الأخشبان جبلان في مكة هما جبل أبي قبيس الذي عليه القصر الملكي اليوم، وجبل قعيقعان، وهما مطلان على المسجد الحرام من المشرق. وهما الجبلان اللذان سأل جبريل النبي محمد لكي يطبقهما على قريش حين اشتد أذاهم له.
الأصل اللغوي
ورد في مختار الصحاح: الأخشب هو كل جبل عظيم خشن. وجاء في القاموس المحيط: الأخشبان جبلا مكة؛ جبل أبي قبيس والأحمر، وجبلا منى.
قصتهما التاريخية
بعدما اشتد الأذى من قريش على محمد وأصحابه بعد موت أبي طالب، قرر محمد الخروج إلى الطائف حيث تسكن قبيلة ثقيف يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يسلموا،[1] فخرج مشيًا على الأقدام[2] ومعه زيد بن حارثة، وقيل بل خرج وحده،[3] وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من شوال سنة عشر من البعثة (3 ق هـ)،[4] الموافق أواخر مايو سنة 619م،[2] فأقام بالطائف عشرة أيام[5] لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا،[6] وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى إن رجلي محمد لتدميان وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه.[4] وألجؤوه إلى حائط[معلومة 1] لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، على ثلاثة أميال من الطائف،[2] ورجع عنه سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فلما اطمأن محمد قال:[1]
" | اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني (يلقاني بالغلظة)، أم إلى عدوّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك | " |
فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي، بعثا له بعنب مع غلام لهما نصرانيّ يقال له عداس،[5] ففعل عداس، فلما سمع محمد يقول «باسم الله» ثم أكل، نظر عداس في وجهه ثم قال «والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد» فقال له محمد «ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟» قال «نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى» فقال «من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟» فقال له عداس «وما يدريك ما يونس بن متى؟» فقال «ذاك أخي كان نبيًا وأنا نبي»، فأسلم عداس،[7] وأكبّ على محمد يقبل رأسه ويديه وقدميه.[1] وقد أنكر الشيعة قصة عداس في كتبهم.[8]
فانصرف محمد من الطائف راجعًا إلى مكة وهو محزون لم يستجب له أحد من أهل البلد،[9] فلما بلغ "قرن الثعالب" بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، وهما جبلا مكة يحيطان بها، فرفض ذلك قائلاً «بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئًا».[10] ثم تقدم في طريق مكة حتى بلغ "وادي نخلة"، وأقام فيه أيامًا،[2] وخلال إقامته هناك استمع نفر من الجن إليه وهو يقرأ القرآن وهو يصلي بالليل،[1] فنزلت ﴿وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن﴾.[4] ثم تابع مسيره، فدخل مكة في جوار المطعم بن عدي، وهو ينادي «يا معشر قريش إني قد أجرت محمدًا، فلا يهجه أحد منكم»، حتى وصل محمد للكعبة وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وولده محيطون به.[4]
المراجع
- السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص266-269، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
- الرحيق المختوم، المباركفوري، ص100-101.
- مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص209-212، المطبعة العلمية، ط1995.
- الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص210-212، دار صادر، بيروت.
- الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص49-51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
- فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص100-101، دار الفكر المعاصر، ط2006.
- السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص185-187، مكتبة العبيكان، ط2005.
- الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص35، المركز الإسلامي للدراسات، ط2005.
- مسند أحمد، أحمد بن حنبل، ج4، ص235.
- رواه البخاري في صحيحه، عن عائشة بنت أبي بكر، رقم: 3231.
- في معجم النهاية في غريب الأثر، ج1، ص462: «الحائط هنا: البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار».