الرئيسيةعريقبحث

محمد بن إبراهيم الوزير


☰ جدول المحتويات


محمد بن إبراهيم الوزير (775 هـ - 840 هـ) مجتهد وباحث زيدي في الأحاديث من اليمن. وهو محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل بن المنصور بن محمد بن العفيف بن مفضل بن الحجاج بن علي بن يحيى بن القاسم ابن الإمام الداعي يوسف بن يحيى ابن الإمام المنصور بالله يحيى بن الناصر أحمد بن الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهم. ولد في اليمن بهجرة الظهراوين من شظب، في شهر رجب عام خمس وسبعين وسبعمائة (775 هـ)

  • شظب: جبل من بلد بني حجاج ناحية السودة شمال غرب صنعاء على مسافة (100) كيلو متر تقريباً.
محمد بن إبراهيم الوزير
معلومات شخصية
تاريخ الميلاد سنة 1373 
تاريخ الوفاة سنة 1436 (62–63 سنة) 
اللغات العربية[1] 

نشأتـه وطلبه للعلم

نشأ في هجرة الظهراوين بين أهله الذين آثروا طلب العلم على ما سواه، فحفظ القرآن الكريم، وجوده واستظهره، وحفظ متون كتب الطلب. "قرأ في العربية على أخيه العلامة الهادي بن إبراهيم وعلى القاضي العلامة محمد بن حمزة بن مظفر، وقرأ علم الكلام على القاضي العلامة علي بن عبد الله بن أبي الخير "شرح الأصول" -وهو معتمد الزيدية في اليمن- و"الخلاصة" و"الغياصة" و"تذكرة ابن متَّويه"، وقرأ علم أصول الفقه على السيد العلامة علي بن محمد بن أبي القاسم وقرأ عليه أيضاً علم التفسير، وقرأ في الفروع على القاضي العلامة عبد الله بن الحسن الدواري وغيره من مشايخ صعدة، وقرأ الحديث بمكة على محمد بن عبد الله بن ظهيرة، وفي غيرها على نفيس الدين العلوي، وعلى جماعة عدة، والحاصل أنه قرأ على أكبار مشايخ صنعاء وصعدة وسائر المداين اليمنية ومكة، وتبحر في جميع العلوم وفاق الأقران، واشتهر صيته، وبعُد ذكره، وطار علمه في الأقطار"(2).

مكانته العلمية ومعالم شخصيته وتفكيره

ابن الوزير إمام أئمة المجتهدين، مجدد زمانه، حامل لواء محاربة التقليد من دون لين ولا هوادة، كان مبرزاً في علوم العربية، وعلوم القرآن، وعلوم السنة، وحسبه ما أثنى عليه الجلة العلماء في عصره وبعد عصره. قال الشوكاني عن ابن الوزير: "إنه ممن يقصر القلم عن التعريف بحاله، وكيف يمكن شرح حال من يزاحم أئمة المذاهب الأربعة فمن بعدهم من الأئمة المجتهدين في اجتهاداتهم، ويضايق أئمة الأشعرية والمعتزلة في مقالاتهم، ويتكلم في الحديث بكلام أئمته المعتبرين مع إحاطته بحفظ غالب المتون، ومعرفة رجال الأسانيد شخصاً وحالاً وزماناً ومكاناً، وتبحره في جميع العلوم العقلية والنقلية على حد يقصر عنه الوصف.

ومن رام أن يعرف حاله ومقدار علمه، فعليه بمطالعة مصنفاته، فإنها شاهد عدل على علو طبقته، فإنه يسرد في المسألة الواحدة من الوجوه ما يبهر لب مطالعه، ويُعَرّفه بقصر باعه بالنسبة إلى علم هذا "الإمام" كما يفعله في "العواصم والقواصم"، فإنه يورد كلام شيخه السيد العلامة علي بن محمد بن أبي القاسم في رسالته التي اعترض بها عليه، ثم ينسفه نسفاً بإيراد ما يزيفه به من الحجج الكثيرة التي لا يجد العالم الكبير في قوته استخراج البعض منها، وهو في أربعة مجلدات يشتمل على فوائد في أنواع من العلوم لا توجد في شيء من الكتب". وقال عن مكانته العلمية أيضاً: "إنه إذا تكلم في مسألة لا يحتاج بعدَه الناظر إلى النظر في غيره من أي علم كان".

