الرئيسيةعريقبحث

تفشي وباء الكوليرا في شارع برود عام 1854


☰ جدول المحتويات


شارع برودويك حيث يُعرض النصب التذكاري للطبيب جون سنو والمنزل العام. تمت إزالة المضخة التذكارية بسبب الإنشاءات الجديدة في مارس 2016. تقرأ اللوحة الملصقة على البيت العام: إن علامة حجر الغرانيت الأحمر هي موقع المضخة التاريخية في الشارع العام المرتبطة باكتشاف الدكتور جون سنو في عام 1854 والتي ينص على انتقال الكوليرا بالماء.

كان تفشي وباء الكوليرا في شارع برود «أو تفشي المربع الذهبي» تفشيا شديدا للكوليرا حدث في عام 1854 بالقرب من شارع برود ستريت «شارع برودويك الآن» في منطقة سوهو في مدينة لندن عاصمة إنجلترا. هذه الفاشية التي قتلت 616 شخصا، والتي اشتهر الطبيب جون سنو «15 مارس 1813 - 16 يونيو 1858» بدراسة أسبابها وله فرضية أن المياه الملوثة، وليس الهواء، كان مصدر الكوليرا، وكان سنو أول من أثبت في القرن التاسع عشر أنه يمكن منع انتقال الكوليرا إلى حد كبير عن طريق توفير مياه الشرب النظيفة للناس.[1][2] هذا الاكتشاف أدى إلى الاهتمام بالصحة العامة وتحسين مرافق تطهير المياه ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر. في وقت لاحق استخدم مصطلح «محور العدوى» لوصف مواقع مثل مضخة برود ستريت، حيث تكون الظروف جيدة لنقل العدوى. تسببت محاولة سنو للعثور على سبب انتقال الكوليرا في إنشاء تجربة عمياء دون علمه.

الخلفية

في منتصف القرن التاسع عشر، واجهت مقاطعة سوهو في لندن مشكلة خطيرة بسبب التدفق الكبير للناس وعدم وجود خدمات صحية مناسبة، لم يصل نظام الصرف الصحي في لندن إلى سوهو. وكثرت الحظائر والمجازر وساهمت في انتشار فضلات الحيوانات والسوائل المتعفنة والملوثات الأخرى في نظام الصرف الصحي البدائي في سوهو.[3] وكان للعديد من الأقبية بالوعات تحت ألواحها الأرضية والتي تشكلت من المجاري والقذارة المتسربة إلى الخارج. وحيث أن البالوعات كانت تمتلئ وتطفح، قررت حكومة لندن التخلص من النفايات في نهر التمز، مما يساهم في تلويث مصادر المياه.[4] لندن عانت بالفعل من «سلسلة منهكة لتفشي الكوليرا».[5] وشملت هذه الفاشيات عام 1832 وعام 1849 حيث قتلت ما مجموعه 14,137 شخصا.[5]

النظريات المتنافسة حول الكوليرا

قبل ظهور وباء الكوليرا في العام 1854، أجرى الأطباء والعلماء نظريتين متنافستين حول أسباب الكوليرا في جسم الإنسان.[6] ناقش المجتمع الطبي في لندن بين نظرية ميازما ونظرية الجراثيم كسببين محتملين لتفشي الكوليرا المتواصل في المدينة. مسبب الكوليرا البكتيريا سلبية الغرام «ضمات الكوليرا» لم تكن معزولة حتى عام 1854. وهذه النتيجة لم تنشر حتى عام 1883 من قبل الطبيب الألماني روبرت كوخ.[7]

نظرية ميازما

استنتج منظرو ميازما إلى أن الكوليرا كانت ناجمة عن جسيمات في الهواء، أو «تلوث»، نشأ من مادة متحللة أو غيرها من المصادر العضوية القذرة. كان يعتقد أن جزيئات الميازما تنتقل عن طريق الهواء وتصيب الأفراد، وبالتالي تسبب الكوليرا. يعتقد الدكتور ويليام فار، المفوض المعني بإجراء الإحصاء في لندن عام 1851 وعضو في مكتب السجل العام، يعتقد أن ميازما نشأت من التربة المحيطة بنهر التايمز. والتي تحتوي على المواد العضوية المتحللة التي تحتوي على جسيمات ميازما تم إطلاقها في هواء لندن. منظرو ميازما اعتقدوا بصدق نظرية ميازما وأنها السبب في التفشي وليس النظرية الجرثومية. وفي وقت لاحق وافق ويليام فار على نظرية الدكتور سنو الجرثومية بعد صدور تقرير الدكتور سنو.[8]

نظرية الجرثومة

في المقابل، فإن نظرية الجرثومة افترضت أن السبب الرئيسي للكوليرا هو خلية جرثومية لم يتم تحديدها. وقد اقتنع سنو أن هذه الجرثومة غير المعروفة قد تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق تناول الماء. أما الطبيب جون سيمون «10 أكتوبر 1816 - 23 يوليو 1904»، أخصائي ومسؤول طبي كبير في لندن فقد وصف النظرية بأنها «غريبة».

