علم النفس التطوري هو أحد أهم اربعة علوم جديدة وثورية تدرس الطبيعة البشرية (علم الإدراك ،علم الأعصاب، الوراثيات السلوكية، علم النفس التطوري ويسمى أحيانا سيكولوجيا ارتقائية أو تطورية ) وهو الابن البار للثورة التطورية بدراسة السلوك وقد اثار أكثر خلاف في العقد الأخير فهو يمثل توليفة ما بين البيولوجيا التطورية وبين علم النفس الحديث انه يستخدم الإنجازات النظرية في البيولوجيا التطورية من مثل نظرية اللياقة المتضمنة ونظرية الاستثمار الوالدي والانتقاء الجنسي كما يستخدم تطور المعايير الأكثر صرامة لتقويم وجود التكيف وغيابة وكذلك يدمج علم النفس التطوري في عدته المعرفية إنجازات مفهومية وتجريبية من علم النفس، بما فيها نماذج معالجة المعلومات ومعطيات من الذكاء الاصطناعي وكذلك اكتشافات من مثل التعبير الانفعالي الكوني(المقصود بالكوني هنا هو الاشتراك بالانفعالات بين الناس من مختلف بقاع الأرض أي انفعالات متعددة الثقافات وعابرة للقارات) ووسائل كونية تتعلق بطرق تصنيف الناس للنباتات والحيوانات والمسائل الكونية في الابعاد التي يستخدمها الناس لتنصيف الناس الآخرين.هو باختصار يدرس سبب ما نحن عليه ولماذا نفعله. فهو علم دراسة سلوكنا الإنساني.
فوبيا التفسير التطوري
معظم المثقفين يجهلون الأسس الوراثية والفيزيائية والتي لها مساس بفهم وصياغة النظريات في العلوم الاجتماعية (انثروبولجيا،سيسيولوجيا، سايكولوجيا ) فمعظهم لديهم رهاب من اي تفسير للعقل فيه استشهاد بالوراثيات وهم يخشون الكثير من الأمور ذكر علماء النفس التطوريين وعلماء البيولوجيا كستيفن بنكر ودافيد باس وريتشارد داوكنز. أولا الخوف من عدم المساواة. هناك خوفا من عدم المساواة بسبب الجاذبية العظيمة في المبدا القائل بان العقل صفحة بيضاء وله ما يبرره اجتماعيا ودينيا بمعزل عن الأسس الوراثية التطورية التي اثبتت خلاف هذا فالصفحة البيضاء انيقة جدا وتعطي للبيئة دورا رئيسيا في بناء المعرفات السلوكية وأيضا هي جذابة لانها لا تميز شخصا على اخر فالكل متساوي ولهم حياتهم وفرصهم ليتنافسوا بها الا ان الحقيقة خلاف هذا فخوفهم من فتح باب التمييز هو الاضطهاد أو تحسين النسل أو حتى العبودية والإبادة العرقية، في حين ان المطلوب هو المساواة السياسية أو الحقوق بين الجميع وليس ان نؤدلج المعارف ونفرض ان البشر متساوون بايلوجيا فهذا خلاف علم الجينات فاغلب الاذكياء هم كذلك لانهم ولدوا اذكياء وليس لانهم صفحة بيضاء جائتهم فرصة التعليم الجيد.رغم أهمية التعليم في زيادة نقاط مقاييس الذكاء. ثانيا: الخوف من عدم القابلية للكمال. فاذا كان الناس مثقلين فطريا بعبء من خطايا واخطار معينة مثل الانانية والتحيز وقصر النظر وخداع النفس فان الإصلاح السياسي والاجتماعي سيبدو عندها مجرد اهدار للوقت، لماذا نحاول عندها ان نجعل العالم مكانا أفضل إذا كان الناس فاسدين حتى النخاع وسيفسدون الامور لاغير مهما كان ما سنفعله.؟طالما تكلم بعض الافراد المتعاطفين مع السياسيات الثورية الرومانسية بستينات وسبعينات القرن العشرين التي وفدت منها المعارضة الاولى للبيولوجيا الاجتماعية انهم اثاروا غضبا للزعم بان اوجه القصور في الطبيعة البشرية ربما تقيد تنظيماتنا الاجتماعية وهذه مرة اخرى محاجة مغلوطة فنحن نعرف ان من الممكن وجود تحسن اجتماعي لاننا نعرف بان التحسن الاجتماعي قد وجد مثل انتهاء العبودية وتجريم التعذيب والعداوات الدموية والاستبداد وتملك النساء في الديمقراطيات الغربية فمن الممكن ان