إن محمد بن إبراهيم الوزير يمثل الشخصية المسلمة التي تلقت معالم تفكيرها من القرآن والسنة النبوية، فهو تلميذ لكتاب الله وسنة رسوله لا لشيء سواهما، وقد بلغ من معرفته بالسنة وعلومها ما جعله أبرز علمائها، فتحول من مذهبه الزيدي الذي نشأ وترعرع عليه إلى إيثار العمل بأدلة الكتاب وصحيح السنة. نابذاً التقليد وراء ظهره، وداعياً غيره إلى طرح أقوال الرجال، التي ليس عليها براهين ولا أثارة من علم، والرجوع لمصدر الهداية كتاب الله وسنة رسوله، فما كان من علماء عصره المقلدين، لاسيما شيخه علي بن محمد بن أبي القاسم، إلا أنهم عادوه وأشهروا عليه القدح والتجريح، واتهموه بمخالفة إجماع أهل البيت في مسائل كثيرة بين بطلانها هو وأخوه الهادي.

وكان ابن الوزير يرسل إلى شيخه بالموعظة والقول اللين والعتاب الجميل نثراً وشعراً، ولم يغير ذلك من موقف شيخه، بل زاد منه عداوة، وحبرَّ إليه رسالة سنة (808 هـ) أفرغ فيها ما شاء من هواه، وانتقده نقداً مريراً وجرحه، وتناول أئمة الإسلام بالقدح والذم، فما كان من محمد بن إبراهيم الوزير إلا أنه شمر ساعديه وكتب مؤلفه العظيم: "العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم". تصدر للتدريس وأقبل عليه الطلاب من أماكن شتى لينهلوا من علومه الواسعة، لاسيما علوم الحديث، ثم اعتزل الناس حتى أهله، ومال إلى الزهد والورع وانقطع للعبادة والذكر. وانتهى به المطاف إلى الاستقرار بصنعاء حتى توفي بها.

ثنـاء العلماء علـيه

ترجم له الإمام الشوكاني، والسخاوي، والحافظ ابن حجر العسقلاني، وصاحب "مطالع البدور"، والوجيه العطاب اليمني، والشريف الفاسي المالكي في كتابه "العقد الثمين". رآه الحافظ ابن حجر فانبهر به وهو صغير. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "إنباء الغمر": "كان مقبلاً على الاشتغال بالحديث، شديد الميل إلى السنة". وقال صاحب "مطالع البدور": "ترجم له الطوائف، وأقر له الموالف والمخالف". يلخص الشوكاني رأيه فيه فيقول: "والحاصل أنه رجل عرفه الأكابر، وجهله الأصاغر، وليس ذلك مختصاً بعصره، بل هو كائن فيما بعده من العصور إلى عصرنا هذا، ولو قلتُ: إن اليمن لم تنجب مثله لم أُبعِد عن الصواب، وفي هذا الوصف ما يحتاج معه إلى غيره".

