موقع الجار
يقع الجار على بعد حوالي 10كم شمال بلدة الرايس بالقرب من ينبع.[1] و يرى بعض الباحثين أن موقع الجار هو ميناء “البريكة” الواقعة بين الرايس و ينبع، يقول حمد الجاسر عن الميناء:" ويقع الجار في المكان المعروف الآن باسم الرايس غرب بلدة بدر بميل نحو الشمال، وكان الماء العذب ينتقل إليه من بدر".[2]
تاريخ ميناء الجار
ويعود تاريخ ميناء الجار لفترة تسبق العصر الإسلامي، وكان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول من اتخذ الجار ميناء رسميًا للمدينة، وكان الميناء يستقبل المواد الغذائية المرسلة من مصر إلى المدينة، لذلك عد الجار أهم موانئ البحر الأحمر خلال القرون الخمسة الأولى من الهجرة.
موقع الجار الاثري
يتكون الموقع الأثري في الجار من عدد من التلال الأثرية تقع داخل محيط سور المدينة الذي تظهر ملامحه على السطح، كذلك تظهر على ساحل البحر بقايا ما يعتقد أنه أرصفة الميناء القديم. ويحيط بالمدينة سور من ثلاث جهات فقط، وبني من الحجر الجيري ، بينما الجهة الرابعة مفتوحة على البحر. ومن المعتقد أن سور المدينة يتصل بأرصفة الميناء ويشكل معها تحصينًا كاملاً للمدينة. ومن خلال الأعمال التي تمت في الموقع، فقد تم تحديد طبقات أثرية تعود لفترات عصر ما قبل الإسلام والعصر الإسلامي المبكر. كذلك عثر على مواد أثرية أبرزها الفخار والخزف الإسلامي المبكر والخزف الصيني المستورد.
وكما يمكن تمييز أرصفة الميناء التي يمتد بعضها إلى داخل البحر ( غبان 1993 : 2 / 18 ) .
اندثار ميناء الجار
منذ القرن الرابع الهجري ضعف شأن الجار حين اضطراب الأمن في الحجاز بسبب ضعف الحكم. حيث وصفها وصفها ناصر خسرو في القرن الخامس بأنها ميناء و قرية صغيرة. و في القرن السادس ذكر الإدريسي أنها على ضفة البحر المالح، و المراكب إليها قاصدة و مقلعة و ليس بها كبير تجارات [3] ؛ [4] ، و في أوئل القرن السابع الهجري حول الأيوبيون فرضة المدينة إلى ينبع مما أدى إلى تدهور الجار و من ثم خرابها.
ماذكرة الرحالة والجغرافيون عن الجار
وصف ابن حوقل
- والجار فرضه المدينة وهي على ثلث مراحل منها على شطّ البحر وهي أصغر من جدّه، وجدّه فرضه لأهل مكّه على مرحلتين منها على شطّ البحر وكانت عامره كثيره التجارات والأموال ولم يكن بالحجاز بعد مكّه أكثر مالا وتجاره منها وكانت تجاراتهم تقوم بالفرس فلمّا أقام بها ابن جعفر الحسنىّ تشتّت أربابها ورزحت أحوالها.[5]
وصف عرام السلمي
- وصف ميناء الجار و ذكر أن السفن ترفأ إليه من ارض الحبشة و مصر و من البحرين و الصين. و أن الميناء قرية كبيرة آهلة، بها منبر و قصور كثيرة [6] .