يحدث التغير الاجتماعي حتى إذا كانت الطبيعة البشرية ثابتة فالتنظيم الاجتماعي بتوسع وتطور، فنحن ننحدر من اشخاص كانوا يقتلون بعضهم ويعيشون بجماعة صغيرة واليوم فدائرة الحس الإنساني أصبحت واسعة تشمل الإنسانية جميعا كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان فنحن نضع مزيدا من الأشخاص داخل دائرتنا إذا استشعرنا بان وجودهم ذات أهمية وانهم معنا في الأهداف التي تنصب بصالحنا، فاقرار الإعلان العالمي وجميع المواثيق العالمية هو شعور باننا كلنا نهتم ببعضنا فهذه الملاحظة (وهي اساسا عن الفيلسوف بيتر سنجر ) هي مثال على الطريقة التي يمكننا بها ان ننعم بالتحسنات الاجتماعية والتقدم الأخلاقي حتى وان كنا مجهزين بقدرات محددة طالما ان هذه القدرات تستطيع الاستجابة للمدخلات في حالة الحس الأخلاقي فان المدخلات المتعلقة بالامر قد تكون وعيا عالميا بالتاريخ وقصص الشعوب الاخرى التي تتيح لنا ان نمتد بانفسنا داخل خبرات اناس ربما كانوا بغير ذلك سيعاملون كمعاقين أو اعداء. ثالثا: الخوف من الحتمية الجينية. الخوف من اننا لن نتمكن بعد من ان نلقى المسئولية على الافراد بشأن سلوكهم لانهم يستطيعون القاء مسئولية هذا السلوك على مخهم أو جيناتهم أو تاريخهم التطوري، حافظ تطوري أو دفاع بالجين القاتل وهذا التخوف غير مبرر اطلاقا فمذهب الحتمية مذهب غير صحيح علميا ولايقول به الا القليل من العلماء امام المجمع العلمي يقول دافيد باس بكتابه علم النفس التطوري العلم الجديد للعقل: تمثل النظرية التطورية في الواقع اطارا تفاعليا حقيقيا فلايمكن قيام السلوك الإنساني من دون مقومين 1- التكيفات المتطورة و2- مدخلات البيئة التي تطلق نمو هذه التكيفات وتفعله... وهكذا فان السلوكيات المحددة جينيا والناجمة عن الموروث من دون مدخلات أو مؤشرات من البيئة هي خاطئة ببساطة وهي ليست متضمنة بحال من الأحوال بالنظرية التطورية. رابعا: الخوف من العدمية. إذا كان من المستطاع ان نبين ان دوافعنا وقيمنا هي نتاج فيزيولوجيا المخ وهذه بدورها تشكلت بواسطة قوة التطور وإذا حسب هذا الخوف فان دوافعنا وقيمنا هذه ستكون مجرد امور مزيفة وليس فيها واقع موضوعي فانا لست من الوجهة الواقعية محبا لطفلي وكل ما افعله هو اني اكاثر على نحو اناني من جيناتي لن تكون الزهور و الفراشات وأعمال الفن جميلة جمالا حقيقيا لقد تطور مخي لا غير ليعطيني احساسا بالمتعة عندما يسقط نمط معين من الضوء على شبكتي / الخوف هنا من ان البيولوجيا ستبين الزيف في كل ما نتمسك بقدسيته يتاسس هذا الخوف على الخلط بين طريقتين مختلفتين تماما فيي تفسير السلوك فما يسميه البيولوجيون بانه تفسير قريب انما يشير إلى ماله معنى بالنسبة لي باعتبار ما ما املكه من مخ وعلى عكس ذلك فان التفسير النهائي يشير إلى العمليات التطورية التي اعطتني مخا له القدرة على ان تكون له هذه الأفكار والمشاعر نعم فالتطور عملية انانية فيها قصر نظر إذ يتم اختيار الجينات لقدرتها على تعظيم عدد نسخها هي نفسها ولكنا هذا لايعني اننا نحن انانيون وقصار النظر أو على الاقل لسنا كذلك على طول الوقت، لايوجد اي شيء يمنع عملية الانتخاب الطبيعي للانانية اللاخلاقية من ان تطور كائنا اجتماعيا بمخ كبير وله حس اخلاقي معقد. يقول ريتشارد دوكنز بكتابه الجين الانانية بما معناه.. انانية الجينات لايعني ان نكون نحن انانيون بل المطلوب ان نثور على انانية جيناتنا لنكون حس أخلاقي يهتم بالبشر الاخرين.
المصدر
- مقال لستيفن بنكر وكتاب دافيد باس