التجنيد الإجباري هو طريقة لاختيار الرجال، وفي بعض الأحيان النساء، للخدمة العسكرية الإلزامية.[5][6][7] ويسمى أيضًا التجنيد الإلزامي أو الخدمة الوطنية، وعادةً، يتم التجنيد الإجباري بمجرد انتهاء الدراسة، فيخدم المجندون لمدة تتراوح بين عام واحد وثلاثة أعوام. استخدمت كثير من الدول التجنيد الإجباري في وقت الحرب، ولكن عددًا قليلاً من الدول استخدمته أثناء فترات السلم. وقد استغنت عنه دول مثل، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا والهند وباكستان. كما أن دولاً أخرى كثيرة، وخصوصًا في أوروبا، قد خفضت مدد الخدمة. وقد أدخلت بعض البلدان العربية نظام التجنيد الإجباري في أواخر القرن العشرين.
عُرف التجنيد الإجباري في أوروبا لأكثر من 2000 عام. فقد دعمت اليونان القديمة وروما الجيوش العاملة بالمجندين من الرجال في زمن الحرب. وفي العصور الوسطى، وضعت كثير من المدن في إنجلترا وفرنسا فرقًا مُدربة من أجل حماية هذه المدن. وقد بدأ أول تدريب عسكري إلزامي على نطاق واسع في سويسرا في القرن السادس عشر الميلادي. وجَند ملك السويد جوستافوس أدولفوس الرجال في القرن السابع عشر الميلادي، كما بدأت فرنسا نظام التجنيد في القرن الثامن عشر الميلادي. وفي خمسينيات القرن التاسع عشر الميلادي، أدخلت بروسيا مشروع التجنيد المحدود. وبمقتضاه يتم اختيار نخبة قليلة من المجندين لتتعلم مبادئ الإجراءات العسكرية لمدة عام، وبعد ذلك تُنقل إلى قوات الاحتياط. وقد أعيد إدخال هذا النظام بوساطة هتلر في أثناء المراحل الأولى لإعادة التسليح الألمانية في منتصف ثلاثينيات القرن العشرين.
وتوسعت كل من فرنسا وروسيا والمجر النمساوية في التجنيد الإجباري مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. وكسرت بريطانيا تقليدًا قويا للخدمة العسكرية التطوعية عندما بدأت نظام التجنيد الإجباري في عام 1916. وحث التهديد بالتجنيد الإجباري الكثير من الأيرلنديين إلى الدخول في تمرد مسلّح ضد الحكم البريطاني. ومنذ أن أصبحت جمهورية أيرلندا دولة مستقلة، فإنها لم تفكر أبدًا في إدخال نظام التجنيد الإلزامي.
وفي الحرب العالمية الثانية، استخدمت كل الدول المتحاربة نظام التجنيد الإجباري بصورة واسعة. وفي عام 1957، كانت المملكة المتحدة أول قوة أوروبية تتخلى عن نظام الخدمة الوطنية. وسرعان ماخفض معظم أعضاء حلف شمال الأطلسي الآخرين من أعداد ومدة خدمة التجنيد الإجباري. وفي عام 1991، أصبح التجنيد الإجباري في روسيا، الذي كان يومًا ما ذا أهمية بالنسبة للنظام الشيوعي، غير رائج. وقد رفض كثير من الجنود القادرين على حمل السلاح التقدم لأداء الواجب. ويخدم المجندون في الجيش لمدة عامين، وفي البحرية لمدة ثلاثة أعوام. وهم يسجلون أسماءهم في سن السابعة عشرة ويتم استدعاؤهم بعدها بعام واحد.
مارست نيوزيلندا التجنيد الإجباري بين عامي 1901 و1930. واعتمدت أستراليا على المتطوعين في الحرب العالمية الأولى. وأدخلت الدولتان التجنيد الإلزامي في الحرب العالمية الثانية على الرغم من أن أستراليا اكتفت بإرسال متطوعين للخدمة في أوروبا وشمال إفريقيا. التزمت نيوزيلندا التجنيد الإلزامي في معظم الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين وألغته اعتبارًا من عام 1973. وكان لدى أستراليا تجنيد عسكري إجباري في الفترة بين عامي 1951 و1957، ونظام للاقتراع ما بين 1957 و 1959 و1964 و1972. ويعود تاريخ التجنيد الإجباري في الولايات المتحدة الأمريكية إلى بدء الثورة الأمريكية وكان يتم سحب رجال المليشيا (جند الطوارئ) بمعرفة كل ولاية على حدة من أجل محاربة البريطانيين. واستخدم الجانبان في الحرب الأهلية الأمريكية التجنيد الإجباريّ في أثناء الحروب الرئيسية في القرن العشرين. وأصبح النظام الانتقائي لإلحاق الناس في الخدمة العسكرية أمرًا غير شائع في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين في أثناء حرب فيتنام الطويلة. وأُلغي التجنيد الإجباري في عام 1973. وفي عام 1981، وضعت قائمة احتياطية يمكن الاستعانة بها، إذا ما قررت الحكومة أن تعيد نظام التجنيد الإجباري في أوقات الحرب.