ثم قال: ولو لقيه الحافظ ابن حجر بعد أن تبحر في العلوم لأطال عنان قلمه في الثناء عليه فإنه يثنى على من هو دونه بمراحل ولعلها لم تبلغ أخباره إليه وإلا فابن حجر قد عاش بعد صاحب الترجمة زيادة على اثنى عشر سنة. وكذلك السخاوى لو وقف على العواصم والقواصم لرأى فيها ما يملأ عينيه وقلبه ولطال عنان قلمه في ترجمته ولكن لعله بلغه الاسم دون المسمى. ثم قال: ولا ريب ان علماء الطوائف لا يكثرون العناية بأهل هذه الديار لاعتقادهم في الزيدية مالا مقتضى له الا مجرد التقليد لمن لم يطلع على الأحوال فإن في ديار الزيدية من أئمة الكتاب والسنة عددا يجاوز الوصف يتقيدون بالعمل بنصوص الأدلة ويعتمدون على ما صح في الأمهات الحديثية وما يلتحق بها من دواوين الإسلام المشتملة على سنة سيد الأنام ولا يرفعون إلى التقليد رأسا لا يشوبون دينهم بشئ من البدع التي لا يخلو أهل مذهب من المذاهب من شيء منها بل هم على نمط السلف الصالح في العمل بما يدل عليه كتاب الله وما صح من سنة رسول الله مع كثرة اشتغالهم بالعلوم التي هي آلات علم الكتاب والسنة من نحو وصرف وبيان وأصول ولغة وعدم اخلالهم بما عدا ذلك من العلوم العقلية ولو لم يكن لهم من المزية الا التقيد بنصوص الكتاب والسنة وطرح التقليد فإن هذه خصيصة خص الله بها أهل هذه الديار في هذه الأزمنة الأخيرة ولا توجد في غيرهم الا نادرا. ولا ريب أن في سائر الديار المصرية والشامية من العلماء الكبار من لا يبلغ غالب أهل ديارنا هذه إلى رتبته ولكنهم لا يفارقون التقليد. وإن وجد منهم من يعمل بالأدلة ويدع التعويل على التقليد فهو القليل النادر كابن تيمية وأمثاله وإنى لأكثر التعجب من جماعة من أكابر العلماء المتأخرى ن الموجودين في القرن الرابع وما بعده كيف يقفون على تقليد عالم من العلماء ويقدمونه على كتاب الله وسنة رسوله مع كونهم قد عرفوا من علم اللسان ما يكفى في فهم الكتاب والسنة بعضه فإن الرجل إذا عرف من لغة العرب ما يكون به فاهما لما يسمعه منها صار كأحد الصحابة الذين كانوا في زمنه صلى الله عليه وسلم وآله وسلم ومن صار كذلك وجب عليه التمسك بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وترك التعويل على محض الآراء فكيف بمن وقف على دقائق اللغة وجلايلها افرادا وتركيبا وإعرابا وبناء وصار في الدقائق النحوية والصرفية والأسرار البيانية والحقائق الأصولية بمقام لا يخفى عليه من لسان العرب خافية ولا يشذ عنه منها شاذة ولا فاذة وصار عارفا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم في تفسير كتاب الله وما صح عن علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى زمنه وأتعب نفسه في سماع دوادين السنة التي صنفتها أئمة هذا الشأن في قديم الأزمان وفيما بعده فمن كان بهذه المثابة كيف يسوغ له أن يعدل عن آية صريحة أو حديث صحيح إلى رأى رآه أحد المجتهدين حتى كأنه أحد العوام الأعتام الذين لا يعرفون من رسوم الشريعة رسما فيالله العجب إذا كانت نهاية العالم كبدايته وآخر أمره كأوله فقل لى أي فائدة لتضييع الأوقات في المعارف العلمية فإن قول امامه الذي يقلده هو كان يفهمه قبل أن يشتغل بشئ من العلوم سواه. وبالجملة فصاحب الترجمة ممن يقصر القلم عن التعريف بحاله وكيف يمكن شرح حال من يزاحم أئمة المذاهب الأربعة فمن بعدهم من الأئمة المجتهدين في اجتهاداتهم ويضايق أئمة الأشعرية والمعتزلة في مقالاتهم ويتكلم في الحديث بكلام أئمته المعتبرين مع احاطته بحفظ غالب المتون ومعرفة رجال الأسانيد شخصا وحالا وزمانا ومكانا وتبحره في جميع العلوم العقلية والنقلية على حد يقصر عنه الوصف ومن رام ان يعرف حاله ومقدار علمه فعليه بمطالعة مصنفاته فإنها شاهد عدل على علو طبقته فإنه يسرد في المسئلة الواحدة من الوجوه ما يبهر لب مطالعه ويعرفه بقصر باعه بالنسبة إلى علم هذا الإمام كما يفعله في العواصم والقواصم فإنه يورد كلام شيخه السيد العلامة على بن محمد بن أبي القاسم في رسالته التي اعترض بها عليه ثم ينسفه نسفا بإيراد ما يزيفه به من الحجج الكثيرة التي لا يجد العالم الكبير في قوته استخراج البعض منها وهو في أربعة مجلدات يشتمل على فوائد في أنواع من العلوم لا توجد في شيء من الكتب ولو خرج هذا الكتاب إلى غير الديار اليمنية لكان من مفاخر اليمن وأهله ولكن أبى ذلك لهم ما جبلوا عليه من غمط محاسن بعضهم لبعض ودفن مناقب أفاضلهم ومن مصنفاته ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان وهو كتاب في غاية الإفادة والإجادة على أسلوب مخترع لا يقدر على مثله الا مثله ومنها كتاب الروض الباسم في مجلد اختصره من العواصم وكتاب "ايثار الحق على الخلق" وهو غريب الأسلوب مفيد في بابه وله كتاب جمعه في التفسير النبوي، ومنها مؤلف في مدح العزبة والعزلة...الخ. وكلامه لا يشبه كلام أهل عصره ولا كلام من بعده بل هو من نمط كلام ابن حزم وابن تيمية وقد يأتي في كثير من المباحث بفوائد لم يأت بها غيره كاينا من كان. ولم يكن في زمنه من يقوم له لكونه في طبقة ليس فيها أحد من شيوخه فضلا عن معارضيه والذي يغلب على الظن أن شيوخه لو جمعوا جميعا في ذات واحدة لم يبلغ علمهم إلى مقدار علمه وناهيك بهذا.. ثم بعد هذا انجمع وأقبل على العبادة وتمشيخ وتوحش في الفلوات وانقطع عن الناس ولم يبق له شغلة بغير ذلك وتأسف على ما مضى من عمره في تلك المعارك التي جرت بينه وبين معاصريه مع أنه في جميعها مشغول بالتصنيف والتدريس والذب عن السنة والرفع عن اعراض أكابر العلماء وأفاضل الأمة والمناضلة لأهل البدع ونشر علم الحديث وسائر العلوم الشرعية في أرض لم يألف أهلها ذلك لا سيما في تلك الأيام فله أجر العلماء العاملين وأجر المجاهدين المجتهدين ولكنه ذاق حلاوة العبادة وطعم لذة الانقطاع إلى جناب الحق فصغر في عينيه ما سوى ذلك. وكان الشيخ مقبل الوادعي كثير الثناء عليه وعلى كتابه العواصم وقال عن هذا الكتاب لو طبع ووزن ذهبا ما اعطوه حقه.