وصف المقدسی
في القرن الرابع
- تقع على ساحل البحر محصّنه بثلاث حيطان والربع البحريّ مفوّه بها دور شاهقه وسوق عامر وأنها خزانه المدينة المنورة وقراها ومدنها يحمل اليهم الماء من بدر والطعام من مصر وليس لجامعهم صحن.[7]
قال البکری الاندلسی
- بالراء المهملة: هو ساحل المدينة، و هي قرية كثيرة القصور، كثيرة الأهل، على شاطئ البحر فيما يوازى المدينة، ترفأ إليها السّفن من مصر و أرض الحبشة، و من البحرين و الصين؛ و نصفها في جزيرة من البحر، و نصفها في الساحل. و بحذائها قرية في جزيرة من البحر، تكون ميلا في ميل، لا يعبر إليها إلّا في السّفن، و هي مرفأ للحبشة خاصّة، يقال لها قراف، و سكانها تجار، و كذلك سكّان الجار، و يؤتون بالماء على فرسخين من وادى يليل، الذي يصبّ في البحر هناك.[8]
- قال المؤلّف أبو عبيد رحمه اللّه، هذا قول السّكونى. و الصحيح أن يليل يصبّ في غيقة، و غيقة تصبّ في البحر، على ما بيّن في موضعه. و ذات السّليم: ماء لبنى صخر بن ضمرة قرب الجار. و حسنى: جبل بين الجار و ودّان، كثيّر:
عفت غيقة من أهلها فحريمها | فبرقة حسنى قد عفت فصريمها |
و كلفى: موضع بين الجار و ودّان أيضا، أسفل من الثّنيّة و فوق شقراء؛ قال كثيّر:
عفت ميث كلفى بعدنا فالأجاول | فأجماد حسنى فالبراق القوابل |
و البزواء: أرض بيضاء مرتفعة، من الساحل بين الجار و ودّان ، يسكنها بنو ضمرة ابن بكر بن عبد مناة بن كنانة، كثيّر:
يقبّلن بالبزواء و الجيش واقف | مزاد الرّوايا يصطببن فضالها |
- قال ابن الكلبى :
لقى مضاض بن عمرو و الجرهمىّ، ميّة بنت مهلهل بالساحل، فقال لها:
أعيذك بالرّحمن أن تجمعى هوى | عليه و هجرانا و حبّك قاتله |
فسمّى الموضع الجار.
قال الحازمي الهمداني :
آخره راءٌ -: مدينه على ساحل البحر بينها وبين المدينة يومٌ وليله، ترفأ إليه السفن من أرض الحبشه ومن البحرين و الصين، وبها منبرٌ وهي آهله شرب أهلها من البحيرة، هي عين يليل، وبالجار قصور كثيره، ونصف الجار في جزيرة من البحر، ونصفها على الساحل، وبحذاء الجار قريه في جزيرة من البحر تكون ميلاً في ميل، لا يعبر إليها إلا في السفن، وهي مرسا الحبشه خاصه، يقال لها قراف وسكانها (نجا) كنحو أهل الجار يؤتون بالماء من على فرسخين. ذكر ذلك كله أبو الأشعث الكندي وينسب إليها جماعه من الرواة منهم عمرو ابن سعد الجاري روى عن أبي هريره وغيره، وأبو سعد الجاريّ وغيرهما.[9]
قال ياقوت الحموي :
بتخفيف الراء، وهو الذي تجيره أن يضام:[10]
مدينه على ساحل بحر القلزم، بينها وبين المدينة يوم وليله، وبينها وبين أيله نحو من عشر مراحل، وإلى ساحل الجحفة نحو ثلاث مراحل، وهي في الإقليم الثاني، طولها من جهه المغرب أربع وستون درجه وعشرون دقيقه، وعرضها أربع وعشرون درجه، وهي فرضه ترفأ إليها السفن من أرض الحبشة و مصر و عدن و الصين وسائر بلاد الهند، ولها منبر، وهي آهله، وشرب أهلها من البحيرة، وهي عين يليل، وبالجار قصور كثيره، ونصف الجار في جزيرة من البحر ونصفها على الساحل، وبحذاء الجار جزيرة في البحر تكون ميلا في ميل، لا يعبر إليها إلا بالسفن، وهي مرسى الحبشة خاصه، يقال لها قراف، وسكانها تجار كنحو أهل الجار يؤتون بالماء من فرسخين ذكر ذلك كله أبو الأشعث الكندي عن عرّام بن الأصبغ السلمي، وقد سمي ذلك البحر كله الجار، وهو من جدّه إلى قرب مدينه القلزم قال بعض الأعراب:
وليلتنا بالجار، والعيس بالفلا | معلّقه أعضادها بالجنائب | |
سمعت كلاما من ورا سجف محمل | كما طلّ مزن صيّب من سحائب | |
