الإمبراطورية البلغارية الثانية هي دولة قروسطية وُجدت بين عامي 1185 و1396، وتُعد خلف الإمبراطورية البلغارية الأولى. بلغت الإمبراطورية ذروة قوتها تحت حكم تسارس كالويان وإيفان آسين الثاني قبل أن تحتلها الإمبراطورية العثمانية تدريجيًا في نهايات القرن الرابع عشر وبدايات القرن الخامس عشر. خلفتها إمارة بلغاريا التي أصبحت لاحقًا مملكة عام 1878.[2][3][4]
بلغاريا | ||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|
الإمبراطورية البلغارية الثانية | ||||||||
ц︢рьство блъгарское Второ българско царство |
||||||||
إمبراطورية | ||||||||
علم | الشعار الإمبراطوري | |||||||
بلغاريا تحت حكم إيفان آسين الثاني
| ||||||||
عاصمة | ترنوفو (1185 –1393) فيدين ونيكوبول (1393–1396) |
|||||||
نظام الحكم | ملكية مطلقة | |||||||
اللغة الرسمية | سلافونية كنسية قديمة | |||||||
الديانة | الأرثوذكسية | |||||||
الإمبراطور | ||||||||
| ||||||||
التاريخ | ||||||||
| ||||||||
المساحة | ||||||||
1205[1] | 248٬000 كم² (95٬753 ميل²) | |||||||
1241[1] | 477٬000 كم² (184٬171 ميل²) | |||||||
1350[1] | 137٬000 كم² (52٬896 ميل²) | |||||||
اليوم جزء من |
حتى عام 1256، كانت الإمبراطورية البلغارية القوة المسيطرة على البلقان إذ هزمت الإمبراطورية البيزنطية في عدة معارك كبيرة. في عام 1205 هزم الإمبراطور كالويان الإمبراطورية اللاتينية المنشأة حديثًا في معركة أدريانبول. هزم إيفان أسين الثاني ابن شقيقه ديسبوسيتة إيبروس وجعل من بلغاريا قوةً إقليمية من جديد. خلال فترة حكمه، تمددت بلغاريا من البحر الأدرياتيكي إلى البحر الأسود وازدهر الاقتصاد. في نهايات القرن الثالث عشر، مع ذلك، انحسرت الإمبراطورية في ظل الغزوات المستمرة للمغول والبيزنطيين والهنغاريين والصرب بالإضافة إلى الاضطراب والثورة الداخلية. شهد القرن الرابع عشر تعافي واستقرار مؤقتين ولكن أيضًا تزايد قوة الإقطاعية البلقانية إذ خسرت السلطات المركزية تدريجيًا عدة مناطق. قُسمت بلغاريا إلى ثلاث مناطق عشية الغزو العثماني.
بعيدًا عن التأثير البيزنطي القوي، أقام الفنانون والمعماريون البلغار نمطهم الخاص المميز. في القرن الرابع عشر، خلال الفترة التي عُرفت بالعصر الذهبي الثاني للثقافة البلغارية، ازدهر الأدب والفن والعمارة. أصبحت العاصمة تارنوفو، التي كانت تُعتبر القسطنطينية الجديدة، محور الثقافة الرئيسي للدولة ومركز العالم الأرثوذكسي الشرقي بالنسبة للبلغار المعاصرين. بعد الاحتلال العثماني، هاجر عدد من الكتاب والعلماء البلغار إلى صربيا وولاشيا ومولدوفا والإمارات الروسية حيث عرّفوا بالثقافة والكتب البلغارية والأفكار الهيسيشاسية.[5][6][7]
التسمية
إن الاسم الأكثر استخدامًا للإمبراطورية هو بلغاريا كما دعت الدولة نفسها. خلال فترة حكم كالويان، كانت الدولة تُعرف أحيانًا ككينونة من البلغار والفلاشيين. ذكر البابا إينوسينت الثالث وبعض الأجانب مثل الإمبراطور اللاتيني هنري الدولة على أنها بلغاريا والإمبراطورية البلغارية في الرسائل الرسمية.[8][9][10]
في علم التاريخ الحديث، يُطلق على الدولة اسم الإمبراطورية البلغارية الثانية أو التساردوم البلغاري الثاني أو المملكة البلغارية الثانية لتمييزها عن الإمبراطورية البلغارية الأولى. استُخدم اسم بديل للربط مع الفترة ما قبل القرن الثالث عشر وهو إمبراطورية الفلاشيين والبلغار وأسماء متعددة بما في ذلك إمبراطورية الفلاشيين البلغارية وإمبراطورية البلغار الفلاشية والإمبراطورية الرومانية البلغارية؛ استُخدم الاسم الأخير حصريًا في التأريخ الروماني. ومع ذلك، استخدمت السجلات العربية العائدة للقرن الثالث عشر فقط اسم فلاشيا بدلًا من بلغاريا وأعطت الإحداثيات العربية لفلاشيا وحددت أن فلاشيا تُسمى العوالق والسكان يُسمون العلاقوت أو العلاغ.[11][12][13][14][15]
