سلاح الفرسان هو سلاح قديم كان يستخدم في العصور القديمة وحتى البضعة قرون الأخيرة، وهو عبارة عن فرقة من الفرسان تُشكل جزءاً من الجيش. وتاريخياً كان يُقسم سلاح الفرسان إلى قسمين: "سلاح الفرسان الخفيف" و"سلاح الفرسان الثقيل" (أو بالأحرى "المدرّع")، والفرق بينهما هو مقدار تدريع وتسليح الفارس. بحلول القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ظهور حرفة صهر المعادن لصنع الأسلحة أعطى المشاة الأفضلية. كانت القبائل البدوية في آسيا هي أول من استخدم سلاح الفرسان، وقد كانت تستخدمه في مهمام المراقبة والاستطلاع ومطاردة فلول الأعداء الهاربين. وباستنثاءات قليلة بقي سلاح المشاة متوفقاً على سلاح الفرسان في أوروبا حتى بدأ سلاح الفرسان الخفيف بالاعتماد على الرماة.[1].
ولقد استخدمه الهكسوس في غزو مصر في عصر المملكة المتوسطة عندم تم إهمال تحصين الحدود الشمالية الشرقية وحكموا مصر من 1730 إلى 1570 ق.م. وشكلوا الأسر 15و16و17 وكانت عاصمتهم أفاريس. وفي العصور القديمة لم يستخدم الفرسان الركاب (قطعة حديدية تُثبّت على الحِصان يُدخل الفارس قدمه فيها لتثبيتها، وأيضاً يستخدمها كدرج أثناء الركوب على الحصان) ولكنهم كانوا يستخدمون اللجام، وأيضاً لم يستخدموا السرج وحتى لم يَضعوا بدلاً منه قطع قماش أو جلد[2].
في العصور الوُسطى كان سلاح الفرسان هاماً جدا وأساسياً في الجيش في أوروبا، وقد كان يُعد رمزاً للبسالة والشجاعة والشرف وكان يَهتم الناس بمشاهدته.
البدايات
تُظهر الأدوات والنقوش التي اكتشفت في الهند ،فارس ،آشور ومصر والتي تعود إلى العصر الحجري إن سكان هذه المناطق كانوا يروضون الأحصنة آنذاك. وقد كان الصينيون في عهد الإمبراطور هوانغ-تي (2637 ق.م) يَضعون سلاح الفرسان على جناحي الجيش. وكان الإغريق والرومان فرساناً ماهرين، وهذا مما جعل الرومان يؤسسون واحدة من أقوى الإمبراطوريات القديمة وأكبرها على الإطلاق[1].
النوميد
- مقالة مفصلة: الخيالة النوميد
قال مونتسكيو في شأن المقارنة بين خيالة قرطاج وروما قائلا:
”تفوقت قرطاج على روما تفوقاً واضحاً في مجال الخيالة، وذلك لسببين: أولاً جودة خيول نوميديا وإسبانيا مقارنة بخيول إيطاليا. ثانياً رداءة سلاح فرسان الرومان “.
أما فرونسوا دوكريه فقال عن فرسان نوميديا في جيش قرطاج:
”ويجب أن نشير أيضًا إلى الأهمية التي كان يحتلها الفرسان النوميديون في جيوش قرطاجة وبخاصة بدءً من القرن الثالث قبل الميلاد. كانوا كما كتب تيت ليف أفضل فرسان افريقيا وهم يمتطون خيولهم الصغيرة العصبية. وفي المعارك كانت تدخلاتهم حاسمة في بعض الأحيان، وكان معظم الآلاف الستة من النوميديين على وجه التحديد. وليس من العبث تشبيه دورهم ببون القوزاق في الجيوش الروسية في العصور الأخيرة ”
وهذا كله لما عظمة والدور المحوري التي لعبه النوميد في الجانب القرطاجي في الحروب البونيقية، حتى أن المؤرخ تيت ليف وصف جيش حنبعل بالنوميد لأنهم كانوا لُبَ جيشه في "معركة تريبيا" التي كانت محسومة للطرف القرطاجي في الحرب البونيقية الثانية.
