الجليد هو الحالة الصلبة المتبلورة غير الفلزية لمادة قد تكون سائلة أو غازية في درجة حرارة الغرفة، ومن الأمثلة عليها الجليد المائي أو جليد الأمونيا. وفي اللغة الإنكليزية كلمة جليد تعني غالباً جليداً مائياً. يتكون الجليد في أي مكان في حال اجتمع وجود ماء وجو بارد، فيتحول الماء ببساطة إلى جليد. ويُمكن أن تتكون أحيانا جبال أو أنهار جليدية أو مجرد أرض متجمدة، وكثيراً ما تتجمد البحيرات (أو بالأحرى أسطح البحيرات، فبالرغم من أن طبقة سميكة من سطح البحيرة تتجمد أحياناً إلى أنه لا يُمكن أن تتجمد بحيرة بالكامل). تقريباً ثلاثة أرباع الماء العذب في العالم مُخزّن على شكل جليد، موزع بين قارة أنتركتيكا وجزيرة غرينلاند والقطب الشمالي وقمم الجبال الشاهقة وفي أماكن أخرى حول العالم[1].
المحيط المتجمد الشمالي يشغل 7% من مساحة المحيطات على الأرض. وله أهمية ضخمة مناخياً لأنه يعكس معظم الأشعة الشمسية الساقطة عليه. لكن الدلائل المُشاهدة في القطب الشمالي حالياً تدل على أنه يَرقّ ويضمحل بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. ونماذج المحاكاة الحاسوبية تدل على أن الجليد في هذا المحيط سوف يختفي تماماً خلال فصل الصيف (لكنه سوف يعود في الشتاء) بحلول الثمانينيات من هذا القرن[2].
الجليد والثلج
الفرق بين الجليد والثلج هو أن الثلج عبارة عن بلورات متجمدة كثيرة وهشة، مثل الرمال، وهذا ما يجعل تشكيله على أشكال مختلفة أمراً سهلاً. أما الجليد فهو عبارة عن جسم واحد متماسك وصلب، فالبحيرة المتجمدة مثلاً تكون عبارة عن سطح واحد قاس وكبير، أما كرة الثلج فتكون كتلة من بلورات صغيرة كثيرة. وأيضا من الفروق أن الجليد يتكون في أي جو بارد (حتى داخل الثلاجة)، أما الثلج فلا يُمكن أن يتكون إلا بشكل طبيعي في السحب ثم يسقط إلى الأرض (والأمر يعتمد على الظروف المناخية، فكثيراً ما ينصهر أو يتبخر قبل أن يصل إلى الأرض)[3].
تشكلات الجليد
الأنهار الجليدية
- مقالة مفصلة: نهر جليدي
الأنهار الجليدية أو المثالج هي عبارة عن أنهار من الكتل الجليدية تتحرك ببطء شديد من الجبال الشاهقة أو في المناطق القطبية، حيث يتشكل الثلج ومن ثم يُصبح جليداً بسبب درجات الحرارة الشديدة الانخفاض. يبدأ تكون الأنهار الجليدية عندما تهطل ثلوج كثيرة في الشتاء بكميات أكبر من أن تذوب خلال الصيف. فيبدأ الثلج بالتراكم على شكل طبقات، وبسبب تزايد وزن الطبقات العليا تبدأ البلورات الثلجية في الطبقات السفلى بالاندماج مع بعضها. وتدريجياً يبدأ حجمها بالتزايد حتى تتحول إلى كتل جليدية سميكة، تبدأ بالتحرك بتأثير من ضغط وزن الكتل الأخرى الهائل (وغالباً ما تكون قوة الجاذبية هي المساهم الأكبر في تحرك الأنهار الجليدية، حيث تتدفق الأنهار من مناطق عالية إلى أخرى أكثر انخفاضاً). تتحرك الأنهار الجليدية ببطء شديد، حيث تسير معظمها مسافة أقل من 30 سنتيمتراً في اليوم. ولكن بالرغم من ذلك تتحرك أحياناً بعض الأنهار بسرعة أكبر لبضعة سنوات، فبعضها يتحرك خلال فترات لأكثر من 15 متراً في اليوم.