خلفية تاريخية
في عام 1018، عندما غزا الإمبراطور البيزنطي باسيل الثاني (حكم بين عامي 976-1025) الإمبراطورية البلغارية الأولى حكمها بحذر. بقي النظام الموجود للضرائب والقانون وسلطة النبلاء ذوي المكانة المتدنية دون تغيير حتى موته عام 1025. كانت البطريركية البلغارية المستقلة ذاتيًا تتبع للبطريرك المسكوني في القسطنطينية وخُفضت مرتبتها إلى مطرانية مركزها أوهريد بينما تحتفظ باستقلالها وأبرشياتها. عيّن باسيل حون ديبرانين الأول كأول رئيس أساقفة للأبرشية البلغارية ولكن من خلفوه كانوا بيزنطيين. أعطي الأرستقراطيين البلغار وأقرباء تسار ألقابًا بيزنطية ونُقلوا إلى الأجزاء الآسيوية للإمبراطورية. رغم المصاعب، نجى الأدب واللغة والثقافة البلغارية، إذ تُشير النصوص الناجية وتُمجد بالإمبراطورية البلغارية. ضُمنت الأقاليم المحتلة حديثًا في ثيمات بلغاريا وسيرميوم وبارستريون.[16][17][18]
عندما انحسرت الإمبراطورية البيزنطية تحت حكم خلفاء باسيل، ساهمت غزوات البجناك والضرائب المرتفعة إلى زيادة الاستياء الذي نتج عنه عدة ثورات ضخمة بين عامي 1040-1041 وسبعينيات وثمانينيات القرن الحادي عشر. كان المركز المبدئي للمقاومة في موضوع بلغاريا فيما يُعرف الآن بمقدونيا، حيث حدثت الثورة الكبيرة لبيتر ديلان (1040-1041) وثورة جيورجي فويته 1072. قُمعت كلا الثورتين بوحشية كبيرة من قبل السلطات البيزنطية. تُبعت تلك الثورات بتمردات في بارستريون وثيريس. خلال فترة التعافي الكومينية والاستقرار المؤقت الذي نعمت به الإمبراطورية البيزنطية في النصف الأول من القرن الثاني عشر، هدأ البلغار ولم يحدث أي تمرد خلال تلك الفترة حتى نهاية القرن.[19][20]
التاريخ
التحرير
أدى الحكم الكارثي لإمبراطور كومونيان الأخير أندرونيكوس الأول (حكم من سنة 1183 إلى عام 858) إلى تفاقم حالة الفلاحين البلغار والنبلاء. كان أول إجراء لخلفه اسحق الثاني أنجيلوس هو فرض ضريبة إضافية لتمويل حفل زفافه. في عام 1185، طلب الأخوان الأرستقراطيان من مدينة تارنوفو وهما ثيودور وآسين، من الإمبراطور أن يجندهم في الجيش ويمنحهم الأرض، لكن اسحق الثاني رفض ولطم آسين على وجهه. عند عودتهم إلى تارنوفو، كُلف الأخوان ببناء كنيسة مخصصة للقديس ديميتريوس السالونيكي. أظهروا للشعب أيقونة احتفالية للقديس، الذي ادعوا أنه غادر سالونيكا لدعم القضية البلغارية ودعا إلى التمرد. كان لهذا الفعل التأثير المنشود على السكان المتدينين، الذين شاركوا بحماس في تمرد ضد البيزنطيين. تُوج ثيودور، الأخ الأكبر، إمبراطورًا لبلغاريا تحت اسم بيتر الرابع، ليخلف بيتر المقدس الأول (حكم بين عامي 927-969). انضمت جميع بلغاريا تقريبًا إلى الشمال من جبال البلقان -المنطقة المعروفة باسم مويسيا- فورًا إلى المتمردين، الذين حصلوا أيضًا على مساعدة الكومان، وهي قبيلة تركية تسكن أراضي شمال نهر الدانوب. سرعان ما أصبح الكومان جزءًا مهمًا من الجيش البلغاري، إذ لعبوا دورًا رئيسيًا في النجاحات التي تلت ذلك. بمجرد اندلاع التمرد، حاول بيتر الرابع الاستيلاء على العاصمة القديمة بريسلاف لكنه فشل؛ وأعلن تارنوفو عاصمةً لبلغاريا.[21][22][23][24][25]
