هناك أدلة على حدوث التهاجن بين البشريين العتيقين والبشر الحديثين خلالَ العصر الحجري الوسيط والعصر الحجري الأعلى [=الحديث] المبكر. حدَثَ التهاجُنُ في أحداثٍ مستقلةٍ عديدةٍ والتي تضمَّنَتْ النِيَنْدِرتاليِّينَ والدينيسوڤِيِّين وكذلك العديدَ من أنواعِ البشريِّينَ الغيرِ محدَّدةِ بعدُ، على التوالي والترتيب.
في قارة أوراسيا، حدثَ التهاجنُ بين النِيَنْدِرتاليِّينَ والدينيسوڤِيِّين (كلا النوعين يبدو أنهما تطورا من نوع بشريِّي هِلْدْبِرْج Homo heidelbergensis الأوروآسيويِّين) مع البشرِ الحديثينَ عدةَ مراتٍ فيما بين 100000 و40000 سنة ماضية، كلا الفريقين قبلَ وبعدَ الهجرة الأخيرة للبشر الحديثين من أقريقيا والتي حدثَتْ منذُ 70000 سنةٍ ماضيةٍ. لقد وُجِدَ الحمضُ النوويُّ المستمَدُّ منَ النيندرتاليِّيِنَ في جينومِ المجموعاتِ السكانيةِ البشريةِ المعاصرةِ في أورُبا وآسيا، وقُدِّرَتْ بما يترواح ما بين 1% إلى 6% من جينومات البشر الحديثين. لقد وُجِدَ أعلى معدَّلٍ كليٍّ للتهاجن مع العتيقين في المجموعات السكانية الأصلية الخاصة بالأوقيانوسيِّين وسكان جنوبي شرق آسيا، وإن نسبة تقدَّرُ بما بين 4 إلى 6% من جينوم البشر الميلانزيِّينَ المعاصرين مستمدَّة من الدينيسوڤيِّينَ.
إن الأصل المستمد من النيندرتاليين والدينيسوڤيِّينَ غائبٌ بدرجةٍ ذاتِ مغزى من أغلبِ المجموعاتِ السكانية البشرية الحديثية في أفريقيا ما تحت الصحراء الكبرى. رغم ذلك، فقد وُجِدَتْ أليلاتٌ خاصة بالعتيقين تتَّسِقُ مع العديد من أحداثِ التهاجنِ المستقلةِ في تلك الشبه قارة [ما تحت الصحراء الكبرى].
النيندرتاليون
نسبة التهاجن مع النيندرتاليين
أثناء فك تسلسلات الجينوم الكامل لثلاثة نيندرتاليين من ڤينديجا Vindija، نشرَ فريقٌ من الباحثين بقيادة Richard Green مسودةً لتسلسلات جينوم النيندرتال في 7 مايو 2010 في جريدة العلم Science وكشفوا عن أن النيندرتاليين تشاطروا أليلاتٍ أكثرَ مع المجموعاتِ السكانيةِ الأوروآسيوية (كمثالٍ، الفرنسيين وسلالة هان الصينية وسكان بابو نيو جينيا) عما تشاطروه مع المجموعات السكانية الخاصة بما تحت الصحراء الكبرى الأفريقية (مثل اليوروبا والسان). وفقًا لجرين والآخرين (2010)، فإن التشابه الجيني الشديد الملاحَظ يُفسَّرُ على أفضلِ نحوٍ بتدفقٍ جينيٍّ حديثٍ منَ النيندرتاليين إلى البشر الحديثين بعدَ الهجرةِ إلى خارجِ أفريقيا. قدَّرَ جرين وفريقُه (2010) نسبةَ الأصلِ الوراثيِّ المستمدِّ من النيندرتاليين بأنها تتراوح ما بين 1 إلى 4% من الجينوم الأوروآسيوي. أما Prüfer وفريقُه (2013) فقدَّرُوا النسبةَ بأنها 5, 1 إلى 1, 2%، لكنها نُقِّحَتْ لاحقًا إلى نسبة 8, 1 إلى 6, 2% حسبَ Prüfer وفريقُه (2017). لاحَظَتْ نفسُ الدراسةِ أنَّ آسيويِّي شرقِ آسيا يحملون حمضًا نوويًا نيندرتاليًا أكثر (3, 2 إلى 6, 2%) من الأوروآسيويِّين الغربيين (8, 1 إلى 4, 2%). أما Lohse و Frantz (2014) فاستنتجا نسبة أعلى تتراوح ما بين 4, 3 إلى 3, 7%.
درجات القرابة والتباعد بين السلالات
مع توفر فك تسلسلات عالي الجودة لأنثى نيندرتالية من ألتاي Altai، وُجِدَ أنَّ المحتوى الوراثي النيندرتالي في البشر الحديثين الغير أفريقيين أكثرُ صلةً بنيندرتاليي Mezmaiskaya (القوقاز) مما هو إلى نيندرتاليي ألتاي Altai (سيبريا) أو نيندرتاليي ڤينْدِيجا Vindija (كرواتيا). وبفك تسلسلات عالي عدد التكرارات للتغطية لجينوم شظية متحجرة عمرها 50000 من أنثى نيندرتالية من ڤينْدِيجا Vindija، وُجِدَ لاحقًا أنَّ نيندرتاليي ڤينْدِيجا Vindija (كرواتيا) و Mezmaiskaya (القوقاز) لا يبدونَ مختلِفِيِنَ في درجةِ تشاركهم أليلاتِهم مع البشرِ الحديثين. في تلك الحالة، فقد وُجِدَ أيضًا أنَّ المحتوَى الوراثيَّ النيندرتاليَّ في البشر الحديثين الغير أفريقيين أكثر وثاقةً صلةٍ بنيندرتاليي ڤينْدِيجا Vindija (كرواتيا) و Mezmaiskaya (القوقاز) مما هو إلى نيندرتاليي ألتاي (سيبريا). توحي هذه النتائجُ بأنَّ معظمَ التهاجنِ مع البشر الحديثين جاءَ من مجموعات سكانية نيندرتالية كانت قد انتوَعَتْ (منذُ حوالَيْ 80 إلى 100 ألف سنة ماضية) متباعدةً عن سلالتي ڤينْدِيجا Vindija (كرواتيا) و Mezmaiskaya (القوقاز) قبل أن تتباعد هاتين السلالتين [تنتوعان] أحدُهما عن الأخرى.
بتحليل ودراسة الكروموسوم 21 من نيندرتاليي ألتاي (سيبريا) والسيدرون El Sidrón (إسبانيا) وڤِينديجا Vindija (كرواتيا)، حُكِمَ بأنَّه من بين تلك السلالات النيندرتالية الثلاث، يُظْهِرُ فقط نيندرتاليو السيدرون El Sidrón وڤِينديجا Vindija نسبَ تدفقٍ جينيٍّ كبيرةٍ (3, 0 إلى 6, 2%) إلى البشر الحديثين، مما يقترحُ أن نيندرتاليي السيدرون وڤِينديجا أوثق صلةَ قرابةٍ من نيندرتاليي ألتاي بالنيندرتاليين الذين تهاجنوا مع البشر الحديثين منذ حوالي 47000 إلى 65000 سنة ماضية. وفي الاتجاه المعاكس، فقد حُكِمَ أيضًا بأنَّ نسبًا كبيرةً من التدفق الجيني من البشر الحديثين إلى النيندرتاليين حدثت _من بين الثلاث سلالات المفحوصة_ فقط لنيندرتاليي ألتاي (1, 0 إلى 1 ,2%)، مما يقترج بأن التدفق الجيني من البشر الحديثين إلى النيندرتاليين حدث على نحو رئيسي فقط بعد انفصال نيندرتاليي ألتاي عن نيندرتاليي السيدرون وڤينديجا والذي حدث من 110000 سنة ماضية تقريبًا. تُثْبِتُ هذه الاكتشافاتُ أن مصدر التدفق الجيني من البشر الحديثين على النيندرتاليين يعود إلى مجموعة سكانية من البشر الحديثين المبكرين منذ حوالي 100000 سنة ماضية، قبل الهجرة الخاصة بأسلاف البشر الحديثين الخاصين بالغير أفريقيين المعاصريين إلى خارج أفريقيا.
التهاجن التضميني بين الجينومات
لقد وُجِدَ أنَّ 20% من جينوم النيندرتاليين له تهاجن تضميني في البشر الحديثين (بدراسة سكان شرقي آسيا والأورُبِيِّين)، لكن الرقم قد قُدِّرَ أيضًا على أنه ثلث هذا في دراسات أخرى.في سكان بابوا نيو جينيا، لأليلات التهاجن التضميني النيندرتالية أعلى نسبة تكرارات لها في الجينات العاملة في المخ، بينما الأليلات الدينيسوڤيين أعلى نسبة تكرارات لها في الجينات العاملة [المتجلية، المعبِّرة] في العظام وأنسجة أخرى.
نسب التهاجن والخلط الوراثي الخاصة بالمجموعات السكانية الإقليمية الخاصة بالبشر الحديثين
وُجِدَتْ نسبةُ جيناتٍ نيندرتاليةٍ أعلى في سكان شرق آسيا مما في الأورُبِيِّين، والتي تُقدَّرُ بتهاجنٍ تضمينيٍّ أكثرَ بنسبةِ 20% في سكان شرقي آسيا. هذا قد يمكن تفسيرُه بحدوثِ أحداثِ تهاجنٍ أخرى في الأسلاف المبكرين لسكان شرق آسيا بعد انفصالهم عن الأورُبِيِّين، حدَثَ تخفيفُ الأصلِ النِيَنْدِرْتالي في الأورُبيِّينَ عن طريقِ مجموعاتٍ سكانيةٍ ذواتِ أصلٍ وراثيٍّ نيندرتاليٍّ منخفضٍ جاءت في هجراتٍ لاحقةٍ، أو أن الانتخاب الطبيعي كان منخفضًا [يعني أقلَّ] نسبيًا في سكان شرق آسيا من الأورُبِيِّين. تدل الدراسات على أن الفاعلية المنخفضة للانتخاب المنقِّي [المطهِّر] ضد أليلات النيندرتاليين في سكان شرق آسيا لا يمكن أن يفسر النسبة الأكبر الخاصة بالأصل الوراثي النيندرتالي في سكان شرق آسيا، مما يؤيد نماذج أكثر تعقيدًا متضمنة لموجات إضافية من التهاجن التضميني مع النيندرتاليين مع سكان شرق آسيا. لقد لوحِظَ أيضًا أن هناك تباينًا صغيرًا لكنه مهمٌ في نسب التهاجن النيندرتالي ضمن المجموعات السكانية الأوربية، لكن لا يوجد تباين تهاجني هام ضمن المجموعات السكانية الخاصة بشرق آسيا.تقترح دراسات الجينومات أن هناك انقسامًا عالميًا من جهة التهاجن التضميني مع النيندرتاليين فيما بين المجموعات السكانية الأفريقية الخاصة بما تحت الصحراء الكبرى وباقي مجموعات البشر الحديثين (بما في ذلك سكان شمال أفريقيا)، وليس بين المجموعات السكانية البشرية الأفريقية وغير الأفريقية. تتشارك المجموعاتُ السكانيةُ الشماليُّ أفريقيةٍ زيادةً متشابهةً من الأليلات المستمدَّة من النيندرتاليين لما تحمله المجموعات السكانية غير الأفريقية، بينما المجموعات السكانية الخاصة بما تحت الصحراء الكبرى هي المجوعات السكانية الخاصة بالبشر الحديثين الوحيدة التي لم تمر في العموم بتهاجنٍ مع النيندرتاليين. وُجِدَ أنَّ كم الجيناتِ النيندرتالية الخاصة بالمجموعات السكانية الخاصة بشمال أفريقيا يتنوع تبعًا على الكم النسبي من الأصول البشرية الوراثية المتنوعة الشمالي أفريقية والأورُبية والخاصة بالشرق الأدنى وبما تحت الصحراء الأفريقية الكبرى. باستعمال الدراسة الإحصائية الخاصة بالأصول الوراثية بطريقة f4، تُوُصِّلَ إلى أنَّ نسبة التهاجن المُتَوصَّل إليها يُلاحَظ أنها الأعلى بين المجموعات السكانية الشمالي أفريقية ذوات الحد الأقصى من الأصل الوراثي الشمالي أفريقي مثل برابرة تونس، حيث هي بنفس المستوى أو حتى أعلى مما في المجموعات السكانية الأوروآسيوية (100- 138%)، وعالية في المجموعات السكانية الشمالي أفريقية التي تحمل مزيجًا وراثيًا به نسبة أصل أورُبي أو من الشرق الأدنى أكبر، كالمجموعات التي في شمالي المغرب وفي مصر (60- 70%)، وهي الأدنى في المجموعات السكانية الشمالي أفريقية ذوات الأصل الوراثي الأكبر العائد لما تحت الصحراء الكبرى، مثلما في جنوبي المغرب (20%). لذلك افترضَ Quinto وفريقُه أن وجود هذه العلامة الجينية الأفريقية في أفريقيا بسبب تدفق جيني حديث من المجموعات السكانية من الشرق الأدنى أو أورُبا بما أنها أعلى في المجموعات السكانية التي تحمل أصلًا وراثيًا خاصًا بالسكان الأصليين الشمالي أفريقيين من زمن ما قبل العصر الحجري الحديث. لقد وُجِدَ أيضًا النمطُ الفردانيُّ (haplotype) B006 ذو الصلة بالنيندرتاليين الخاص بجين الدِستروفين dystrophin في المجموعاتِ الرعوية البدوية في ساحل وقرن أفريقيا، والذين يرتبطون [لهم صلة] بالمجموعات السكانية الشمالية. بالتالي، فإن وجود النمط الفرداني الجيني B006 في الحدود الخارجية الشمالية والشمالية الشرقية الخاصة بأفريقيا ما تحت الصحراء الكبرى يُعْزَى إلى تدفقٍ جينيٍّ منْ أصلٍ غير أفريقيٍّ. لقد لوحظت أيضًا نسبٌ منخفضة لكنها هامة للتهاجن النيندرتالي في الماساي الخاصين بشرق أفريقيا. بعد تحديد الأصول الأفريقية والغير أفريقية في قبائل الماساي، يمكن الوصول إلى أن تدفقًا جينيًا بشريًا حديثًا غيرَ أفريقيٍّ (بعد عصر النيندرتاليين) كان مصدر تلك المساهمة الجينية بما أن حوالي نسبة تقدَّر بـ 30% من جينوم النيندرتاليين يمكن تعقبه ورد اصوله إلى تهاجن تضميني مع غير الأفريقيين منذ حوالي مئةِ جيلٍ ماضٍ.
الحمض النووي الميتوكندري Mitochondrial DNA
لم يُعثَر على أدلة على حمض نووي ميتوكندري نيندرتالي في البشر الحديثين. هذا يوحي بأن التهاجن الناجح مع النيندرتاليين حدث من جهة الآباء النيندرتاليين وليس من جهة الإناث النيندرتالية من جانب النيندرتاليين. الفرضيات المحتملة الصحة هن إما أن الحمض النووي الميتوكندري النيندرتالي كان به طفرات ضارّة أدَّتْ إلى فناء حامليها أو أن النسل الهجين الخاص بالأمهات النيندرتاليات نُشِّأَ [رُبِّيَ] في المجموعات السكانية النيندرتالية وانقرض معهم أو أن الإناث النيندرتاليات مع ذكور الإنسان الحكيم [Sapiens المتدبر، الحديث] لم ينتجْنَ نسلًا خصيبًا.كما يُظْهَرُ من نموذجٍ للتهاجنِ قدَّمه Neves و Sereva (2012)، فإن اختلاط جينات النيندرتاليين مع البشر الحديثين ربما سبَّبَه معدَّلٌ منخفضٌ جدًا منَ التهاجنِ بين البشر الحديثين والنيندرتاليين، بحيث كان معدل التبادل الجيني (التزاوج) بين زوجٍ من الأفراد من النوعين (من المجموعتين السكانيتين) يحدث في كل 77 جيلًا. هذا المعدل المنخفض للتزاوج سيفسِّرُ غيابَ الحمضِ النوويِّ النيندرتاليِّ منَ الحوضِ الجينيِّ الخاص بالبشرِ الحديثين كما وُجِدَ في الدراساتِ الأقدمِ، وحاليًا تُقَدِّرُ دراسةٌ [نموذجٌ] احتماليةَ نسبةِ 7% كأصلٍ نيندرتاليٍّ لكلٍّ منَ الحمضِ النوويِّ الميتوكندريِّ والكروموسوم Y في البشرِ الحديثينَ.اقترحَ Cabrera وفريقُه أنَّ الجيناتِ النيندرتاليةَ الملاحَظةَ في مجموعاتٍ سكانيةٍ معيَّنةٍ في أفريقيا ربما جاءَتْ من أوراسيا منذُ حوالَيْ 70 ألفِ سنةٍ من خلالِ ذكورٍ حاملين للنمط الوراثيِّ الفردانيِّ الأبويِّ E وإناثٍ حاملاتٍ للنمط الوراثي الفرداني الأمومي L3.
المساهمة الوراثية النيندرتالية المقلَّلة
لقد وُجِدَ أنَّ هناك وجودًا لمناطقَ كبيرةٍ من الجينوم البشريِّ ذواتِ مساهماتٍ نيندرتاليةٍ مقلَّلةٍ في البشر الحديثين بسبب الانتخاب الطبيعي السلبي، الذي سبَّبَه جزئيًا عقمُ ذكورٍ هجينين. هذه المناطق الكبيرة ذوات المساهمات النيندرتالية المنخفضة أكثر وضوحًا على الإطلاق في الكروموسوم X، حيثُ به أصلٌ نيندرتاليٌّ أخفضُ بخمسةِ مراتٍ مقارنةً بالكروموسومات الجسدية [الغير جنسية، autosomes]، وتحتوي على عددٍ عالٍ نسبيًا من الجيناتِ المتخصصة للخصيتين. هذا يعني أن البشر الحديثين لديهم جينات نيندرتالية منخفضة نسبيًا واقعة على الكروموسوم X أو تعبِّر [تعمَل، تتجلَّى] في الخصيتين، وهو ما يتسق مع حقيقة أن عقم بعض الذكور تسبب به كمٌّ كبيرٌ غيرُ متناسبٍ من الجيناتِ على الكروموسوم X. لقد أُثْبِتَ أيضًا أنه قد حدثَ انتخابٌ طبيعيٌّ ضدَّ الأصول الوراثية النيندرتالية في الطرق البيولوجية المحفوظة، مثل معالجة الـ RNA.يتوافق مع هذه الفرضية أن الانتخاب الطبيعي المطهِّر قد قلَّلَ المساهمة الوراثية النيندرتالية في جينومات البشر الحديثين المعاصرين، فالبشر الحديثون الأوروآسيويون من العصر الحجري الحديث (مثل البشر الحديثين التيانيوانيِّين Tianyuan ) حملوا حمضًا نوويًا DNA نيندرتاليًا أكثرَ (حوالي 4 إلى 5%) من البشر الحديثين الأوروآسيوين المعاصِرين.
دور الجينات النيندرتالية في التغيرات في البشر الحديثين
لقد وُجِدَ أن جيناتٍ مؤثِّرةً على الكيراتين keratin متاهجنة تضمينيًا من النيندرتاليين إلى البشر الحديثين (يظهر ذلك في سكان آسيا الشرقية والأورُبيين)، مما يوحي بأن هذه الجينات أعطت تكيفاتٍ تشريحيةً [تركيبيةً] في الجلد والشعر للبشر الحديثين لمواجهة البيئات غير الأفريقية. هذا ينطبق بالمِثلِ على جيناتٍ عديدةٍ متضمنةٍ في ظواهرَ ذوات علاقةٍ بالطب والأمراض الوراثية، مثل تلك التي تتسبب في داء الذئبة الحمراء الشامل [الذئبة الحُمامِيَّة المجموعية] systemic lupus erythematosus والتشمع الصفراوي الأوَلِيِّ primary biliary cirrhosis وداء كرون Crohn's disease وحجم القُرْص البصري [optic disk الموضع الذي يدخل منه العصب البصري إلى الشبكية وهو غير حساس للضوء] وسلوك التدخين، ومستويات interleukin 18 إنترلوكين 18 [نوع من حرائك اللمف lymphokines التي تحث بلاعم الميكروبات macrophages والخلايا القاتلة تي وبي killer T cells and B cells ومكوناتٍ أخرى خاصة بالنظام المناعي]، ومرض السكر من النوع الثاني.وجدَ الباحثونَ تهاجنًا تضمينيًا نيندرتاليًا في 18 جينًا، الكثير منها ذو صلةٍ بالتكيفِ مع الأشعة فوق البنفسجية، داخلَ المنطقة الكروموسومية 3p21.31 (منطقة HYAL) الخاصة بسكان آسيا الشرقية. لقد انتُخِبَتْ الأنماطُ الفردانية الوراثية المتهاجنة تضمينيًا انتخابًا إيجابيًا في المجموعات السكانية الخاصة بسكان آسيا الشرقية فقط، مرتفعةً على نحوٍ ثابتٍ منذُ 45000 سنةٍ حتى حدوثِ زيادةٍ مفاجئةٍ لمعدل تزايد تلك الأنماط منذ حوالي 5000 إلى 3500 سنة ماضية. إنها توجد بتكراراتٍ مرتفعةٍ جدًا في المجموعات السكانية الخاصة بسكان شرق آسيا على النقيضِ من المجموعات السكانية الأوروآسيوية الأخرى (مثل المجموعات السكانية الأورُبية والجنوبيِّ شرقِ آسيوية). تقترحُ هذه الاكتشافاتُ كذلكَ أنَّ ذلكَ التهاجنَ التضمينيَّ النيندرتاليَّ حدَثَ في المجموعة السكانية السلفية المشتركة من جانبِ سكان آسيا الشرقية والأمِرِكِيِّينَ الأصليِّين.لقد اقترح Evans وفريقُه سابقًا (عام 2006) أن مجموعةً من الجينات تُعرَف بمجمَلِها بالمجموعة الفردانية دي الخاصة بالميكروسيفالين microcephalinhaplogroup D of _وهي منطقة جينية تنظيمية هامة خاصة بحجم المخ_ نشأَتْ من مجموعة سكانية بشريوية عتيقة. تبرهن هذه النتائجُ أنَّ النمط الفرداني دي متاهجن تضمينيًا منذ 37000 سنة ماضية (بناء على عمر الاندماج في الماضي الخاص بأليلات D المشتقة) في البشر الحديثين عن طريق مجموعة سكانية بشريوية عتيقة انفصلت عنا منذ 1, 1 مليون سنة ماضية (بناءً على زمن الانفصال بين أليلات D والأليلات الغير D)، وهو ما يتوافق مع الزمن الذي تواجد فيه النيندرتاليون والبشر الحديثون فيه معًا والزمن الذي تباعدا فيه تطوريًا عن بعضهم البعض على الترتيب. يقترح التكرار الكبير للنمط الفرداني الوراثي D (بنسبة 70%) أنه انتُخِبَ انتخابًا طبيعيًا إيجابيًا في البشر الحديثين. إن انتشار الأليل D الخاص بالميكروسيفالين مرتفعٌ خارجَ أفريقيا لكنه منخفضٌ في أفريقيا ما تحتَ الصحراء الكبرى، مما يقترح هو أيضًا أن الاختلاط الجيني حَدَثَ في مجموعاتٍ سكانيةٍ أوروآسيويةٍ قديمةٍ. وفقًا لـ Lari وفريقِه (2010) فإنَّ هذا الاختلافَ في الانتشارِ بين أفريقيا وأوراسيا يقترحُ أنَّ الأليل D نشأَ من النيندرتاليين، لكنهم وجدوا أن فردًا نيندرتاليًا من ملجإ ميزينا الصخري Mezzena Rockshelter (Monti Lessini، إيطاليا) كانَ متماثل نسختي الأليلات [الموروثة من الأب والأم، متماثل الزيجوت homozygous] الخاصة بالميكروسيفالين العتيق الخاص به، وبالتالي لا يقدم دعمًا على القول بأن النيندرتاليين ساهموا بالأليل D الخاص بالميكروسيفالين للبشر الحديثين لكنه لا يستبعد أيضًا أصلًا نيندرتاليًا للأليل D. أيضًا بعد تحليل Green وفريقه (عام 2010) لتسلسلات جينوم نيندرتاليين من ڤينديجا Vindija لم يستطيعوا إثباتَ أصلٍ نيندرتاليٍّ للنمط الفرداني D الخاص بجين الميكروسيفالين.لقد وُجِدَ أنَّ HLA-A*02, A*26/*66, B*07, B*51, C*07:02, and C*16:02 الخاصات بالنظام المناعي سوهِمَ بها من جانب النيندرتاليين إلى البشر الحديثين. بعد الهجرة إلى خارج أفريقيا، تَقَابَلَ البشرُ الحديثون مع البشريين العتيقين وتزاوجوا معهم، وهو ما كان أفضليةً بالنسبة للبشر الحديثين في الاستعادة السريعة لتنوع جينات HLA [جينات مستضدات الخلايا الليمفاوية أ] واكتساب تباينات HLA جديدة مكتيفة على نحوٍ أفضل للمُمْرِضات [مسبِّبات الأمراض pathogens] المحلية.لقد وُجِدَ أن الجينات المتهاجنة تضمينيًا مع النيندرتاليين تُظْهِرُ تأثيراتٍ تنظيميةً من النوع المقرون (سي آي إس) cis-regulatory في البشر الحديثين، بحيثُ تُساهِمُ في التعقيدِ الجينوميِّ وتباينِ الأنماطِ الظاهريةِ الخاصةِ بالبشرِ الحديثينَ. وبالنظرِ إلى الأفرادِ الحاملين لنسختين مختلفتين من الأليلات [متغايري الزيجوت heterozygous] (الحاملين لنسخة نيندرتالية ونسخة بشرية حديثة من جينٍ ما)، فقد وُجِدَ أن التعبير [العمل، التجلي] الجيني المتخصص الخاص بالأليلات المتهاجنة تضمينيًا مع النيندرتاليين منخفضٌ بدرجةٍ كبيرةٍ في المخ والخصيتين مقارنةً بالأنسجةِ الأخرى. في المخ، فإن هذا أوضح في المخيخ cerebellum والعقد القاعدية basal ganglia. يقترح هذا التنظيم التخفيضي لتعبيرها أن البشر الحديثين والنيندرتالين قد مروا على الأرجح بمعدل مرتفع نسبيًا من التباعد التطوري بالنسبة لهذه الأنسجة المتخصصة.بدراسة التغطية العالية عدد مرات التكرارات لجينوم أنثى نيندرتال منْ ڤينديجا Vindija، حدَّدَ Prüfer et al (عام 2017) تبايناتٍ جينيةً عديدةً مشتقة مستمدة من النيندرتاليين، بما في ذلك تلك التي تؤثِّرُ على مستوياتِ كوليسترول البروتين الشحمي المنخفض الكثافة LDL cholesterol وڤيتامين D، وتلك التي لها تأثيرٌ على أمراضِ التمثيل الغذائي، وتراكم الدهون الحشوية [منسوبة للأحشاء] والتهاب المفاصل الروماتويدي، والتشيزوفرينيا [الفِصام]، وكذلك الاستجابة للأدوية المضادة للذهانِ والحالاتِ النفسيةِ antipsychotic.بفحص جينومات البشر الحديثين الأورُبيين مقارنةً مع جينوم نيندرتال ألتاي المغطى [مفكوك التسلسلات] بتغطية عالية التكرارات، أثبتت النتائجُ أن الاختلاط بجينات النيندرتاليين ترافق مع تغيراتٍ عديدةٍ في قحف الجمجمة cranium والتشريح الأساسي للمخ، مما يقترح حدوث تغيرات في الوظيفة العصبية من خلال التباينات الجينية المستمدة المشتقة من النيندرتاليين. يترافق الامتزاج بجينات النيندرتاليين مع اتساع للمنطقة الخلفية الوحشية posterolateral الخاصة بجماجم البشر الحديثين، التي تمتد منَ العظام القذالية والعظام الجدارية الدنيا occipital and inferior parietal bones حتى المواضع الصدغية الثنائية الجوانب bilateral temporal locales. وفيما يتعلق بالتشريح، يترافق الامتزاج بجينات النيندرتاليين بالتأكيد مع زيادة في العمق التلمي الخاص بالتلم الأيمن الواقع داخل الفص الجداري المخي الأيمن right intraparietal sulcus ومع زيادة في التعقيد القشري الخاص بالقشرة المخية البصرية visual cortex المبكرة الخاصة بنصف الدماغ الأيسر. يرتبط الامتزاج بحينات النيندرتاليين بالتأكيد أيضًا بزيادةٍ في حجم المادتين البيضاء والرمادية الواقعتين في المنطقة الجدارية اليمنى right parietal region المجاورة للتلم الأيمن الواقع داخل الفص الجداري المخي الأيمن right intraparietal sulcus. في المنطقة المتراكبة الخاصة بعملية تكوين تلافيف أو طيات القشرة المخية البصرية الأولية primary visual cortex gyrification في نصف الدماغ الأيسر، يترافق الامتزاج مع الجينات النيندرتالية بالتأكيد طرديًا مع حجم المادة الرمادية. تُظْهِرُ النتائج أيضًا أدلة على الارتباط السلبي [العكسي] بين الامتزاج بجينات النيندرتاليين وحجم المادة البيضاء في القشرة الجبهية الحجاجية orbitofrontal cortex.
علم التشريح
البقايا المدفونة التي تعود إلى العصر الحجري الوسيط أو العتيق Paleolithic الأحدث [الأعلى] الخاصة بطفل بشري حديث من Abrigo do Lagar Velho [ملتجَإ صخرةِ الطاحونةِ القديمةِ Old Mill Rock Shelter] في البرتجال تُظْهِر سماتٍ تدل على تهاجن النيندرتاليين مع البشر الحديثين الذين انتشروا إلى شبه جزيرة أيبيريا. وبالنظر إلى تأريخ دفن البقايا (منذ 24500 سنة ماضية) ووجود السمات النيندرتالية بعد زمن طويل من الفترة الانتقالية التي حلت المجموعة السكانية الخاصة بالبشر الحديثين بدلًا من النيندرتاليين في أيبيريا (منذ ما يترواح بين 28000 و3000 سنة ماضية)، فإن الطفل ربما كان نسلَ مجموعةٍ سكانيةٍ متهاجنةٍ بشدةٍ من قبلُ.إن بقايا إنسانة بشرية حديثية من العصر الحجري العتيق الأحدث المبكر من كهف المرأة العجوز أو Peștera Muierilor (في رومانيا) ذوات عمر الـ 35000 سنة ماضية تُظْهِرُ نمطًا تشريحيًا خاصًا بالبشر الحديثين الأورُبيِّين المبكرين، لكنها تمتلك سماتٍ عتيقةً أو نيندرتاليةً، مما يقترح تهاجن البشر الحديثين الأورُبيين المبكرين مع النيندرتاليين. تتضمن هذه السماتُ عرضًا كبيرًا بين الحاجبين interorbital breadth، وقوسين حاجبيين superciliary arches مسطحين نسبيًا، وبروز أو "كعكة" قذالية occipital bun, ناتئة، وشكل غير متماثل ومسطح لثلَمة الفك السفلي mandibular notch، والناتئ الإكليلي coronoid process الخاص بالفك السفلي مرتفع، ولقمة الفك السفلي mandibular condyle المتعامدة perpendicular نسبيًا مع موضع العرف النتوئي، وحفرة حُقَّانية كتفيَّة scapular glenoid fossa ضيقة.إنَّ الفكَّ السفليَّ الخاصَّ بالإنسان الحديث المبكر Oase1 من كهف Peștera cu Oase [يعني اسمه كهف العظام] (في رومانيا) والذي يعود إلى ما يترواح بين 34000 إلى 36000 سنة ماضية من خلال التأريخ بالكربون 14 المشع يمثِّل مزيجًا فسيفسائيًا من الصفات البشرية الحديثة والعتيقة وربما النيندرتالية. إنه يُظهِر توصيلًا لسانيًا بثقبة الفك السفلي mandibular foramen، والذي لا وجود له في البشريين المبكرين ما عدا نيندرتاليي عصري البليوسين الوسيط المتأخر والمتأخر، وبالتالي فإن هذا يقترح صلةً مع النيندرتاليين. نستخلص من الفك السفلي الخاص بـ Oase 1 أنه قد كان هناك على نحو واضح تغير وجهي قحفي craniofacial كبير في البشر الحديثين المبكرين الذين من أورُبا على الأقل، ربما بسبب درجةٍ ما من التهاجنِ معَ النيندرتاليين.إن أقدم البشر الحديثين الأورُبيين (منذ ما قبل حوالي 33 ألف سنة ماضية) والجراڤيتيين Gravettians التالين (في العصر الحجري العتيق Paleolithic الأحدث الأوسط) _والذين يقعون إلى حد كبير تشريحيًا في نفس الفئة مع أقدم البشر الحديثين الأفريقيين (في العصر الحجري العتيق الوسيط)_ يظهر فيهم أيضًا سماتٌ نيندرتاليةٌ على نحو مميَّزٍ، مما يقترح أن افتراض وجود أصل بشري حديث مفرَد في العصر الحجري العتيق الأوسط أمر غير مرجَّحٍ بالنسبة للبشر الحديثين الأوربيين المبكرين.يُظْهِر فكٌّ سفليٌّ لنيندرتاليٍّ متأخرٍ زمنيًا (على وجه التحديد، بقيةُ جسمِ فكٍّ سفليٍّ corpus mandibulae) من ملجإ ميزينا الصخري Mezzena rockshelter (Monti Lessini ، إيطاليا) إشاراتٍ إلى تهاجنٍ محتملٍ [مع البشر الحديثين] في النيندرتاليين المتأخرين زمنيًا الإيطاليين. يقع الفكُّ ضمنَ المدى التشريحي الخاص بالبشر الحديثين، لكنه يُظهِر أيضًا تشابهاتٍ قويةً مع بعض العينات النيندرتالية الأخرى، مما يشير إلى تغيرٍ في تشريح النيندرتاليين المتأخرين بسبب تهاجنٍ محتمَلٍ مع البشر الحديثين.نموذج لشجرة تطورية لنوع الإنسان العاقل أو المتدبر Homo sapies خلال آخر 600 ألف سنة ماضية (المحور الرأسي). يمثل المحور الأفقي (العرضي) المواقع الجغرافية، ويمثل المحور الرأسي الزمن بآلاف السنوات. بشريو هلدبرج Homo heidelbergensis يُظْهَرون في الشكل على أنهم انتوعوا إلى وتحدر منهم النيندرتاليون والدينيسوڤيين والبشر العاقلون الحديثون Neanderthals, Denisovans and Homo sapiens. بعد انتشار البشر العاقلين في العالم بعد زمن 200 ألف سنة ماضية، تهاجن النيندرتالويون والدينيسوڤيين وأنواع بشريوية غير معروفة مع البشر العاقلين. تتضمن أحداث التهاجن المحتملة مجموعات سكانية للبشر الحديثين الأفريقيين أيضًا.
دليل من المتحجرات على تعايش زمني مشترك بين البشر الحديثين (نوعنا) والبشريين النيندرتاليين
تمثِّل قبة قحف الجمجمة المجتزَأةَ [شظية قبة] Manot 1 الخاصة بإنسان حديث _والتي اكتُشِفَتْ مؤخَّرًا في كهف مانوت Manot Cave (في غرب الجليل، فلسطين إسرائيل) والتي تؤرخ بعمر حوالي 7, 54 ألف سنة ماضية بزيادة أو نقصان 5, 5 آلاف سنين ماضية_ أول دليل من المتحجرات من الفترة الزمنية التي هاجر فيها البشر الحديثون بنجاحٍ منْ أفريقيا واستعمروا قارةَ أوراسيا. وهي تقدِّمُ أيضًا أولَ دليلٍ من المتحجرات على أن البشر الحديثين سكنوا المشرقَ الجنوبيَّ في أثناءِ العصر الحجري العتيق Palaeolithic الأوسط إلى الأعلى الأحدث، معاصرين بذلك النيندرتاليين وقريبين كذلك من حَدَثِ التهاجنِ المُرجَّحِ. تقترح السمات التشريحية للعينة أن المجموعة السكانية الخاصة بمانوت Manot ربما كانت وثيقة الصلة والقرابة أو تحدَّرَ منها أوائل البشر الحديثين الذين استعمروا لاحقًا أورُبا بنجاحٍ ليؤسسوا مجموعاتٍ سكانيةً مبكرةً في العصر الحجري العتيق الأحدث.
التاريخ القديم لفرضية تهاجن البشر مع أنواعٍ بشريةٍ أخرى عتيقةٍ
لقد نوقشت الفرضية المعروفة على نحو متنوع بنظرية التهاجن أو الهُجْنة أو الامتزاج أو الأصل الهجين منذ اكتشاف بقايا النيندرتال في القرن التاسع عشر الميلادي، ولو أن الكتاب المبكرين اعتقدوا أن النيندرتاليين كانوا أسلافًا مباشرين للبشر الحديثين. اقترح تُمِس [توماس] هَكْسِلي Thomas Huxley أن الكثير من الأوربيين يحملون آثارًا لأصلٍ نيندرتاليِّ، لكنه ربط السمات النيندرتالية مع البدائية، كاتبًا أنه "بما أنهم ينتمون إلى مرحلة في التطور الخاص بالنوع البشري، سابقةً على الانتواع الخاص بأيٍّ من الأعراق البشرية الموجودة، فلنا أن نتوقع أن نجد أنهم الأدنة من بين تلك الأعراق، في كل أنحاء العالم، وفي المراحل المبكرة من تطور كل الأعراق".
مقالات مجموعة لتوماس هكسلي، ج7، مكان البشر في الطبيعة، مقال البحث الآري وبشر ما قبل التاريخ، 1890م
Huxley, T. (1890). "The Aryan Question and Pre-Historic Man". Collected Essays: Volume VII, Man's Place in Nature
في مقال Hans Peder Steensby هانز بيدر ستينسبي عام 1907م بعنوان دراسات الأعراق في الدِنْمارْك Racestudier i Danmark ("Race studies in Denmark") رفض أن النيندرتاليين كانوا شبيهين بالقرود العليا أو أدنيْنَ [منحطين تطوريًا]، وبينما شدَّدَ على أن كل البشر الحديثين (حسبما اعتقد هو) ذوي أصل هجينٍ، اقترحَ أن التهاجنَ أفضل تفسير متاح لعدد كبير من الملاحظات التي كانت متاحة آنذاكَ في زمنِهِ.
Steensby, H.P. (1907). "Racestudier i Danmark". Geografisk Tidsskrift. 9: 135–45.
في أوائل القرن العشرين، جادلَ Carleton Coon لصالح أن العرق القوقازي ذو أصل ثنائي هجين يتألف من أنماطٍ من العصر الحجري العتيق الأحدث (مزيج من البشر الحديثين والبشريين النيندرتاليين Homo sapiens and Homo neanderthalensis) وأنماطٍ من منطقة حوضِ البحر المتوسط (بشريين حديثين صافين). وقد كرر إيرادَ نظريته في كتابه (أصل الأعراق) The Origin of Races الصادر عام 1962م.
Coon, C.S. (1962). The Origin of Races. p. 529.
