أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني، صحابي جليل، وهو آخر من رأى الرسول ﷺ من الصحابة وفاة بالإجماع وكان أبو الطفيل سيدا من سادات قومه وأشرافهم رجلا فاضلا عاقلا حاضر الجواب فصيحا شاعرا محسنا.
اسمه ونسبه
- هو: أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمير بن جابر بن حميس بن جدي بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الليثي الكناني.
ولادته
ولد في السنة الثالثة بعد الهجرة فأدرك من حياة النبي محمد ﷺ ثمان سنين. وكان يسكن الكوفة فلما مات علي بن أبي طالب انصرف إلى مكة المكرمة فاستقر بها حتى مات.
رؤيته النبي محمد
- أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا شيبان، عن جابر، عن عامر، أنه سمع أبا الطفيل، يقول: رأيت رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم مِنَ الرجال مَنْ هو أطولُ منه، ومنهم مَنْ هو أقصر منه، وشعر له أسود، وهو أبيض. قال: قلنا: ما ثيابه؟ قال: لا أدري، وهو يمشي وهم حوله ـــ يعني الناس.
- أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرني الجُرَيْرِي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: ما بقي أحد رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غيري، قال: قلت ورأيتَه؟ قال: نعم. قلت: فكيف كانت صِفَتُه؟ قال: كان أبيض مليحًا مُقَصّدًا.
- أخبرنا الضحاك بن مَخْلد، عن جعفر بن يحيى بن ثوبان، عن عمه عمارة بن ثوبان، قال: حدثنا أبو الطفيل، قال: رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالجعرانة يَقْسِم لحمًا، وكنت غلامًا أحمل عُضْوَ الجزور، قال: فأقبلت امرأة بدوية، حتى إذا دنت من النبي صَلَّى الله عليه وسلم، بَسَطَ لها رداءه فجلست عليه، فقلت: مَن هذه؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته.
- أَخبرنا يحيى بن محمود، وعبد الوهّاب بن أَبي حَبَّة بإِسنادهما عن مسلم قال: حدثنا محمد بن رافع، أَخبرنا يحيى بن آدم، أَخبرنا زُهَير، عن عبد الملك بن سعيد بن الأَبجُرِ عن أَبي الطُّفَيل قال: قلت لابن عباس: إِني قد رأَيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: فَصِفْه لي. قلت: رأَيته عند المروة على ناقة وقد كَثُر الناسُ عليه ــ قال: فقال ابن عباس: ذاكَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، إِنهم كانوا لا يُدَعُّون عنه.
روايته للحديث
- كان أبو الطفيل عامر بن واثلة ثقة في الحديث روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، ونافع بن عبد الحارث، وزيد بن أرقم، وغيرهم.
- رَوَى عنه الزهري، وأبو الزبير، وقتادة، وعبد العزيز بن رافع، وعكرمة بن خالد، وعمرو بن دينار، ويزيد بن أبي حبيب، ومعروف بن خربوذ، وآخرون.
وقال ابن السكن: جاءت عنه رواياتٌ ثابتة أنه رأى النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم. وأما سماعه منه صَلَّى الله عليه وسلم فلم يثبت. وقيل أنه روى عن النبي ﷺ أربعة أحاديث.
صفاته
حدث النَّضْر بن عربي، قال: كنتُ بمكة، فرأيتُ الناسَ مجتمعين على رجل، فقلتُ من هذا؟ فقالوا: هذا صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، هذا عامر بن واثلة، وعليه إزارٌ ورداء، فَمَسست جلده، فكان ألين شيء. قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا فِطْر، قال: رأيت أبا الطُّفيل يصبغ بالحِنَّاء.
مناصرته لعلي بن أبي طالب في مشاهده
كان عامر بن واثلة ممَّن ناصروا علي بن أبي طالب وأحد أصحابه المحبين له والمقربين منه كما كان أبو الطفيل ثقة مأمونا يقر بفضل أبي بكر وعمر بن الخطاب ويثني عليهما ويترحم على الخليفة عثمان بن عفان.
من أحداثه مع الصحابة
قدم أبو الطّفيل يومًا على الخليفة معاوية بن أبي سفيان فقال له: كيف وَجْدك على خليلك أبي الحسن؟ قال: كوَجْد أم موسى على موسى، وأشكو إلى الله التقصير.
شعره
كان أبو الطفيل شاعرا محسنا ومن شعره:
أَيَدْعُونَني شَيْخًا وَقَدْ عِشْتُ حِقْبَـةً | وَهُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ نَحْوِي نَوَازِعُ | |
وَمَا شَابَ رَأْسِي مِنْ سِنِينَ تَتَابَعَتْ | عَلَيَّ، وَلَكِنْ شَيَّبَتْنِـي الوَقَائِـعُ |
ومن شعره في مناصرة الخليفة علي بن أبي طالب بمعركة صفين:
حامت كنانة في حربها | وحامت تميم وحامت أسد | |
وحامت هوازن يوم اللقا | فما خام منا ومنهم أحد | |
لقينا قبائل أنسابهم | إلى حضرموت وأهل الجند | |
لقينا الفوارس يوم الخميس | والعيد والسبت ثم الأحد | |
وأمدادهم خلف آذانهم | وليس لنا من سوانا مدد | |
فلما تنادوا بآبائهم | دعونا معدا ونعم المعد | |
فظلنا نفلق هاماتهم | ولم نك فيها ببيض البلد | |
ونعم الفوارس يوم اللقاء | فقل في عديد وقل في عدد | |
وقل في طعان كفرغ الدلاء | وضرب عظيم كنار الوقد | |
ولكن عَصَفنَا بهم عصفة | وفي الحرب يمن وفيها نكد | |
طحنا الفوارس وسط العجاج | وسقنا الزعانف سوق النقد | |
وقلنا علي لنا والد | ونحن له طاعة كالولد |
وفاته
أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني هو آخر الصحابة موتا وتوفي سنة 102 هـ وقيل سنة 100 هـ وقيل سنة 107 هـ وقيل سنة 110 هـ وهو بالإجماع آخر من مات من الصحابة الذين رأوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
المرجع
- البداية والنهاية، للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي.
- الطبقات الكبرى، للإمام ابن سعد.
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، للإمام ابن عبد البر.
- الإصابة في تمييز الصحابة، للإمام ابن حجر العسقلاني.
- أسد الغابة في معرفة الصحابة، للإمام ابن الأثير.