من مويسيا، شن البلغار هجمات في شمال تريس بينما كان الجيش البيزنطي يقاتل النورمان، الذين هاجموا الممتلكات البيزنطية في غرب البلقان ونهبوا سالونيكا، ثاني أكبر مدينة في الإمبراطورية. استجاب البيزنطيون في منتصف عام 1186، عندما نظم اسحق الثاني حملةً لسحق التمرد قبل أن ينتشر برقعة أكبر. أمن البلغار الممرات لكن الجيش البيزنطي وجد طريقه عبر الجبال بسبب الكسوف الشمسي. بمجرد وصول البيزنطيين إلى السهول، لم يخاطر المتمردون بمواجهة مع القوة الأكبر والأفضل تنظيمًا. تظاهر بيتر الرابع بأنه على استعداد للخضوع، بينما سافر آسين إلى شمال نهر الدانوب لتكوين جيش. أحرق الإمبراطور البيزنطي محاصيل البلغار وهو راضٍ عن هذه الفعلة وعاد إلى القسطنطينية. بعد ذلك بفترة وجيزة، عبر آسين نهر الدانوب مع تعزيزات الكومان، معلنًا أنه سيواصل الكفاح حتى تُحرر جميع الأراضي البلغارية. شُكل جيش بيزنطي جديد تحت قيادة عم الإمبراطور جون دوكاس أنجيلوس، لكن مع خشية اسحق الثاني من الإطاحة به، استبدل دوكاس بجون كانتاكوزينوس، وهو رجل أعمى غير مؤهل ليصبح ملكًا. هاجم البلغار معسكر كانتاكوزينوس خلال الليل، ما أسفر عن مقتل عدد كبير من الجنود. في منتصف عام 1186، أرسل جيش آخر بقيادة الجنرال أليكسيوس براناس. ومع ذلك، وبدلًا من قتال المتمردين، تحول براناس إلى القسطنطينية ليطالب بالعرش لنفسه؛ لكنه قُتل بعد ذلك بوقت قصير. مستفيدين من الفوضى، داهم البلغار شمال تريس، ونهبوا الريف قبل أن تتمكن القوات البيزنطية من الهجوم المضاد. في إحدى المناسبات، واجه الجيشان بعضهما البعض بالقرب من قلعة لارديا في معركة غير حاسمة؛ حافظ البلغار على نهبهم وتراجعوا إلى شمال جبال البلقان.[26][27][28][29][30]
في أواخر عام 1186، أطلق اسحق الثاني حملته الثانية ضد بلغاريا. اضطر جيشه لقضاء فصل الشتاء في صوفيا، وإعطاء البلغار الوقت للتحضير للغزو. في أوائل العام التالي، حاصر البيزنطيون لوفيش لكنهم لم يتمكنوا من الاستيلاء عليها؛ وقعوا الهدنة التي اعترفت بحكم الواقع بالاستقلال البلغاري. في عام 1189، عندما كان زعيم الحملة الصليبية الثالثة، الإمبراطور فريدريك الأول بربروسا على شفا الحرب مع البيزنطيين، عرض عليه آسين وبيتر الرابع جيشًا قوامه 40 ألفًا مقابل اعتراف رسمي، لكن العلاقات بين الصليبيين والبيزنطيين في نهاية المطاف تحسنت. في عام 1190، قاد اسحق الثاني حملةً أخرى مناهضة للبلغارية انتهت بهزيمة كارثية في ممر تريفانا. بالكاد هرب الإمبراطور بحياته؛ استولي على الخزانة الإمبراطورية، بما في ذلك التاج والصليب، من قبل البلغاريين المنتصرين. بعد نجاحهم، توج آسين ليصبح إمبراطورًا وأصبح معروفًا باسم إيفان آسين الأول. تنحى بيتر الرابع طوعًا لإفساح المجال أمام شقيقه الأكثر نشاطًا؛ احتفظ بيتر الرابع بلقبه لكن إيفان آسين تولى السلطة.[30][31][32][33][34][35]
في السنوات الأربع التالية، تحول تركيز الحرب إلى جنوب جبال البلقان. أتت استراتيجية إيفان آسين المتمثلة في الضرب السريع في مواقع مختلفة ثمارها، وسرعان ما سيطر على المدن الهامة صوفيا ونيس إلى الجنوب الغربي، ما يمهد الطريق إلى مقدونيا. في عام 1194، جمع البيزنطيون قوةً ضخمة مؤلفة من الجيوش الشرقية والغربية، لكنهم هزموا في معركة أركاديوبوليس. حاول اسحق الثاني، غير قادر على المقاومة، التحالف مع الملك الهنغاري بيلا الثالث وشن هجوم مشترك ضد بلغاريا، لكن أخيه ألكسيوس الثالث أنجيلوس أطاح به. حاول البيزنطيون التفاوض على السلام لكن إيفان آسين طالب بإعادة جميع الأراضي البلغارية واستمرت الحرب. في 1196، هُزم الجيش البيزنطي مرة أخرى في سيريس، في أقصى الجنوب. عند عودته إلى تارنوفو، قُتل إيفان آسين على يد ابن عمه إيفانكو في مؤامرة مصدرها القسطنطينية. حاصر بيتر الرابع حاصر تارنوفو وهرب إيفانكو إلى الإمبراطورية البيزنطية، حيث أصبح حاكما لفيلوبوليس. قتل بيتر الرابع بعد أقل من عام من وفاة شقيقه.[36][37][38][39]
