هاكو إيتشو (باليابانية: 八紘一宇، وتعني حرفيًا: أوتار العرش الثمانية، بسقف واحد، أي «العالم بأسره تحت سقف واحد»)، ويعتبر هاكو إيتشو شعارًا سياسيًا يابانيًا شائعًا منذ لحرب اليابانية الصينية الثانية حتى الحرب العالمية الثانية، وقد اكتسب شعبيته في خطاب ألقاه رئيس وزراء اليابان فوميمارو كونويه في الثامن من يناير عام 1940[1]
المفهوم
صاغ ناشط بوذي نيشريني قومي اسمه تاناكا تشيغاكو المصطلحَ في أوائل القرن العشرين، وقد استمده من أجزاء بيان نُسب في السجل التاريخي -نيهون شوكي- إلى الإمبراطور الأسطوري الأول جينمو أثناء معراجه إلى السماء.[2] يقول البيان الكامل للإمبراطور: «八紘を掩うて宇と為さん»؛ وهو ما يعني: «ينبغي عليّ تغطية الاتجاهات الثمانية، واتخاذها مسكنًا لي». يُقصد بالمصطلح 八紘 hakkō «أوتار العرش الثمانية»؛ وهو استعارة مجازية للمصطلح happō الذي يعني «الاتجاهات الثمانية».[3]
بسبب غموض المصطلح في سياقه الأصلي، فسر تاناكا البيان المنسوب إلى جينمو، بأنه يعني بأن الحكم الإمبراطوري هو أمر إلهي بالتوسع حتى يتسنى توحيد العالم بأسره. في حين رأى تاناكا أن هذه النتيجة نابعة من الريادة الأخلاقية والروحية للإمبراطور، كان العديد من أتباعه أقل ميلًا إلى السلام في نظرتهم، وذلك على الرغم من إدراك بعض المثقفين للآثار القومية الكامنة في هذا المصطلح ولردود الفعل المترتبة عليه. اقترح كوياما إواو (1905-1993) -تلميذ نيشيدا ومسترد الأفاتامساكا سوترا أو سوترة إكليل الورد (أحد الكتب المقدسة البودية)- أن يكون تفسير العبارة هو «إما أن يدرج وإما أن يجد مكانًا». ولكن رفضت الدوائر العسكرية لليمين القومي هذا الفهم.[4][5]
المساواة العرقية والتوسع المتزايد
كان هناك ما يكفي من اليابانيين الذين يعانون من قضايا التمييز العنصري في الدول الغربية؛ ما دفع اليابان إلى اقتراح بند المساواة العرقية في مؤتمر باريس للسلام عام 1919. حظي اقتراحهم بتأييد الأغلبية ولكن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون نقضه باستخدام حق الفيتو، وذلك في انتهاك لقواعد المؤتمر المتعلقة بالتصويت عن طريق الأغلبية. في سنة 1924، سنّ الكونغرس الأمريكي قانون الإقصاء الآسيوي الذي يحظر استقبال المهاجرين من قارة آسيا. وفي 6 ديسمبر 1938، اتخذ مجلس الوزراء الخمسة -المكوّن من (رئيس الوزراء فوميمارو كونويه ووزير الجيش سيشيرو إيتاجاكي ووزير البحرية ميتسوماسا يوناي ووزير الخارجية حاشيرو أريتا ووزير المالية شيغيكي إيكيدا) والذي كان أعلى مجلس لاتخاذ القرارات في ذلك الوقت- قرارًا بحظر طرد اليهود من اليابان ومنشوريا والصين وفقًا لروح المساواة العرقية. بعد ذلك، استقبل اليابانيون اللاجئين اليهود على الرغم من معارضة حليفهم ألمانيا النازية.[7][8][7][8]
أدت التأثيرات الاقتصادية لأزمة شوا المالية وأزمة الكساد الكبير -في ثلاثينيات القرن العشرين- إلى عودة ظهور كل من الحركات القومية والعسكرية والتوسعية. ارتبط الإمبراطور شووا (المعروف على نحو أكثر شيوعًا بهيروهيتو خارج اليابان) وعهده بإعادة اكتشاف مصططلح هاكو إيتشو باعتباره يمثل أصلًا توسعيًا في المعتقدات القومية اليابانية. اعتُبرت معاهدات الحدود البحرية لعام 1921 -لا سيما معاهدات عام 1930- خطأ؛ بسبب تأثيرها غير المتوقع على النزاعات السياسية الداخلية في اليابان، وقد شكلت تلك المعاهدات حافزًا خارجيًا استفز عناصر رجعية وعسكرية للقيام بأعمال متهورة تغلبت في نهاية المطاف على العناصر المدنية والليبرالية في المجتمع.[9][10]
اعتبر تطور مصطلح هاكو إيتشو بمثابة اختبار مصداقية حقيقي للعلاقات بين الفصائل خلال العقد القادم.
