يشمل الفن في اسكتلندا الحديثة جميع جوانب الفنون المرئية في البلاد منذ بدايات القرن العشرين. سيطر على المشهد الفني في أوائل القرن العشرين، أعمال لمجموعة أعضاء من مدرسة غلاسكو عُرفوا باسم «الأربعة»، بقيادة تشارلز ريني ماكينتوش، الذين اكتسبوا شهرة عالمية بسبب مزيجهم من حركة الفنون والحرف والفن الجديد «آرت نوفو». كان هناك اهتمام متزايد بأشكال الحركة الحداثية، إذ ساعد ويليام جونستون على تطوير مفهوم النهضة الاسكتلندية. واتبع العديد من كبار الفنانين في فترة ما بعد الحرب نمطًا من الواقعية الإسكتلندية، مثل: جون بيلاني وألكساندر موفات. يمكن رؤية تأثير موفات منذ أواخر القرن العشرين في أعمال مثل «أولاد غلاسكو الجدد». وواصلت اسكتلندا في القرن الحادي والعشرين إنتاج فنانين مؤثرين مثل: دوغلاس غوردون وسوزان فيليبس.
تمتلك اسكتلندا مجموعة مهمة جدًا من الفن، مثل المعرض الوطني الاسكتلندي والمتحف الوطني الإسكتلندي في إدنبرة ومجموعة بوريل ومتحف ومعرض كيلفينغروف في غلاسكو. تشمل المدارس الفنية البارزة كلية إدنبرة للفنون ومدرسة غلاسكو للفنون. الهيئة الرئيسية المسؤولة عن تمويل الفنون في البلاد هي اسكتلندا الإبداعية، وقُدِّم الدعم لها من قبل المجالس المحلية والمؤسسات المستقلة.
بدايات القرن العشرين
مدرسة غلاسكو
ارتبطت تطورات الفن الإسكتلندي بمدرسة غلاسكو في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وهو مصطلح مُستخدم لوصف عدد من المجموعات المتمركزة حول المدينة. كانت المجموعة الأكثر أهمية بينهم، هي المجموعة المعروفة باسم «الأربعة» أو «مدرسة سبوك» التي نشطت منذ حوالي عام 1890، وهي مؤلفة من المهندس المعماريّ الشهير تشارلز ريني ماكينتوش (1868-1928)، وزوجته الرسامة والمُختصّة بالنحت على الزجاج مارغريت ماكدونالد ماكينتوش (1865-1933)، وأختها الفنانة فرانسيس ماكدونالد (1873-1921)، وزوجها الفنان والمعلم هربرت ماكنير (1868-1955). وقد أنتجوا مزيجًا مميزًا من التأثيرات، بما في ذلك الإحياء الكلتيّ وحركة الفنون والحرف، وفن التأثير الياباني، الذي اكتسب شهرة واسعة في جميع أنحاء عالم الفن الحديث في قارة أوروبا وساعد في تحديد نمط الفن الجديد.[1]
الملوِّنين الإسكتلنديين
