قانون "أملاك الغائبين" (بالعبريّة: חוק נכסי נפקדים) هو قانون سُنّ في الـعشرين من مارس\آذار 1950 ويُعرّف كلّ من هُجّر أو نزح أو ترك حدود فلسطين المحتلّة حتّى تشرين ثاني من عام 1947، من أيّ سبب كان وبالذات بسبب حرب الاحتلال، على أنّه غائب. هذا التعريف يخوّل للسلطات الإسرائيليّة و"القيّم" على أملاك الغائبين بالاستيلاء على أملاك المهجّرين الفلسطينيين. [1] هذا القانون استبدل "إجراءات الطوارئ" الّتي نظّمت الأمور منذ الاحتلال عام 1948 وحتّى 1950.[2]
هدف القانون إلى منع عودة أي من المهجّرين العرب إلى الأراضي أو الممتلكات الّتي تركها قبيل حرب الاحتلال أو أثناءها أو بعدها.
ما قبل القانون
اُتّخذت عدّة إجراءات لاستيلاء أملاك الفلسطينيين بين أعوام 1948 و1950 حتّى إصدار القانون[3]:
- في آذار 1948 أقامت الهاغاناه لجنة "الأملاك العربيّة في القرى"
- في نيسان 1948 بعد احتلال حيفا عُيّن قيّم عام على أملاك العرب في الشمال
- في أيّار عام 1948 بعد احتلال يافا عُيّن قيّم آخر فيها
- لاحقًا أُنشئت دائرة باسم "دائرة أملاك العرب" وكانت مهمّتها مراقبّة الاملاك العربيّة الّتي تسيطر القوّات الإسرائيليّة عليها
- في تمّوز 1948 عُيّن قيّم عام على كافّة أملاك الغائبين (وهو القيّم العامّ الأوّل)
- في كانون الأول 1948 أُصدرت أوّل مجموعة أنظمة تُرتّب أملاك الغائبين
- في حزيران وأيلول وتشرين الثاني وكانون الأوّل من عام 1949 أُصدرت عدّة قوانين تحدّد مفعول الأنظمة السابقة
سنّ القانون
عُيّن "دافيد شابرير" في ال21 من تمّوز عام 1948 ليكون القيّم الأوّل على أملاك الغائبين، وفي 23 من أيّار عام 1949 توجّه شابرير إلى وزير الماليّة "إليعازر كابلان" وطلب توسيع صلاحيتته، ليصبح مالكًا للعقارات بدلًا من "محافظًا" عليها، وليمنع الفلسطينيين المهجّرين مالكي الأراضي والأملاك من العودة إلى إليها لاحقًا.[4]
بعد سنة من هذه التطوّرات، في عام 1950، سنّت الكنيست قانون أملاك الغائبين والّذي بموجبه استولت سلطة الاحتلال الإسرائيليّ على أملاك المهجّرين من أراضي فلسطين المحتلّة.
القانون
يُعرّف القانون "الغائب" على أنّه من يحقق أحد البنود التالية[3]:
- من كان يمتلك أملاكًا في فلسطين المحتلّة، أو كان يمتلك عقارات واستعملها؛ وفي الفترة ما بين العشرين من شهر مارس عام 1947 حتّى حين إلغاء وضع الطوارئ، كان مواطنًا في الأردن، أو لبنان، أو مصر، أو سوريّة، أو العراق، أو السعوديّة، أو اليمن، أو ساكنًا في إحدة مناطق فلسطين غير المحتلّة. [3]
- من كان مواطنًا في دولة "إسرائيل" وخرج حتّى الأول من سبتمبر\أيلول عام 1948 إلى مكان خارج "إسرائيل".[3]
- من كان مواطنًا في دولة إسرائيل وخرج إلى مكان في "أرض إسرائيل" الكبرى (والّتي يُقصد بها كامل التراب الفلسطينيّ) كان محكومًا من قبل جهات ترفض وتعادي إقامة دولة "إسرائيل".[3]
عين وزير الماليّة بحسب القانون مجلس موكَّل بأملاك الاغائبين، والّذي يترأسه القيّم على كافّة أملاك الغائبين. تُمنح أملاك الغائبين للقيّم وهو يقرّر كيفيّة التصرّف بها. أُعطيت للقيّم صلاحيات عديدة، منها إدارة الأعمال القائمة على عقارات الغائبين أو إزالة هذه الأعمال، والدفع للمتضررين من أموال الغائب، وطرد الأشخاص الّذين يسيطرون على الأملاك بما لا يحقّ لهم، وأخراج أوامر هدم البنايات غير القانونيّة المبنيّة على العقارات، وهكذا. يحقّ للقيّم بيع العقارات من الأراضي لسلطات التطوير الرسميّة.[3]
استعمال القانون
بعد سنّ القانون ودخوله إلى حيّز التنفيذ، اُستعمل كثيرًا ضدّ العرب الّذين هُجّروا أو نزحوا من "الدولة" وتركوا أملاكهم خلفهم. الكثير من الأملاك أُعطيت "للقادمين الجدد" وجزء منها اُستعمل كمرافق عامّة للجمهور. يُمكن استعمال القانون على من تركوا أملاكهم بعد حرب الاحتلال بسنوات عديدة، وذلك لأنّ "حالة الطوارئ" لم تُلغى حتّى الآن.