من شعره

ياصاحبيَّ على الضبابة والهوى ** من منكما في حب أحمد مسعدي

حسبي بأني قد شهرت بحبه ** شرفاً ببردته الجميلة أرتدي

لي باسمه وبحبه وبقربه ** ذمم عظام قد شددت بها يدي

ومحمد أوفى الخلائق ذمة ** فلتبْلُغن بي الأماني في غدِبتي

ياقلب لاتستبعدنّ لقاءه ** ثِقْ باللقاء وبالوفا وكأنْ قد

ياحبذا يوم القيامة شهرتي ** بين الخلائق في المقام الأحمدي

بمحبتي سنن الشفيع وإنني ** فيها عصيت معنِّفي ومفنِّدي

وتركت فيها جيرتي وعشيرتي ** ومحل أترابي وموضع مولدي

فلأشكون إليه شكوى موجع ** متظلم متجرم مُسْتنْجد

مما لقيت من المتاعب والأذى ** في حبه من ظالميَّ وحُسَّدي

..

  • وهي طويلة.. وقد عرف بقوة وبلاغة شعره.

مؤلفاتــه

..

إضافة إلى الكثير من المخطوطات التي لم تطبع بعد.

وفاتــه

توفي يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من المحرم غرة سنة (840 هـ)، وقد بلغ من العمر أربعة وستين سنة ونصف السنة، بمرض الطاعون الذي انتشر في اليمن في سنة (839-840 هـ)، وقد دفن في الرويات "مسجد الروية" المعروف اليوم بمسجد فروة بن مسيك قبلي مصلى العيد بجوار جدار المسجد.

مصادر

  1. Identifiants et Référentiels — تاريخ الاطلاع: 8 مارس 2020 — الناشر: Bibliographic Agency for Higher Education


البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع. للشوكاني

موسوعات ذات صلة :