كانت أول مجموعة كبيرة من الفنانين الإسكتلنديين الذين ظهروا في العشرينيات القرن العشرين هم: الملوِّنين الإسكتلنديين، وهم: جون دونكان فيرغسون (1874-1961)، فرانسيس كاديل (1883-1937)، صامويل بيبلو (1871-1935) وليزلي هنتر (1877-1931).[2] عرف هؤلاء الرسامون بعضهم البعض وأقاموا المعارض سويةً لكنهم لم يتمكنوا من تشكيل مجموعة متماسكة. قضوا جميعًا وقتًا في فرنسا بين عامي 1900 و1914،[3] وبحثوا عن الإلهام في باريس، وتحديدًا في المدرسة الحوشية، عند فنانين من أمثال كلود مونيه وهنري ماتيس وبول سيزان، الذين تشابهت أساليبهم مع تقاليد الرسم الإسكتلندية.[4] وُصفوا كأول فنانين إسكتلنديين حديثين وكانوا السبب في وصول حركة ما بعد الانطباعية إلى اسكتلندا. كان لفيرغسون تأثير كبير في جلب الحداثة إلى الفن الإسكتلندي.[3]
مدرسة إدنبرة
أصبحت مجموعة الفنانين المرتبطين بإدنبرة، والذين درس معظمهم في كلية إدنبرة للفنون أثناء الحرب العالمية الأولى، تُعرف باسم مدرسة إدنبرة.[5] تأثروا بالرسامين الفرنسيين ومدارسهم الفنية،[6] وتميز فنهم في كثير من الأحيان باستخدام الألوان الزاهية والتقنيات الجريئة.[5] من بين هؤلاء الأعضاء: ويليام جورج غيليس (1898-1973)، الذي ركز على المناظر الطبيعية، جون ماكسويل (1905-1962) الذي ركز أيضًا على المناظر الطبيعية ودراسة الموضوعات الخيالية، وليام غيسلر (1894-1963)،[7][8] وليام كروزييه (1893-1930)، ويليام ماك ماكغارت (1903–1981)، وآن ريدباث (1895-1965)، التي اشتُهرت بتصويرها ثنائي الأبعاد للأشياء اليومية.[9]
الحداثة والنهضة الإسكتلندية
صاغ الفيلسوف وعالم الاجتماع ومخطط المدن والكاتب باتريك جيدس (1854-1932) مصطلح «النهضة الإسكتلندية» في مجلته «إيفرغرين». وزعم أن التطور التكنولوجي يجب أن يكون موازيًا لتطور الفنون. تناول الجيل الجديد هذه الأفكار، بقيادة الشاعر هيو ماكديارميد الذي شجَّع على فكرة المزج بين العلم والفن، وإدخال الحداثة في الفن وخلق فن وطني مميز. طُبّقت هذه الأفكار في الفن في فترة ما بين الحرب من قبل عدة شخصيّات منهم: ستانلي كورسيتر (1887-1976)، وليام ماكانس (1894-1970)، وويليام جونستون (1897-1981).[10] تأثر الفنان ستانلي كورسيتر بحركة ما بعد الانطباعية وحركة المستقبلية الإيطالية، ويمكن أن نرى هذا في أعماله مثل: فيلمه المطر في شارع الأميرة (1913) ولوحة "ريغاتا" (1913). وأصبح لاحقًا رسامًا رئيسيًا في بلده الأصلي أوركني، ومديرًا للمتحف الوطني في اسكتلندا، واقترح إنشاء معرض وطني للفن الحديث في عام 1930.[11][12]
كان فيرغسون أحد الفنانين البريطانيين القلائل الذين ادّعوا أنهم لعبوا دورًا في خلق الحداثة وربما لعبوا دورًا رئيسيًا في تشكيل أفكار ماكديرميد. يمكن رؤية اهتمامه بالصور الآلية في لوحاته تعاون مع ماكديرميد في مجلة «الفن الإسكتلندي والرسائل» واقتبس ماكديرميد فيما بعد من أعماله.
