رسوم ترامب الجمركيّة هي سلسلة من الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة رئاسة دونالد ترامب ضمن خطته الاقتصادية «أمريكا أولًا» وذلك لتخفيض العجز في الميزان التجاري عبر تحويل السياسة التجارية الأمريكية من اتفاقيات التجارة الحرّة متعددة الأطراف إلى صفقات تجارية ثنائية. في يناير 2018، فرض ترامب رسومًا جمركيّة على اللوحات الضوئية الجهدية والغسالات تراوحت من 30 إلى 50%.[1] في مارس 2018، فرض رسومًا جمركية على واردات الصُلب (25%) والألومنيوم (10%) من جميع الدول تقريبًا،[2][3] وهو ما شمل نسبة تقدّر بـ4.1% من واردات الولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لمورغان ستانلي. في 1 يونيو 2018، وُسّعت الرسوم الجمركية لتشملَ دول الاتحاد الأوربي، وكندا، والمكسيك.[4] على صعيد متصل، وضعت إدارة ترامب وزادت من الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة من الصين، الأمر الذي أدى إلى حرب تجارية.[5]
أثارت الرسوم الجمركية المفروضة غضب الشركاء التجاريين، الذين ردّوا بفرضِ رسومٍ جمركيّة ثأريّة على البضائع الأمريكية.[6] في يونيو 2018، خطّطت الهند لتعويض العقوبات التجارية البالغة 241 مليون دولار على ما قيمته 1.2 مليار دولار من الصلب والألومنيوم الهندي،[7] ولكن المحادثات أخّرت تطبيق هذه الخطة حتى يونيو 2019 إذ فرضت الهند رسومًا جمركية ثأريّة على ما قيمته 240 مليون دولار من المنتجات الأمريكية.[8] فرضت كندا تعريفات جمركية ثأرية مثليّة في 1 يونيو 2018.[9][10] كما فرضت الصين تعريفات جمركية ثأرية تبلغ 34 مليار دولار وهي نفس قيمة الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة عليها. عبّرت بعض البلدان الأخرى، أستراليا مثلًا، عن قلقها من عواقب الحرب التجارية بين الصين وأمريكا.[11] في يوليو 2018، أعلنت إدارة ترامب أنها ستنفّذ برنامجًا اقتصاديًّا شبيهًا بفترة الكساد الكبير، شركة ائتمان السلع، لتدفع لمزارعيها مبالغ تصل إلى 12 مليار دولار.[12] يهدف برنامج المساعدة الحكومية هذا إلى تعويض العجز بما أن المزارعين يفقدون أسواقهم الخارجية نظرًا للحرب التجارية والرسوم الجمركية الثأرية المفروضة عليهم في الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى.[13]
تميّزت الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، والتي بدأها ترامب بفرض الرسوم الجمركية في 2018، تميّزت بمحادثات تجارية تنتهي دون اتفاقيات ورسومٍ جمركيّة متكررة ومتصاعدة تُفرض مِن الطرفين. أثر هذا النزاع التجاري بشكل سلبي على المصنّعين والمزارعين الأمريكيين، ونتيجةً لذلك خصصت إدارة ترامب مليارات الدولارات لبرامج المساعدة الزراعية.
نجحت المفاوضات بخصوص الرسوم الجمركية في أمريكا الشمالية، إذ رفعت الولايات المتحدة الأمريكية الرسوم الجمركية عن الصلب والألومنيوم من كندا والمكسيك في 20 مايو 2019، وانضمّتا إلى أستراليا والأرجنتين وهما الدولتين الوحيدتين اللتين لم تُفرض عليهما الرسوم الجمركية.[14][15] على أي حال، في 30 مايو، أعلن ترامب من طرف واحد أنه سيفرض رسومًا جمركية بنسبة 5% على جميع الواردات من المكسيك ابتداءً مِن 10 يونيو، لترتفع الرسوم الجمركية إلى 10% بحلول 1 يوليو، و5% في كل شهرٍ لمدة 3 شهور، «حتى يحلّ الوقت الذي يتوقف فيه تدفّق اللاجئين غير الشرعيين من المكسيك إلى بلدنا»، مُضيفًا بذلك بند الهجرة غير الشرعية إلى شروط المفاوضات على الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والمكسيك. اعتُبرت هذه الحركة كتهديد لاعتماد اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا، وهي الاتفاقية التي جاءت لتحلّ محلّ اتفاقية التجارة الحرة ل شمال أمريكا -نافتا. تم تلافي الرسوم الجمركية في 7 يونيو.[16]
أظهر تحليلٌ أجرته شبكة سي إن بي سي الأمريكية في مايو 2019 أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب كانت مساويةً لأكبر زيادات الضرائب في الولايات المتحدة لعدة عقود. كما وجدت دراسات أن رسوم ترامب الجمركية سبّبت في تقليل الدخل الحقيقي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتركت أثرًا سلبيًّا على الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.[17][18]
الخلفية