البشريُّون الدينيسوڤِيُّونَ Denisovans
لقد عُثِرَ على الحمضِ النوويِّ الدينيسوڤيِّ Denisovan DNA في البشر الحديثين، وقد قُدِّرَ أن 90% من الجينوم الدينيسوڤي لا يزال موجودًا. لقد ثبتَ أن الميلانزيين Melanesians (كسكان بابوا نيو جينيا وسكان جزيرة Bougainville) يتشاركون أليلاتٍ أكثر مع الدينيسوڤيِّينَ عند مقارنتهم مع الأوروآسيويِّين الآخَرين والأفريقيِّين. لقد قُدِّرَ أنَّ ما بين 4 إلى 6% من جينوم الميلانزيين مستمدٌّ مشتقٌّ من الدينيسوڤيِّين، بينما لا يظهر في أي أوروآسيويين آخرين ولا أفريقيين مساهماتٍ للجيناتِ الدينيسوڤيَّةِ. لقد لوحِظَ أن الدينيسوڤيِّينَ ساهموا بجيناتٍ في الميلانزيِّين لكنْ لم يساهموا بجيناتٍ إلى سكان شرق آسيا، مما يدل على أنه قد كان هناك تفاعل بين الأسلاف المبكرين للميلانزيين والدينيسوڤيين، لكنَّ هذا التفاعلَ لم يحدُثْ في المناطق القريبة من جنوبيِّ سيبيريا، والتي هي المكان الوحيد الذي عُثِرَ فيه على البقايا الدينيسوڤيَة الوحيدة حتى الآنَ. بالإضافةِ إلى ذلكَ، يظهر في الأستراليين الأصليين زيادةُ نسبيةً في الأليلات المتشاركة مع الدينيسوڤيِّينَ، مقارنةً بالمجموعات السكانية الأوروآسيوية الأخرى والأفريقية، وهو ما يتسق مع فرضية التهاجن الزائد بين الدينيسوڤيِّين والميلانزيين.قدَّمَ D. Reich وفريقُه في عام 2011 أدلةً على أن أعلى وجود للامتزاج الوراثي الدينيسوڤيِّ هو في المجموعات السكانية الأوقيانوسية، يليها الكثير من المجموعات السكانية الخاصة بجنوبي شرق آسيا، وليس في أيٍّ من المجموعات السكانية الخاصة بشرق آسيا. توجد مواد جينية دينيسوڤيَّة ملحوظة في المجموعات السكانية الجنوبي شرق آسيوية والأوقيانوسية (مثل السكان الأستراليين الأصليين، المجموعات المجوارة للأوقيانوسيين، البوليزنيين، الفيجيِّين، سكان شرق أندونيسيا، Mamanwa و Manobo في الفلبين)، لكن لا توجد بالتأكيد في المجموعات السكانية الخاصة بالبر القاري الخاص بآسيا الجنوبية ولا غربي آسيا (مثل سكان غرب أندونيسيا، وعرق Jehai الماليزي، وشعب أونج البدائي Onge سكان جزيرة أندمان Andaman الشبه عراة، وسكان البر القاري الآسيوي)، مما يدلُّ على أن حَدَثَ التهاجن مع الدينيسوڤِيِّينَ حَدَثَ في جنوبيِّ شرقِ آسيا نفسِهِ وليس في البرِّ القاريِّ الأوروآسيويِّ. وفقًا لـ Cooper و Stringer 2013، تقترِحُ ملاحظةُ الامتزاجِ اوراثي المرتفع مع الدينيسوڤيين في أوقيانوسيا Oceania وانعدامه في البر القاري الآسيوي أن البشر الحديثين المبكرين تهاجنوا معَ الدينيسوڤِيِّينَ شرقيَّ خطِ والِس Wallace Line الذي يقسِمُ جنوبيَّ شرقِ آسيا.لقد وجَدَ Skoglund و Jakobsson أن الأوقيانوسيين على وجه الخصوص، يليهم المجموعاتُ السكانيةُ الخاصةً بجنوبيِّ شرقِ آسيا_ لديهم أعلى امتزاج وراثي مع الدينيسوڤِيِّينَ مقارَنةً بالمجموعاتِ السكانيةِ الأخرى. علاوةً على ذلكَ، فقد وجدا آثارًا منخفِضةً محتمَلةً للامتزاج الوراثي الدينيسوڤِيِّ في المجموعات السكانية الخاصة بشرق آسيا وليس هناك آثار امتزاج وراثي دينيسوڤِيّ في الأَمِرِكِيِّينَ الأصليِّينَ. على النقيضِ، وجدَ Prüfer وفريقُه (2013) أن سكان البر القاري لآسيا والمجموعات السكانية الخاصة بالأمِرِكِيِّينَ الأصليِّينَ ربما تمتلكُ 2, 0% مساهمةً جينيةً منَ الدينيسوڤِيِّنَ، والتي هي أدنى بحوالي 25 مرةً مما في المجموعات السكانية الأوقيانوسية. لا تزالُ طريقةُ التدفقِ الجينيِّ إلى هذه المجموعات السكانية غيرَ معروفةٍ. رغم ذلك، صَرَّحَ Wall وفريقُه (2013) أنهما لم يجدا أي دليل على امتزاجٍ وراثيٍّ دينيسوڤِيٍّ في سكان شرق آسيا.تدل الاكتشافات على أنَّ التدفقَ الجينيَّ الدينيسوڤِيَّ حدث في السلف المشترك للفلبينيين الأصليين والأستراليين الأصليين وسكان نيوجينيا الأصليين. لدى سكان نيوجينيا والأستراليين الأصليين نسب متشابهة من الامتزاج الوراثي الدينيسوڤِيِّ، مما يدل على أن التهاجن حدث قبل دخول سلفهم المشترَكِ إلى Sahul ساهول (نيوجينيا وأستراليا في عصر البِلَيِسْتوسين [الحديث الأقرب]، تُعرف كذلك بميجانيزيا أو أسترالينيا Australinea or Meganesia)، عندَ زمنِ 44000 سنة ماضية على الأقلِّ، لقد لوحِظَ أيضًا أن جزء الأصل الوراثي لأوقيانوسيا الدنيا Near Oceanian في سكان جنوبي شرق آسيا تتناسب نسبته مع نسبة الامتزاجِ الدينيسوڤِيِّ، ما عدا في الفلبينيين حيث هناك نسبة امتزاجٍ جينيٍّ دينيسوڤِيٍّ أعلى مقارنةً بنسبة الأصل الجيني الخاص بأوقيانوسيا الدنيا. اقترح Reich وفريقُهُ (2011) نموذجًا محتمَلًا لموجةِ هجرةٍ مبكرةٍ للبشرِ الحديثينَ باتجاهِ الشرق، بعضهم كانوا الأسلاف المشتركين للفلبينيين وسكان نيوجينيا والأستراليين الأصليين والذي تهاجنوا مع الدينيسوڤِيِّينَ، تلا ذلك التباعدُ التطوري [الانتواع] الخاص بالأسلاف المبكرين للفلبينيين، ثم التهاجن (التزاوج) فيما بين الأسلاف المبكرين لسكان نيوجينيا والأستراليين الأصليين مع جزءٍ من نفس المجموعة السكانية البشرية المهاجرة المبكرة والذي لم يكن قد مرَّ بتدفقٍ جينيٍّ دينيسوڤِيٍّ، ثم تهاجن (تزاوج) بين الأسلاف المبكرين للفلبينيين وجزء من مجموعة سكانية من موجة هجرة متأخرة أكثر بكثير زمنيًا باتجاه الشرق (الجزء الآهر من تلك المجموعة السكانية المهاجِرة صار سكان شرق آسيا).لقد ثبتَ أن الأوروآسيويِّينَ لديهم مواد جينية مستمدة من البشريين العتيقين أقل لكنها هامة والتي تتطابق مع الخاصة بالدينيسوڤيين، وهذا ينبُعُ من حقيقةِ أن الدينيسوڤيين ذوو صلة بالنيندرتاليين، والذين ساهموا [أي النيندرتاليين] في الحوض الجيني الأوروآسيوي، بدلًا من أن يكون سببه تهاجن الدينيسوڤيين مع الأسلاف المبكرين لهؤلاء الأوروآسيويين.تُظْهرُ بقايا الهيكل العظمي المتحجرة الخاصة بإنسان حديث مبكر من كهف تيانيوان Tianyuan cave (قُرْبَ Zhoukoudian، الصين) والتي تعود إلى 40000 سنة ماضية مساهمةً نيندرتالية في مدى البشر الحديثين الأورآسيويين الخاصين بالعصر الحالي، لكنْ ليس في المتحجرة أي مساهمة جينية دينيسوڤية يمكن تمييزها. إنها لقريب بعيد لأسلاف الكثير من المجموعات السكانية الخاصة بالآسيويين والأمِركِيِّين الأصليِّين، لكنه سابقٌ تاريخيًا للتباعد التطوري بين الآسيويين والأورُبِيِّين. إن انعدام المحتوى الوراثي الدينيسوڤي في الفردِ التيانيواني Tianyuan يقترح أن المساهمة الجينية الدينيسوڤية كانت نادرة دائمًا على البر القاري الآسيوي.إن فحص أليلات HLA [جينات مستضدات الخلايا الليمفاوية أ] الخاصة بالنظام المناعي يقترح أن HLA-B*73 متهاجنٌ تضمينيَّا من الدينيسوڤيين إلى البشر الحديثين في غربيِّ آسيا بسبب نمط توزُّعِ واختلاف HLA-B*73 عن أليلات HLA الأخرى. في البشر الحديثين (نوعنا)، يتركز أليل HLA-B*73 في غربيِّ آسيا، لكنه نادرٌ في كلِّ المواضع الأخرى. رغم أن HLA-B*73 لا يوجد في جينوم متحجرة الدينيسوڤي المفكوك تسلسلاته، فقد لوحِظَ في الدراسة أنه مترافقٌ مع أليل HLA-C*15:05 المشتق من الدينيسوڤيين وذلك ظاهرةِ اختلال التوازن الارتباطي linkage disequilibrium، وهو ما يتوافق مع حقيقة أن 98% من البشر الحديثين الحاملين لأليل HLA-B*73 يحملن أيضًا HLA-C*15:05.إن الأنماط الأليلية الخاصة بأليلَيْ الدينيسوڤيِّين HLA-A (A*02 and A*11) وأليلَيْ الدينيسوڤيِّين HLA-C (C*15 and C*12:02) تتوافق مع أليلات شائعة في البشر الحديثين، بينما يتوافق أو يتوازي أحد نمطي أليلات HLA-B الخاصة بالدينيسوڤيِّين مع توليفة أليلية (أليل مأشوب recombinant allele) نادر والأليل الآخر غائب في البشر الحديثين. يُعتَقَدُ أنها قد سوهِمَ بها من الدينيسوڤيِّين إلى البشر الحديثين، لأنه لا يُرَجَّحُ أنها قد حُفِظَتْ على نحو مستقلٍّ في كِلا النوعين طوالَ تلكَ الفترةِ الزمنيةِ الطويلةِ بسبب معدل التطفر المرتفع لأليلات HLA [جينات مستضدات الخلايا الليمفاوية أ].لقد اكتُشِفَ أن أحد تباينات جين EPAS1 جُلِبَتْ منَ الدينيسوڤيِّين إلى البشر الحديثين. إن التباين السلفي الموروث [البشري الصافي] يزيد بالتنظيم من معدلات الهيموجلوبين للتعويض عن نقص مستويات الأُكْسُجِنْ _كما في المرتفعات العالية_ لكن هذا فيه تكيف رديء لأنه يُزِيد من لزوجةِ الدمِ. أما التباين المستمد منَ الدينيسوڤيِّين من جهة أخرى فيَحُدُّ منْ هذهِ الزيادةِ في معدلات الهيموجلوبين، وبالتالي يؤدي إلى تكيفٍ أفضلَ مع المرتفعات. إن تباينَ جين EPAS1 المستمدَّ منَ الدينيسوڤيِّين شائعٌ منتشرٌ في التبْتِيِّينَ وقد انتُخِبَ انتخابًا طبيعيًا إيجابيًا [تأييدًا] في أسلافِهم بعدما استعمروا نَجْدَ التِبْتْ.
