يشير مصطلح اليسار المسيحي إلى طيف من الأحزاب والحركات السياسيَّة والاجتماعيَّة اليسارية المسيحية، والتي تعتنق إلى حد كبير وجهات النظر التي توصف بأنها عدالة اجتماعية والتي تتمسك بمفاهيم حركة الإنجيل الاجتماعي. ونظرًا للتنوع المتأصل في الفكر السياسي الدولي، للمصطلح معان وتطبيقات مختلفة في بلدان مختلفة خصوصًا بين أوروبا وأمريكا اللاتينية.
حركات اليسار المسيحي تعمل في المجتمع من خلال عقيدتها الاجتماعية لتعزيز العدالة الاجتماعية وتوفير الرعاية للمرضى والفقراء. وقد تم تبني الأفكار التي تضمنتها "العظة على الجبل" وامثال المسيح مِثل مَثل السامري الصالح كرسالتها في المجتمع،[1] كالدعوى إلى عبادة الله، والعمل من دون عنف أو تحامل ورعاية المرضى والجياع والفقراء. وتطالب حركات اليسار المسيحي بالرعاية الإجتماعية المجانية وتوفير الحد الأدنى من الرفاه والدعم الاجتماعي لجميع المواطنين. وتطالب أيضًا بتوفير الرعاية الصحية الشاملة والتأمين ضد البطالة.[2]
في الولايات المتحدة، أغلب أعضاء اليسار المسيحي تأتي من مجموعة من الكنائس المسيحية التالية: كنائس سلام، وعناصر من البروتستانتية الخط الرئيسي، والكاثوليكية، وبعض العناصر الإنجيلية. مقارنًة في اليمين المسيحي في الولايات المتحدة، يعد اليسار المسيحي أقل تنظيمًا.[3]
ظهر في أمريكا الجنوبية لاهوت التحرير وهي حركة يسارية ظهرت داخل الكنيسة الكاثوليكية حركة إصلاح دعيت بلاهوت التحرير، والتي ناضلت من أجل العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر والديكتاتورية والدفاع عن المظلومين.[4] في بداية القرن العشرين ارتبطت الكنيسة الكاثوليكية ارتباطًا وثيقًا بالقيادات العسكرية والأثرياء من كبار ملاك الأراضي الذين تحكموا في كثير من حكومات أمريكا اللاتينية. ولكن مع ذلك ومنذ نهاية الستينيات من القرن العشرين ازداد نشاط الكنيسة في النضال من أجل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. وقد قام كثير من قيادات الكنيسة بنقد حكومات أمريكا اللاتينية بشدة لفشلها في توفير الخدمات المناسبة للفقراء.
ورغم تراكب اليسار المسيحي والمسيحية الليبرالية قليلاً، فإنهما مختلفان، أي ليس كل اليساريين المسيحيين ليبراليين، ولا العكس، إذ يمتلك بعض اليساريين المسيحيين آراءً متحفظّة اجتماعياً عن القضايا الاجتماعية، ولكنهم يميلون لليسار فيما يخص القضايا الاقتصادية.
الاعتقادات
المثلية الجنسية
يقارب اليسار المسيحي المثلية الجنسية عموماً بشكل يختلف عن المجموعات السياسية المسيحية، وقد تكون هذه المقاربة مدفوعة بالتركيز على قضايا مختلفة رغم تماثل الآراء الدينية، فقد يعتبر اليساريون المسيحيون، الذين يتشابهون بأفكارهم مع مجموعات سياسية مسيحية أخرى بينما يركّزون على قضايا مختلفة عنها، التعاليم المسيحية المتعلقة بقضايا معينة، كتحريم الإنجيل للقتل، وانتقاد تمركز الثروات، أهم سياسياً بكثير من التعاليم الخاصة بالقضايا الاجتماعية التي يؤكد عليها اليمين الديني، مثل معارضة المثلية الجنسية، علاوة على ذلك، يختلف بعض أفراد اليسار المسيحي عن المجموعات السياسية المسيحية الأخرى بأفكار دينية أيضاً.
فعلى سبيل المثال، يعتبر جميع أعضاء اليسار المسيحي التمييز والتعصب الديني ضد المثليين جنسياً غير أخلاقي، ولكنهم يختلفون في وجهات النظر عن عملية الجنس المثلي، إذ يعتقد البعض بكونها غير أخلاقية أيضاً، لكنهم يتفقون على كونه موضوعاً ضئيل الأهمية بالمقارنة مع قضايا متعلقة بالعدالة الاجتماعية، أو حتى بالأخلاقية الجنسية التي تخص عملية الجنس المغاير.