الغائبون الحاضرون
الغائبون الحاضرون هو مصطلح غير رسميّ والّذي اُستعمل للمرّة الأولى في سنوات الخمسين ليصف العرب سكّان "إسرائيل" الّذين سُجّلوا كغائبين عن أملاكهم وأراضيهم، وسُلبت أراضيهم وبيوتهم منهم بواسطة القانون وأصبحت ملكًا للموكّل عن أملاك الغائبين أو ملكًا لسلطات التطوير الرسميّة.[5]
بعض الغائبين الحاضرين لم يتركوا بيوتهم، ولكن بلدانهم لم تكن تحت سيطرة "إسرائيل" في التواريخ المحدّدة بحسب القانون (مثل بعض قرى المثلّث والجليل)، وأصبحت تحت سيطرة إسرائيل في وقتٍ لاحق. بعضٌ آخر من الغائبين الحاضرين هربوا من بيوتهم وعادوا إليها لاحقًا أو تسلّلوا إلى فلسطين المحتلّة لاحقًا بعد اتفاقيّات وقف إطلاق النار.[5]
قُدّر عدد الغائبين الحاضرين في عام 1950 بـ46 ألف شخص.
في سنوات الخمسين
جزء كبير من الأراضي التي يمتلكها الصندوق القومي الإسرائيلي مُنحت له من السلطات الإسرائيليّة بعد قيام الدولة في صفقتين ضخمتين اشتملتا على أملاك الغائبين الثابتة (غير المتحرّكة- الأراضي وغيرها).
القدس بعد حرب 1967
اُحتلّت القدس عام 1967 في حرب الستّ أيام وأصبحت الضفّة الغربيّة وشرقيّ القدس تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيليّ. بعد الحرب مباشرةً ضُمّت منطقة القدس ليشتمل القانون عليها أيضًا، ولُتعرّف كافّة العقارات في شرقيّ القدس والّتي يمتلكها سكّان شرقيّ القدس والضفّة والأراضي العربيّة على أنّها أملاكًا للغائبين.[6]
في تشرين الثاني من عام 1968 المستشار القضائيّ للحكومة والمدعوّ بـمئير شمغار أصدر تعليمات تمنع تنفيذ القانون على الأملاك الموجودة في شرقيّ القدس والّتي يمتلكها سكّان الضفّة الغربيّة، وهذا لأنّ "الأملاك لم تُعرّف كأملاك للغائبين قبل احتلال شرقيّ القدس، ولم تكن لتعرّف كأملاك غائبين لو بقيت منطقة شرقيّ القدس جزءًا من مناطق الضفّة الغربيّة." بحسب قوله. وتبع هذا تعديلًا في البند الثالث من قانون ترتيب القانون والإدارة عام 1970، حيث قُرّر أنّ قانون أملاك الغائبين لا ينطبق على أملاك السكّان الّذين سكنوا في شرقيّ القدس عند احتلال القدس، ولم يتطرّق القانون إلى أملاك سكّان الضفة الغربيّة.[6]
في كانون الأوّل عام 1977 آصدر وزير العدالة "شموئيل تمير" ووزير الزراعة "أريئيل شارون" بروتوكولًا جديدًا، وبحسبه يمكن لسكّان الضفّة الغربيّة الّذين يمتلكون أملاكًا في شرقيّ القدس أن يتوجهوا إلى القيّم بأملاك الغائبين وأن يطلبوا استرداد أملاكهم وأن يستعملوها. كان هذا البروتوكول مؤقتًا وعُلّق لاحقًا لإعادة فحصه بعد محاولة تطبيقه. في عام 1986 أعيد تعريف سكّان الضفّة الغربيّة الّذين يملكون عقارات وأملاك في شرقيّ القدس على أنهم "غائبين" وشملهم قانون أملاك الغائبين مرّة أخرى بأمرٍ من قضاة المحكمة العليا "مريم بن بوريت" و"أهرون باراك أبرهام حليمة".[6]