التشريح والتركيب الجسدي للدينيسوڤيِّين
لا يُعْرَفُ الكثيرُ عن السمات التشريحية الدقيقية الخاصة بالدينيسوڤيِّين، حيثُ أنَّ البقايا الجسدية الوحيدة المكتشَفة حتى الآنَ هي عقلة (سُلامَى) إصبع يد متحجرة، وضرسان استُخرِجَ منهما المادة الوراثية، ومتحجرة عظمة إصبع قدم. إن عظمة عقلة إصبع اليد المتحجرة الوحيدة المكتشَفة عريضة وغليظة، خارجة عن مدى التباينات الذي نراه في البشر الحديثين (نوعنا). إنه ينتمي إلى أنثى، مما يدل على أن الدينيسوڤيِّين كانوا غلاظًا أقوياءَ البُنيةِ للغاية، ربما مشابهين جسديًا في البنية للنيندرتاليين. إن الضرسين اللذين وُصِفا في الأوراق العلمية لا يتشاركان أيَّ سماتٍ تشريحيةٍ مع النيندرتاليين أو البشر الحديثين. لقد حُلِّلَ ودُرِس الحمضُ النوويُّ DNA الخاص بعظمة إصبع القدم المتحجرة على يد Pääbo، وبعدَ فحصِ كاملِ الجينوم، أكدَّ Pääbo وآخرونَ أن البشرَ أنتجوا هجناءَ مع الدينيسوڤيِّين.يقع كهف دينيسوڤا Denisova Cave في جنوبيِّ غربِ سيبيريا، في جبال ألتاي Altai قربَ حدودِ روسيا مع الصين ومنجوليا. وقد سُمِّيَ باسم دِنِس Denis، الذي كان ناسكًا روسيًا عاشَ هناك في القرن الثامن عشر الميلادي. في عام 2008م، نقَّب الكهفَ Michael Shunkov من الأكاديمية الروسية للعلوم وعلماء آثار آخرون من معهد نوڤوسيبريك Novosibirsk للآثار والإثنولُجِي (علم الأعراق البشرية). ووجدوا سُلامى إصبع اليد الخاصة بطفل بشريوي، والذي يُعرفُ بالمرأة س (X woman) إشارةً إلى التحدر الأمومي الخاص بالحمض النووي الميتوكندري وكذلك باسم البشري الدينيسوڤي Denisova hominin. وقد عُثِرَ على مصنوعاتٍ يدويةٍ (بما في ذلك سوار يدٍ) في الكهفِ في نفس مستوى المتحجرات وقد أُرِّخَتْ باستعمال الكربون المشع ونظائر الأُكْسُجِنْ بعمر حوالي 40000 سنة ماضية. ومنذ ذلك الحين اكتُشِفَت مصنوعاتٌ بشريويةٌ تكشفُ عن وجودٍ متقطِّعٍ لها يعودُ إلى 125000 سنة ماضية.تحليل ودراسة الحمض النووي الميتوكندريقامَ فريقٌ من العلماءِ بقيادة Johannes Krause و Svante Pääbo من معهد ماكس بلانك للأنثروبُلُجِي التطورية في Leipzig في جرمانيا بفك تسلسلات الحمض النووي الميتوكندري المستخرَج من شظية إصبع اليد المتحجرة. لقد حفظَ المناخ البارد الخاص بكهف دينيسوڤا الحمضَ النوويَّ DNA. إن المتوسط السنوي لدرجة الحرارة في الكهف هو 0 ° (صفر)، مما ساهم في حفظ الحمض النووي العتيق في البقايا المتحجرة المكتشَفة. دل التحليل والدراسة على أن البشر الحديثين والنيندرتاليين وبشري دينيسوڤا تشاركوا آخرَ سلفٍ مشتركٍ منذُ حوالَيْ مليونِ عامٍ ماضٍ.يقترح تحليل ودراسة الحمض النووي الميتوكندري علاوة على ذلك أن النوع البشري المكتشَف حديثًا كان نتيجةَ هجرةٍ أبكرَ خارجَ أفريقيا، مختلفةٍ عن الهجرات اللاحقة خارج أفريقيا الخاصة بالبشر الحديثين، ولكنها أيضًا مختلفة عن الهجرة الأقدم من أفريقيا الخاصة بالبشري المنتصب القامة Homo erectus. علَّق Pääbo بأن وجود هذا الفرع التطوري البعيد (المختلف) يخلق صورة أعققد بكثير للجنس البشري في عصر البِلَيْستوسين المتأخِّر. أثبتَ العمل العلمي أن الدينيسوڤيين كانوا في الحقيقة مجموعةً أختًا [نوعا لصيقًا تطوريًا ووثيق القرابة] للنيندرتاليين، والذي تفرع عن سلالة البشر (نوعنا) منذ 600 ألف سنة ماضية، وتباعد تطوريَّا عن النيندرتاليين _على الأرجح في الشرق الأوسط_ منذ 200 ألف سنة.لاحقًا في عام 2010، نُشر فريقُ Svante Pääbo _الذي نشر تقرسر الاكتشاف السابق في عام 200م_ ورقةً علميةً عن ضرس علوي ثالث خاص ببالغ شابٍّ، يؤرَّخُ بحوالَيْ نفسِ الزمنِ (كان إصبع اليد من المستوى 11 في متتاليات الكهف، أما الضرس فهو من المستوى 1, 11). يختلف الضرس في مناحٍ عديدةٍ عن الضروس الخاصة بالنيندرتاليين، وله سمات عتيقة مشابهة لأسنان البشري منتصب القامة Homo erectus. ثم قاموا بتحليل ودراسة للحمض النووي الميتوكندري الخاص بالضرس ووجدوا أن له تسلسل وراثي مختلف لكنه مشابه للخاص بعقلة إصبع اليد المتحجرة، مما يقترج أنه ينتمي لفرد مختلف من نفس المجموعة السكانية.يختلف الحمض النووي الميتوكندري الخاص بسُلامي (عقلة) إصبع اليد المتحجرة عن الخاص بالبشر الحديثين بحوالي 385 قاعدةَ نيوكليوتيد من أصل حوالي 16500 نيوكليوتيد، بينما الاختلاف بين البشر الحديثين والنيندرتاليين حوالي 202 قاعدة. على النقيض، فإن الاختلاف بين الشيمبانزيات والبشر الحديثين 1462 زوج قواعد حمض نووي ميتوكندري نيوكليوتيدية تقريبًا. هذا يقترح زمن تباعد تطوري منذ حوالي مليون سنة ماضية. يحمل الحمض النووي الميتوكندري الخاص بضرس تشابهًا عاليًا مع الخاص بعقلة إصبع اليد، مما يدل على أنهما ينتميان لنفس المجموعة السكانية. إن فك تسلسلات الحمض النووي الميتوكندري العتيق المسترجَع من ضرسٍ ثانٍ أظهَرَ عددًا كبيرًا غيرَ مُتَوَقَّعٍ من الاختلافات الحينية مقارنةً بالتي وُجِدَت في العينات المفحوصة الخاصة بالنيندرتاليين من كل أنحاء أوراسيا، وهي بنفس كم الاختلاف الخاص بالبشر الحديثين المعاصرين من القارات المختلفة.