لم يُعمم استخدام مصطلح هاكو إيتشو إلا في عام 1940، عندما أصدر كونويه في فترة حكمه الثانية ورقة بيضاء بعنوان «السياسة الوطنية الأساسية»، وأعلن فيها رئيس الوزراء كونويه بأن الهدف الأساسي للسياسة الوطنية لليابان هو «إحلال السلام العالمي بما يتفق مع الروح التي تأسست بها دولة اليابان»،[11] وأن الخطوة الأولى هي إعلان «نظام جديد في شرق آسيا»، والذي اتخذ فيما بعد مسمى «منطقة شرقي آسيا الكبرى للرفاهية المتبادلة».[12] وقد استُخدم هذا المصطلح في أسمى صوره للإشارة إلى إنشاء أخوة عالمية ترعاها الفاضلة ياماتو.[13] وبما أن ذلك كان سيضع الناس تحت رحمة أبوة الإمبراطور، فقد بُرِّرت القوة ضد أولئك الذين قاوموا.[14]
احتُفل جزئيًا بهاكو إيتشو في الذكرى الـ 2600 لتأسيس اليابان عام 1940.[15] وفي إطار الاحتفالات، افتتحت الحكومة رسميًا نصب هاكو إيتشو (المعروف الآن ببرج هيواداي) في ما يُعرف الآن بمتنزه ميازاكي للسلام في مدينة ميازاكي.
الحرب العالمية الثانية
مع استمرار الحرب اليابانية الصينية الثانية دون توقع نهاية مرتقبة، لجأت الحكومة اليابانية -على نحو متزايد- إلى الاستعانة بالتراث الروحي للأمة من أجل الحفاظ على روح القتال.
ازداد وصف القتال بأنه «حرب مقدسة» -وهو وصف مماثل لأساس الصراع في بدايات الأمة المقدسة- في الصحافة اليابانية في ذلك الوقت. وفي عام 1940، تأسست رابطة مساعدة الحكم الإمبراطوري لتقديم الدعم السياسي لحرب اليابان في الصين.
ساعدت تحضيرات الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 2600 لمعراج جيمو -الذي هبط في عام 1940 وفقًا للتسلسل الزمني التقليدي- على رواج الانتشار العام لعبارة هاكو إيتشو، التي تجسد بدقة الرؤية التوسعية كما هو منصوص عليها في الأصل الإلهي لليابان. روت القصص بأن جيمو الذي وجد خمسة أعراق في اليابان قد جعلهم جميعًا «إخوة لعائلة واحدة».[16]
أغراض البروبوغندا
بعد أن أعلنت اليابان الحرب على الحلفاء في ديسمبر 1941، أنتجت حكومات الحلفاء عدة أفلام بروباغندا تشير إلى هاكو إيتشو باعتباره دليلًا على أن اليابانيين يعتزمون غزو العالم بأسره.
كانت الترجمة الرسمية التي قدمها الزعماء المعاصرون لمصطلح هاكو إيتشو هي «الأخوة العالمية»، ولكن كان هناك اعتراف واسع النطاق بأن تلك العبارة تعني أن اليابانيين «يتعاملون بمبدأ المساواة مع القوقازيين، ولكن مع شعوب آسيا فهم يتصرفون على أساس أنهم أسيادهم».[17] ثم إن هاكو إيتشو كانت تعني التناغم والمساواة العرقية. وبالرغم من ذلك، وعلى نحو عام، أدت وحشية اليابانيين وعنصريتهم لاحقًا إلى اعتقاد سكان المناطق المحتلة بأن الإمبرياليين اليابانيين الجدد مساوون للإمبرياليين الغربيين[18] أو (في كثير من الأحيان) أكثر سوءًا منهم. أمرت الحكومة اليابانية بأن تُدار الاقتصاديات المحلية بشكل صارم من أجل إنتاج مواد الحرب الخام لليابانيين.[19]
تضمنت الدعاية اليابانية -في جزء من مجهودها الحربي- عبارات مثل «آسيا للآسيويين!»، وشددت على الحاجة الملموسة لتحرير البلدان الآسيوية من القوى الاستعمارية.[18] أُلقي باللوم على الفشل في الفوز بالحرب في الصين إلى الاستغلال البريطاني والأمريكي لمستعمرات جنوب شرق آسيا، وذلك على الرغم من أن الصينيين قد تلقوا قدرًا كبيرًا من المساعدات من الاتحاد السوفييتي.[20] وفي بعض الحالات، رحب السكان المحليون بالقوات اليابانية عند غزوها، وطردوا القوى البريطانية والفرنسية وغيرها من القوى الاستعمارية.[18]
حكم الحلفاء
يُقصد بمفهوم هاكو إيتشو الجمعَ بين أركان العالم تحت حاكم واحد، أو جعل العالم كله أسرة واحدة.[21] كان هذا هو المثل الأعلى المزعوم لتأسيس الإمبراطورية، وفي سياقه التقليدي لا يعني أكثر من مبدأ عالمي للإنسانية، وقد كان مقدرًا له في نهاية المطاف أن يسود الكون بأسره.[21] كان تحقيق المراد من هاكو إيتشو يتم من خلال الحكم الحميد للإمبراطور؛ لذا فإن «طريق الإمبراطور» -«الطريق الإمبراطوري» أو «الطريق الملكي»- كان يمثل مفهوم الفضيلة وقاعدة السلوك. كان هاكو إيتشو هو الهدف الأخلاقي، وكان الولاء للإمبراطور هو الطريق الذي قادنا إليه. وعلى مر السنين التي تلت تدابير العدوان العسكري، كان الدفاع ضد العدوان يتم تحت اسم هاكو إيتشو الذي صار في نهاية المطاف رمزًا للهيمنة على العالم من خلال القوة العسكرية.[21]
التداعيات
منذ نهاية حرب المحيط الهادئ، سلط البعض الضوء على شعار هاكو إيتشو باعتباره جزءًا من سياق التعديل التاريخي.[22] أُعيدت تسمية النصب هاكو إيتشو التذكاري إلى اسم برج السلام في سنة 1958، وما يزال النصب قائمًا حتى اليوم.