في عام 1992 أعلنت لجنة ترأسها "حاييم كولغمان" أنّ البروتوكول لم يُنفّذ بحكمة وأُسيء استعماله. ومن هنا ألغى رئيس الحكومة إسحاق رابين هذا البروتوكول، وعادت أملاك سكّان الضفّة الغربيّة في شرقيّ القدس لتخرج من تعريف "أملاك غائبين". ومن ثمّ في تمّوز عام 2004 تبنّت الحكومة القرار بأنّ أملاك الغائبين في شرقيّ القدس هي تحت سيطرة القيّمين عن أملاك الغائبين ويمكن التحكّم بها وبيعها وإدارتها، ليعود المستشار القضائيّ مرّة أخرى عام 2005 ويلغي هذا القرار لعدم حصوله على أي مفوّضات قانونية.[6]
في عام 2006 قرّرت المحكمة العليا أنّ القانون غير قائم على مناطق شرقيّ القدس لعدم تلاؤمه مع "الثورة القانونيّة" الّتي انتقدت الكثير من سياسات القوانين في "إسرائيل". رغم ذلك، كانت هناك العديد من الالتماسات الّتي أدّت إلى تنفيذ قانون أملاك الغائبين على ممتلكات لسكّان الضفّة الغربيّة والموجودة في شرقيّ القدس.[6]
مخلّفات القانون
استولى الاحتلال وسيطر على آلاف المنازل والعقارات وملايين الدونمات وضمن تحويل ملكيّة أملاك المهجّرين إلى ملكيّة "القيّم" ليمنع احتماليّة عودة المهجّرين الفلسطينيين إلى أراضيهم وممتلكاتهم الّتي خلّفوها ورائهم قبل حرب الاحتلال أو أثناءها أو بعدها.[2]
استولى "القيّم" على ما يقارب[2]:
- 300 قرية عربيّة بأراضيها والّتي تزيد مساحتها عن 3 ملايين دونم
- 280 ألف دونم من الأراضي الخصبة والبيّارات والأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة
- 25 ألف بناء تحوي أكثر من 75 ألف مسكن و10 آلاف محل تجاريّ أو صناعيّ - تحوّلت هذه الأملاك إلى شركة عميدار لإسكان المتسجّلين اليهود فيها
- ربع مليون دنم من أرضي المواطنين الفلسطينيين الّذين بقيوا في الأرض المحتلّة بعد الاحتلال (الغائبون الحاضرون)
مراجع
- "قانون أملاك الغائبين - عدالة". www.adalah.org. مؤرشف من الأصل في 23 أكتوبر 201805 ديسمبر 2019.
- "لمحة عن "قانون أملاك الغائبين" - المركز الفلسطيني للإعلام". www.palinfo.com. مؤرشف من الأصل في 6 ديسمبر 201906 ديسمبر 2019.
- "أملاك الغائبين (قانون)". الموسوعة الفلسطينية. مؤرشف من الأصل في 28 أغسطس 201806 ديسمبر 2019.
- "לצרכי פיתוח הארץ וטובת אזרחיה" | עוזי לויה". העוקץ (باللغة العبرية). 2017-10-30. مؤرشف من الأصل في 12 مايو 201906 ديسمبر 2019.
- عطا, أوس أبو (2019-08-04). "الاستيلاء على أملاك الفلسطينيين بقانون الغائبين". شبكة الميادين. مؤرشف من الأصل في 06 ديسمبر 201906 ديسمبر 2019.
- "قانون أملاك الغائبين.. سيف إسرائيل بالقدس". www.aljazeera.net. مؤرشف من الأصل في 22 يوليو 201806 ديسمبر 2019.