انظر أيضاً
المصادر
- Kamburova, Violeta (1992). Atlas "History of Bulgaria". Sofia: Bulgarian Academy of Sciences. صفحات 18, 20, 23.
- John Van Antwerp Fine, The Late Medieval Balkans: A Critical Survey from the Late Twelfth Century to the Ottoman Conquest, University of Michigan Press, 1994, (ردمك ), p. 425.
- "S. Runciman - A history of the First Bulgarian empire - Index". Promacedonia.org. مؤرشف من الأصل في 18 أبريل 201905 مايو 2018.
- Karloukovski, Vassil. "V. Zlatarski - Istorija 1 A - Index". promacedonia.org. مؤرشف من الأصل في 9 يونيو 2019.
- Kazhdan 1991، صفحات 334, 337
- Obolensky, p. 246
- Kǎnev, Petǎr (2002). "Religion in Bulgaria after 1989". South-East Europe Review (1): 81. مؤرشف من الأصل في 29 يوليو 2012.
- Fine 1987، صفحة 13
- "Letters by the Latin Emperor Henry" in LIBI, vol. IV, Bulgarian Academy of Sciences, Sofia, p. 15
- "Letters by the Latin Emperor Henry" in LIBI, vol. IV, Bulgarian Academy of Sciences, Sofia, p. 16
- "Encyclopædia Britannica: Vlach". مؤرشف من الأصل في 20 أكتوبر 201420 سبتمبر 2011.
- Kenrick, Donald (2004). Gypsies, from the Ganges to the Thames. University of Hertfordshire Press. صفحة 45. . مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
- Boia, Lucian (1972). Romania: Borderland of Europe. صفحة 62.
- Kolarz, Walter (1972). Myths and Realities in Eastern Europe. Kennikat Press. صفحة 217. . مؤرشف من الأصل في 23 يناير 2020.
- Dimitri Korobeinikov, A broken mirror: the Kipchak world in the 13th century. In the volume: The other Europe from the Middle Ages, Edited by Florin Curta, Brill 2008, p. 394
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحات 342–343
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحة 365
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحات 391–392
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحة 406
- Andreev & Lalkov 1996، صفحات 140, 143
- Fine 1987، صفحة 11
- Fine 1987، صفحة 10
- Fine 1987، صفحات 11–12
- Vásáry 2005، صفحة 17
- Andreev & Lalkov 1996، صفحات 144–145
- Andreev & Lalkov 1996، صفحة 150
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحة 431
- Andreev & Lalkov 1996، صفحات 150–151
- Fine 1987، صفحة 14
- Andreev & Lalkov 1996، صفحة 151
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحات 431–432
- Fine 1987، صفحة 15
- Andreev & Lalkov 1996، صفحة 145
- Fine 1987، صفحة 16
- Andreev & Lalkov 1996، صفحات 153–155
- Andreev & Lalkov 1996، صفحات 146–147
- Andreev & Lalkov 1996، صفحات 156–157
- Fine 1987، صفحة 27
- Bozhilov & Gyuzelev 1999، صفحة 434