كانت أعمال ويليام ماكانس المبكرة تتبع أسلوب ما بعد الانطباعية الجريئة، ثم انتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى لندن مع زوجته وطالبته أغنيس ميلر باركر (1895-1980)، إذ انضم إلى نفس الوسط الفني لفيرغسون، وويندهام لويس (1882-1957) والملحن القومي فرانسيس جورج سكوت. يمكن ملاحظة تأثره بهؤلاء الفنانين في أعماله مثل: لوحة النساء في المصعد ((1925 والمهندس وزوجته (1925).[13]
وليام جونستون (1897-1981) هو ابن عم إف. جي. سكوت وقد التقى ماكديرميد عندما كان طالبًأ في أدنبرة. ودرس فن التكعيبية والسريالية وتعرَّف على الفن الأمريكي الجديد من خلال زوجته النحاتة فلورا ماكدونالد. ثم اتجه نحو الفن التجريدي، في محاولة للاستفادة من جوانب المناظر الطبيعية والشعر. وصف مؤرخ الفن دنكان ماكميلان أهم أعماله «نقطة في الوقت» (1929-1938) بأنها واحدة من أهم اللوحات الإسكتلندية في القرن وواحدة من أكثر اللوحات الرائعة لأي رسام بريطاني في تلك الفترة.[14][15]
هناك بعض الفنانين الآخرين المتأثرين بالحداثة مثل: جيمس ماكينتوش باتريك (1907-1998) وإدوارد بيرد (1904-1949).[11] إذ تدرب كلاهما في غلاسكو، لكنهما قضيا معظم حياتهما المهنية في مدينتي دندي ومونتروز. تأثر كلاهما بالسُّريالية وأعمال بيتر بروغل الأكبر. اكتسب ماكينتوش باتريك شهرته في مجال النّقش والحفر الفني قبل نجاحه في الرسم. ومن الشخصيات البارزة في هذا المجال في فترة ما بين الحرب: ويليام ويلسون (1905-1972) وإيان فليمينغ (1906-1994).[16]
المجموعة الاسكتلندية الجديدة
عاد فيرغسون، وهو أقدم عضو في فريق المُلوِّنين الإسكتلنديين، إلى اسكتلندا من فرنسا في عام 1939، قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، إذ أصبح شخصية بارزة بين مجموعة من الفنانين في غلاسكو. وشكل أعضاء مجموعة فيرغسون نادي الفن الجديد في عام 1940، ردًا على تأسيس نادي غلاسكو الفني. أُقيم أول معرض فني خاص بالمجموعة الإسكتلندية الجديدة، برئاسة فيرغسون في عام 1942.[17]
لم يكن لدى هذه المجموعة نفس الأسلوب، لكنهم تشاركوا الميول اليسارية وضموا الفنانين المتأثرين بالاتجاهات المختلفة في الفن المعاصر. من بين الرسامين المشاركين: دونالد بين (1904-1979)، المُتأثر بالتعبيرية، وويليام كروسبي (1915–1999) المُتأثر بالسريالية، وماري دي بانزي (1918-1990) المُتأثرة بالتعبيرية وبشكل خاص بالفنان الفرنسي بول غوغان.
تأثرت إيزابيل بابيانسكا (من مواليد 1920) بالفنان التعبيري الفرنسي الروسي شيم سوتين. تأثرت أيضًا أعمال ميلي فرود (1900–1988) بالتعبيرية، فاحتوت على ألوان زاهية وخطوط مشابهة لأسلوب فان غوخ.[18]
التصوير
تضمنت أعمال التصوير الفوتوغرافي البارزة في اسكتلندا في أوائل القرن العشرين أعمال الفنانين الزائرين، مثل: ألفين لانغدون كوبورن (1882-1966)، الذين قاموا بإنتاج الرسوم التوضيحية لأعمال روبرت لويس ستيفنسون وباول ستراند (1890-1976). كان هناك أيضًا سجل غوربالس في غلاسكو الذي صنعه بيرت هاردي (1913–1995)، وجوزيف ماكنزي (من مواليد 1929) وأوسكار مارزارولي (1933-1988). لكن انخفض التحصيل الفني فيما بعد في اسكتلندا في أوائل القرن العشرين بعد أن كانت رائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي في أواخر القرن التاسع عشر.[19]
من أواخر القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر
فنانون ما بعد الحرب
برز العديد من الفنانين في فترة ما بعد الحرب، منهم: روبن فيليبسون (1916-1992)، الذي تأثر بالمُلوَّنين الاسكتلنديين، وبفن البوب والرومانسية الجديدة.[20] كان روبرت ماكبرايد (1913–1966) وروبرت كولكوهون (1914–1964) وجوان آردلي (1912–1963) من خريجي كلية غلاسكو للفنون. فقد تأثر روبرت ماكبرايد وروبرت كولكوهون بفن الرومانسية الجديدة والتكعيبية. بينما انتقل جوان إردلي المولود في إنجلترا إلى غلاسكو لاستكشاف المناظر الطبيعية لساحل كينكردينشير.[21]
كان ويلهيلمينا بارنز غراهام (1912-2004) ومارغريت ميليس (1914-2009) من الفنانين الإسكتلنديين الذين واصلوا تقليد رسم المناظر الطبيعية وانضموا إلى الجيل الجديد من الفنانين الحداثيين.[22]
بقيت باريس وجهة رئيسية للفنانين الإسكتلنديين، إذ زارها الفنان آلان ديفي (1920-2014)، الذي تأثر بالجاز وبوذية الزن، وانتقل فيما بعد إلى أسلوب التعبيرية التجريدية.[11]
استكشف عمل إيان هاميلتون فينلاي (1925-2006) الحدود بين النحت وصناعة المطبوعات والأدب والهندسة الطبيعية. وكان عمله الأكثر نجاحًا «حديقة ليتل سبارتا» في عام 1960.[23]
مراجع
- S. Tschudi-Madsen, The Art Nouveau Style: a Comprehensive Guide (Mineola, NY: Courier Dover, 2002), (ردمك ), pp. 283–4.