وعلى الرغم من أن سيمون قد فهم نظرية سنو، إلا أنه شكك في علاقتها بالكوليرا.

التحقيق من قبل جون سنو

الخريطة الأصلية للطبيب جون سنو تظهر مجموعات من حالات الكوليرا «المشار إليها بالمستطيلات المكدسة» في وباء لندن عام 1854. تقع المضخة الملوثة في تقاطع برود ستريت وكامبردج ستريت «الآن شارع ليكسينغتون»، ويمر إلى شارع ليتل ويندميل.

كان تفشي برود ستريت تأثيرا وليس سببا. استنتاجات سنو لم تكن تعتمد في الغالب على تفشي برود ستريت، كما أشار إلى أنه تردد في التوصل إلى استنتاج بناء على السكان الذين فر أغلبهم من المنطقة وتوزعوا في أماكن أخرى. وكان يخشى رمي نتائج الدراسة.[9]

كان الدكتور سنو متشككا بنظرية ميازما السائدة والتي اعتبرت الأمراض مثل الكوليرا أو الموت الأسود سببها التلوث أو «الهواء الفاسد». ونظرية الجرثومة لم تنشأ في هذه المرحلة «لم ينشر لويس باستور نظريته حتى عام 1861». لم يفهم سنو الآلية التي كان المرض ينتقل بواسطتها، ولكن الأدلة دفعته إلى الاعتقاد بأن ذلك لم يكن بسبب استنشاق الهواء. شرع سنو برسم خريطة للمرض وبدأ تسجيل الحالات من منزل لآخر في كل شارع[10] واستنادا إلى نمط المرض بين السكان، استنتج سنو أن الكوليرا تنتشر بواسطة عوامل في المياه الملوثة.[11] نشر سنو نظريته لأول مرة في عام 1849.[12] في عام 1855 نشر الطبعة الثانية، بما في ذلك تحقيق أكثر تفصيلا لتأثير مصادر المياه في تفشي سوهو عام 1854.[13]

تفشي برود ستريت

في 31 آب / أغسطس عام 1854، بعد عدة موجات أخرى من التفشي التي حدثت في أماكن أخرى في المدينة، انتشر تفشي كبير للكوليرا في سوهو. وصفه الطبيب جون سنو الذي ربط التفشي بالمياه الملوثة، وصف هذا التفشي بأنه «أفظع تفشي للكوليرا وقع في المملكة.»[14]

على مدى الأيام الثلاثة التالية، توفي 127 شخصا في برود ستريت أو بالقرب منه. وخلال الأسبوع التالي، ثلاثة أرباع السكان فروا من المنطقة. وبحلول العاشر من سبتمبر، توفي 500 شخص وكان معدل الوفيات 12.8 بالمئة في بعض أجزاء المدينة. قبل نهاية التفشي، توفي 616 شخصا.

من خلال التحدث إلى السكان المحليين «بمساعدة من القس هنري وايتهيد»، حدد سنو مصدر التفشي بمضخة مياه في برود ستريت «الآن برودويك ستريت» في كامبردج.[15] على الرغم من أن الفحوص الكيميائية والمجهرية على عينة من المياه في سوهو لم تثبت بشكل قاطع أن لها خطر فإن استنتاجاته حول أنماط المرض والموت بين السكان في سوهو أقنعت سلطات سانت جيمس بتعطيل مضخة عن طريق إزالة المقبض.

على الرغم من أن هذا الإجراء قد تم الإبلاغ عنه شعبيا على أنه أنهى تفشي الوباء إلا أن الوباء قد شهد تراجعا سريعا، كما أوضح الطبيب سنو.[13]

تقييم سنو في مرحلة ما بعد التفشي

الطبيب جون سنو

امتد تحليل سنو للكوليرا وتفشي الكوليرا بعد إغلاق مضخة برود ستريت. وخلص إلى أن الكوليرا تنتقل عن طريق القناة الهضمية في جسم الإنسان وتؤثر عليه. الكوليرا لم تؤثر في الدورة الدموية أو الجهاز العصبي ولا يوجد «سم في الدم...في الحمى المتتالية يكون الدم مسموما من اليوريا في الدورة الدموية». وفقا لسنو، فإن «اليوريا» تكثر في الدم من خلال الفشل الكلوي. «الفشل الكلوي الحاد هو من مضاعفات مرض الكوليرا.»[16]

ولذلك فإن الحمى ناجمة عن الفشل الكلوي، وليس عن طريق السم الموجود في مجرى الدم. شعبية الممارسات الطبية، مثل إراقة الدماء، لن تكون فعالة في هذه الحالة. سنو أيضا قال بأن الكوليرا لم تكن نتاج ميازما. «لم يكن هناك شيء في الهواء يسبب انتشار الكوليرا». وفقا لسنو، الكوليرا تنتشر بين الأشخاص عن طريق تناول مادة ما، وليس من خلال الغلاف الجوي. واستشهد سنو بحالة اثنين من البحارة أحدهما مصاب بالكوليرا والآخر لم يكن مصابا. أصيب الثاني بالمرض عندما تناول بالخطأ من سوائل الأول.

مشاركة القس هنري وايتهيد

القس هنري وايتهيد

القس هنري وايتهيد ‏ (22 سبتمبر 1825 – 5 مارس 1896) كان مساعد الخدمة في كنيسة سانت لوقا في سوهو خلال تفشي الكوليرا عام 1854.

وكان وايتهيد مؤمنا بنظرية ميازما، وايتهيد عمل على دحض نظريات خاطئة. وكان قد تأثر بفكرة الطبيب سنو بأن الكوليرا تنتشر عن طريق استهلاك المياه الملوثة بالنفايات البشرية. أعمال الطبيب سنو، وخاصة خرائطه عن ضحايا الكوليرا في منطقة سوهو أقنعت وايتهيد بأن مضخة شارع برود ستريت كانت مصدر الإصابات المحلية. وانضم وايتهيد إلى سنو في تتبع التلوث وتوصلوا إلى بالوعة معطوبة وأشروا الحالة الفاشية «الطفل مع الكوليرا».[17]

أعمال وايتهيد مع سنو نتج عنها دراسة ديموغرافية بملاحظات علمية، مما يشكل سابقة هامة في علم الأوبئة «الدراسات الوبائية».[18]

مجلس الصحة

عقد مجلس الصحة في لندن عدة لجان منها اللجنة العلمية للتحريات التي كانت مسؤولة عن التحقيق في تفشي وباء الكوليرا. وكان على اللجنة دراسة بيئة الغلاف الجوي في لندن، وفحص عينات من المياه من عدة شركات للمياه في لندن. ووجدت اللجنة أن معظم المياه الملوثة قد جاءت من شركات المياه في جنوب لندن، ساوثوورك وفوكسهول.[19]

كجزء من لجنة العلمية للتحريات، قام ريتشارد دونداس تومسون وآرثر هيل هاسال بفحص ما أشار إليه طومسون «فيبريو». طومسون درس «الفيبريو» أو بكتريا الضمة في عينات من الهواء من مختلف عنابر الكوليرا كما تحرى هاسال عن بكتريا الضمة في عينات المياه. ولم يجزم أن هذه البكتريا هي سبب الكوليرا.

وكجزء من التحقيق في وباء الكوليرا أرسل مجلس الصحة الأطباء لدراسة ظروف حي المربع الذهبي وسكانه. مجلس الصحة في نهاية المطاف عزا الوباء إلى نظرية ميازما.

تقييم الدكتور إدوين لانكستر

كان الدكتور إدوين لانكستر ‏ (23 أبريل 1814 – 30 أكتوبر 1874) طبيبا في مجموعة البحوث المحلية التي درست وباء الكوليرا 1854. في عام 1866 لانكستر كتب عن استنتاج الطبيب جون سنو بأن المضخة نفسها هي سبب تفشي الكوليرا. وقال انه اتفق مع جون سنو في ذلك الوقت؛ ومع ذلك، لم يكن رأيه مدعوما بشكل عام. قام لانكستر في وقت لاحق بإغلاق المضخة كنتيجة لنظرية سنو وبيانات عن نمط العدوى، وانخفضت معدلات الإصابة بشكل كبير. وتم تعيين لانكستر كأول مسؤول طبي من الصحة في منطقة سانت جيمس في لندن، وهي نفس المنطقة التي تقع فيها المضخة.[20]

