"وأنتم تشنقون الزنوج" (بالروسية: А у вас негров линчуют) وتلتها "وأنتم تقتلون السود" هي شعارات ساخرة من رد الحرب الدعائية للاتحاد السوفييتي على الانتقادات الأمريكية لانتهاكاتها لحقوق الإنسان.[1][2] كان استعمال عبارات كهذه، مثل تكتيك التوسل بالنفاق،[3][4] محاولة لتشتيت انتقاد الاتحاد السوفييتي عن طريق الإشارة إلى التمييز العرقي والشنق خارج نطاق القانون في الولايات المتحدة الأمريكية.[5]
غطى الإعلام السوفيتي التمييز العنصري في كثير من الأحيان، الأزمات المالية، والبطالة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت تُرى كفشل للنظام الرأسمالي الذي تم محوه من قِبَل الشيوعية.[6] كان الشنق خارج نطاق القانون للأفارقة الأمريكان يُرى كسر مخز ومحرج للولايات المتحدة الأمريكية، والتي استعملها السوفييت كنوع من الذخيرة الخطابية عندما يتم لومهم على إخفاقاتهم الاقتصادية والاجتماعية الملموسة. ولقد نمى استخدام العبارة في الستينيات خلال الحرب الباردة.[7] بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991، أصبحت هذه العبارة واسعة الانتشار كإشارة إلى تكتيكات حرب المعلومات الروسية.[8] وأصبح استخدامها بعد ذلك منتشرًا في روسيا لانتقاد أي نوع من السياسات الأمريكية.[9]
وضع الرئيس التشيكي السابق والكاتب فاتسلاف هافيل العبارة ضمن "الخدع الغوغائية المقدسة عادًة".[10] ووصفتها مجلة الإيكونوميست كنوع من الماذاعنية، قائلة إنها أصبحت واسعة الانتشار بعد حل الاتحاد السوفيتي. كُتب في كتاب مخرج من الشيوعية للمؤلف ستيفن ريتشاردز غراوبارد أنها تمثل طلاقًا من الواقع.[11] قارنها المؤلف مايكل دوبسون بمَثَل «الطنجرة تنعت ابريق الشاي بالأسود»، وقال عن العبارة أنها "مثال شهير" لمنطق التوسل بالنفاق. وأسمتها مجلة المحافظين ناشونال ريفيو "كلمات أخيرة مرة من الحقبة السوفيتية"، ودونت "كان هنالك مليون نوع من الحرب الباردة على المزحة".[12] ووصفت الصحيفة الليبرالية الإسرائيلية هاآرتز استخدام الاصطلاح هو نوع من الحرب الدعائية السوفيتية. وقال الموقع البريطاني السياسي الليبرالي أوبن ديموكراسي عن العبارة بأنها "مثال ممتاز عن الماذاعنية". وقد وصفت إيليزافيتا غاوفمان الاصطلاح في عملها التهديدات أمنية والإدراك العام بأنه أداة لعكس نقاش شخص ما ضده.[13]
التاريخ
الاستعمال المبكر
يمكن تتبع استعمال العبارة كإشارة إلى الديماغوجية والنفاق إلى مزحة سياسية روسية عن نزاع بين رجل أمريكي وآخر سوفيتي. وذلك بعد توجيه انتقادات لبلده بسبب الوفيات التي حدثت بسبب مذبحة كيشينيف المعادية لليهود عام 1903،[14][15] صرَّح وزير الداخلية الروسي فياتشيسلاف فون بلينف بأن "لقد دُفع القرويون الروس إلى الجنون. فعندما يتحمسون بسبب الدافع العرقي والديني، ويكونون تحت تأثير الكحول، يصبحون أسوأ من الناس في ولايات أمريكا الشمالية عندما يشنقون الزنوج." [16][17][18]
وبالتزامن مع ذلك، عندما واجه الاتحاد السوفيتي كلمات قاسية من العالم الغربي فيما يخص مشاكل الحريات المدنية لديه، فتم توظيف العبارة كرد حاسم. وأكد السياسي البلشفي دميتري مانويلسكي في نقاش في الثلاثينيات مع طالب أسود اسمه بيير كالميك أن في الولايات المتحدة الأمريكية "البيض لديهم امتياز شنق الزنوج، ولكن الزنوج لا يملكون امتياز شنق البيض." وقال بأنه نوع من شوفينية البيض، ثم لفت الانتباه إلى هذا قائلًا: "هل يوجد لدينا هنا اختلاف بين رواتب العمال الزنوج والبيض؟ هل لدينا الحق في شنق المواطنين الزنوج؟"[19]
