نواف عبد حسن | |
---|---|
معلومات شخصية | |
تاريخ الميلاد | 15 نوفمبر 1943 |
تاريخ الوفاة | 22 سبتمبر 2003 |
الجنسية | فلسطين |
الحياة العملية | |
المهنة | مترجم |
موسوعة الأدب |
نواف عبد حسن
نواف عبد حسن شاعر وكاتب وناقد واديب ومثقف موسوعي فلسطيني، وعلم من اعلام الكلمة الفلسطينية الحرة النظيفة .
مولده ونشأته
ولد نواف عبد حسن سنة 1943 في قرية مصمص بالمثلث الشمالي، عاش يتيم الاب، ونشأ وترعرع في كنف عائلته .
تعليمه
تعلم في المدرسة الابتدائية وانهى الصف الثامن، ثم تثقف على نفسه وراح يلتهم كتب الادب والشعر والتاريخ والتراث العربي والإنساني، ويرتشف رحيق الفكر والثقافة من منابعها الاصيلة، واعتبر من أكثر الناس ادماناً واهتماماً وشغفاً بالقراءة والكتاب . وكان من اوائل زوار معارض الكتب في الداخل والدول العربية المجاورة كمصر والأردن وقطاع غزة .
عمله
اشتغل في بدايات شبابه بمعمل للطوب في تل ابيب، ثم عمل موظفاً في مكتب العمل بباقة الغربية، بعدها تعلم مهنة البلاط وعمل فيها ردحاً من الزمن، ثم عمل في جمعية احياء التراث العربي في الطيبة إلى جانب المناضل الفلسطيني الراحل صالح برانسي، واوكلت اليه مهمة تحرير مجلة "كنعان" التي اصدرتها الجمعية، وعندما اغلقت ابواب المركز عاد للعمل في مهنة البلاط حتى آخر ايام حياته.
أفكاره
كان صافي الفكر والممارسة، عرف الوضوح والالتزام، ولم يتخل يوماً عن ايمانه الراسخ بدور الثقافة وحاجة المجتمعات اليها، فالثقافة عنده اداة تغيير وتنوير، رسالة وقضية والتزاماً، ومرادفة للحرية والوعي والتضحية والوفاء والعطاء، ويشهد له القاصي والداني بالنظافة والنزاهة والالتزام الوطني والقومي.
في الادب
كتب الشعر والمقالة الادبية والنقدية، وترجم الكثير من الاعمال الادبية العالمية إلى العربية، منها مسرحية "عرس الدم " للوركا، ومسرحية "في انتظار غودو" لصموئيل بيكيت . نشر اشعاره ومقالاته وكتاباته في الصحف والمجلات الادبية والملاحق الثقافية، منها "الانباء" و"الشرق" و"البيادر الادبي" و"مشاوير" و"الكلمة الحرة" و"كل العرب" ، لكنه لم يجمع كتاباته ولم يصدر كتباً . كان يكتب افتتاحيات مجلة كنعان، بلغة السياسة والادب، وكتب مقدمات للعديد من الكتب الصادرة عن مركز احياء التراث العربي، وقام باعداد وتقديم كتاب "خليل السكاكيني بين الوفاء والذكرى" والاعمال الشعرية الكاملة للشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين ، وكتاب "رسالة في الرفض " للشاعر والمفكر احمد حسين. قدم اسهامات جلى للثقافة الفلسطينية المعاصرة، وشارك في الكثير من الندوات والحلقات والمساجلات الادبية والثقافية، وجمعته علاقات وصداقات مع الكثير من الادباء والكتاب من العالم العربي، وكان عضواً في جمعية "الصوت" التي اقيمت في الناصرة لنشر الوعي الفلسطيني، بمشاركة لفيف من الادباء والكتاب والمثقفين الوطنيين والديمقراطيين الفلسطينيين، وعضواً في جمعية "احياء تراث راشد حسين " التي كان يرأسها المحامي علي رافع .
على الصعيد الوطني
حمل نواف على كتفيه هموم وآلام شعبه، وانشغل بقضايا الفكر القومي الناصري، متمسكاً بالهوية الكنعانية، مؤمناً بالوحدة العربية، متحرراً من التيارات والتنظيمات السياسية واتحادات وروابط الكتاب والادباء في الداخل، ما جعله حاضراً بقوة لدى جميع الاوساط الثقافية والفكرية والسياسية .