فحص الحمض النووي الخاص بالنواة
في نفس الورقة البحثية المنشورة عام 2010م، أعلن كاتبو البحث عن عزل وفك تسلسلات الحمض النووي الخاص بعقلة فقرة الإصبع الخاصة بكهف دينيسوڤا. ظهر في هذه العينة درجة غير عادية من حفظ الحمض النووي ومستوى منخفض من التلوث. لقد قدروا على إنجاز فك تسلسلات شبه كامل للجينوم الخاص به، مما مكَّنهم من مقارنة تفصيلية مع جينومات النيندرتاليين والبشر الحديثين. من هذا التحليل توصلوا إلى أنه رغم التباعد الواضح لتسلسل الحمض النووي الميتوكندري، فإن المجموعة السكانية الخاصة بدينيسوڤا تشاركوا فرعًا تطوريًا مشتركًا مع النيندرتاليين متفرعًأ عن خط التحدر المؤدي إلى البشر الحديثين الأفريقيين. إن متوسط الزمن المقدَّر للتباعد بين تسلسلات الدينيسوڤيين والنيندرتاليين هو 640 ألف سنة ماضية، وزمن التباعد بين كلٍّ من هذين التسلسلين الوراثيين والتسلسلات الخاصة بالأفريقيين الحديثين هو 804 آلاف سنة ماضية. لقد اقترحوا أن تباعد الحمض النووي الميتوكندري للدينيسوڤيين ناتج إما عن تواصلية سلالة انفصلت عن الفروع الأخرى الخاصة بالجنس البشري من خلال الانجراف الوراثي أو من خلال تهاجن تضميني مع سلالة بشريوية أخرى [سلالة نوع بشري آخر].في 2013م، وُجِدَ أن تسلل الحمض النووي الميتوكندري المستخرَج من عينة بشريٍّ هيلدبرجيٍّ Homo heidelbergensis تعود إلى 400 ألف سنة ماضية من كهف Sima de los Huesos cave في إسبانيا ذو صلةٍ بالحمضين النووين الخاصين بالنيندرتاليين والدينيسوڤيين، لكنه أقرب إلى الأخيرين [الدينيسوڤيين]. تحليلات لاحقة لتسلسلات الحمض النووي الخاص بعينتين أخريين أظهرت أنهما أكثر صلةً على نحو وثيق بالنيندرتاليين أكثر من الدينيسوڤيين، بينما لإحدى هاتين العينتين أيضًا حمضٌ ميتوكندريٌّ ذو صلةٍ بالدينيسوڤيين. اقترحَ كاتبو الورقة البحثية أن الحمض النووي الميتوكندري المعثور عليه في هذه العينات يدل على قرابة النيندرتاليين مع الدينيسوڤيين والتي فُقِدَت لاحقًا في النيندرتاليين بإبدالها بتسلسلات ذات علاقة أكثر بالبشر الحديثين.
علم التخلق المتعاقب أو ما فوق الجينات Epigenetics (العوامل الخارجيّة والبيئيّة التي تنشّط أو تثبّط عمل الجينات)
في أبريل 2014م، حُصِلَ على لمحة أولى للتخلق المتعاقب الخاص بالدينيسوڤيين مع نشر مثيلة الحمض النووي الكامل full DNA methylation الخاص بالدينيسوڤيين والنيندرتاليين. مكَّنَتْ الخريطةُ المُنشَأةُ الخاصة بمثيلة الحمض النووي الباحثين من تقييم مستويات النشاط الجيني عَبْرَ الجينوم الدينيسوڤي ومقارنتها مع البشر الحديثين والنيندرتاليين. كانت إعادة البناء ممكنة بفضل عمليات التحلل الطبيعية الخاصة بالحمض النووي العتيق، والتي تترك علاماتٍ مختلفةً على المناطق المُمَثْيَلة في مقابل المناطق الغير مُمَثْيَلة الخاصة بالجينوم. وجَدَتْ الدراسةُ 200 جين يظهر بهنَّ أنماطٌ تنظيميةٌ مميَّزةٌ في الجينوم الدينيسوڤي.
تهاجن الدينيسوڤيين مع النيندرتاليين ومع البشر الحديثين
كشفَتْ مقارنةٌ تفصيلية بين جينومات الدينيسوڤيين والنيندرتاليين والبشر الحديثين أدلةً على شبكةٍ معقَّدةٍ من التهاجنات بين السلالات. من خلال ذلك التهاجن، فإن 17% من جينوم الدينيسوڤيين يمثل حمضًا نوويًا مستمدًا من المجموعة السكانية المحلية الخاصة بنيندرتاليين، كما وُجِدَتْ أدلةٌ أيضًا على مساهمةٍ جينيةٍ للحمض النووي الدينيسوڤي من سلالة بشريوية hominin lineage عتيقة لم يُتَعَرَّفْ عليها بعدُ، وربما كانت مصدر الحمض النووي الميتوكندري العتيق على نحوٍ غيرِ طبيعيٍّ. يمثل هذا الحمض النووي المستمد من نوع عتيق للغاية والغير معروف والذي تباعد تطوريًا عن المجموعات السكانية الأخرى منذ أكثر من مليون سنة ماضية ما يصل إلى 8% من جينوم دينيسوڤيِّي ألتاي.
تُثْبِتُ تحليلات ودراسات جينوماتِ البشر الحديثين أن أسلافهم تهاجنوا مع مجموعتين من البشريين العتيقين على الأقل؛ وهم النيندرتاليون (نوع منهم أشبه بالذين عُثِرَ على متحجراتهم في القوقاز أكثر من الذي عُثِرَ عليهم في منطقة سلسلة جبال ألتاي Altai) والدينيسوڤيين. 1 إلى 4% تقريبًا من الحمض النووي الخاص بالبشر الغير أفريقيين يتشاركونه مع النيندرتاليين، مما يقترح حدوثَ تهاجنٍ. الفحوص المقارِنة لجينوم البشريِّ الدينيسوڤي Denisova hominin مع ستة أفراد من أعراق مختلفة للبشر الحديثين؛ وهم واحد من الكونج Kung من جمهورية جنوب أفريقيا ونيجيري وفرنسي ورجل من بابوا نيو جينيا ورجل من سكان جزيرة Bougainville ورجل من سلالة هان Han الصينية، أن ما بين 4 إلى 6% من جينوم الميلانزيين (يمثلهم الرجل من بابوا نيو جينيا والرجل من سكان جزيرة Bougainville) مستمدَّة من مجموعة سكانية دينيسوڤية؛ في حين قدَّرَتْ دراسةٌ أخرى لاحقة الكم بـ 11, 1% (مع مساهمة أخرى من سلفٍ مختلفٍ ما غير معروفٍ بعدُ). لقد أُدْخِلَ هذا الحمضُ النوويُّ DNA على الأرجح في أثناء الهجرة المبكرة إلى ميلانيزيا Melanesia. تتوافق هذه الاكتشافات مع نتائج فحوص مقارنات أخرى والتي أظهرَتْ زيادة نسبية في الأليلات المتشاركة بين جينوم الدينيسوڤيين وجينوم الأستراليين الأصليين، مقارنةً بالمجموعات السكانية الأوروآسيوية والأفريقية الأخرى؛ رغم ذلك، فقد لوحِظَ أن البابويِّين (سكان بابوا نيوجينيا) لديهم أليلات متشاركة أكثر مع الأستراليين الأصليين.الميلانيزيون ليسوا الأحفاد المعاصرين الوحيدين للبشر المتهاجنين مع الدينيسوڤيين. وجد David Reich من جامعة هارڤارد Harvard University بالتعاون مع Mark Stoneking من فريق معهد ماكس بلانك أدلةً جينيةً على أن الأصل الوراثي الدينيسوڤي يتشاركه أيضًا الأستراليون الأصليون، ومجموعات متناثرة صغيرة من البشر في جنوبي شرق آسيا، مثل عرق المامانْوا Mamanwa، شعب نِجريتو Negrito في الفلبين، ولو أن ليس كل النيجريتويين Negritos وُجدُ أنهم لديهم جينات دينيسوڤية، وقد وُجِدَ أنَّ شعب أونج البادئي Onge سكان جزيرة Andaman شبه العراة وعرق جِهاي Jehai الماليزي على سبيل المثال ليس لديهم كمُّ وراثةٍ دينيسوڤية كبيرٍ. تضع هذه البياناتُ حدَثَ التهاجنِ في البر القاري لجنوبيِّ شرقِ آسيا، وتقترح أن الدينيسوڤيِّين انتشروا قديمًا على نحو واسعٍ عبْرَ شرقيِّ آسيا. بناءً على التوزُّعِ المعاصرِ للحمض النووي الدينيسوڤي، فربما عبر الدينيسوڤيون خط والِس Wallace Line، حيثُ مثَّلَت والاسيا Wallacea آخرَ ملاذٍ لهم. ذكرت ورقة بحثية نشرها Kay Prüfer عام 2013م أن سكان البر القاري الآسيوي والأمِرِكِيِّين الأصليِّين لديهم حوالي 2, 0% أصل وراثي دينيسوڤي.لقد استرعت أليلات HLA الخاصة بالنظام المناعي انتباهًا خصوصيًا محاوَلةً لتحديد جينات ربما استُمِدَّتْ من مجموعات سكانية بشريوية عتيقة. ورغم أن أليلات HLA-B*73 غير موجودة في جينوم الدينيسوڤيين، فإن نمط توزُّعِها وتباعدها التطوري عن أليلات HLA الأخرى قاد إلى الاقتراح بأنها مهجَّنة تضمينيًا من الدينيسوڤيين إلى البشر في غربيِّ آسيا. ففي العصر الحالي، نصف أليلات HLA الخاصة بالأوروآسيويِّين المعاصرين تمثِّلُ أنماطًا فردانية عتيقة، وقد استُدِلَّ على أنها من أصلٍ دينيسوڤي أو نيندرتالي. يقترح التمثيل العالي لهذه الأليلات ضغطَ انتخابٍ إيجابيٍّ للاحتفاظ بها في المجموعة السكانية البشرية. كشفت تغطية أعلى جودةً للجينوم الدينيسوڤي في عام 2012م عن أن تباينات لجينات فيهم تتوافق مع جينات في الميلانيزيين المعاصرين تترافق فيهم مع البشرة الغامقة والشعر والعيون البنية.في عام 2013م، نشر باحثون أدلةُ على تدفق جيني من النيندرتاليين بحد أدنى 5, 0% إلى الدينيسوڤيِّين. وتشارك الجينوم الدينيسوڤي أليلات مشتقة أكثر مع نيندرتاليِّي ألتاي (في سيبريا) عما مع جينوم نيندرتاليي كهف ڤينديجا Vindija cave (في كرواتيا) وعما مع جينوم نيندرتاليي كهف Mezmaiskaya (في القوقاز)، مما يقترح أن التدفق الجيني [الوراثي] جاء من مجموعة سكانية نيندرتالية كانت أوثق قرابةً إلى نيندرتاليِّي ألتاي. يتضمن جينوم الدينيسوڤيين مكوِّنًا [محتوَىً] وراثيًا مستمَدًا من نوعٍ بشريٍّ [أو بشرانيٍّ] hominin غير معروف والذي كان قد انفصل وتباعد تطوريا قبل زمن طويل من انفصال البشر الحديثين والنيندرتاليين والدينيسوڤيين [يعني انتواعهم إلى أنواعهم المنفصلة]، مما يقترح تدفقًا جينيًا محتمَلًا من نوع بشري عتيق غير معروف أو من أصلٍ من الأصول الوراثية المكوِّنة للمجموعة السكانية الخاصة بهم a population sub-structure.