الاشتراكية السلطوية، أو الاشتراكية العليا، هي نظام اقتصادي وسياسي يدعم أحد أشكال الاقتصاد الاشتراكي في حين يرفض الليبرالية السياسية. يشير مصطلح الاشتراكية السلطوية إلى مجموعة من الأنظمة الاقتصادية السياسية التي تصف نفسها بأنها اشتراكية وترفض المفاهيم الديمقراطية الليبرالية لسياسات تعدد الأحزاب، وحرية التجمع، والأمر بالمثول أمام القضاء، وحرية التعبير، سواء كان ذلك بسبب الخوف من الثورة المضادة أو لاعتبارها غاية في حد ذاتها. وصف الصحفيون والعلماء عدة دول -أبرزها الاتحاد السوفيتي والصين وحلفائهما- بأنها دول اشتراكية سلطوية.[1][2][3]
تشتمل الاشتراكية السلطوية المناقضة لمعاداة السلطوية ومعاداة الدولانية والجناح الليبرتاري لبعض الحركات الاشتراكية على بعض أشكال الاشتراكية الأفريقية[4][5] والعربية[6] والأمريكية اللاتينية.[7] يشير نقاد الجناح اليميني إلى الاشتراكية السلطوية باعتبارها «اشتراكية شاملة» ويخلطون بينهما، في حين يجادل نقاد الجناح اليساري بأنها إحدى أشكال رأسمالية الدولة، على الرغم من أنها في الحقيقة أحد أشكال السلطوية أو اللا ليبرالية لاشتراكية الدولة. اعتُبرت الدول السابقة دولًا ماركسية لينينية أيديولوجيًا، وأعلنت نفسها دول عمال وفلاحين (دولًا اشتراكيةً) أو دولًا ديمقراطيةً شعبيةً (ماركسية لينينية).[8]
خصائصها
النظرية والمبدأ
تُعتبر الاشتراكية السلطوية نظامًا سياسيًا اقتصاديًا، ويمكن وصفه بشكل عام بأنه نظام اشتراكي، ولكنه بنفس الوقت نظام يرفض المفاهيم الديمقراطية الليبرالية لسياسات تعدد الأحزاب، وحرية التجمع، والأمر بالمثول أمام القضاء، وحرية التعبير. وتشتمل الخصائص الأخرى المشتركة بين الدول الاشتراكية السلطوية الحديثة (بدءًا من القرن العشرين) على كل من التركيز على الصناعة الثقيلة من أجل تنمية الاقتصاد، ونظام الحزب الواحد لدفع أهداف الدولة إلى الأمام، بالإضافة إلى الاستخدام المكثف للبروباغندا لنفس الهدفين السابقين وربما أكثر. رد المدافعون عن السوفييت والاشتراكيون على هذه الانتقادات بتسليطهم الضوء على الاختلافات الأيديولوجية في مفهوم الحرية. على سبيل المثال، لوحظ أن «المعايير الماركسية اللينينية تقلل من شأن فردانية مبدأ عدم التدخل الاقتصادي (مثلًا عندما يُحدد السكن بقدرة الفرد على الدفع)، كما [أدانوا] الاختلافات الواسعة في الثروة الشخصية في حين لم يفعل الغرب ذلك. أكدت المثل السوفيتية بدلاً من ذلك على المساواة والتعليم المجاني والرعاية الطبية، والحد من التفاوت في السكن أو الأجور، وما إلى ذلك». رد هاينز كيسلر وزير الدفاع الوطني السابق لألمانيا الشرقية عندما طُلب منه التعليق على الادعاء بأن المواطنين السابقين في الدول الاشتراكية يتمتعون الآن بحريات متزايدة، قائلًا: «يوجد اليوم الملايين من الناس المحرومين من العمل في أوروبا الشرقية، دون شوارع آمنة، ودون رعاية صحية، ودون ضمان اجتماعي».[9][10]
إنشاء الصناعة
تسير عملية فرض القوى السلطوية للاقتصاد الاشتراكي في الغالب جنبًا إلى جنب مع تعزيز نمو الصناعة الثقيلة باعتبارها وسيلةً للوصول إلى التحول الصناعي (الأمر الذي يمكن ملاحظته خلال فترة سيطرة جوزيف ستالين على الاتحاد السوفيتي). جلبت أهداف ستالين تحولًا صناعيًا سريعًا للاقتصاد السوفييتي ما أدى إلى زيادة عدد سكان المناطق الحضرية 30 مليون شخص بحلول عام 1930، وازداد إنتاج السيارات إلى 200 ألف سيارة سنويًا بحلول عام 1940. كانت دولتا ألمانيا وإيطاليا الفتيتين من المشاركين العالميين الصاعدين في أوائل القرن العشرين من خارج الاتحاد السوفيتي. قُدم عدد قليل من مشاريع العمل المخطط لها مركزياً في ظل حكم النازي الألماني أدولف هتلر والفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني الذي خلق العبادة الشخصية، على الرغم من أن العديد من السياسات التي وضعاها كانت متناقضة وغير مفهومة جيدًا. يُعتبر الرايخ أوتوبان في ألمانيا النازية مثالًا على ذلك.[11] زاد بناء الأوتوبان والصناعات المتعلقة بإنشاء الطرق السريعة من نسبة الألمان العاملين طوال فترة البناء. يُعتبر مشروعي باتل فور غراين أو باتل فور لاند في إيطاليا الفاشية مثالين على مشاريع العمل العامة التي دعمها الاشتراكيون بصورة تقليدية. ومع ذلك، فضلت دول المحور -من بين الأنظمة الفاشية الأخرى- سياسات اقتصاد السوق النقابوية بدلاً من الاشتراكية، وكانت جميعها معادية للشيوعيين والماركسيين والاشتراكيين بشكل متطرف. وُصفت هذه السياسات بأنها رأسمالية سلطوية وشمولية. يُعتبر اختيار موسوليني لربط الشركات الخاصة مع الدولة لتنظيم السياسات الاقتصادية مثالًا على ما سبق.