وقائله لاح الصباح ونوره | عسى الركب أن يحظى بسير الركائب | |
عسى يدرك التعريف والموقف الذي | شغلنا به عن ذكر فقد الحبائب |
وينسب إلى الجار جماعه من المحدّثين، منهم: سعد الجاري وفي حديثه اختلاف، وهو سعد بن نوفل مولى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان استعمله على الجار، روى عنه ابنه عبد الله، قال أبو عبد الله: أراه الذي روى أبو أسامه عن هشام بن عروه عن سعد مولى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أوصى أسيد بن حضير إلى عمر أراه والد عبد الرحمن بن عمر، وروى أيضا العقدي عن عبد الملك بن حسن أنه سمع عمرو بن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب وعبد الله بن سعد الجاري، سمع أبا هريره، روى عنه عبد الملك بن حسن قال البخاري: إن لم يكن أخا عمرو بن سعد فلا أدري، وعبد الرحمن بن سعد الجاري، كان بالكوفة، سمع ابن غرّه، روى عنه منصور وحماد بن أبي سليمان قاله وكيع، قال البخاري: أحسبه أخا عمرو ويحيى بن محمد الجاري: قال البخاري: يتكلم فيه وعمر بن راشد الجاري، روى عن ابن أبي ذئب، روى عنه يعقوب ابن سفيان النّسوي، وقال أحمد بن صالح في تاريخه:
يحيى بن أحمد المديني يقال له الجاري من موالي بني الدّؤل من الفرس، وذكر من فضله، وهو من أهل المدينة، كان بالجار زمانا يتّجر ثم سار إلى المدينة، فقال: لقّبوني بالجاري وعيسى بن عبد الرحمن الجاري ضعيف وعبد الملك بن الحسن الجاري الأحول مولى مروان بن الحكم، يروي المراسيل، سمع عمر بن سعد الجاري، روى عنه أبو عامر العقدي.
قال عبد المومن البغدادی :
بتخفيف الراء: مدينه على ساحل بحر القلزم، بينها و بين المدينة يوم و ليله، و بينها و بين أيله نحو من عشر مراحل، و إلى ساحل الجحفه نحو ثلاث مراحل، و هي فرضه لأهل المدينة ترفأ إليها السفن، من أرض الحبشة و مصر و عدن و نجد.
و الجار: جزيرة في البحر، يقال لها قراف، ميل في ميل يسكنها تجّار مثل أهل الجار يؤتون بالماء في القرب من فرسخين، و قد يسمّى ذلك البحر كلّه من جدّه إلى مدينه القلزم الجار.[11]
قال الحمیری :
مدينة بالحجاز على ساحل البحر مما يلي المدينة و هي آهلة عامرة كانت قبل هذا مدينة قريبة من جدّه و المراكب إليها قاصدة و مقلعة و ليس بها كبير تجارة، و من الجار إلى جدّه نحو عشرة أيام في البرّ بطول الساحل، و البحر يبعد تارة و يقرب أخرى، و أكثر هذه المراحل في رمال ناشفة و طرق دارسة يستدل فيها بالبحر و الجبال. و قالوا: البحر الأعظم من المدينة على ثلاثة أيام و ساحلها موضع يقال له الجار، و فيه ترسي المراكب التي تحمل الطعام من مصر، و مدينة الجار مدينة مسوّرة و هي ساحل مدينة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هي حسنة البناء جدا و البحر يضرب سورها، و لها أسواق و مسجد جامع و لها أحساء خارج المدينة يسقون منها و لهم مواجل لماء المطر، و منها يصعد من أراد مدينة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و يخرج أهلها كل يوم إذا فتح باب مدينتها الشرقي إلى باب محني هناك يسمى باب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فيستقبلون بوجوههم المدينة شرقا و يسلمون و يدعون و ينصرفون لا بد لهم من ذلك. و من الجار إلى بدر نحو المشرق إذا أردت المدينة عشرون ميلا. و قال يوما عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: خطر على قلبي شهوة الحيتان فركب يرفأ راحلة إلى الجار فسار أربعا و أتى بها، فرأى عمر رضي اللّه عنه الراحلة فقال: عذبت بهيمة من البهائم في شهوة عمر، و اللّه لا يذوقه عمر.