بالنسبة للباقي، انزعج الرومان باستمرار في أحيائهم الشتوية من قبل سلاح الفرسان النوميديين الذين جابوا جميع الجهات، أو من قبل السلتيبيريين واللوسيتانيون، إلى الأماكن التي وجد فيها الفرسان العديد من العقبات. تم اعتراض جميع الإمدادات، باستثناء القادمين من pô (نهر يقع في شماليِّ إيطاليا) على متن القوارب.
كما يجدر أن أضيف ما قاله مونتسكيو عن سبب انتصار حنبعل:
” حقق هنبيعل أكبر انتصاراته بواسطة حلفائه فرسان نوميديا ”
كما كانت كتائب الفرسان النوميدية أقوى ورقة عسكرية تنازعت روما وقرطاج عليها في "الحروب البونيقية" ابتغاء كسبها حليفةً، حيث استعملها حنبعل في زحفه إلى روما وقطع جبال الألب وخسر أول حرب له في معركة زاما لما تغير ولاء النوميد (بقيادة ماسينيسا) لروما بعد خيانة قرطاج لماسينيسا وتحريض صدربعل برقة لسيفاكس على ماسينيسا لما رأى قوته تتعاظم لاسيما أنه رآها في إسبانيا لما كان ولاؤه لصالح قرطاج.
وأختمها بما قال المؤرخ الروماني (تيت ليف) عن خيالة النوميد:
" دون ازدراءٍ للأمم الأخرى، جُند النوميديين خاصة: هم أفضل خيالة (فرسان) في إفريقيا "
الآشوريون
تمتد جذور سلاح الفرسان للدولة الآشورية التي تعتبر أول من استخدمت العربة كسلاح حربي بعد أن تم تدريعها وتزويدها بزوائد حديدية حادة. تكون العربة الحربية على شكل عربة صغيرة تتسع لشخصين ومصنوعة من الخشب ولها عجلتان. يجرها حصان أو اثنان ويجلس فيها فارس أو اثنان، أحدهما يحرك العجلة عن طريق الخيل والآخر يُطلق السهام.
آسيا الوسطى
تُعدّ الشيونغنو والغوكتورك وآفار أوراسيا والقفجاق والمنغوليين والقوزاقيين والترك المختلفين جميعُها أمثلة على مجموعات فرسان تمكنت من كسب نجاحات مهمة في الصراعات العسكرية مع المجتمعات الزراعية المستقرة والمجتمعات الحضرية نظرًا لحركيّتها التكتيكية والاستراتيجية. عندما بدأت الدول الأوروبية تأخذ شخصية الدول القومية البيروقراطية التي تدعم الجيوش الدائمة المهنية، جرى توظيف هؤلاء المحاربين الفرسان من أجل تأدية الأدوار الاستراتيجية ككشافة ومهاجمين.
كان أفضل مثال معروف عن التوظيف المستمر للمساعدين الفرسان القبليين هو أفواج سلاح فرسان القوزاق في الإمبراطورية الروسية. في شرق أوروبا، وروسيا، وخارج ذلك في السهوب بقي سلاح الفرسان مهمًا لفترة أطول بكثير وسيطر على مشهد الحرب حتى بداية القرن السابع عشر وحتى بعد ذلك، عندما كانت الحركية الاستراتيجية لسلاح الفرسان بالغة الأهمية لحياة الرعاة أشباه البدو التي كانت تتبعها الكثير من الثقافات البدوية. كان لسكان البت أيضًا حرب فرسان تقليدية، وذلك في العديد من الاشتباكات العسكرية مع سلالة تانغ الحاكمة للصين.
