الأغواط أثناء الحكم العثماني بعد أن استقر السكان وتجسدت ملامح مدينة الأغواط، أصبحت هذه المنطقة عبر الزمن ملجأ للفارين من المشاكل السياسية والدينية، ودائمة التأثر بما يحدث في الشمال سواء في المنطقة التلية أو الهضاب العليا. فخلال سقوط الدولة الموحدية فر بعض أنصارها من قبيلة زناتة وبني راشد إلى الأغواط قبل استقرارهم نهائيا بمنطقة ميزاب وكان ذلك في حوالي 1269م، كذلك اثر صدام المرينيين مع بني عبد الواد، أمر عبد العزيز سلطان فاس وزيره ابن غازي بمطاردة أبي حمو سلطان تلمسان، الذي هزم بعدة مواقع لا سيما بالدوسن، وحين ملاحقته احتمى بالأغواط في حوالي 1368م فناصره أهل المنطقة، لكنه انسحب إلى بني ميزاب حينما شعر بالخطر.
لم تعرف منطقة الأغواط الخضوع الإداري لأي ممن مروا على حكمها، فالأتراك الذين خلفوا العرب فيما بعد، والذين عمدوا إلى أساليب التخويف لفرض الطاعة على السكان، كانت علاقتهم بسكان المنطقة غير وطيدة، وبقي الحكام الأتراك يتنازعون السيطرة على الأغواط مع السلطة المغربية، ففي عهد البايلربايات التي أسسها خير الدين بربروس في بداية القرن السادس عشر الميلادي، فقد امتدت سلطة الأيالة الجزائرية حتى الأغواط ضمن بايلك التيطري الذي نظمه حسن باشا ابن خير الدين، وعين عليه سنة 1548م رجب باي كأول باي على التيطري وعاصمتها المدية.
و في عهد يوسف باشا (1647-1650)م قام السلطان المغربي مولاي محمد بالسيطرة على تلمسان ووجدة، ووصلت سيطرته حتى عين ماضي والأغواط، التي لم تخضع إلا لفترة مؤقتة، مما أدى إلى مجيء السلطان المغربي مولاي عبد المالك بنفسه سنة 1708م واخضاع المدينة بعد قتال مرير.
و بحلول عام 1727م عادت الأغواط إلى سلطة العثمانيين بعد تدخل جيوش باي المدية شعبان زناغي الذي فرض على المدينة ضريبة سنوية قدرت بسبعمائة (700) ريال، وكان ذلك حتى سنة 1784م حينما قدم الباي مصطفى باي المدية لجمع تلك الضرائب إلا انه انهزم تحت أسوار مدينة الأغواط،[1]
[2] أما خلفه باي وهران الباي محمد الكبير فاجبر في سنة 1785م على محاصرة المدينة التي لم تستسلم إلا بعد معارك عنيفة، وطلب علماء المدينة الأمان من الباي، شرط دفع ضريبة حرب قدرت بمائة (100)عبد وثلاثمائة وخمسين (350) بعير وخمسة آلاف (5000) بوجو وأربعة أحصنة، بالإضافة إلى ذلك عيّن قائدين على المجموعتين البارزتين في الأغواط، فنصب أحمدبن لخضر قائدا على (أولاد سرغين) والسائح بن زعنون قائدا على (أولاد الأحلاف). وفي سنة 1787م خلف الباي عثمان أباه محمد الكبير على وهران، وأراد أن ينتقم لهزيمة عين ماضي فحاصر القصر وهدد السكان بقطع أرزاقهم، وحتى يتفادوا المتاعب والخسائر فضل سكان عين ماضي الخضوع وامتثلوا بدفع الضرائب بعد أن تمكن الشيخ أحمد التيجاني من الفرار واللجوء إلى بوسمغون، ثم إلى فاس بالمغرب الأقصى حيث توفي بها سنة1815.
[3] ثم عرج الباي عثمان على الأغواط لينتقم من الذين ناصروا الشيخ أحمد التيجاني خاصة أولاد الأحلاف الذين فروا من الأغواط ليؤسسوا مع أولاد رحمان قصر الحيران، لكن ما لبث أن حصلت بينهما خصومات عديدة وعنيفة فقد على إثرها أولاد الأحلاف زعيمهم السائح بن زعنون وأخوه معمر بن زعنون، وبما أن السائح بن زعنون لم ينجب أولادا وأخوه معمرترك طفلين صغيرين، أكبرهما أحمد بن سالم، الذي استطاع أن يكسب ود الجميع، ويحكم الأغواط بمفرده بعد أن تزوج ابنة قائد أولاد سرغين أحمد بن لخضر.
و بعد تولي أحمد بن سالم السلطة في الأغواط سنة 1828 عرفت البلاد نوعا من الاستقرار والهدوء سمح بنمو وازدهار الحركة التجارية المتمثلة في التبادل بين أهل الشمال المحمليين بالحبوب والمواد الغذائية وأهل الجنوب بمنتجاتهم الزراعية خاصة التمور.
.
وصلات خارجية
المصادر
- [1]
- المرجع : كتاب الحركة الإصلاحية في الأغواط لمؤلفه علالي محمود.
المراجع
- جمعية التراث - مزاب في العهد العثماني 1510 - 1830 - تصفح: نسخة محفوظة 27 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- رحلة الباي محمد الكبير إلى جنوب الغرب الجزائري سنة 1785. http://alrihlah.com/nadawat/research/484 - تصفح: نسخة محفوظة 2019-10-28 على موقع واي باك مشين.
- بايليك الغرب في العهد العثماني - تصفح: نسخة محفوظة 6 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.