منها سعد الجاري مولى عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه. و قال كعب لعمر رضي اللّه عنه: انا نجدك في كتاب اللّه تعالى على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقعوا فيها فإذا مت لم يزالوا يقتحمونها إلى يوم القيامة.[12]
قال شُرَّاب :
«ميناء قديم على البحر الأحمر ...و تقع الجار الآن في المكان المعروف اليوم باسم “الرايس” غرب بلدة بدر بميل قليل نحو الشمال. و كان الماء العذب ينقل إليها من بدر.[13]
- وورد في كتاب حدود العالم :
مدينة على ساحل البحر، و هي فرضة المدينة.[14]
أهم الأحداث التي ارتبطت بميناء الجار
في العام (18هـ) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من مجاعة شديدة وسمي ذلك العام عام الرمادة، وكانت الريح تسفي تراباً كالرمادة، وقد اشتد الجوع بالناس، وضرب الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أروع الأمثلة في الإيثار وأقسم أن لا يذوق سمناً ولا لبناً ولا لحماً حتى يحيا الناس، وقال: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يصبني ما أصابهم؟ رضي الله عنه وأرضاه فلقد أتعب من أتى بعده إلى يوم القيامة .! وكتب إلى أمراء الأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها، فحمل الطعام من الشام ومصر [15] ، ومن ذلك ما كتب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر أن يبعث إليهم الطعام على الإبل، وفي البحر حتى يصل به إلى ساحل الجار، فحمل الطعام إلى القلزم في عشرين مركباً (ثلاثة آلاف إردب) حتى وافى الجار، ولما علم عمر رضي الله عنه قدم إلى الجار ومعه عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنظر السفن ثم وكل من قبض ذلك الطعام، وبني قصرين وجعل ذلك الطعام فيهما، ثم أمر زيد بن ثابت أن يكتب الناس على منازلهم وأمره أن يكتب لهم صكاكاً من قراطيس ثم يختم أسافلها [16].[17]
مراجع
- موقع الجار - تصفح: نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- الجُمان في تاريخ ينبع على مدار الزمان، ناجي بن تركي الهزاعي الشريف، 1426هـ/2005م، ص39.
- الإدريسي 1409 : 144
- الأنصاري ، عبد القدوس 1391 : 488
- ابن حوقل ، صوره الارض ، ص 39.
- السلمي 1373 : 9
- المقدسی ، أحسن التقاسيم في معرفه الأقاليم، ص 83
- البکری الاندلسی ، معجم ما استعجم من أسماء البلاد و المواضع،جلد 2، ص 356-355.
- الحازمی الهمدانی ، الاماكن او ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الامكنه، ص 177.
- یاقوت الحموی ، معجم البلدان، جلد 2، ص 93-92 ، ترجمه فارسی ، جلد 2، ص 4.
- ابن عبد الحق ، مراصد الاطلاع على أسماء الامكنة و البقاع ، جلد 1، ص 305.
- ابوعبدالله عبد المنعم الحمیری ، الروض المعطار فی خبر الاقطار ، ص 153.
- محمد بن محمد حسن شُرَّاب، المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، ص 85
- حدود العالم من المشرق الي المغرب ،ص 174
- ابن الأثير: الكامل في التاريخ، الطبعة الرابعة، 1403، 1983، دار الكتاب العربي، بيروت، ج2، ص388ـ389.
- ابن سعد في الطبقات الكبرى ،ج3، ص311 اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر العباسي: تاريخ اليعقوبي ، دار صادر، بيروت، ج2، ص154.
- الباحث الشريف محمد بن حسين الحارثي - ميناء الجار الإسلامي