تبنّى ترامب أراءه المتعلقة بالأزمات التجارية في ثمانينات القرن العشرين، وذكر أن اليابان وغيرها من الدول كانت تستغل الولايات المتحدة. خلال حملته الانتخابية في العام 2016، عبّر ترامب بشكل متكرر عن تفضيله لمقترحات السياسة التي تُعيد التفاوض على الاتفاقيات التجارية لصالح الولايات المتحدة. خلال اجتماع مع هيئة تحرير النيويورك تايمز في يناير 2016، قال ترامب بأنه سيفرض رسومًا على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 45%. كما انتقد ترامب مرارًا اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا وسمّاها «أسوأ صفقة تجارية وقعت عليها الولايات المتحدة».[19] ووصف الشراكة العابرة للمحيط الأطلسي بأنها «ضربة قاضية للصناعة الأمريكية» وقال بأنها «تمنح الأولوية لمصالح الدول الأجنبية على حساب مصالحنا الخاصة».[20]
السياسة
في 21 نوفمبر 2016، طرح ترامب في رسالة فيديو استراتيجية اقتصادية «تضع أمريكا أولًا»، وذكر بأنه سيعيد التفاوض على «اتفاقيات تجارية منصفة وثنائية ستخلق فرص عمل وصناعة أكبر على أرض أمريكا». في 23 يناير 2017، وبعد 3 أيام من تنصيبه رئيسًا، سحب ترامب الولايات المتحدة الأمريكية من الشراكة العابرة للمحيط الأطلسي، لاعتقاده أن تلك الاتفاقية «تقوّض» الاقتصاد والسيادة الأمريكية.[21][22]
عبّر ترامب كذلك عن رغبته في إنهاء اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا مع كندا والمكسيك. أعادت إدارته التفاوض على بنود الاتفاقية. هدد ترامب بأنه سينسحب من الاتفاقية في حال لم تنجح المفاوضات. انتقد ترامب بشكل محدد شركة فورد موتور، وشركة كارير، ومجموعة موندليز الدولية بسبب إجرائها عملياتها الصناعية في المكسيك.[23][24] في أغسطس 2015، وردًا على إعلان منتِج بسكويت أوريو، مجموعة موندليز الدولية، نقل صناعتها إلى المكسيك، قال ترامب بأنه سيقاطع بسكويت أوريو. تزيد الاتفاقية الجديدة من نسبة الأجزاء والتصنيع التي يجب أن تُنجز في أمريكا الشمالية للسيارات المحلية، وتحدد نسبة الأجر الأدنى لبعض العاملين على قطع السيارات، وتوسّع أسواق منتجات مشتقات الألبان الأمريكية في كندا.[25]
على غرار هذا الموقف من اتفاقيات التجارة، وضمن بنود «العهد مع الناخب الأمريكي»، تعّهد ترامب بفرض رسوم جمركية لتثبيط الشركات من فصل العمال أو الانتقال إلى بلدان أخرى، عبر «قانون حظر الانتقال الخارجي». لم يُقدم مشروع قانون مثل هذا للكونجرس ليُناقش،[26][27] ولكن ترامب فرض رسومًا جمركية على اللوحات الضوئية الجهدية، والغسالات، والصُلب، والألومنيوم. يقع تنفيذ هذه الرسومات الجمركية بشكل رئيسي ضمن مجال صلاحيات وزارة التجارة ومكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.
تعهد ترامب مرارًا وتكرارًا بخفض عجز الميزان التجاري في أمريكا، ونادى بإعادة التفاوض على بنود الاتفاقيات التجارية وفرض الرسوم الجمركية في سبيل تحقيق ذلك. رغم هذه الجهود، استمرّ العجز التجاري بالارتفاع خلال العام 2018.[28][29]
في نوفمبر 2018، زعم ترامب أن الرسوم الجمركية التي فرضها قد أغنت الولايات المتحدة. وقال بأن الولايات المتحدة كانت تكسب «مليارات الدولارات» من «الرسوم الجمركية المفروضة على الصين». وأضاف بأنه «في حال لم ترغب الشركات بدفع الرسوم الجمركية، فعليها أن تبني مقراتها في الولايات المتحدة. وإلا، فلنستمرّ في إغناء بلدنا بدرجة لم تبلغها سابقًا!» يصف متقصّو الحقائق وخبراء الاقتصاد مزاعم ترامب بأنها باطلة، وكتبت الأسوشيتد برس «ثمة شبه إجماع بين الاقتصاديين أن الرئيس على خطأ. وهذا لأن الرسوم الجمركية إنما هي ضرائب على الواردات. وهي تسبب ارتفاعًا في الأسعار، وانخفاضًا في التبادل التجاري بين الدول، ونتيجةً لذلك تسبب الضرر للنموّ الاقتصادي ككلّ».[30][31]
المراجع
- Gonzales, Richard (January 22, 2018). "Trump Slaps Tariffs On Imported Solar Panels and Washing Machines". NPR. مؤرشف من الأصل في 21 أكتوبر 2019.
- Horsley, Scott (March 8, 2018). "Trump Formally Orders Tariffs on Steel, Aluminum Imports". NPR. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019.
- Long, Heather (May 31, 2018). "Trump has officially put more tariffs on U.S. allies than on China". The Washington Post. مؤرشف من الأصل في 6 ديسمبر 2019.
- Chance, David (March 5, 2018). "Trump's trade tariffs: Long on rhetoric, short on impact?". Reuters. مؤرشف من الأصل في 23 سبتمبر 2019.
- https://www.facebook.com/danielle.paquette.58; https://www.facebook.com/emilyrauhala?fref=ts. "As Trump's trade war starts, China retaliates with comparable tariffs of its own". Washington Post (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 5 ديسمبر 201906 يوليو 2018.
- "US tariffs a dangerous game, says EU". بي بي سي نيوز. June 1, 2018. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019.
- "India moves ahead with tariffs on US goods". سي إن إن. June 17, 2018. مؤرشف من الأصل في 8 ديسمبر 2019.
- "India imposing increased, retaliatory tariffs on US exports including apples, almonds". USA Today. 16 June 2019. مؤرشف من الأصل في 28 ديسمبر 2019.
- Kate Rooney, Canada makes retaliatory tariffs official: 'We will not back down', CNBC (June 29, 2018). نسخة محفوظة 16 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Daniel Wolfe, The full list of 229 US products targeted by Canada's retaliatory tariffs, Quartz (June 29, 2018). نسخة محفوظة 4 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Lawder, David. "Trump sets tariffs on $50 billion in Chinese goods; Beijing strikes ..." U.S. (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 201916 سبتمبر 2018.
- "Australia vulnerable to 'full-blown trade war' as US-China tension deepens". The Age. June 16, 2018. مؤرشف من الأصل في 13 سبتمبر 2019.
- "Trump wants $12 billion in aid to U.S. farmers suffering from trade war". Reuters. July 25, 2018. مؤرشف من الأصل في 7 سبتمبر 201925 يوليو 2018.
- "Australia exempted from US tariffs on steel and aluminium". SBS News (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 13 مايو 201916 سبتمبر 2018.
- "US reaches deal to lift steel and aluminum tariffs on Canada and Mexico". CNBC. 17 May 2019. مؤرشف من الأصل في 24 أغسطس 2019.
- "Trump claims he's reached deal with Mexico". Axios. 7 June 2019. مؤرشف من الأصل في 23 سبتمبر 201908 يونيو 2019.
- Flaaen, Aaron B; Hortaçsu, Ali; Tintelnot, Felix (2019). "The Production Relocation and Price Effects of U.S. Trade Policy: The Case of Washing Machines". NBER Working Paper Series. doi:10.3386/w25767. Working Paper 25767. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019.
- Amiti, Mary; Redding, Stephen J.; Weinstein, David E. (2019). "The Impact of the 2018 Tariffs on Prices and Welfare". Journal of Economic Perspectives. 33 (Fall 2019): 187–210. doi:10.1257/jep.33.4.187.
- "Donald Trump Says NAFTA Was the Worst Trade Deal the U.S. Ever Signed". مجلة فورتشن. مؤرشف من الأصل في 31 أكتوبر 201920 مارس 2018.
- "Read Donald Trump's Speech on Trade". Time (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 27 نوفمبر 201921 مارس 2018.
- "TPP's Death Won't Help the American Middle Class". The Atlantic. November 15, 2016. مؤرشف من الأصل في 14 سبتمبر 201922 يناير 2017.
- "Presidential Memorandum Regarding Withdrawal of the United States from the Trans-Pacific Partnership Negotiations and Agreement". Presidential Memoranda. The White House. January 23, 2017. مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2017March 2, 2018.
- Needham, Vicki (July 24, 2016). "Trump suggests leaving WTO over import tax proposal". مؤرشف من الأصل في 6 ديسمبر 201924 يوليو 2016.
- Daly, Michael (August 8, 2015). "Donald Trump Won't Eat Oreos Because They're Too Mexican Now". Daily Beast. مؤرشف من الأصل في 29 مايو 2017April 9, 2016.
- Schoen, John W. (October 1, 2018). "New Trump trade deal leaves NAFTA largely intact". www.cnbc.com. مؤرشف من الأصل في 25 سبتمبر 2019.
- "Search Bills in Congress—GovTrack.us". GovTrack.us (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 03 يناير 202027 مارس 2018.
- "Trump's talk big, act small White House". Axios (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 24 سبتمبر 201927 مارس 2018.
- Partington, Richard (2018-06-19). "Why is Donald Trump threatening more tariffs—and what next?". The Guardian (باللغة الإنجليزية). ISSN 0261-3077. مؤرشف من الأصل في 16 أغسطس 201923 ديسمبر 2018.
- "Why the trade deficit is getting bigger—despite all of Trump's promises". The Washington Post. 2018. مؤرشف من الأصل في 30 ديسمبر 2019.
- Tankersley, Jim (2018-11-29). "How Tariffs Work, and Why China Won't See a Bill". The New York Times (باللغة الإنجليزية). ISSN 0362-4331. مؤرشف من الأصل في 3 يناير 202023 ديسمبر 2018.
- "AP FACT CHECK: Economists say Trump off on tariffs' impact". Boston.com (باللغة الإنجليزية). 2018-12-05. مؤرشف من الأصل في 13 مايو 201923 ديسمبر 2018.