الجبال الجليدية
- مقالة مفصلة: جبل جليدي
تتكوّن الجبال الجليدية عندما تنفصل كتل جليدية كبيرة في نهاية نهر جليدي (مثلجة) يصب في بحر مفتوح، فتعوم وتنجرف في البحر حتى تذوب بعد ذلك بمدة. الجزء الذي يكون فوق الماء من الجبال الجليدية يتراوح بين سبعها وعشرها، وهذا الجزء منها يذوب بسرعة بسبب تعرضه لضوء الشمس. بينما يبقى الجزء السفلي منها تحت الماء لمدة أطول بكثير قبل أن يذوب. وهذا الجزء يُشكل تهديدا كبيراً للسفن لعدم إمكانية رؤيته، فيُمكن أن يُسبب اصطدام السفينة بجبل جليدي غرقها كما حدث مع سفينة التايتنك الشهيرة. ومنذ حادثة غرق التايتنك أصبحت هناك العديد من الدوريات المتخصصة بمراقبة الجبال الجليدية وإعطاء تقارير وتنبيهات عنها للسفن المُبحرة في المنطقة.
البَرَد
- مقالة مفصلة: برد (هطول)
البَرَد هو عبارة عن حُبيبات جليدية يتراوح حجمها عموما بين حجم حبة البازلاء والبرتقالة، ويبلغ متوسط قطرها 2.5 سم. يكون البرد في البداية عبارة عن قطرات مطر في السحب، تبدأ هذه القطرات بالتجمد مُشكلة ما يُعرف بـ"جنين البرد". ويتحرك هذا الجنين مع الرياح بين السحب وينمو، حيث أنه عندما تلامس قطرات مطر غير متجمدة حرارتها تحت درجة الصفر المئوية جنين البرد تتجمد وتندمج معه. تظل حبيبات البرد هذه في السحب طالما بقيت ضمن تيار هوائي صاعد للأعلى أو بقي وزنها خفيفاً بحيث يستطيع التيار حملها، لكن إن ثقل وزنها أو خرجت عن التيار فحينها سوف تسقط إلى الأرض. وتُسبب حبات البَرَد أضرارا للمزروعات والسيارات وغيرها حين تهطل[4].
الجليد الخليط
الجليد الخليط (Jumble ice) عبارة عن ظاهرة تحدث عندما يكون الجليد فوق أو في أعلى النهر أو أعلى أي جسم متدفق آخر من كسور المياه وذلك بسبب اختلاف معدلات التدفق تحت الجليد . على بحيرة أو بركة أو أي هيئة ثابتة أخرى من الماء، فإن الجليد يتكون من دون عوائق وعامة لا يتحرك طالما يكون سطح المياه الكامل متجمدا . فعندما يتجمد النهر ، فإن تدفق المياه عادة ما يستمر تحت الجليد ممارسا ضغوطاً عليه . وإذا تكسر أو تجزأ الجليد، فإن قطع من الجليد الممزق المحرر بواسطة تيارات النهر سوف تصطدم مع قطع ثابتة أو متحركة ببطء . وبعدما يصبح عالقاً في مكان ما، فإن الأجزاء الخفيفة من الجليد يعاد تجمدها بصورة غير منتظمة مما يتسبب في تكون سطح خشن أو مختلط .
بشكل عام، كلما زادت سرعة تدفق المياه تحت الجليد، كلما زاد ذلك ترجيح تكون الجليد الخليط . وأيضا درجات الحرارة القريبة من نقطة التجمد تميل إلى تكوين الجليد المختلط، وذلك لأن درجات الحرارةالأعلى تُضعف التكوينات الجليدية مما يسمح للمزيد من القطع أو الأجزاء لكي تتجول بشكل حر قبل إعادة تجمدها . نهر يوكون في ولاية ألاسكا غالبا ما يظهر الجليد الخليط أثناء فصل الشتاء .
