن طريق تقليل ضغط الحشرات، ورفع القيمة الغذائية وتحمل الضغوطات غير الحيوية المختلفة. على الرغم من هذه الإمكانات، تقتصر المحاصيل التجارية اعتبارًا من عام 2018 في معظمها على المحاصيل النقدية مثل القطن وفول الصويا والذرة الصفراء والكانولا، وتعطي الغالبية العظمى من الصفات المُدخلة إما مقاومة مبيدات الأعشاب أو مقاومة الحشرات. يمثل فول الصويا نصف المحاصيل المعدلة وراثيًا المزروعة في عام 2014. كان تبني المزارعين للمحاصيل المعدلة وراثيًا سريعًا، بين عامي 1996 و2013 ازداد إجمالي مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل المعدلة وراثيًا مئة مرة، من 17,000 كيلومتر مربع إلى 1,750,000 كيلومتر مربع. على الرغم من أن الانتشار الجغرافي كان متفاوتًا جدًا، فكان الانتشار كبيرًا في الأمريكيتين وأجزاء من آسيا وقليلًا في أوروبا وإفريقيا. كان الانتشار الاقتصادي الاجتماعي أكثر توازنًا، بنموٍ قدره بـ 54% تقريبًا في المحاصيل المعدلة وراثيًا في الدول النامية في عام 2013.[17][18]
اللقاحات
توجد إمكانات كبيرة لدى النباتات المعدلة وراثيًا يمكن الاستفادة منها في إنتاج وتخزين اللقاحات. إنتاج اللقاحات ونقلها وإعطاؤها أمر مكلف، لذلك قد يتيح نظام قادر على إنتاجها بشكل محلي وصولها بشكل أكبر إلى المناطق الفقيرة والنامية. بالإضافة إلى استخلاص لقاحات مصنَّعة من النباتات، من الممكن أيضًا إنتاج لقاحات. تُنشط اللقاحات الصالحة للأكل الجهاز المناعي عند تناولها للحماية من أمراض معينة. تقلل إمكانية تخزينها ضمن النباتات من التكلفة طويلة الأمد، فيمكن توزيعها من دون الحاجة إلى تخزينها بحرارة منخفضة، ولا توجد حاجة لتنقيتها وأن يكون لها ثبات طويل الأمد. ويوفر أيضًا وجودها ضمن الخلية النباتية بعض الحماية من أحماض الجهاز الهضمي بعد تناولها. مع ذلك، فتكلفة تطوير وتنظيم واحتواء نباتات معدلة وراثيًا مرتفعة، وهذا ما أدى إلى اقتصار تطبيق معظم اللقاحات الحالية المصنعة ضمن النباتات على الطب البيطري، حيث الضوابط أقل صرامةً.[19][20]
المراجع
- Walter P, Roberts K, Raff M, Lewis J, Johnson A, Alberts B (2002). "Studying Gene Expression and Function". Molecular Biology of the Cell (الطبعة 4th). مؤرشف من الأصل في 2 يناير 2020.
- Ganapathi TR, Suprasanna P, Rao PS, Bapat VA (2004). "Tobacco (Nicotiana tabacum L.) — A Model System for Tissue Culture Interventions and Genetic Engineering". Indian Journal of Biotechnology. 3: 171–184.
- Koszowski B, Goniewicz ML, Czogała J, Sobczak A (2007). "Genetycznie modyfikowany tytoń – szansa czy zagrozenie dla palaczy?" [Genetically modified tobacco--chance or threat for smokers?] ( كتاب إلكتروني PDF ). Przeglad Lekarski (باللغة البولندية). 64 (10): 908–12. PMID 18409340. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 23 يناير 2013.
- Mou B, Scorza R (2011-06-15). Transgenic Horticultural Crops: Challenges and Opportunities. CRC Press. صفحة 104. .
- Gepstein S, Horwitz BA (1995). "The impact of Arabidopsis research on plant biotechnology". Biotechnology Advances. 13 (3): 403–14. doi:10.1016/0734-9750(95)02003-L. PMID 14536094.
- Holland CK, Jez JM (October 2018). "Arabidopsis: the original plant chassis organism". Plant Cell Reports. 37 (10): 1359–1366. doi:10.1007/s00299-018-2286-5. PMID 29663032.
- Jefferson RA, Kavanagh TA, Bevan MW (December 1987). "GUS fusions: beta-glucuronidase as a sensitive and versatile gene fusion marker in higher plants". The EMBO Journal. 6 (13): 3901–7. doi:10.1002/j.1460-2075.1987.tb02730.x. PMC . PMID 3327686.
- "Biotechnology in Ornamental Plants - Pocket K". www.isaaa.org. مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 201817 ديسمبر 2018.
- Chandler SF, Sanchez C (October 2012). "Genetic modification; the development of transgenic ornamental plant varieties". Plant Biotechnology Journal. 10 (8): 891–903. doi:10.1111/j.1467-7652.2012.00693.x. PMID 22537268.
- Nosowitz D (15 September 2011). "Suntory Creates Mythical Blue (Or, Um, Lavender-ish) Rose". Popular Science. مؤرشف من الأصل في 25 مايو 201730 أغسطس 2012.
- "Suntory to sell blue roses overseas". The Japan Times. 11 September 2011. مؤرشف من الأصل في 22 نوفمبر 201230 أغسطس 2012.
- "World's First 'Blue' Rose Soon Available in U.S". Wired. 14 September 2011. مؤرشف من الأصل في 17 مارس 2014.
- "Green genetic engineering now conquers the ornamental plant market as well". www.biooekonomie-bw.de (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 03 أبريل 201917 ديسمبر 2018.
- Adams JM, Piovesan G, Strauss S, Brown S (2002-08-01). "The Case for Genetic Engineering of Native and Landscape Trees against Introduced Pests and Diseases". Conservation Biology (باللغة الإنجليزية). 16 (4): 874–79. doi:10.1046/j.1523-1739.2002.00523.x.
- Tripathi S, Suzuki J, Gonsalves D (2007). "Development of genetically engineered resistant papaya for papaya ringspot virus in a timely manner: a comprehensive and successful approach". Methods in Molecular Biology. 354: 197–240. doi:10.1385/1-59259-966-4:197. . PMID 17172756.
- Qaim, Matin (2016-04-29). "Introduction". Genetically Modified Crops and Agricultural Development (باللغة الإنجليزية). Springer. صفحات 1–10. .
- "Global Status of Commercialized Biotech/GM Crops: 2014 - ISAAA Brief 49-2014". ISAAA.org. مؤرشف من الأصل في 31 مارس 201915 سبتمبر 2016.
- ISAAA 2013 Annual Report Executive Summary, Global Status of Commercialized Biotech/GM Crops: 2013 ISAAA Brief 46-2013, Retrieved 6 August 2014 نسخة محفوظة 17 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
- Hammond J, McGarvey P, Yusibov V (2012-12-06). Plant Biotechnology: New Products and Applications. Springer Science & Business Media. صفحات 7–8. .
- Concha C, Cañas R, Macuer J, Torres MJ, Herrada AA, Jamett F, Ibáñez C (May 2017). "Disease Prevention: An Opportunity to Expand Edible Plant-Based Vaccines?". Vaccines. 5 (2): 14. doi:10.3390/vaccines5020014. PMC . PMID 28556800.