وفقًا لدراسة نُشِرَت في مجلة الطبيعة Nature في يوليو 2014م، فإن منطقة من الحمض النووي المحيط بجين EPAS1 الذي يساعد على التكيف مع مستويات الأُكْسُجِنْ المنخفضة في المرتفعات العالية والتي توجد في التبتيِّين [سكان التبت] توجد أيضًا في جينوم الدينيسوڤيِّين. اشتملت الدراسة على 40 شخصًا من سلالة هان الصينية و40 شخصًا من خلفية عرقية تبتية، مع استعمال جين EPAS1 كنقطة مرجعية لفك تسلسلات الحمض النووي.وفي البابويين (سكان بابوا نيوجينيا)، فإن الأليلات المتهاجنة تضمينيًا مع النيندرتاليين لها تكرارات أعلى في الجينات التي تعبَّر [تعمَل] في المخ، بينما الأليلات الدينيسوڤية لها تكرارات أعلى في الجينات التي تعمل في العظام وأنسجة أخرى.اقترحت دراسة منشورة في مارس 2016م أن البشر الحديثين تهاجنوا مع بشريين من أنواع أخرى hominins، بما في ذلك الدينيسوڤيين والنيندرتاليين، في أحداث [مراتٍ] عديدة.Zimmer, Carl (17 March 2016). "Humans Interbred With Hominins on Multiple Occasions, Study Finds". The New York Times. Retrieved 17 March 2016.في عام 2018م، من خلال الدراسة الإحصائية، وجد باحثون أدلةً على أنه قد كانت هناك على الأقل مجموعتان سكانيتان من الدينيسوڤيين، وأنَّ حَدَثَ تهاجنٍ تضمينيٍّ ثانيًا من الدينيسوڤيِّين إلى البشر قد حدث. توجد أدلة جينية على هذا التهاجن الثاني في العديد من المجموعات السكانية المعاصرة الآسيوية الجنوبية، والآسيوية الشرقية سلالة هان الصينية واليابانيين وشعب الـداي Dai people. إن المكوِّن الدينيسوڤي في جينومات هذه المجموعات السكانية الآسيوية الشرقية أقرب إلى الجينوم الدينيسوڤي المفكوك تسلسله الخاص بكهف ألتاي مما هو إلى المكوِّن الدينيسوڤي الموجود في جينومات البابويين [سكان بابوا نيوجينيا]. بالتالي، فلا بدَّ أن أسلاف البابْويِّينَ استمدُّوا مكونهم الوراثي الدينيسوڤي من حدث تهاجن تضميني منفصل مستقل من مجموعة سكانية دينيسوڤية مختلفة والتي ساهمت بالتهاجن التضميني الملاحَظ في الآسيويين الجنوبيين والآسيويين الشرقيين. الخلاصة أنه يظهر في الآسيويين الشرقيين أدلة على تهاجن مع مجموعتين سكانيتين دينيسوڤيتين، بينما يظهر في آسيويي جنوبي آسيا والأوقيانوسيين أدلة على تهاجن مع مجموعة دينيسوڤية واحدة منهما.Browning, Sharon R.; Browning, Brian L.; Zhou, Ying; Tucci, Serena; Akey, Joshua M. (2018). "Analysis of Human Sequence Data Reveals Two Pulses of Archaic Denisovan Admixture". Cell. 173 (1): 53–61.e9. doi:10.1016/j.cell.2018.02.031. ISSN 0092-8674. PMC 5866234 Freely accessible. PMID 29551270.
تهاجنٌ مع بشريين hominins عتيقين أفريقيين آخَرينَ
التحلل السريع للمتحجرات في بيئات ما تحت الصحراء الكبرى يجعلها حاليًا غيرَ ملائمةٍ لمقارنةِ الامتزاج الوراثي الخاص بالبشر الحديثين مع عينات البشريين الأفريقيين العتيقين الخاصين بما تحت الصحراء الكبرى archaic Sub-Saharan African hominins.من ثلاثة مناطق جغرافية مرشَّحة لوجود تهاجن تضميني بها وُجِدَ بالبحوث عن الأنماط الغير عادية للتباين (اللاتي يُظْهِرنَ تباعدًا واختلافًا عميقًا في النمط الفرداني وذوات الأنماط الغير عادية لللاتوازن الترابطي وذوات حجم التفرع القاعدي الصغير لشجرة الجينات) في 61 منطقة جينومية غير مشفِّرة في مجموعتين من المعتاشين على الصيد وجمع الثمار (أقزام بياكا Biaka or Aka or Bayaka, also known as Babenzele الذين يعيشون في جنوبي غرب جمهورية أفريقيا الوسطى وفي إقليم Brazzaville في جمهورية الكونجو) وقبائل السان (البوشمِن) San or Bushmen الذين لديهم امتزاج وراثي كبير) وأحد المجموعات المزارعة الخاصة بغرب أفريقيا (Mandinka or Malinke (also known as Maninka, Manding, Mandingo, Mandenka and Mandinko، الذين ليس لديهم امتزاج وراثي كبير، عرق شبه صافٍ)، وتُوُصِّلَ إلى أن حوالي 2% من المواد الوراثية الموجودة في تلك المجموعات الثلاثة القاطنة لأفريقيا ما تحت الصحراء الكبرى أُدْخِلَتْ في الجينوم البشري [الحوض الجيني البشري] منذ حوالي 35000 سنة ماضية تقريبًا من بشريِّين عتيقين والذي كانوا قد انفصلوا عن سلالة البشر الحديثين منذُ حوالَيْ 700000 سنة ماضية. يقترح مسحٌ للأنماط الوراثية الفردانية المتهاجنة تضمينيًا عبر الكثير من المجموعات السكانية الخاصة بأفريقيا ما تحت الصحراء الكبرى أن حدث التهاجن ذلك حدث مع بشريين عتيقين سكنوا قديمًا أفريقيا الوسطى.Hammer, M.F.; Woerner, A.E.; Mendez, F.L.; Watkins, J.C.; Wall, J.D. (2011). "Genetic evidence for archaic admixture in Africa"بالبحث على جينومات مكتملة فك التسلسلات بتغطية تكرارية عالية خاصة بخمسة عشر ذكرًا من قاطني أفريقيا ما تحت الصحراء الكبرى من ثلاثة مجموعات: خمسة أقزام من الكامِرون (ثلاثة من الباكا أو البايكا Baka وواحد من الـ Bedzan (Tikar) وواحد من الباكولا Bakola) وخمسة أفراد من الهادزا Hadza من تانزانيا وخمسة أفراد من السانداوي Sandawe من تانزانيا، وُجِدَ أن هناك علامات على أن أسلاف المعتاشين على الصيد وجمع الثمار تهاجنوا مع مجموعة سكانية أو أكثر للبشريين العتيقين، ربما منذ أكثر من 40000 سنة ماضية. تقترح دراسة الأنماط الفردانية الوراثية المفترَضة في الخمس عشرة عينة للمجموعات المعتاشة على الصيد وجمع الثمار أن المجموعة السكانية الخاصة بنوع بشري عتيق والبشر الحديثين تباعدوا تطوريًا منذ حوالي ما يتراوح بين 2, 1 و 3, 1 مليون سنة ماضية.Lachance, J.; Vernot, B.; Elbers, C.C.; Ferwerda, B.; Froment, A.; Bodo, J.M.; et al. (2012). "Evolutionary History and Adaptation from High-Coverage Whole-Genome Sequences of Diverse African Hunter-Gatherers". Cell. 150 (3): 457–69.درَسَ Xu وفريقُه (2017م) تطور بروتين الميوسين7 Mucin7 الموجود في لُعابِ مجموعات سكانية أفريقية معيَّنة (اليوروبا Yoruba) ووجد أدلةً على أن نوعًا من البشريين العتيقين ساهم بحمضٍ نوويٍّ DNA في حوضهم الجيني. لم يُحدَّدْ هذا النوعُ العتيقُ وأشيرَ إليه باسم المجموعة السكانية الشبحية أو المجهولة الخاصة بنوع بشري عتيق a ghost population of humans. فحَصَ Skoglund وفريقُه (2017م) جينوماتِ العديد من المجموعات السكانية البشرية القديمة والمعاصرة في أفريقيا وبالمِثلِ تَعَرَّفَ على أدلةٍ تشيرُ إلى مجموعةٍ منقرضة من البشريين العتيقين _سلالة من مجموعة سكانية بشريوية غربي أفريقية عتيقة بدائية"_ والتي يتضح أنها قد ساهمت بحمضٍ نوويٍّ في الحوضِ الجينيِّ الخاصِّ بالمجموعات السكانية للبشر الحديثين في غرب أفريقيا (المِنْدي Mende [ثاني أكبر الأعراق في سيراليون] و اليوروبا Yoruba).Skoglund; et al. (21 September 2017). "Reconstructing Prehistoric African Population Structure". Cell. 171: 59–71. doi:10.1016/j.cell.2017.08.049. Retrieved 6 November 2017
دليل غير مباشر
يسبِّبُ ڤَيْرَس الورمِ الحُلَيْميِّ من النوع 58 (papillomavirus type 5) سرطان عنق الرحم في 10 إلى 20% من الحالات في شرق آسيا. هذا النوعا نادرًا ما يوجد في أي موضع آخر من العالم. ويقدر تاريخ تطور آخر سلف مشترك له عند زمن حوالي 478600 سنة ماضية. وبما أن هذا التاريخ قبل التاريخ المقبول على نحو عام لتطور البشر الحديثين، فهذا يقترح أن هذا الڤَيْرَس نُقِلَ إلى البشرِ من نوعٍ بشريٍّ منقرضٍ حاليًا. ولأن هذا الڤَيْرَس يُنْقَل في العادة عن طريق الجنس فهذا يقترح علاوةً على ذلك أن تزاوجًا حدث في تلك المنطقة الجغرافية بين البشر الحديثين ونوعٍ بشريٍّ منقرضٍ حاليًا