خلال حقبة ستالين، أي مدح لأي جانب من جوانب الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية دفع إلى الرد السريع "نعم، ولكنهم يشنقون الزنوج، أليس كذلك؟"[20][21] خلال الثلاثينات، أبلغ الرجال البيض اللذين كانوا يسافرون من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتحاد السوفيتي في رحلات عمل القنصلية الأمريكية في ريجا، لاتفيا، بأن السكان المحليين سألوهم بخصوص الانقسام بين العيش في مجتمع حر و"شنق" السود.[22][23] وقد شق المصطلح طريقه إلى كتب الأدب الخيالي التي كتبت في البلد، واعتبر في هذا السياق انتقادًا للأجانب. وظهرت بعد سنوات قصيدة من الهجمات السياسية على غلاف الكتاب الخيال العلمي الهزلي، تقنية – الشباب – 1984. العدد الثاني بعنوان "في عالم من الخيال المجنون" (بالروسية: В мире бредовой фантастики) واحتوت على القصيدة على سطر مشابه: "كل زنوج العالم يشنقون هناك."[24]
أصبحت العبارة نكتة شائعة تستخدم بين المواطنين السوفييت؛ تضمن المثل برنامجًا يتلقى الاتصالات على راديو موسكو حيث كانت تتم الإجابة على أي سؤال بخصوص ظروف معيشتهم بعبارة "في أمريكا، يشنقون الزنوج."[25][26] واعتُقل مواطن أمريكي يعيش في الاتحاد السوفييتي في عام 1949 بعد أن اشتكى من منع الحكومة له عن العمل؛ وقد سخرت صحيفة محلية من توقعه بالمعاملة العادلة كاتبة عن الولايات المتحدة الأمريكية "البلد الذي يشنق فيه الزنوج." ألقى شاعر الحرب والمؤلف السوفييتي كونستانتين سيمونوف خطابًا بمناسبة اليوبيل السوفييتي مكرمًا فيه الشاعر ألكسندر بوشكين، حيث فصل بين الاتحاد السوفييتي والعالم الغربي بواسطة استعمال العبارة ببساطة للإشارة إلى المتحدثين باللغة الإنكليزية: "ليس هنالك حاجة لإحياء ذكرى بوشكين من قبل أولئك الذين يشنقون الزنوج!"[27] وكتب المؤرخ أبدورخمان أوتورخانوف عام 1953 في كتابه حكم ستالين أن الإعلام السوفييتي روج لمفهوم أن المواطنين الأمريكان "يُجمعون على اتباع سياسة معادية للألوان، وأن المواطن الأمريكي العادي يقضي وقته في شنق الزنوج." وقد ولَّد استمرار العبارة خلال الفترة السوفييتية مشاعر سلبية باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية من قبل أعضاء الطبقة العاملة.[28][29]
نموها خلال الحرب الباردة
استخدمت الصحيفة الفرنسية اليسارية كومبات خلال الحرب الباردة العبارة لانتقاد عمليات لجنة أنشطة مجلس النواب الأمريكي، مُشيرة إلى أن ما رأته كان فسادًا "لأُمة شنقت السود وطاردت كل من كان متهمًا بنشاطات "غير أمريكية".[30][31] ونما انتشار استعمال العبارة كحوار التوسل بالنفاق في روسيا في الستينات، واستخدمت كسخرية واسعة الانتشار بين الروس. في هذه النسخة، يتناقش بائع سيارات أمريكي مع آخر سوفييتي حول البلد الذي يصنع سيارات أفضل. ويسأل الأمريكي في النهاية: "كم من العقود يحتاج الرجل السوفييتي ليكسب مالًا كافيًا ليشتري سيارة سوفييتية؟" بعد وقفة مليئة بالتفكير، يُجيب السوفييتي: "وأنتم تشنقون الزنوج!"[32] حصلت تكرارات عديدة للعبارة خلال فترة الحرب الباردة. وعكس انتشارها في المجتمع الروسي الحس القوي بالوطنية الاشتراكية السوفييتية. وقد استخدم الاصطلاح بنبرة انفعالية بشكل شديد للاحتجاج على العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عندما واجهت الحكومة انتقادات بخصوص التمييز ضد اليهود في الاتحاد السوفييتي. واستعملت كقول مأثور بين الرفاق السوفييت خلال فترة ميخائيل جورباتشوف، كجواب للشكاوى حول نقص الحقول المدنية والسياسية ومن ضمنها حرية التنقل. استعمل شكل مختلف من العبارة في هذا الوقت كنوع من التبادلية عند مواجهة انتقاد حول سجن ومعاملة الرافضين، وكانت لغرض التركيز على العرق في نظام العدالة الجنائية بالولايات المتحدة. وقد استُخدمت عبارة مماثلة لمواجهة الشكاوى حول عدم كفاءة النقل السوفييتي.[33]
استعمالها في أوروبا الشرقية
استُعملت نسخ بديلة من العبارة في دول أوروبا الشرقية التابعة والتي سيطر عليها الاتحاد السوفييتي لاحقًا، مثل نقلها لاستعمالها في بولندا.[34][35][36] وحدث استخدام للعبارة في لغات أخرى أيضًا، كالتشيكية، الهنغارية، والرومانية.[33]
المراجع
- Lucas, Edward (2009). The New Cold War: How the Kremlin Menaces Both Russia and the West. دار بلومزبري. صفحة 307. .
Castigated for the plight of Soviet Jews, they would complain with treacly sincerity about discrimination against American Blacks. (footnote: the accusation 'and you are lynching negroes' became a catchphrase epitomizing Soviet propaganda based on this principle.)
- Ioffe, Julia (2 March 2014), "Kremlin TV Loves Anti-War Protests—Unless Russia Is the One Waging War - Studies in 'whataboutism", ذا نيو ريببلك, مؤرشف من الأصل في 22 سبتمبر 2015,17 ديسمبر 2016
- Volodzko, David (May 12, 2015), "The History Behind China's Response to the Baltimore Riots", The Diplomat, مؤرشف من الأصل في 28 أبريل 2016,17 ديسمبر 2016,
Soon Americans[,] who criticized the Soviet Union for its human rights violations[,] were answered with the famous tu quoque argument: 'A u vas negrov linchuyut' (and you are lynching Negroes).
- Dobson, Michael (7 June 2011), "Ad hominem tu quoque", Pot, Meet Kettle (Fallacies, Part 3), The Sideways Institute, مؤرشف من الأصل في 09 نوفمبر 2016,17 ديسمبر 2016
- Zuckert, Carol (August 2000), "Mila Vasser Anderson", Southwest Jewish Archives, جامعة أريزونا, مؤرشف من الأصل في 05 مارس 2016
- Ciment, James; Hill, Kenneth (1999), "Czechoslovakia: Soviet Invasion, 1968", Encyclopedia of Conflicts since World War II, روتليدج, صفحات 533–535,
- Quinn, Allison (27 November 2014), "Soviet Propaganda Back in Play With Ferguson Coverage", موسكو تايمز, مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2016,17 ديسمبر 2016
- "Europe.view - Whataboutism - Come again, Comrade?", ذي إيكونوميست, 31 January 2008, مؤرشف من الأصل في 03 أغسطس 2016,17 ديسمبر 2016
- Edwards, Maxim (13 May 2015), "Book review: Hamid Ismailov 'The Underground", Open Democracy, مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2016
- Havel, Václav (March 1980), "On Dialectical Metaphysics", Modern Drama, 23 (1): 6–12, doi:10.3138/md.23.1.6,
the stabilization of certain commonly canonized demagogical tricks (A: Your subway does not operate according to the timetable; B: Well, in your country you lynch Blacks)
- Graubard, Stephen Richards, المحرر (1993), "Ashes, Ashes ... Central Europe after Forty Years", Exit from Communism, Transaction Publishers, صفحات 202–204,
- Williamson, Kevin D. (8 February 2015), "The Brute-Force Left", ناشونال ريفيو, مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2016,17 ديسمبر 2016
- Gaufman, Elizaveta (28 October 2016), "The USA as the Primary Threat to Russia", Security Threats and Public Perception: Digital Russia and the Ukraine Crisis, Springer International Publishing: 77–102, doi:10.1007/978-3-319-43201-4_4, ,
This quotation is a typical example of flipping the argument, failing to answer charges with accusations akin to the aforementioned joke: 'and you lynch Negroes in your country'.
- Стреляный, Анатолий (2001-03-28). "Ваши письма" (باللغة الروسية). إذاعة أوروبا الحرة. مؤرشف من الأصل في 26 نوفمبر 2015.
- Beckmann, Petr (1980), Hammer and Tickle: Clandestine Laughter in the Soviet Empire, بولدر: The Golem Press, صفحات 70–72, ,
'But we've been standing here for twenty minutes now,' says the American, 'and there hasn't been a train on either track.' 'Yes, but you in America, you beat the negroes!'
- "The Kishineff Murders and Lynching". The Independent. LV (2846). 1903-06-18. صفحة 1476. مؤرشف من الأصل في 1 سبتمبر 2019.
- Lindemann, Albert S. (2000), Esau's Tears, مطبعة جامعة كامبريدج, صفحة 378,
- Lindemann, Albert S. (1991), The Jew Accused: Three Anti-Semitic Affairs (Dreyfus, Beilis, Frank) 1894–1915, مطبعة جامعة كامبريدج, صفحة 219,
- Spires, Robert C. (1996), Post-totalitarian Spanish Fiction, University of Missouri Press, صفحة 62,
- Komulainen, Tuomas; Korhonen, Iikka (2000), Russian Crisis and Its Effects, Helsinki University Press, صفحة 92, ,
in Stalin's USSR any positive example of American life was proudly met with the retort 'Yes, but they lynch Blacks, don't they?'
- Mau, Vladimir Aleksandrovich (2000), Russian Economic Reforms as Seen by an Insider: Success Or Failure?, Royal Institute of International Affairs, صفحة 1,
- Roman, Meredith L. (2012), Opposing Jim Crow: African Americans and the Soviet Indictment of U.S. Racism, 1928–1937, University of Nebraska Press, صفحات 121, 183–184,
- Roman, Meredith L. (2013), "U.S. Lynch Law and the Fate of the Soviet Union: The Soviet Uses of American Racial Violence", in Carrigan, William D.; Waldrep, Christopher (المحررون), Swift to Wrath: Lynching in Global Historical Perspective, University of Virginia Press, صفحات 215–236,
- "В МИРЕ БРЕДОВОЙ ФАНТАСТИКИ" (باللغة الروسية). مؤرشف من الأصل في March 4, 2016.
- Klinkner, Philip A.; Smith, Rogers M. (1999), The Unsteady March: The Rise and Decline of Racial Equality in America, دار نشر جامعة شيكاغو, صفحة 386, , مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 2019
- Bassow, Whitman (1948), "Izvestia Looks Inside U.S.A.", Public Opinion Quarterly, 12: 430–439, ISSN 0033-362X
- Voronina, Olga (2011), "The Sun of World Poetry"' Pushkin As a Cold War Writer", The Pushkin Review, 14: 63–95, doi:10.1353/pnr.2011.0000, مؤرشف من الأصل في 22 ديسمبر 2016,17 ديسمبر 2016
- Brook, Sofia (4 November 2005), "First Rule: No Blacks!", The eXile, مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 2019,17 ديسمبر 2016,
During Soviet times, the Soviet working class hated America because everybody knew 'tam linchuiut negrov' (they lynch blacks over there).
- Mau, V. (2001), "The Russian Economic Reforms Through the Eyes of Western Critics", Russian Social Science Review, 42 (6): 31–59, doi:10.2753/RSS1061-1428420631,
This was the same in the Stalinist Soviet Union, when, in response to any story of a rise in the well-being of the Americans, the vigilant Soviet worker was supposed to utter something proudly along the lines of 'But on the other hand, you lynch blacks there!'
- Berghahn, Volker R. (2002), America and the Intellectual Cold Wars in Europe, دار نشر جامعة برنستون, صفحة 136,
- Kuisel, Richard F. (1993), Seducing the French: The Dilemma of Americanization, دار نشر جامعة كاليفورنيا, صفحة 28, , مؤرشف من الأصل في 1 سبتمبر 2019
- Shturman, Dora; Tiktin, Sergei (1985), "Sovetskii Soiuz v zerkale politicheskogo anekdota" (Soviet Union in the Mirror of the Political Joke) (باللغة الروسية), Overseas Publications Interchange Ltd., صفحة 58, , مؤرشف من الأصل في 06 مارس 2020
- Chodakiewicz, Marek Jan (30 August 2016), "Moscow's Synchronized Themes and Techniques", SFPPR News & Analysis, مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2016,18 ديسمبر 2016,
you beat up Negroes!
- Annus Albaruthenicus = Hod Belaruski, Krynki, بولندا: Villa Sokrates, 2005, صفحة 138, ISSN 1640-3320, OCLC 52382844,
And they beat up Blacks at your country!
- The Polish Quarterly of International Affairs, 16, PISM, 2007, صفحة 90, ISSN 1230-4999, OCLC 679958426
- Śmigielski, Zbysław (2007-03-06). "Gdzie Murzynów biją albo racjonalizm na cenzurowanym" (باللغة البولندية). مؤرشف من الأصل في 12 مارس 201901 ديسمبر 2016.
And at your place, they beat up Negroes!