العرب
استخدم النبي الإسلامي محمد سلاح الفرسان في العديد من حملاته العسكرية بما فيها غزوة ذي قرد وسرية زيد بن حارثة إلى العيص[3] والتي حدثت في سبتمبر 627 ميلادي أي الشهر الخامس من السنة 6 هجري بحسب التقويم الإسلامي.[4]
تكوّنت أولى قوات الفرسان العربية المنظمة بقيادة الخلفاء الراشدين من سلاح فرسان خفيف مُسلّح بالرمح والسيف. كان دوره الأساسي مهاجمة أجنحة ومؤخرة جيش الأعداء. وقد شكلت أكثر عناصر الجيوش الإسلامية فاعلية خلال المراحل اللاحقة من الغزو الإسلامي للبلاد الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط. كُشِف أفضل استخدام لسلاح الفرسان خفيف التسليح سريع الحركة هذا في معركة اليرموك (636 ميلادي) حيث استخدمه خالد بن الوليد -والذي كان يعرف مهارات فرسانه- لقلب الطاولة في مرحلة مهمة من المعركة مستفيدًا من قدرتهم على الاشتباك وفض الاشتباك ثم الاستدارة والمهاجمة مرة أخرى من الأجنحة أو المؤخرة. شكّل خالد بن الوليد سلاح فرسان قويًا تضمن محاربين خبراء في الحملات على العراق وسوريا. أعطى المؤرخون الإسلاميون الأوائل لسلاح الفرسان هذا لقب «متحرك الطليعة» أو الحرس المتحرك. كان يستخدم كحرس متقدم وقوة هجومية قوية لمحاصرة جيش العدو بحركيته الكبيرة التي أعطته الأفضلية في المناورة ضد الجيش البيزنطي. سهّلت القوة المتحركة المهاجمة هذه غزو سوريا.[5]
كانت معركة نهر طلاس عام 751 ميلادي صراعًا بين خلفاء الدولة العباسية وسلالة تانغ الحاكمة للصين من أجل السيطرة على آسيا الوسطى. حاصر سلاح الفرسان العربي جند المشاة الصينيين قرب ضفة نهر طلاس.
في وقت لاحق، دُرِب المماليك كجنود لسلاح الفرسان. اتبع المماليك قواعد الفروسية،[6] وهي كلمة تتضمن قيمًا مثل الشجاعة والكرم، بالإضافة إلى تعاليم تكتيكات سلاح الفرسان وركوب الخيل والرماية وعلاج الجرحى.
استخدام سلاح الفرسان
في أوروبا
استخدم سلاح الفرسان كوحدات عسكرية كبيرة لأول مرة في أوروبا في القرن الثالث ق.م، حيث استخدمه الملك المقدوني فيليب الثاني ضد بعض أعدائه في الحرب المقدسة الثالثة. وقد بدأ سلاح الفرسان في أوروبا يُصبح أكثر أهمية في القرن الثالث الميلادي، حيث أصبح جزءاً أساسياً من الجيش الروماني. وقد ظهر السرج في أوروبا في القرن الرابع الميلادي والركاب في القرن الثامن[1].
طالع أيضا
- الخيالة النوميد
- فرسان الإسبتارية
- فرسان الهيكل
- فرسان مالطة
- فرسان تيوتون
- فرسان الأرض
- فرسان الرباط
- فرسان روسيا
مقالات ذات صلة
المراجع
- تاريخ سلاح الفرسان تاريخ الولوج 29 مارس 2010 نسخة محفوظة 12 فبراير 2010 على موقع واي باك مشين.
- كتاب "أطلس تاريخ العرب والعالم"، لـ"د.سيف الدين".
- Mubarakpuri, The Sealed Nectar, p. 231. (online) نسخة محفوظة 22 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- Hawarey, Dr. Mosab (2010). The Journey of Prophecy; Days of Peace and War (Arabic). Islamic Book Trust. . مؤرشف من الأصل في 16 فبراير 2020.
- p. 239, Muir
- tradition of al-furusiyya is defined by principles of horsemanship, chivalry, and the mutual dependence of the rider and the horse