[12] يُعتبر الاكتفاء الذاتي من الصفات المُشتركة الأخرى، ولكن سُعي وراءه لأسباب مختلفة إلى حد كبير. سعت الدول الاشتراكية السلطوية إلى الاكتفاء الذاتي بهدف الوصول إلى اقتصاد ما بعد الندرة من أجل ضمان مجتمع شيوعي، في حين سعت الأنظمة الفاشية إلى تحقيق أهداف قومية وإمبريالية، من خلال وجود حركات فاشية ويمينية متطرفة ادعت كفاحها من أجل الاكتفاء الذاتي على المنابر الحزبية أو من خلال البروباغندا، لكنها سحقت الحركات الرامية للوصول إليه على أرض الواقع، وأنشأت روابطًا رأسمالية واسعة النطاق بهدف الاستعداد للحرب التوسعية والإبادة الجماعية، في الوقت الذي تحالفت فيه مع نخبة أصحاب التجارة والأعمال التجارية التقليدية. اختلفت الدول الاشتراكية السلطوية مع الأنظمة الفاشية أيضًا فيما يتعلق بتحول تركيز الأنظمة الفاشية على صراع الطبقات الاجتماعية إلى التركيز على الصراع بين الأمم (الدول القومية) والأعراق. [13][14]
لا تُصنف العديد من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية السلطوية الأخرى على أنها دول صناعية (متقدمة)، بغض النظر عن روسيا وعدد من أعضاء الكتلة الشرقية السابقين. يوضح أحد التحليلات المجتمعية الماركسية (المادية التاريخية) أن عملية التحول الصناعي في القرن التاسع عشر وضعت العواصم الحالية في مواقع السلطة الحالية.[15]
المراجع
- Huntington, Samuel P. (1970). Authoritarian Politics in Modern Society: The Dynamics of Established One-party Systems. Basic Books. (ردمك ).
- Lowy, Michael (1986). "Mass organization, party, and state: Democracy in the transition to socialism". Transition and Development: Problems of Third World Socialism (94): 264.
- Amandae, Sonja (2003). Rationalizing Capitalist Democracy: The Cold War Origins of Rational Choice Liberalism. University of Chicago Press. (ردمك ).
- Mushkat, Marion (June 1972). "African Socialism Reappraised and Reconsidered". Istituto Italiano per l'Africa e l'Oriente. 2: 151–153.
- Gregor, A. James (July 1967). "African Socialism, Socialism and Fascism: An Appraisal". The Review of Politics. 29 (3): 324–353. doi:10.1017/s0034670500032745.
- Posusney, Marsha Pripstein (2005). Authoritarianism in the Middle East: Regimes and Resistance. Boulder: Lynne Rienner Publishers. .
- Rogers, Tim (11 April 2014). "Does Ecuador's leader aspire to a perpetual presidency?". The Christian Science Monitor. مؤرشف من الأصل في 23 يونيو 201822 أبريل 2020.
- Nation, R. Craig (1992). Black Earth, Red Star: A History of Soviet Security Policy, 1917-1991. Cornell University Press. صفحات 85–6. . مؤرشف من في 25 أبريل 202019 ديسمبر 2014.
- McFarland, Sam; Ageyev, Vladimir; Abalakina-Paap, Marina (1992). "Authoritarianism in the former Soviet Union". Journal of Personality and Social Psychology. 63 (6): 1004–1010. CiteSeerX . doi:10.1037/0022-3514.63.6.1004.
- Parenti, Michael (1997). Blackshirts and Reds: Rational Fascism and the Overthrow of Communism. San Francisco: City Lights Books. صفحة 118. .
- De Grand, Alexander J. (2000) [1938]. Italian fascism: Its Origins and Development (الطبعة 3rd). Lincoln: University of Nebraska Press. . OCLC 42462895.
- Tucker, Robert C. Stalin in Power: The Revolution from Above, 1928–1941. W. W. Norton & Company. صفحة 96. .
- "Benito Mussolini". Encyclopædia Britannica. مؤرشف من الأصل في 25 أبريل 2020.
- Van Oudenaren, John (1991). "7: Economics". Détente in Europe: The Soviet Union and the West Since 1953. Durham, North Carolina: Duke University Press. صفحة 255. . مؤرشف من في 25 أبريل 202028 مارس 2019.
After veering toward autarky under war communism, in the 1920s the Soviet authorities began restoring business relations with traditional partners.
- Griffin, Roger (1993). The Nature of Fascism. Routledge. صفحات 222–223. .