جدالات ضد التجنيد الإجباري
التحيز الجندري
ينتقد النسويون وغيرهم[8][9][10] من المعارضين للتمييز ضد الرجال[11] التجنيد العسكري الإجباري، والخدمة العسكرية الإلزامية على اعتبار ذلك تمييزًا على أساس الجنس.
يقول النسويون إن التجنيد العسكري الإجباري هو تمييز على أساس الجنس لأنهم يرَون أن الحروب تخدم مصالح السلطة الأبوية، وأن الجيش هو مؤسسة تُميز على أساس الجنس، وأن تجنيد الرجال يجعل العنف بين الرجال أمرًا مقبولًا اجتماعيًا. كان النسويون منظمين ومشاركين في مقاومة التجنيد الإجباري في العديد من البلدان.[12][13][14]
انتُقِدَ التجنيد الإجباري أيضًا عبر التاريخ لاقتصار التجنيد على الرجال فقط.[15][16] يجب على الرجال الذين يختارون عدم المشاركة في الخدمة العسكرية عادةً أداء خدمة بديلة، مثل خدمة المجتمع في النمسا وسويسرا، في حين أن النساء لسن ملزمات بذلك.
العبودية اللاطوعية
يعارض الليبراليون الأمريكيون التجنيد الإجباري ويدعون إلى إلغاء نظام الخدمة الانتقائية، معتقدين أن انخراط الأفراد في القوى المسلحة هو «عبودية لا طوعية». يقول رون بول المرشح الرئاسي السابق في الولايات المتحدة عن الحزب الليبرالي إن التجنيد الإجباري «يُربَط بشكل خاطئ مع الوطنية، في حين أنه يمثل في الحقيقة العبودية والعبودية اللاطوعية».[17] عارض الفيلسوف آين راند التجنيد الإجباري، قائلًا إن «من بين جميع انتهاكات الدولة المركزية لحقوق الأفراد في إطار الاقتصاد المختلط، فإن التجنيد الإجباري هو أسوؤها. إنه إلغاء للحقوق. ينفي حق الإنسان الأساسي -الحق في الحياة- ويرسخ المبدأ الأساسي لمركزية الدول: إن حياة الإنسان هي ملك للدولة، وإن الدولة قد تطالب بها من خلال إجباره على التضحية بها في المعركة».[18]
في عام 1917، طعن العديد من الراديكاليين واللاسلطويين في عام 1917 ومن ضمنهم إيما غولدمان في مشروع القانون الجديد في المحكمة الفيدرالية بحجة أنه انتهاك مباشر للتعديل الثالث عشر في دستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي ينص على حظر العبودية والعبودية اللاطوعية. مع ذلك، أيدت المحكمة العليا بالإجماع دستورية مشروع القانون في قضية آرفر ضد الولايات المتحدة في السابع من يناير من عام 1918. وقال القرار إن الدستور يعطي الكونغرس سلطة إعلان الحرب وجمع الجيوش ودعمها. أكدت المحكمة على مبدًا الحقوق والواجبات المتبادلة للمواطنين:
«قد لا يكون هنالك شك في أن مفهوم وجود حكومة عادلة في واجباتها تجاه المواطن ينطوي على التزام المواطن في المقابل بواجبه في أداء الخدمة العسكرية عند الحاجة وامتلاك الحكومة الحق في الإجبار».[19]
الاقتصاد
يمكن القول في ما يتعلق بنسبة التكاليف إلى الفائدة، إن التجنيد الإجباري في أوقات السلم ليس مجدٍ.[20] تُطرَح الأشهر والسنوات التي يقضيها الأشخاص ذوي القدرات والمؤهلات في الخدمة من إنتاجية الاقتصاد، بالإضافة إلى تكلفة تدريبهم، وتكلفة المبالغ المالية التي تُدفَع لهم في بعض البلدان. بالمقارنة مع تلك التكاليف الباهظة، قد يقول البعض إن الفائدة منها ضئيلة للغاية، وإذا كانت هناك حرب في أي وقت من الأوقات فإن التجنيد الإلزامي والتدريب الأساسي يمكن إكماله بسرعة، وفي جميع الأحوال، ليس هنالك تهديد كبير باندلاع الحرب في معظم الدول التي تُطبق التجنيد الإجباري. يُلزَم كل مقيم ذكر في الولايات المتحدة بموجب القانون بالتسجيل في نظام الخدمة الانتقائية في غضون 30 يومًا بعد اتمامه عامه الثامن عشر وأن يكون متاحًا للخدمة الإلزامية، غالبًا ما يُنجَز ذلك بشكل تلقائي عبر إدارة السير أثناء الحصول على رخصة القيادة أو عن طريق تسجيل الناخبين.[21]
انظر أيضاً
مراجع
- "Ukraine removes last conscripts from war zone". مؤرشف من الأصل في 05 مارس 2018.