يعتبر الجليد الخليط خطر على المسافرين شتاءً وذلك لأن الأرض المكسورة التي تتشكل عن طريق الجليد الخليط يمكن أن تتسبب في حوادث لآلات التزحلق على الجليد أو إصابات للكلاب الزلاجة .
الجليد في النظام الشمسي
يتركز الجليد على الأرض في قطبيها، لكنه مع ذلك ينتشر في أماكن كثيرة فيها خاصة في الأماكن المرتفعة. وهو لا يُوجد على الأرض فقط، بل هو موجود أيضاً في أماكن كثيرة في النظام الشمسي. ففي عام 2009 اكتشف أن الجليد متواجد على القمر، حيث أن هناك فوهات عميقة جداً على سطح القمر بحيث لا يستطيع ضوء الشمس الوصول إليها أبداً. ولذلك فتكون درجة الحرارة منخفضة جداً فيها بحيث تسمح ببقاء الجليد في حالته الصلبة (والذي أتى على الأرجح من المذنبات والنيازك التي اصطدمت بالقمر). وحتى على عطارد، أقرب الكواكب إلى الشمس والذي تصل درجة الحرارة فيه أحياناً إلى 800ْ مئوية يوجد جليد. وهو كما في القمر، يوجد في قعر الفوهات العميقة التي لا يصل إليها ضوء الشمس. وفي بعض هذه الفوهات تصل درجة الحرارة إلى 300ْ مئوية تحت الصفر، مما يجعل الجليد يُحفظ جيداً بالحالة الصلبة.
أما على المريخ فيوجد قطبان متجمدان كما هي الحال على الأرض، ولذلك فهو يحتوي على كميات ضخمة من الجليد. وغير القطبين، يُعتقد أنه تحت سطح المريخ بأقل من متر توجد طبقة كاملة من الجليد. وقد اكتشف الجليد فعلاً في عدة أماكن على المريخ. وأيضا سطح قمر المشتري أوروبا يتكون من الجليد. ويُعتقد أن طبقة الجليد التي تغطي سطحه يبلغ سمكها كيلومتراً في أرق أمكانها. ويُعتقد أيضا أنه يوجد بحر دافئ من المياه ربما يحوي بعض أشكال الحياة تحت هذه الطبقة.
أما في النظام الشمسي الخارجي، فمعظم الأجرام هي عبارة عن جليد أساساً (بالرغم من أنه ليس بالضرورة جليد ماء). ففي درجة الحرارة شديدة الانخفاض على أطراف النظام الشمسي يُمكن للجليد أن يُحفظ في الحالة الصلبة، لكن تلك الأجرام سوف تنصهر وتتبخر على الفور إذا ما اقتربت من الشمس. وهذا الأمر يَنطبق على أجرام حزام كويبر وسحابة أورت. ونتيجة لهذا فإن المذنبات (والتي تأتي من سحابة أورت، مصدر المذنبات في النظام الشمسي) تملك ذيولاً خلفها دائما، لأنها أجرام جليدية، فعندما تقترب من الشمس وتبدأ درجة الحرارة حولها بالارتفاع تبدأ في الانصهار مُشكّلة ذيولاً خلفها وهي ما يميزها عن الكويكبات. ويُعتقد أن هذه المذنبات التي تاتي من أطراف النظام الشمسي هي مصدر الجليد على الأرض وغيرها من أجرام النظام الشمسي. وهذه المذنبات جليدية لأن القرص الكوكبي الذي تشكلت منه كان يتألف بشكل رئيسي من الجليد.
انظر أيضاً
المراجع
- الجليد تاريخ الولوج 10 أبريل 2010 نسخة محفوظة 06 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
- المحيط المتجمد الشمالي تاريخ الولوج 10 أبريل 2010 نسخة محفوظة 18 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- الفرق بين الجليد والثلج تاريخ الولوج 10 أبريل 2010
- "الموسوعة العربية العالمية" - الطبعة الثانية (1999م)، لـ"مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع"