اقتصاد السوق أو الاقتصاد الحر ويسمى كذلك بالاقتصاد الرأسمالي هو النظام الاقتصادي لليبرالية الكلاسيكية التي تكون الليبرالية الاقتصادية مكوّنا أساسيا فيها، وفكرة الاقتصاد الحر هو عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه. والليبرالية تعتمد بالأساس على فكرة الحرية الفردية، ولمعرفة فكرة الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق بشكل ايجابي فسيكون التعريف هو ان الفرد ولد حرا، بالتالي فإن له الحرية في أن يقوم بأي نشاط اقتصادي. أما تعريف اقتصاد السوق بشكل سلبي فهو أن على الدولة ألا تقوم بأي نشاط اقتصادي يستطيع فرد أو مجموعة أفراد القيام به.
ويقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والمبادرة الفردية، ويخضع لتفاعل العرض والطلب داخل السوق. اقتصاد السوق هو اقتصاد العرض والطلب والمنافسة الحرة وتحرير الأسعار من أي قيد عدا ما تفرضه المنافسة الحرة غير الاحتكارية. ويعتمد بشكل أساسي على الملكية الخاصة للأفراد والمؤسسات ورأس المال. ومع ذلك فإن اقتصاد السوق لا يعني بأي شكل من الأشكال غياب القطاع العام ودور الدولة في تنظيم الحياة الاقتصادية. وقد تمت إعادة تقييم اقتصاد السوق بعد الأزمة المالية العالمية الحادة أواخر عام 2008.
أما الليبرالية الاجتماعية (أو الاشتراكية) فهي تؤيد تدخل الدولة في الاقتصاد وتعتمد نظام اقتصاد السوق الاشتراكي وتتخذ موقفا وسطا بين الرأسمالية المطلقة والاشتراكية حيث تسعى لتحقيق موازنة بين الحرية والمساواة وتحرص على تأهيل الناس للعمل كما تهتم بالخدمات الاجتماعية مثل التعليم والضمان الصحي.
الخصائص
العرض والطلب
يعتمد اقتصاد السوق على نظام تسعيري للإشارة إلى الجهات الفعالة في السوق لتعديل الإنتاج والاستثمار. يعتمد وضع الأسعار على التفاعل بين العرض والطلب للوصول إلى حالة توازن أو حالة قريبة منها يصل فيها سعر الوحدة من سلعة أو خدمة ما إلى نقطة تتساوى فيها كمية الطلب والعرض.
يمكن للحكومات أن تتدخل عن طريق تحديد حد أعلى أو أدنى للأسعار في أسواق معينة (مثل قوانين الحد الأدنى للأجور في سوق العمل)، أو استخدام السياسة المالية لتثبيط سلوك معين يقوم به المستهلكون، أو معالجة الآثار الخارجية للسوق الناتجة عن صفقات معينة (ضرائب بيجوفيان). توجد وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بدور الحكومة في تنظيم وتوجيه اقتصاديات السوق وفي معالجة عدم المساواة الاجتماعية الناتجة عن الأسواق. يتطلب اقتصاد السوق بشكل أساسي أن يكون نظام التسعير المتأثر بالعرض والطلب الآلية الأساسية لتخصيص الموارد بغض النظر عن مستوى التنظيم.
حقوق الملكية
على الحكومات وضع حقوق ملكية واضحة وقابلة للتنفيذ للأصول والسلع الرأسمالية لضمان عمل اقتصاديات السوق بكفاءة. على أي حال، لا تعني حقوق الملكية حقوق الملكية الخاصة على وجه الخصوص، ولا تقتصر اقتصاديات السوق مسبقًا وجود الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. عادة ما تتضمن اقتصاديات السوق أنواعًا مختلفة من الجمعيات التعاونية والمشاريع المستقلة المملوكة من قبل الدولة التي تحتاج إلى السلع الرأسمالية والمواد الخام في أسواق رأس المال. تستخدم الشركات نظام تسعير حر يحدده السوق لرصد العمالة والسلع الرأسمالية.[1] بالإضافة إلى ذلك، توجد أشكال متنوعة لاشتراكية السوق، إذ تكون فيها غالبية أصول رأس المال مملوكة اجتماعيًا وتوزع الأسواق الموارد بين الشركات المملوكة مجتمعيًا. تتنوع هذه النماذج بين أنظمة تعتمد على شركات مملوكة من قبل موظفيها ذات إدارة ذاتية ومجموعة من الملكيات العامة لوسائل الإنتاج مع سوق عناصر الإنتاج.[2]
اقتصاد السوق الاجتماعي
هو نموذج اقترحه الألمانيان "ألفريد أرماك " ولودفيغ إيرهارت يجمع بين اقتصاد السوق الحر، مثل قدرة اقتصاده متطورة عالية الكفاءة وتوفير المنتجات، وفي نفس الوقت تلافي مساوئ طرق المنافسة الشرسة وعدم السماح بالانفراد بتصنيع المنتجات (منع الاحتكار) ومن استغلال العاملين وذلك عن طريق السماح بتكوين نقابات عمال قوية وعدم السماح لعمليات تجارية تسيئ إلى النظام الاجتماعي. فالغرض من اقتصاد السوق الاجتماعي هو تحقيق أكبر مستوى للرخاء مع تأمين المجتمع والعاملين. وفي ظل هذا النظام لاقتصاد السوق الاجتماعي لا تتصرف الحكومة سلبيا كما هو في اقتصاد السوق الحر، وإنما تتدخل الحكومة على هامش مجرى الاقتصاد الذي يكون إلى أبعد الحدود في القطاع الأهلي المدني، مثل تحفيز النشاط الاقتصادي، وضع سياسات تضمن منافسة أمينة سليمة، وسياسات اجتماعية تخص العاملين والمواطنين. "[3]
ويقر وزير الاقتصاد السابق في ألمانيا - وكان قد زار مصر في الستينيات من القرن الماضي بغرض تقديم اقتراحات إلى الحكومة المصرية آنذاك - يقر لودفيغ إيرهارد أن السوق من نفسه اجتماعي. ويوضح تلك الفكرة بتأكيده على أن الاقتصاد يكون أكثر اجتماعيا كلما زادت حريته.[4]
أما ألفريد أرماك فهو يرى في اقتصاد السوق الاجتماعي أنه " يحاول الجمع بين مثالية العدالة، والحرية، والنمو الاقتصادي في أنظومة متوازنة معقولة " [5]
التطبيق :
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها ألمانيا مدمرة تماما، اتبعت اقتصاد السوق الاجتماعي الذي وضعه لودفيج إيرهار، فأسس المجتمع المدني شركات تساهمية للإنتاج وإعادة البناء تعززها في ذلك المصارف والبنوك، نعرف منها اليوم شركات مثل مرسيدس بنز وفولكسفاجن وباير للأدوية والصناعات الكيميائية، وشركات مساهمة للحديد والصلب مثل كروب وسيمنز وغيرها... حتى إنتاج الكهرباء تقوم به شركات مساهمة أهلية تمتلك نحو 19 مفاعلا نوويا لإنتاج الكهرباء. ولكن كل هذا ليس إلا الجزء الصغير مما يظهر من جبل الثلج فمعظمه تحت الماء. إذ تعززها شركات أهلية تبدأ صغيرة ربما ب 5 أشخاص وتكبر وتنمو مع الأيام والسنين لتحوي بعد ذلك 200 عامل مثلا. تقوم تلك الشركات المتوسطة بإنتاج قطع تحتاجها المصانع الكبيرة فتشتريها منهم مرسيدس مثلا وتركبها في سياراتها من ضمنها الزجاج مثلا أو جلود الكراسي أو زيوت التشحيم أو الإطارات. وتقوم تلك الشركات المساهمة المتوسطة أيضا بإنتاج العديد من المنتجات التي يحتاجها الأفراد كالصابون، ومعلبات الغذاء، والزجاج، والأثاث، والبلاط، والخزف، السيراميك والكتب والأدوات اليدوية، وبالطبع أيضا شركات الخدمات والتسويق وغيرها. وفي الشركات المتوسطة الأهلية يعمل أكثر العاملين فهو الضمان للعمالة ووجود فرص العمل في ألمانيا.
في الأزمات الاقتصادية حيث تسرح الشركات والمصانع بعضا من عامليها بغرض التوفير، فيكثر عدد العاطلين، وهنا تشجع الحكومة الأشخاص على إنشاء مشروعات صغيرة يرتزقون منها وتكون بمثابة شركة صغيرة يمكن أن تنجح في السوق فتكبر ويزداد عدد العاملين فيها. وتشجيع الحكومة يأتي في صورة قروض صغيرة أو متوسطة بفائدة قليلة بحيث تتيح للأفراد التشجع ودخول سوق المنافسة. سواء في تأسيس شركات لصيد الأسماك أو النقل، أو الزراعة، أو فتح محل تجاري، وكلها تحتاج المجهود الشخصي الدائب، فيتمكن الناجح منهم من إعالة أسرته وقد تنشأ ويكبر المشروع ويستطيع تعيين آخرين من العاطلين.
دينيًا
ربط عدد كبير من الفلاسفة وعلماء اللاهوت بين اقتصاديات السوق والقيم التوحيدية. وصف ميخائيل نوفاك الرأسمالية بأنها مرتبطة بشكل وثيق بالكاثوليكية، لكن ربط ماكس فيبر بين الرأسمالية والبروتستانتية. قال الاقتصادي جيفري ساكس أن الخصائص الشفائية لليهودية كانت مصدر الإلهام الخاص به ليمارس عمله. يربط الحاخام الأكبر اللورد جوناثان ساكس من الكنيس المتحد بين الرأسمالية الحديثة والفكرة اليهودية عن العجل الذهبي.[6]
المسيحية
في الإيمان المسيحي، أيدت حركة لاهوت التحرير مشاركة الكنيسة في رأسمالية سوق العمل. شارك العديد من الكهنة والراهبات في منظمات العمل بينما انتقل آخرون إلى الأحياء الفقيرة للعيش بين الفقراء. فُسر الثالوث على أنه نداء لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر. على أي حال، كان البابا نشيطًا للغاية في انتقاده لحركة لاهوت التحرير. كان قلقًا بشكل خاص بشأن التداخل المتزايد بين المسيحية والماركسية. أغلق المؤسسات الكاثوليكية التي كانت تدرّس لاهوت التحرير وفصل بعض ناشطيها من الكنيسة.[7]
البوذية
تطرق إيرنست فريتز شوماخر المنهج البوذي الخاص باقتصاد السوق في مقالته لعام 1966 بعنوان «الاقتصاد البوذي». أكد شوماخر أن اقتصاد السوق الذي يتبع المبادئ البوذية سيلبي حاجات الناس بنجاح أكبر. أكد على أهمية أو متابعة المهن التي تلتزم بالتعاليم البوذية. أصبحت المقالة مطلوبة للقراءة لاحقًا ضمن صف درّسته كلير براون في جامعة كاليفورنيا بيركلي.[8]
المراجع
- Paul M. Johnson (2005). "A Glossary of Political Economy Terms, Market economy". Auburn University. مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 201228 ديسمبر 2012.
- Bock man, Johanna (2011). Markets in the name of Socialism: The Left-Wing origins of Neoliberalism. Stanford University Press. .
- Duden Wirtschaft von A bis Z: Grundlagenwissen für Schule und Studium, Beruf und Alltag. 4. Aufl. Mannheim: Bibliographisches Institut 2009. Lizenzausgabe Bonn: Bundeszentrale für politische Bildung 2009, Stichwort „Soziale Marktwirtschaft“ - تصفح: نسخة محفوظة 12 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- Alfred C. Mierzejewski: Ludwig Erhard : der Wegbereiter der Sozialen Marktwirtschaft. München : Siedler, 2005 (Biografie). - . S. 59.
- Alfred Müller-Armack: Der Moralist und der Ökonom. Zur Frage der Humanisierung der Wirtschaft. In: Ders: Genealogie der Sozialen Marktwirtschaft. 2. erw. Auflage. Haupt, Bern 1981. Zitiert nach: Lexikon Soziale Marktwirtschaft. Schöningh, Paderborn, S. 386.
- Lord Sacks, "Rediscovering Religious Values in the Market Economy", HuffPost, February 11, 2012 نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- "Liberation theology", BBC, July 18, 2011 نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Kathleen Maclay, "Buddhist economics: oxymoron or idea whose time has come?", Berkeley News, March 13, 2014 نسخة محفوظة 13 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
مقالات ذات صلة
- مجتمع مدني
- اقتصاديات تقليدية محدثة
- اقتصاد السوق الاشتراكي
- ديمقراطية اشتراكية
- ليبرالية اشتراكية
- دولة رأسمالية