- "Military conscription to stop completely from 2018". مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2017.
- "Turkey: How Conscription Reform Will Change the Military". مؤرشف من الأصل في 20 أكتوبر 2017.
- "Kazakh Military Draft To End By 2016". مؤرشف من الأصل في 03 ديسمبر 2017.
- Berlatsky, Noah (May 29, 2013). "When Men Experience Sexism". ذا أتلانتيك. مؤرشف من الأصل في January 5, 201526 أبريل 2015.
- "International Covenant on Civil and Political Rights; See Article 18". Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights. مؤرشف من الأصل في 24 يوليو 201815 مايو 2008.
- "War and Gender: Men's War Roles – Boyhood and Coming of Age". In Ember, Carol R.; Ember, Melvin Encyclopedia of Sex and Gender: Men and Women in the World's Cultures. Volume 1. Springer. p. 108. (ردمك ). Retrieved April 25, 2015. نسخة محفوظة 04 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- Stephen, Lynn (1981). "Making the Draft a Women's Issue". Women: A Journal of Liberation. 8 (1). مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 202028 مارس 2016.
- Lindsey, Karen (1982). "Women and the Draft". In McAllister, Pam (المحرر). . New Society Publishers. . مؤرشف من الأصل في 10 فبراير 2019.
- Levertov, Denise (1982). "A Speech: For Antidraft Rally, D.C. March 22, 1980". . New Directions Press. . مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2020.
- Benatar, David (May 15, 2012). The Second Sexism: Discrimination Against Men and Boys. John Wiley & Sons. . مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 201926 أبريل 2015.
- "Letters from draft-age women about why they wouldn't register for the draft". Resistance News (2): 6. 1 March 1980.
- "Gestation: Women and Draft Resistance". Resistance News (11). November 1982.
- "Women and the resistance movement". Resistance News (21). 8 June 1986.
- Goldstein, Joshua S. (2003). "War and Gender: Men's War Roles – Boyhood and Coming of Age". In Ember, Carol R.; Ember, Melvin Encyclopedia of Sex and Gender: Men and Women in the World's Cultures. Volume 1. سبرنجر. p. 108. (ردمك ). Retrieved April 25, 2015. نسخة محفوظة 23 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Kronsell, Anica (June 29, 2006). "Methods for studying silence: The 'silence' of Swedish conscription". In Ackerly, Brooke A.; Stern, Maria; True, Jacqui Feminist Methodologies for International Relations. مطبعة جامعة كامبريدج. p. 113. (ردمك ). Retrieved April 25, 2015. نسخة محفوظة 23 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
- U.S. Representative رون بول Conscription Is Slavery, antiwar.com, January 14, 2003. نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2015 على موقع واي باك مشين.
- "Draft". aynrandlexicon.com. مؤرشف من الأصل في 8 ديسمبر 201915 أكتوبر 2016.
- John Whiteclay Chambers II, To Raise an Army: The Draft Comes to Modern America (1987) pp. 219–20
- Henderson, David R. "The Role of Economists in Ending the Draft" (August 2005). نسخة محفوظة 19 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Milton Friedman (1967). "Why Not a Volunteer Army?". New Individualist Review. مؤرشف من الأصل في 10 فبراير 200911 سبتمبر 2008.