في الشعر
كتب نواف الشعر في كثير من الموضوعات والاغراض الشعرية، وامتاز شعره بلغة ثورية معمقة اكتسبها من ثقافات متنوعة، وكانت المعاناة التي عاشها على المستوى الشخصي اثر كبير في تشكل شخصيته الشعرية وبلورة ابداعه . وقد تميزت قصائده بالتوهج العاطفي، والشعور بالغربة والقلق والضياع، واتسمت بجزالة المعنى ومتانة التركيب، ورقة العبارة، وسمو الفكر، والخيال مترامي النظر . ومن قصائده نقتطف هذا الابيات من قصيدة بين خطوتين :
يتلاقح فيّ الموت، وجرح الشوق، وغيم التذكارات
تنهل بقايا الوجد، وعمر الوجع الآتي، وخاصرة الشرق
تموج بعقدة خصي الذات.
ساءلني المقهى:
عصر العهر على الابواب؟
تلقفني الصمت .. تلاشت في شفتي الكلمات اقفلت القلب
تكالبت اللقمة والدجال ووجوه مثلومة باللاءات
رفعني الخوف على عتبات الشيخوخة
ينمو مع زغب العينيين، مع الشيب الطفلي
ويتولاك الصمت مع الصوت تهتف باللتنة
يتحداك النفس الشائه من بين اصابع نشرة اخبار
وسحاق الارض مع الاموات على ارصفة الفقراء
ما زلت كما اعرف، في الغرف الضيقة المأمونة
استلقي كحبال الكرمة
في شوق امراة تزني، تلد الاطفال لكل المهزومين لعصر آت.
في النقدالادبي
كان في نقده حاداً ولاذعاً، لم يحابي ولم ينافق، وكان يكتب ما يؤمن به ويحس فيه ازاء العمل الابداعي المنقود، ومن كتاباته النقدية ما جاء في تقديمه لاعمال الشععر الفلسطيني الراحل راشد حسين، حيث قال:" تبرز في قصائد الشاعر بوفرة، مفردات تدل على هول السبي الفلسطيني، من قبل الغزو الصهيوني الاستيطاني على مجتمع مستقر، فحوله إلى شعب تكتظ به الصحراء مشرداً بين الخيام وبين المنافي. والتقت سكين الإبادة إلى الجسد الذي ظل من علامات الماضي، بحيث ادخلت تجربة الفقد إلى كل بيت وصارت الارض مزرعة للعويل . هذا السبي الذي ولدته النكبة، والتي ما زلنا نتنفس مناخها حتى اليوم، وهي في الواقع والتجربة التي عاشها الشاعر وعبّر عنها في عديد من قصائد هذا الديوان،"ازهار من جهنم، و"الخيمة الصفراء"، و"إلى ابن عمي في الأردن" ، و"انة لاجئ" وغيرها. وعن التحدي في ديوان "زمن الخوف" للشاعر الفلسطيني احمد حسين، الذي تناوله بالتحليل العميق، يقول نواف :" لعلها المصادفة ان تاتي النغمة الولى في صورة الحضور الواعي والإدراك الواضح للمأساة، ومن ثم الانطلاق في تحديد هذا الوعي صافياً من البله والغباء، معرياً وكاسراً لمرايا الكفاح المزيف، والنضال المقنن... الذي جعل من القضية التي يستشهد الشجعان من اجلها مهرجاناً على لسان كل من جمجم ببعض الكلمات عن الوفاء والتضحية، فهنا تكون المواجهة مع هذا الجو الموبوء امراً محتوماً ... وهل هناك ابشع من هذا في وقت يصل فيه الزنا الحضاري، والعهر السياسي إلى حد تصفية شعب فلسطين وطنياً وجسدياً ؟!.. وفي كل بقاع الارض ؟ حتى صار الطفل الفلسطيني "يحلم بالا يقتل" ، والمراة الفلسطينية "حبلى بالدبابات" ، عندها تكون مهمة الشاعر الموهوب، ان يتجسد رمزاً لهذا الشعب، يكشف بالرؤى النبوئية معسكرات الليل المرعبة، وبالصوت الثائر والكافر بكل القيم والمثل الحضارية والسياسية، و"بعواء الذئاب" في الكتب المقدسة، وجميع الادعاءات البطولية ما عدا معانقة المعشوقة (الارض) في الزمان، وفي المكان (تاريخياً وجغرافياً). وفي معرض تقديمه لكتاب "رسالة في الرفض" للشاعر المفكر احمد حسين يكتب قائلاً:" موهبة كتابية وتحليلية تحدق في ورطتنا التاريخية بدون تحرج، أو تمويه على النفس، وبدون مساومة على ما تعتقد أنه الحق. هذا الحق هو، هويتنا الثقافية والوطنية والقومية . فنحن اليوم في مأزق حضاري يستدعي تشبثاً بالمعنى والهوية، مقابل الآخر المتفوق بالقوة، وهو عاجز عن تحقيق هويته ومعناه، مع وجودنا ومعنانا. وهويتنا التي نعني، هي الكنعانية العربية، الضاربة بجذورها آلافاً من السنين، وعبر أزمنة غابرة، وعملية وصلنا بهذه الجذور، هو اعتزاز بالأصالة التي تحفظ لنا التماسك النفسي والوجداني، مع ضمان عدم التفريط بالذاكرة التاريخية . غير ان لب المأزق، هو انفصام الشخصية العربية، وعدم قدرتها تجاوز نموذجها ووجدانها الهجري أمام التحدي الحضاري،"لأن المشروع الهجري دعم بالنص، توراتية هذه البلد وعمل على تعميقها وجدانياً، وتبنّى كل دعاوى الأسطورة المناهضة للتاريخ العربي الكنعاني الخالص لها".
وفاته
في يوم الثلاثاء الموافق 22 / 9/ 2003 توفي نواف اثر نزيف دماغي حاد، وبعد غيبوبة عميقة لعشرة ايام في المستشفى، ووري جثمانه التراب في مسقط راسه، بمشاركة اهل بلده والقرى المجاورة واصدقائه من الكتاب والشعراء، وابّنه عدد منهم .
رثاء فيه
رثاه الشاعر الكبير فاروق مواسي بثلاث قصائد والقى قصيدة عصماء على ضريحه الطاهر قائلا :
هي الأحزانُ تهمي في الدروبِ وتؤلـمُ ما حيينا في القلوبِ
وهذا العمرُ أسفارٌ تولَّتْ بظنِّ الظنِّ تُفضي للغيوب
كأني قد ختمتُ اليومَ فصلاً ونوَّافٌ يُوقِّعُ في وَجييبي
قرأتَ الحرفَ إشراقًا لحرفٍ فكان النصُّ جسمَكَ في الغروبِ
إلى كنعانَ في نسبٍ تسامى كتابِ الدهرِ في وطنٍ سليبِ
وراشدُ إذ يعلِّـلُ فيكَ قَوْلاً يشعُّ الفعلُ في لونٍ خضيـبِ
عرفتُكَ إذ تنادَيْنا شبابًا نُناغي كلَّ حرفٍ مستجيبِ
نسابقُ في مقالاتٍ ونعدو إلى" الآدابِ" ننهلُ و"الأديبِ"
ونستجلي مطالعةَ الدَّراري من الآفاقِ - صوتٍ أو مجيبِ
وقال القومُ "حفظُكَ لايُجارى بذاكرةٍ، وأعجبُ من عجيبِ "
ودادي فيك أرشدني بدربٍ فكنَّا الصَّوتَ في الصَّمتِ الرَّهيبِ
تمازجنا، وصرنا نبضَ فوحٍ فؤادي أم فؤادكَ في الكُروبِ
معارضَ كم شهدناها لكتْـبٍ وظلَّ شَذاكُمُ- نوَّافُ - طيبِي
تنازعنا هواها في تلافٍ كمثلِ النَّسْمِ لِلنَّسْمِ الشَّبوبِ
فإن وَدَّعْتَ، إنَّكَ في حياتي بِذِكرٍ ليس يفنى في لهيبي
وتعدو بي الكوارثُ مثقل ويطغى السَّيْلُ في وادي الخطوبِ
وإن فارقتَ إنَّكَ في صلاتي دعاءً ليس يهرب في هروبي
وأختم فيك في الأحزان سِفرًا ودمعًا من أسانا يا حبيبي
وقدمها للجنة خاصة كانت تعد إصدارًا تأبينيًا تكريمًا له
وقال في مرثية اخرى :
ومضيتَ يا نوَّافُ مبتعدًا
ومن غير الوداعْ
وتركتَ في قلبي صدى الذِّكرى
وأصواتَ التياعْ
كانت تلوبُ على المعارجِ في المدى حتى الرَّدى
غَمَرتْ مساحاتٍ بطيفِكَ رائحًا أو غاديَا
في كلِّ صوبٍ كلِّ دربِ
في كل مرٍّ كل عذبِ
فتجولُ دمعةُ صاحبِكْ
كبرتْ وغامت ثم عامتْ في ارتِـيـاعْ
وأنا أظلُّ بقربِ بيتِــكَ أنتظرْ
متوقِّفًا لهنيـــهةٍ أضحتْ بها آثارُ طلَّتِـكَ الطَّلَلْ
قد جئتُ وحدي ....يا طللْ
وإذا انتظاري ....لا أحدْ
يأتي إِلَيَّ بهِ
ليصحبَ رحلتــي ويظلُّ يجلس جانبي في سفرتــي
قسمًا \\\ ويجلسُ جانبـــي
متقصِّـيًـا ذاك المقالَ بذاتِ صوتٍ غاضبِ
أو قارئًــا أو راويًـــا
لقصيدةٍ ظلَّت تطوفُ بذهنِــهِ
أو عاتبًـــا أو راضِــيا
أو سائلاً أو قائــلاً
فإذا بنا طَرَفــا نقيضْ
يحدو بنا حادي الخصومــةِ والغضـــبْ
حتى نقولَ كَفى "علاقتُنـــا انتهــتْ"
سرعانَ ما يأتي العتــبْ
فنساجلُ الآراء في مدٍّ وجزرْ
ويظلُّ نهرُ الأنسِ فينا صافيًــا
ويعودُ ودُّ الودِّ فينا جازيًــا
ومضيتَ يا نوَّافُ من غيرِ الوداعْ
ومضيتَ حتى المستحيلْ
ضاع الدَّليلُ وصار يسألُ عن سبيلْ
ضاع الدَّليلْ
أوَ لم تقل قبلَ الرحيلْ:
"إنَّ الكلابَ عدتْ ويغذوها الحليبْ"
إنـي أراكْ
صِدْقًا أراكْ
وأراكَ في كتبٍ وتقْرأها معـــي
وأراكَ في إخوان صدقٍ وصفاءْ
وأراكْ في معنى الوفاءْ
بالرَّغمِ أنَّكَ قد مضيــــتْ
أتراك حقًّـــا قد مضيتْ؟؟؟؟!!!
ورثاه الشاعر حسين مهنا ابن الجليل منشدا
لماذا إذا يا صَديقي فَتَحْتُ كِتاباً
أراكَ تُطِلُّ عَلَيَّ،
وتَبْسِمُ..
ثُمَّ قليلاً قَليلاً تَغيبُ بَياضَاً
مَعَ الصَّفْحَةِ التَّالِيَهْ!؟
لماذا إذا زُرْتُ مَعْرِضَ كُتْبٍ-
إذا زُرْتُ مَكْتَبَةً ذاتَ يومٍ
أراكَ تَهَشُّ بِوَجْهٍ صَبيحٍ
وتَهْمِسُ لي:هَهُنا يا صَديقي يَطيبُ الّلقاءُ
فَإنْ طَحَنَتْكَ الحياةُ
وشَحَّ الصَّديقُ الوَفِيُّ
تَجِدْهَهُنا العيشَةَ الرَّاضِيَهْ.
تُحِبُّ فِلَسطينَ…أَدْري..
وأَذْكُرُ أَنَّكَ كُنْتَ تُدَبِّجُ فيها الكَلامَ الجميلَ
-وكَنْعانُ تَشْهَدُ-،
كُنْتَ الخِطابَ النَّبيلَ
بَعيدَاً..بَعيدَاً عَنِ النَّبْرَةِ العالِيَهْ.
لَكَمْ كُنْتَ تَكْفُرُ بِالعائِمينَ على شِبْرِ ماءٍ
وتُؤْمِنُ أَنَّ رُكوبَ اللُّجاجِ،
يقودُ إلى مَرْفَإٍ خَلْفَ ذاكَ السَّرابِ المُعانِدِ،
رَغْمَ المسافاتِ
والمَوْجَةِ العاتِيَهْ.
صَديقي…
رَحَلْتَ وكانَ رَحيلُكَ قَبْلَ الأَوانِ
فَلا أَنْتَ تَخْرُجُ مِنْ مُعْجَمِ الذِكْرَياتِ
ولا نَحْنُ نَنْسى فَتَىً يَعْرُبِيَّ اللِّسانِ
نَقِيَّ الجَنانِ
يُصافِحُ بِالقَلْبَ،
والرَّاحَتَيْنِ…
كَأَنِّي بِهِ يَسْبُكُ الرُّوحَ أَيقونَةً،
تَحْرُسُ الدَّرْبَ لِلْعابِرينَ إلى عالَمٍ،
يَجْمَعُ الحُبُّ أَطْرافَهُ النَّائِيَهْ.
صَديقي…
أَما زالَ يُخْجِلُكَ المَدْحُ!؟لا بَأْسَ..لَكِنْ
تُرى ما عَساكَ تَقولُ إِذا ما دَعاكَ الوَفاءُ،
لِذِكْرى صَديقٍ نَبيلٍ
وِطاعَ لَكَ البَحْرُ والقافِيَهْ…!؟