مضخة شارع برودويك في القرن 21

تم تركيب مضخة مماثلة في عام 1992 في نفس موقع المضخة لعام 1854. وفي كل عام تلقي جمعية جون سنو المجتمع يحمل «محاضرات مقبض المضخة» حول مواضيع الصحة العامة. حتى أغسطس 2015 عندما تمت إزالة المضخة بسبب التجديد، كما عقدت الجمعية احتفالا حيث إزالت وإعادت ربط مقبض المضخة للإشادة باكتشاف الدكتور سنو تاريخي. يتميز الموقع الأصلي التاريخي للمضخة برصيف الغرانيت الأحمر. وبالإضافة لوحات عن جون سنو في الزاوية تصف أهمية النتائج التي توصل إليها سنو في هذا الموقع.[21]

مقالات ذات صلة

المراجع

  1. "ما هو مرض الكوليرا؟" (باللغة الإنجليزية). 2017-05-24. مؤرشف من الأصل في 1 مارس 201911 يناير 2020.
  2. Eyeler, William (يوليو 2001). "The changing assessments of John Snow's and William Farr's Cholera Studies". Sozial- und Präventivmedizin. 46: 225–32. doi:10.1007/BF01593177. PMID 11582849. مؤرشف من الأصل في 09 مارس 2019.
  3. Frerichs, Ralph R. "Broad Street Pump Outbreak". www.ph.ucla.edu. مؤرشف من الأصل في 26 يناير 201924 فبراير 2017.
  4. Paneth, Nigel; Vinten-Johansen, Peter (أكتوبر 1998). "A Rivalry of Foulness: Official and Unofficial Investigations of the London Cholera Epidemic of 1854". American Journal of Public Health. 88 (10): 1545–1553. doi:10.2105/ajph.88.10.1545.
  5. "Broad Street Cholera Pump". Atlas Obscura (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 30 مارس 201924 فبراير 2017.
  6. Frerichs, Ralph R. "Competing Theories of Cholera". www.ph.ucla.edu. مؤرشف من الأصل في 18 أبريل 201905 مارس 2017.
  7. "John Snow | British physician". Encyclopedia Britannica. مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 201828 يوليو 2017.
  8. "John Snow | British physician". Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 201828 يوليو 2017.
  9. Snow, John (1855). On the Mode of Communication of Cholera. London: John Churchill. مؤرشف من الأصل في 27 يوليو 2018.
  10. علم النفس الصحي. Al Manhal. 2012-01-01.  . مؤرشف من الأصل في 04 أبريل 2020.
  11. "John Snow | British physician". Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 201824 فبراير 2017.
  12. Snow, John (1849). On the Mode of Communication of Cholera ( كتاب إلكتروني PDF ). London: John Churchill. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 30 أغسطس 2019.
  13. Snow 1855.
  14. Robert Friis. Epidemiology 101. Jones & Bartlett. صفحة 13.
  15. 51°30′48″N 0°8′12″W / 51.51333°N 0.13667°W / 51.51333; -0.13667إحداثيات: 51°30′48″N 0°8′12″W / 51.51333°N 0.13667°W / 51.51333; -0.13667إحداثيات: 51°30′48″N 0°8′12″W / 51.51333°N 0.13667°W / 51.51333; -0.13667
  16. Knobel, B.; Rudman, M.; Smetana, S. (1995-12-15). "[Acute renal failure as a complication of cholera]". Harefuah. 129 (12): 552–555, 615. ISSN 0017-7768. PMID 8682355. مؤرشف من الأصل في 22 مارس 2019.
  17. Johnson, Steven (2006). The Ghost Map: The Story of London's Most Terrifying Epidemic – and How it Changed Science, Cities and the Modern World. Riverhead Books. صفحة 206.  .
  18. Frerichs, Ralph R (11 أكتوبر 2006). "Reverend Henry Whitehead". مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 200710 ديسمبر 2007.
  19. Paneth, N; Vinten-Johansen, P; Brody, H; Rip, M (1998-10-01). "A rivalry of foulness: official and unofficial investigations of the London cholera epidemic of 1854". American Journal of Public Health. 88 (10): 1545–1553. doi:10.2105/ajph.88.10.1545. ISSN 0090-0036. PMC . PMID 9772861.
  20. Frerichs, Ralph R. "John Snow and the removal of the Broad Street pump handle". www.ph.ucla.edu. مؤرشف من الأصل في 03 أغسطس 201805 مارس 2017.
  21. "Broad Street Cholera Pump". Atlas Obscura (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 30 مارس 201905 مارس 2017.

مصادر

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :