آية التبليغ أو آية البلاغ هي الآية السابعة والستون من سورة المائدة، ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾؛ الآية الشريفة هي من الآيات التي تطرح موضوع الولاية والخلافة من بعد رسول الله محمد.
شأن نزول الآية
بحسب معتقدات الشيعة نزلت الآية على النبي محمد يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة عقيب حجة الوداع في غدير خم، قبل تنصيب علي بن أبي طالب علماً للناسِ ليكون خليفته من بعده، وذلك يوم الخميس.[1]
في مصادر أهل السنة المسلمين
- أخرج الحافظ ابن عَسَاكِر الشافعيّ بإسناده عن أبي سَعيدٍ الخُدريّ قال نزلت هذه الآية: يَـ'´أَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مآ أُنزِلَ إلیكَ مِن رَّبِّكَ علی رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خمّ في علی بن أبي طالبٍ.
- وأخرج ابن مردويه عن ابن مَسْعُود، قال: كنّا نقرأ علی عهد رسول الله صلّي الله عليه وآله: يَـ'´أَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مآ أُنزِلَ إلیكَ مِن رَّبِّكَ إنَّ عَلِيَّاً مَوْلَي المُؤْمِنِينَ. وَإن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ ووَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.[2]
- وعن جابر بن عبد الله وعبد الله بن العباس الصحابيين قالا: أمر الله محمداً أن ينصب علياً للناس ويخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. فقام رسول الله بولايته يوم غدير خم.[3]
في مصادر الشيعة
عن أبي الجارود، عن أبي جعفر قال: لما أنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا أيها الرسول - بلغ ما أنزل إليك من ربك - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس - إن الله لا يهدي القوم الكافرين» قال: فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان من قبلي إلا وقد عمر ثم دعاه فأجابه، وأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسئول وأنتم مسئولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين، فقال: اللهم اشهد. ثم قال: يا معشر المسلمين ليبلغ الشاهد الغائب أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي، ألا إن ولاية على ولايتي عهدا عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه، ثم قال: هل سمعتم؟ ثلاث مرات يقولها فقال قائل: قد سمعنا يا رسول الله.[4]
مفاد آية التبليغ
* «یا أَیُّهَا الرَّسُولُ» إن الباري تعالى في الآية الشريفة يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ «یا أَیُّهَا الرَّسُولُ» و هذا يشير إلى الشأن المعنوي والمقام الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وآله و سلم، وقد ورد الخطاب: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ» عدة مرات في القرآن الکریم، إلا أن الخطاب: «یا أَیُّهَا الرَّسُولُ» لم یرد فی القرآن الكريم سوی مرتين إحداهما الآیه محل البحث، والاخری الآیه 41 من سورة المائدة. وهذا یدلّ علی أهمّیه الموضوع الذی یتضمنه هذا الخطاب الإلهی للرسول صلی الله علیه وآله وسلم.
* «بَلّغْ» یقول الراغب فی کتابه «مفردات القرآن» إنّ هذه الکلمه فی الواقع فیها تأکید أشدّ من کلمه «أَبْلِغْ» لأنّه بالرغم من أنّ هذه الکلمه أیضاً لم ترد إلّامرّه واحده فی القرآن الکریم «1»، إلّاأنّ کلمه «بَلّغْ» مضافاً إلی مفهوم التوکید فیها تتضمّن التکرار أیضاً، أی أنّ هذا الموضوع إلی درجه من الأهمّیه بحیث یجب إبلاغه إلی الناس دفعات وبصوره مکرره.
* «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ» إنّ هذه المهمّه إلی درجه من الأهمّیه بحیث إنّه لو لم یؤدّها للناس فکأنّه لم یؤدّ الرسالة الإلهیه بشکل عام حیث تبقی أتعاب ثلاثه وعشرین سنه من تبلیغ الرسالة ناقصه، أي أن هذا الأمر مساوق لترك تبليغ الرسالة بأكملها.
* «وَ اللَّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ...» و بما أن هذا الأمر المُنزل والمأمور بتبليغه في غاية الأهمية، فمن الطبيعي أن يكون هناك خطر على نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو على دين الله تعالى من جراء ردود الفعل المختلفه التی ستثیرها هذه المهمّه الرسالیه، ولکن اللَّه تعالی یعِد نبیّه بحفظه من جمیع الأخطار وردود الفعل المحتمله.
* «إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرِینَ» فعلی الرغم من أنّ اللَّه تعالی یمنّ علی جمیع الناس بالهدایه إلی الحق إلّاأنّ الأشخاص الذین یصرّون العناد والإصرار علی عقائدهم الزائفه وأفکارهم الباطله لا یستحقون الهدایه وسوف لا ینالون نعمه الهدایه من اللَّه تعالی.
كيفية التبليغ ( واقعة الغدير)
- أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس بأن يجتمعوا، حيث جمعت له صلى الله عليه وآله أقتاب الإبل وارتقاها آخذاً بيد أخيه علي أمام الملأ، وطلب بنفسه البيعة من الناس لعلي، وبادر الناس لبيعته وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، وهنأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليّاً، وأول من تقدم بالتهنئة والبخبخة، أبو بكر ثم عمر بن الخطاب وعثمان و…..)[5]
- و عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر قال: لما نزل جبرئيل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك» إلى آخر الآية قال: فمكث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا حتى أتى الجحفة فلم يأخذ بيده فرقا من الناس. فلما نزل الجحفة يوم غدير في مكان يقال له «مهيعة» فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أولى بكم من أنفسكم؟ فجهروا فقالوا: الله ورسوله ثم قال لهم الثانية، فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله ورسوله. فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.[4]
مواضيع ذات علاقه
المصادر
- التيجاني السماوي، محمد، لأكون مع الصادقين، ص108
- تفسير «الدرّ المنثور» ج 2، ص 298.
- كتاب المعيار والموازنة / 213
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، سورة المائدة
- [مسند أحمد: ج4 ص281؛ المعجم الكبير: ج5 ص203؛ فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج6 ص282 ح120؛ تذكرة الخواص: ص36؛ نظم درر السمطين: ص109؛ شواهد التنزيل الحاكم للحسكاني: ج1 ص200، …]
المراجع
- المتقين، موقع المعارف الإسلامية الشامل.
- http://arabic.al-shia.org/ - الشيعة، دلالات آية البلاغ على الولاية والإمامة، علي حمود العبادي.
- http://www.haydarya.com/maktaba_moktasah/14/book_07/4.htm
- مركز الأبحاث العقائدية.
- محمد حسين، الطباطبائي، تفسير الميزان في القرآن
- مؤسسة السبطين العالمية.
- آیات الولایه فی القرآن / الفصل الأول آیات الخلافة والولایة علی المسلمین / آیة التبلیغ