مقالات ذات صلة
مراجع
- Beasley, Japanese Imperialism 1894–1945, pp. 226–7.
- As early as 1928, the Japanese editorials were already preaching the theme of the hakko ichiu without using the specific term. Michio Nakajima, Tennō no daigawari to kokumin, Aoki Shoten 1990, pp. 129–30.
- Jitō 字統,Shirakawa Shizuka, Heibonsha, 1994, p. 302, 紘 entry. The kun-reading ie for on-reading u 宇 is now defunct, but at the time of the Nihon Shoki, readings were not yet fixed in the way that was later to become the case. Rather, any meaning associated with a Chinese character as used in Chinese was, in theory, available as a reading as evidenced by the sometimes extreme variation in the writing of even common words in the Nihon Shoki.
- Jonckheere, Fabrice (2011). "Hakko ichiu theory (八 纮 一 宇)". Pacific War: the initial expansion. Caraktere ed. صفحة 62. ISSN 2104-807X. مؤرشف من الأصل في نوفمبر 11, 2013.
- See also Kosei Ishii
- David C. Earhart, Certain Victory, 2008, p. 63.
- "Question 戦前の日本における対ユダヤ人政策の基本をなしたと言われる「ユダヤ人対策要綱」に関する史料はありますか。また、同要綱に関する説明文はありますか。". Ministry of Foreign Affairs of Japan. مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 201921 سبتمبر 2010.
- "猶太人対策要綱". Five ministers council. Japan Center for Asian Historical Record. ديسمبر 6, 1938. صفحة 36/42. مؤرشف من الأصل في يوليو 26, 2011سبتمبر 21, 2010.
- Bix, Herbert. (2001). Hirohito and the Making of Modern Japan, p. 201. - تصفح: نسخة محفوظة 27 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
- Morison, Samuel Eliot. (1948). History of United States Naval Operations in World War II: The Battle of the Atlantic, September 1939 – May 1943, pp. 3–10. - تصفح: نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Edwards, p. 309. In the original text, 「肇国の大精神に基き世界平和の確立を招来すること」
- James L. McClain, Japan: A Modern History p 470 (ردمك )
- Piers Brendon, The Dark Valley: A Panorama of the 1930s, p43 (ردمك )
- Herbert P. Bix, Hirohito and the Making of Modern Japan p 11 (ردمك )
- Edwin P. Hoyt, Japan's War, p 196 (ردمك )
- John W. Dower, War Without Mercy: Race & Power in the Pacific War p223 (ردمك )
- Stephen S. Large. Shōwa Japan. New York: Taylor & Francis, 1998. p. 202. نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Anthony Rhodes, Propaganda: The Art of Persuasion: World War II, p248 1976, Chelsea House Publishers, New York
- James L. McClain, Japan: A Modern History p 495 (ردمك )
- James L. McClain, Japan: A Modern History p 471 (ردمك )
- Clancey, Patrick. "Chapter IV: The Military Domination of Japan and Preparations for War". HyperWar: International Military Tribunal for the Far East. مؤرشف من الأصل في 28 أبريل 2019.
- ديفيد جي. غودمان "Visas and Virtue by Chris Tashima" [review], Journal of Japanese Studies, Vol. 26, No. 1 (Winter, 2000), pp. 266–269; excerpt, "Japanese historical revisionists, however, assert that Sugihara was not in fact a renegade but an exemplary diplomat who ... dutifully carrying out the high-minded Japanese policy of racial harmony under the aegis of the emperor (hakko ichiu)"