موسى بن شاكر الخراساني من كبار المنجمين والفلكيين الذين عاشوا في عصر الخليفة العباسي المأمون وقد اشتهر بإتقانه الأزياج الفلكية، كما اشتهر أبناؤه فيما بعد بالعلوم الفلكية والهندسة الميكانيكية.[1][2]
موسى بن شاكر الخراساني | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | القرن 8 خراسان الكبرى |
مواطنة | الدولة العباسية |
أبناء | بنو موسى |
الحياة العملية | |
المهنة | رياضياتي، وعالم فلك، ومنجم، وقاطع طرق |
اسمه ونشاته
ولادة موسى بن شاكر في مرو الشاهجان وهي في تركمانستان ولم تحدد سنة الولادة بالضبط، نشأ وتلقى العلم في بغداد[3]، وكل الذي عرف عن هذه الأسرة أن الأب موسى كان في زمن الخليفة العباسي المأمون في القرن الثالث الهجري، يتولى شؤون الفلك في بلاط الخليفة المأمون وذلك في حدود سنة 218-198 هـ.[4]
حسابه لمحيط الأرض
وفي بغداد برز موسى وأبناؤه محمد وأحمد وحسن في علوم الرياضيات والهندسة والميكانيكا، ولذلك انتدبه المأمون في بعثة إلى منطقة سنجار (من أقضية العراق) لقياس المسافة التي تقابل درجة على خط الطول، هذا يكافئ قياس محيط الأرض إذا قدّرت هذه المسافة بـ 360. وفي سنجار وبعد حساب طويل مضنٍ ودقيق توصلت بعثة موسى إلى أن المسافة تساوي ⅔66 ميلاً عربياً (الميل العربي يساوي 1973.2 متراً)، وهذا يعادل 47.356 كيلومتر لمدار الأرض. هذه النتيجة قريبة من الرقم الصحيح، لأن مدار الأرض الفعلي يعادل 40.000 كيلو متر على التقريب، ولهذا يعزى إلى بني موسى بن شاكر القول بالجاذبية العمودية بين الأجرام السماوية، وهي التي تربط كواكب السماء بعضها ببعض ويجعل الأجسام تقع على الأرض، وقد كلّفهم المأمون يقياس محيط الأرض، وقد قدّروه بنحو أربعة وعشرين ألف ميل، واختاروا لذلك مكاناً منبسطاً في صحراء سنجار، ونصبوا آلاتهم وقاسوا الارتفاعات والميل والأفق، وعلموا أن كل درجة من درجات الفلك يقابلها ⅔66 ميل، وقد توافق هذا الحساب مع ما عملوه في أرض الكوفة. وقياس العرب هذا هو أول قياس حقيقي أُجري مباشرة مع كل ما اقتضته تلك المساحة من المدة الطويلة والمشقة.[4]
أعماله العلمية
عاش موسى بن شاكر في بغداد زمن الخليفة العباسي المأمون، وكان من المقربين من الخليفة، وقد اهتم بالفلك والتنجيم. وعندما توفي موسى بن شاكر، ترك أولاده الثلاثة صغاراً فرعاهم المأمون، وكلف إسحاق بن إبراهيم المصعبي بالعناية بهم. أدخلهم إسحاق إلى بيت الحكمة الذي كان يحتوي على مكتبة كبيرة وعلى مرصد فلكي، إضافةً إلى القيام بترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية من اليونانية. نشأ بنو موسى في هذا الوسط العلمي وأصبحوا أبرز علماء بيت الحكمة. اشتهر الأبناء الثلاثة، وهم محمد وأحمد والحسن باسم بنو موسى، أو الإخوة الثلاثة. وقد كان أكبرهم أبو جعفر محمد عالماً بالهندسة والنجوم و"المجسطي"؛ وكان أحمد متعمقاً في صناعة الحيل (الهندسة الميكانيكية) وأجاد فيها، وتمكن من الابتكار فيه؛ أما الحسن فكان متعمقاً في الهندسة. توفي أكبرهم سنة 872م ـ 259 هـ.
إسهاماتهم العلمية
كأبيهم كان بنو موسى مبرزين في العلوم الرياضية، والفلكية، والميكانيكية، والهندسية؛ وأسهموا في تطويرها بفضل اختراعاتهم واكتشافاتهم المهمة. ظهرت إسهاماتهم العلمية في مجال الميكانيكا في اختراع عدد من الأدوات العملية والآلات المتحركة، حيث ابتكروا عدداً من الآلات الفلاحية، والنافورات التي تظهر صوراً متعددة بالمياه الصاعدة، كما صنعوا عدداً من الآلات المنزلية، ولعب الأطفال، وبعض الآلات المتحركة لجر الأثقال، أو رفعها أو وزنها. في الرياضيات، كان لبني موسى باع طويل بشكل عام.