بينما يؤكد آخرون على أن بعض الممارسات مثلية الجنس تتوافق مع الحياة المسيحية، فيعتقد أعضاء كهؤلاء أن حجج الكتاب المقدس المُستخدمة لإدانة المثلية الجنسية إنما قد أُسيء تفسيرها، وأن تحريم الكتاب المقدس لممارسات المثلية الجنسية يشمل حقيقةً نوعاً معيناً من أفعال العملية الجنسية بين المثليين، مثل حب الغلمان، أي ممارسة رجال بالغين الجنس المثلي مع غلمان ذكور، وبالتالي يعتبرون تلك المحرمّات المذكورة غير متعلقة بالعلاقات مثلية الجنس العصرية.[5][6][7][8]
أخلاقيات الحياة المتّسقة
تجد أخلاقيات الحياة المتسقة (الخاصة بالكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية التقدمية) ترابطاً بين معارضة كل من عقوبة الإعدام، والسياسة العسكرية، والموت الرحيم، والإجهاض والتوزيع العالمي غير العادل للثروات، وهي فكرة تتشارك بعضَ مفاهيمها الدياناتُ الإبراهيمية، بالإضافة إلى البوذية والهندوسية وأعضاء من دينات أخرى.
إذ طوّر فكرة أخلاقيات الحياة المتسقة كاردينالُ شيكاغو الراحل جوزيف بيناردين عام 1983،[9] وينتقد معتنقو هذه الفكرة عادةً السياسيين المعروفين كمناصرين للحياة، لكنهم في الوقت ذاته يقفون في وجه تمويل الفيتامينات التي تُعطى قبل الولادة، أو برامج تغذية الأطفال، أو الرعاية الصحية العالمية.
لاهوت التحرير
يُعتبر لاهوت التحرير تقليداً لاهوتياً نشأ في الدول النامية، وخصوصاً أميركا اللاتينية، إذ دمج المفكرون الكاثوليكيون منذ ستينيات القرن الشعرين أفكار التيار اليساري مع الكاثوليكية، مُنشئين لاهوت التحرر، والذي برز في وقتٍ تحالف فيه المفكرون الكاثوليكيون الذين عارضوا القادة المستبدّين في أمريكا الجنوبية والمركزية مع المعارَضة الشيوعية.
لكن تطور لاهوت التحرير بشكل منفصل عن اللاهوت الأسود في الولايات المتحدة الأمريكية وبالكاد بالتزامن معه، وينبغي عدم الخلط بينهما،[10] وقرر مجمع العقيدة والإيمان أنه وبالرغم من توافق لاهوت التحرر جزئياً مع التعاليم الكاثوليكية الاشتراكية، فإن بعض عناصره الماركسية، كعقيدة الصراع الطبقي الدائم، يتعارض مع تعاليم الكنيسة.
مراجع
- السامريون والديانات الأخرى - تصفح: نسخة محفوظة 27 فبراير 2014 على موقع واي باك مشين.
-
Utter, Glenn H. (2007). Mainline Christians and U.S. Public Policy: A Reference Handbook. ABC-CLIO. صفحة 230. . مؤرشف من الأصل في 30 مارس 201701 أغسطس 2015.
The Christian Alliance for Progress. composed of individuals from various denominations and religious viewpoints, strives to emphasize the core beliefs and values of Christianity in response to the contemporary involvement of Christian groups in the search for political influence and power.
-
Compare:
Blow, Charles M. (2 July 2010). "The Rise of the Religious left". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 25 يونيو 2017.
On the other hand, the religious left is not the religious right. The left isn't as organized or assertive.
- Berryman, Phillip (1987), Liberation Theology: Essential Facts about the Revolutionary Movement in Latin America--and Beyond, Philadelphia: Temple University Press, صفحة 4,
- Why TCPC Advocates Equal Rights for Gay and Lesbian People - تصفح: نسخة محفوظة 12 February 2012 على موقع واي باك مشين.
- "Equality for Gays and Lesbians - Christian Alliance for Progress". 1 December 2005. مؤرشف من الأصل في 17 سبتمبر 2019.
- Bible & Homosexuality Home Page - تصفح: نسخة محفوظة 24 February 2015 على موقع واي باك مشين.. Pflagdetroit.org (1998-12-11). Retrieved on 2013-08-24.
- [1] - تصفح: نسخة محفوظة 21 May 2007 على موقع واي باك مشين.
- Bernardin, Joseph. Consistent ethics of life 1988, Sheed and Ward, p. v
- "Archived copy". مؤرشف من الأصل في 27 أكتوبر 201322 أكتوبر 2013.