- "The Scottish Colourists", Visit Scotland.com, مؤرشف من الأصل في 29 أبريل 2008,07 مايو 2010
- I. Chilvers, ed., The Oxford Dictionary of Art and Artists (Oxford: Oxford University Press, 4th edn., 2009), (ردمك ), p. 575.
- "The Scottish Colourists", Explore Art, مؤرشف من الأصل في 12 نوفمبر 2012,12 نوفمبر 2012
- "The Edinburgh School", Edinburgh Museums and Galleries, retrieved 10 April 2013 نسخة محفوظة 16 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- D. Macmillan, "Culture: modern times 1914–: art", in M. Lynch, ed., Oxford Companion to Scottish History (Oxford: Oxford University Press, 2011), (ردمك ), pp. 153–4.
- "Society of Scottish Artists / Presidents and Secretaries of the SSA" en-GB (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 29 سبتمبر 201920 ديسمبر 2019.
- http://www.rsw.org.uk/pages/past_members.php?pageNum_rsPastMembers=10&totalRows_rsPastMembers=313 - تصفح: نسخة محفوظة 2020-04-10 على موقع واي باك مشين.
- L. A. Rose, M. Macaroon, V. Crow, Frommer's Scotland (Hoboken, NJ: John Wiley & Sons, 12th edn., 2012), (ردمك ), p. 25.
- D. Macmillan, Scottish Art 1460–1990 (Edinburgh: Mainstream, 1990), (ردمك ), p. 348.
- M. Gardiner, Modern Scottish Culture (Edinburgh: Edinburgh University Press, 2005), (ردمك ), p. 173.
- M. MacDonald, Scottish Art (London: Thames and Hudson, 2000), (ردمك ), pp. 163–4.
- Macmillan, Scottish Art, pp. 348–50.
- Macmillan, Scottish Art, pp. 351–2.
- D. Macmillan, "Review: Painters in Parallel: William Johnstone & William Gillies", Scotsman.com, 19 January 2012, retrieved 8 May 2012. نسخة محفوظة 10 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- MacDonald, Scottish Art, pp. 175–6.
- D. Macmillan, Scottish Art in the 20th century, 1890–2001 (Mainstream, 2001), p. 80.
- D. Macmillan, Scottish Art, 1460–1990 (Mainstream, 1990), (ردمك ), pp. 370–1.
- D. Burn, "Photography", in M. Lynch, ed., Oxford Companion to Scottish History (Oxford: Oxford University Press, 2011), (ردمك ), pp. 476–7.
- MacDonald, Scottish Art, pp. 189–90.
- MacDonald, Scottish Art, pp. 191–2.
- MacDonald, Scottish Art, p. 194.
- K. Johnson (31 March 2006), "Ian Hamilton Finlay, 80, poet and conceptual artist, dies", The New York Times, مؤرشف من الأصل في 10 أبريل 2020