كما أنهم استخدموا هذه المعارف الرياضية في أمور عملية، من ذلك أنهم استعملوا الطريقة المعروفة في إنشاء الشكل الأهليليجي (elliptic). الطريقة هي أن تغرز دبوسين في نقطتين، وأن تأخذ خيطاً طوله أكثر من ضعف البعد بين النقطتين، ثم بعد ذلك تربط هذا الخيط من طرفيه وتضعه حول الدبوسين وتدخل فيه قلم رصاص، فعند إدارة القلم يتكون الشكل الأهليليجي.
أما في مجال الفلك، فقد حسب بنو موسى الحركة المتوسطة للشمس في السنة الفارسية، ووضعوا تقويمات لمواضع الكواكب السيارة، ومارسوا مراقبة الأرصاد وسجلوها. لعب بنو موسى دوراً مهماً في تطوير العلوم الرياضية، والفلكية، والهندسية وذلك من خلال مؤلفاتهم؛ ومن خلال رعايتهم لحركة الترجمة والإنفاق على المترجمين والعلماء.
في هذا الصدد تقول المؤلفة الألمانية سيغريد هونكه عن بني موسى: "وقد قاموا بإيفاد الرسل على نفقتهم الخاصة إلى الإمبراطورية البيزنطية بحثاً عن المخطوطات الفلسفية، والفلكية، والرياضية، والطبية القديمة، ولم يتوانوا عن دفع المبالغ الطائلة لشراء الآثار اليونانية وحملها إلى بيتهم. وفي الدار التي قدمها لهم المتوكل على مقربة من قصره في سامراء، كان يعمل، دون إبطاء، فريق كبير من المترجمين من أنحاء البلاد."
مؤلفاتهم
كتب بنو موسى في علوم عدة مثل الهندسة، والمساحة، والمخروطات، والفلك، والميكانيكا، والرياضيات. ومن مؤلفاتهم: "كتاب الحيل"، وهو أشهر كتبهم، جمعوا فيه علم الميكانيكا القديمة، وتجاربهم الخاصة، ويقول أحمد يوسف حسن محقق هذا الكتاب: "إن الاهتمام بكتاب الحيل بدأ في الغرب منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولكن الدراسات الجادة لم تظهر إلا مع بداية القرن العشرين، وذلك عندما نشر كل من فيديمان وهاو سر مقالات حول هذا الكتاب".
في سنة 1979 قام هيل (Hill) بترجمة الكتاب إلى الإنجليزية. وفي سنة 1981 نشر معهد التراث العلمي العربي في سوريا "كتاب الحيل" بعد أن قام أحمد يوسف حسن وآخرون بتحقيقه.
من أهم مؤلفاتهم: "كتاب مساحة الأكر"، و"كتاب قسمة الزوايا إلى ثلاثة أقسام متساوية"، ترجمه جيرارد كريموني إلى اللاتينية، و"كتاب الشكل المدور والمستطيل"، و"كتاب الشكل الهندسي"، و"كتاب حركة الفلك الأولى".
يشار إلى أن بني موسى قد تعاونوا فيما بينهم لدرجة يصعب معها التمييز بين العمل الذي قام به كل واحد منهم، ولكنهم لعبوا دوراً مهماً في تطوير علوم الرياضيات، والفلك، والهندسة؛ وأثروا في عصرهم تأثيراً كبيراً.
وفاته
توفي موسى بن شاكر عن سنّ مبكرة وكان أولاده الثلاثة ما زالوا أطفالاً، ولحسن مكانتهم عند الخليفة تبعاً لدرجة أبيهم عنده فقد رعاهم المأمون وعلًمهم وأحسن إليهم، حتى أن كبير إخوته محمد أصبح ذا مكانة وشأن كبير في السياسة، وحلّ محل أبيه موسى عند الخليفة المأمون. ورغم اشتغاله في السياسة في بلاط المأمون، إلا أنه كان عالماً فلكياً ورياضياً من الدرجة الأولى، ولهذا اهتم بالأرصاد الجوية والإنشاءات الميكانيكية. ويذكر أن المأمون أوكل أمر العناية لهم إلى إسحاق بن إبراهيم المصعبي حاكم بغداد، حتى إذا ما كبروا دفعوا إلى يحيى بن منصور رئيس بيت الحكمة، وكان من كبار المنجمين، ففتحت أمام الثلاثة في تلك -الدار- كل أنواع المعرفة والعلوم ووسائل التعليم والاستفادة حتى برزوا في علم الفلك والرياضيات والميكانيكا والهندسة والموسيقى والطب والحكمة والفلسفة.[4]
مقالات ذات صلة
مراجع
- Gutas, Dimitri (1998-07-23). Greek Thought, Arabic Culture: The Graeco-Arabic Translation Movement in Baghdad and Early 'Abbasaid Society. روتليدج. صفحة 133. .
- Pingree, D. (1988). "Banū Mūsā". الموسوعة الإيرانية. مؤرشف من الأصل في 6 أغسطس 2019.
- د.علي عبد الواحد وافي ، في التراث العلمي العربي ، دار الفكر ، القاهرة ، 1955 ص 43
- موسوعة علماء العرب، عبد السلام السيد الطبعة الثانية، 2011