الرئيسيةعريقبحث

الجبر والتفويض


☰ جدول المحتويات


الجبر والتفويض وهي من المسائل الكلامية المهمّة والتي تبحث عن كيفيّة صدور أفعال العباد، حيث إنهم مختارون في أفعالهم أم مجبرون، ومضطرون إليها. والمسألة ذات صلة وثيقة بمسألة العدل الالهي، فإنَّ العقل البديهي حاكم على قُبح تكليف المجبور ومؤاخذته عليه، وإنَّ الله عز وجل مُنزّه عن فعل القبيح، ويُسمى هذا الأمر أيضا بـ الجبر والكسب.

تعريف الجبر والتفويض

الجبر لغة: هو الإكراه، فـ(أَجبره على الحكم أَكرهه).[1]

والتفويض: (فوّض) الأمر إليه جعل له التصرف فيه.[2]

الجبر في الاصطلاح إجبارُ الله عز وجل عبادَه على ما يفعلون، خيراً كان أو شراً، حسناً كان أو قبيحاً، دون أنْ يكون للعبد إرادة واختيارُ الرفض والامتناع، ويرى الجبريّة الجبر مذهباً يرى أصحابُه أنّ كلّ ما يحدث للإنسان قُدّر عليه أَزَلا، فهو مُسيّر لا مُخيّر، وهو قول الأشاعرة.[3]

والتفويض: أي إنَّه ليس لله عز وجل أي صنع في فعل العبد، وإنَّ ذات الانسان وإن كانت مخلوقة لله عز وجل ولكن لا يمت فعله إليه بصلة، فالانسان مستقلٌ في فعله وفي إيجاده وتأثيره حفظا لعدل الله عز وجل.[4]

تأريخ مسألة الجبر والتفويض

لا يمكن تحديد زمن تكوّن هذه المسألة لانها من المسائل الفكريّة التي يتطلعُ لها كل إنسان لكي يحلها سواء قَدِرَ عليها أم لا، وقد كانت مطروحة في الفلسفة الإغريقيّة، ثم طُرحت في الأوساط الإسلاميّة وبحث عنها المتكلمون والفلاسفة الإسلاميون، كما وقع البحث عنها في المجتمعات الغربيّة الحديثة.[5]

وعرّف الشهرستاني الجبريون بانهم الذين يقولون: إنَّ الإنسانَ لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالاستطاعة؛ وإنما هو مجبور في أفعاله: لا قدرة له، ولا إرادة، ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتُنسب إليه الأفعال مجازاً، كما تُنسبُ إلى الجمادات؛ كما يُقال: أثمرت الأشجار، وجرى الماء، وتحرّك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيّمت السماء وأمطرت، واهتزت الأرض وأنبتت ... إلى غير ذلك. والثواب والعقاب جبرٌ، كما أن الأفعال كلها جبرٌ؛ قال: وإذا ثبت الجبر، فالتكليف أيضاً كان جبراً.[6]

المذاهب في مسألة الجبر والتفويض

إنَّ المذاهب والآراء المطروحة في مسألة الجبر والتفويض في الكلام الإسلامي أربعة :

  1. مذهب الجبر المحض.
  2. مذهب الكسب.
  3. مذهب التفويض.
  4. مذهب الأمر بين أمرين.

مذهب الجبر المحض

وهو منسوب إلى جهم بن صفوان (ت 128 ه‍) قال الأشعري: تفرّدَ جهم بإمور منها: انَّه لا فعل لإحد في الحقيقة الا اللّه عز وجل وحده، وانَّهُ هو الفاعل، وإنَّ الناس انَّما تُنسبُ إليهم أفعالهم على المجاز، كما يُقال: تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس.[7]

دليل بطلان الجبر المحض

لا ريبَ في بطلان هذا المذهب بالبداهة، إذ لو كانَ كذلك لبطلَ التكليف والوعد، والوعيد، والثواب، والعقاب، ولصار بعث الأنبياء وإنزال الكتب والشرائع السماويّة لغوا تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا.

مذهب الكسب

لقد طُرحت نظرية الكسب قبل ظهور الشيخ الأشعري بأكثر من قرن ومن القائلين بها:

  1. الطائفة الضراريّة[8] : قالت: إنَّ أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل حقيقة والعبد مكتسبها[9]
  2. الطائفة النجاريّة[10]: فقد عرّفهم الشهرستاني بأنهم يقولون: الباري عز وجل مريد لنفسه، كما هو عالم لنفسه؛ فألزم عموم التعلّق، فالتزم؛ وقال: هو مريد الخير والشر، والنفع والضر. وقال أيضاً: معنى كونه مريداً أنَّه غير مستكره ولا مغلوب. وقال: هو خالق أعمال العباد: خيرها وشرها، حسنها وقبيحها؛ والعبد مكتسب لها. وأثبتَ تأثيراً للقدرة الحادثة، وسمى ذلك كسباً [11]

ومع ذلك فقد اشتهرت نسبة نظريّة الكسب للأشاعرة وعُدّت من مميزات منهجهم وقد قامَ الشيخ الأشعري وتلامذته بسَوق الأدلة العقليّة والنقليّة على هذه النظريّة ولكن اضطربت عبائرهم في تفسير هذه النظريّة ومرجع ذلك لأمرين:

  1. انَّ للقدرة المحدثة (قدرة العبد) نحو تأثير في اكتساب الفعل وهو يُسمى كسبا وهذا يظهرُ من جماعة من الأشاعرة.
  2. ليس للقدرة المحدثة تأثير في الفعل سوى مقارنتها لتحقق الفعل من جانبه سبحانه، وهذا التفسير يظهرُ من كلمات جماعة أخرى من الأشاعرة.

دليل بطلان الكسب

لقد أدركَ بعض رجال الأشاعرة بطلان هذه النظريّة وعدم كونها طريقا صحيحا لحل معضلة الجبر فأبطلوها ومنهم :

  1. إمام الحرمين: فقدَ اعترف بنظام الأسباب والمسببات الكونيّة أولا وانتهائها لله عز وجل وإنَّه خالقٌ للأسباب ومسبباتها المستغني على الإطلاق ثانيا وإنَّ لقدرة العباد تأثير في أفعالهم وإنَّ قدرتهم تنتهي إلى قدرة الله عز وجل ثالثا [12]
  2. الشيخ عبد الوهّاب الشعراني: وهو من أقطاب الحديث والكلام في القرن العاشر، فقد وافقَ إمام الحرمين في هذا المجال وقال: من زعم أنّه لا عمل للعبد فقد عاند، فإنّ القُدرة الحادثة، إذا لم يكن لها أثر فوجودها وعدمها سواء، ومن زعم أنّه مستبد بالعمل فقد أشرك، فلابدّ أنّه مضطرّ على الاختيار.[13]
  3. الشيخ محمد عبده: فقد قالَ في كلام طويل: منهم القائل بسلطة العبد على جميع أفعاله واستقلاله المطلق (يريد المعتزلة) وهو غرور ظاهر، ومنهم من قال: بالجبر وصرَّح به - يريد الجبريّة الخالصة -، ومنهم من قال به وتبرّأ من إسمه - يريد الأشاعرة- وهو هدم للشريعة ومحو للتكاليف، وإبطال لحكم العقل البديهي، وهو عماد الايمان ودعوى أن الاعتقاد بكسب العبد لأفعاله يؤدّي إلى الإشراك باللّه- وهو الظلم العظيم- دعوى من لم يلتفت إلى معنى الإشراك على ما جاء به الكتاب و السنّة، فالإشراك اعتقاد أنّ لغير اللّه أثراً فوق ما وهبه اللّه من الأسباب الظاهرة، وأنّ لشيء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين...».[14]

مذهب التفويض

المنقول عن المعتزلة هو أنّ أفعال العباد مفوَّضة إليهم وهم الفاعلون لها بما منحهم اللّه من القدرة، وليس للّه سبحانه شأن في أفعال عباده، قال القاضي عبد الجبّار: ذكر شيخنا أبو علي (رحمه الله): اتّفق أهل العدل على أنّ أفعال العباد من تصرّفهم وقيامهم وقعودهم، حادثة من جهتهم، وأن اللّه عز وجل أقدرهم على ذلك ولا فاعل لها ولا محدث سواهم.[15] وقال أيضاً: فصلٌ في خلق الأفعال، والغرض به، الكلام في أنّ أفعال العباد غير مخلوقة فيهم وأنّهم المُحدِثون لها.[16]

دافع المعتزلة للقول بالتفويض

إنّ دافع المعتزلة إلى القول بالتفويض هو الحفاظ على العدل الإلهي، فلمّا كان العدل عندهم هو الأصل والأساس في سائر المباحث، عمدوا إلى تطبيق مسألة أفعال العباد عليه، فوقعوا في التفويض لاعتقادهم بأنّ القول بكون أفعال العباد مخلوقة للّه عز وجل ينافي عدله تعالى وحدّدوا بذلك خالقيته تعالى وسلطانه.[17]

دليل بطلان التفويض

يُستدلُ على بطلان التفويض بأدلة كثيرة من القرآن والسنة وهي:

  • بطلان التفويض من القرآن الكريم
  • يقول سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ﴾[18]
  • ويقول سبحانه: «وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»[19]
  • ويقول تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾[20]
  • ويقول سبحانه: ﴿وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾[21]

إلى غير ذلك من الآيات الّتي تُقيّد فعل الإنسان بإذنه عز وجل، والمراد منه الإذن التكويني ومشيئته المطلقة.

  • بطلان التفويض من السُنّة الشريفة

وأمّا السُنّة، فقد تضافرت الروايات على نقد نظرية التفويض فيما أُثِرَ من أئمة أهل البيت وكان المعتزلة مدافعين عن تلك النظريّة في عصرهم، مروّجين لها، ومن الروايات في المقام:

  • ما رواه الصدوق في «الأمالي» عن هشام، قال: قال أبو عبد اللّه "عليه السّلام": «إنّا لا نقول جبراً ولا تفويضاً».[22]
  • ما ورى في «الاحتجاج» عن أبي حمزة الثمالي أنّه قال: قال أبو جعفر "عليه السّلام" للحسن البصري: «إيّاك أن تقول بالتفويض فإنّ اللّه عز وجل لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهناً منه وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً».[23]
  • ما ورد في «العيون» عن الرضا "عليه السّلام" أنّه قال: «مساكين القدرية[24]، أرادوا أن يصفوا اللّه عز وجل بعدله فأخرجوه من قدرته وسلطانه».[25]

مذهب الأمر بين أمرين

لقد جنح المجبّرة إلى الجبر لأجل التحفّظ على التوحيد الأفعالي وحصر الخالقية في اللّه عز وجل، كما أنّ المفوّضة انحازوا إلى التفويض لغاية التحفّظ على عدله عز وجل، وكلا الفريقين غفلا عن نظرية ثالثة يؤيّدها العقل ويدعمها الكتاب والسنّة، وفيها الحفاظ على كلٍّ من أصلي التوحيد والعدل، مع نزاهتها عن مضاعفات القولين، وهذا هو مذهب الأمر بين الأمرين الّذي قال به أئمّة أهل البيت وهو مختار الحكماء الإسلاميين. والإمامية من المتكلّمين.[26]

ومعنى الأمر بين أمرين: هو وجود النسبتين والإسنادين في فعل العبد، نسبة إلى اللّه عز وجل، ونسبة إلى العبد، من دون أن تزاحم إحداهما الأخرى، ومن الأمثلة عليه: أنّه لو فرضنا شخصاً مرتعش اليد فاقد القدرة، فإذا ربط رجل بيده المرتعشة سيفاً قاطعاً وهو يعلم أن السّيف المشدود في يده سيقع على آخر ويهلكه، فإذا وقع السّيف وقتل، يُنسب القتل إلى من ربط يده بالسّيف دون صاحب اليد الّذي كان مسلوب القدرة في حفظ يده، فهذا مثال لما يتبنّاه الجبري في أفعال الإنسان.

ولو فرضنا أنّ رجلًا أعطى سيفاً لمن يملك حركة يده وتنفيذ إرادته فقتل هو به رجلًا، فالأمر على العكس، فالقتل يُنسب إلى المباشر دون من أعطى، وهذا مثال لما يعتقده التفويضي في أفعال الإنسان.

ولكن لو فرضنا شخصاً مشلول اليد (لا مرتعشها) غير قادر على الحركة إلّا بإيصال رجل آخر التيّار الكهربائي إليه ليبعث في عضلاته قوّة ونشاطاً بحيث يكون رأس السلك الكهربائي بيد الرجل بحيث لو رفع يده في آنٍ انقطعت القوّة عن جسم هذا الشخص، فذهب باختياره وقتل إنساناً به، والرجل يعلم بما فعله، ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى كلّ منهما، أمّا إلى المباشر فلأنّه قد فعل باختياره وإعمال قدرته، وأمّا إلى الموصل، فلأنّه أقدره وأعطاه التمكّن حتّى في حال الفعل والاشتغال بالقتل، وكان متمكّناً من قطع القوّة عنه في كلّ آنٍ شاء وأراد[27]، فالإنسان في كلّ حال يحتاج إلى إفاضة القوّة والحياة منه عز وجل إليه بحيث لو انقطع الفيض في آنٍ واحد بطلت الحياة والقدرة، فهو حين الفعل يفعل بقوّة مفاضة منه وحياة كذلك من غير فرق بين الحدوث والبقاء.

محصّل هذا التمثيل أنّ للفعل الصادر من العبد نسبتين واقعيتين، إحداهما نسبته إلى فاعله بالمباشرة باعتبار صدوره منه باختياره وإعمال قدرته، وثانيهما نسبته إلى اللّه عز وجل باعتبار أنّه معطي الحياة والقدرة في كلّ آنٍ وبصورة مستمرّة حتى في آن اشتغاله بالعمل.[28] يعبّر السبزواري عنها بقوله:(و الفعل فعل الله وهو فعلنا)[29]

أدلة الأمر بين أمرين في الكتاب والسنة

  • أدلة الأمر بين أمرين في القرآن الكريم

إذا نظرنا إلى آيات القرآن الكريم سنجد إنَّ الكثير من الآيات الشريفة ذكرت النسبتين - نسبة الفعل لله تعالى وللعبد - في كثير من المواضع ومنها :

1 - قوله سبحانه:﴿وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى﴾[30] فنرى أنّ القرآن الكريم ينسب الرمي إلى النبيّ ، وفي الوقت نفسه يسلبه عنه وينسبه إلى اللّه تعالى.

2 - قوله سبحانه: ﴿قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾[31] فإنّ الظاهر أنّ المراد من التعذيب هو القتل، لأنّ التعذيب الصادر من اللّه تعالى بأيد من المؤمنين ليس إلّا ذاك، لا العذاب البرزخي ولا الأُخروي، فإنّهما راجعان إلى اللّه سبحانه دون المؤمنين، وعلى ذلك فقد نسب فعلًا واحداً إلى المؤمنين وإلى خالقهم.

3 - إنّ القرآن الكريم يذمّ اليهود بقساوة قلوبهم ويقول: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِىَ كَالْحِجارَةِ...﴾[32] ولا يصحّ الذم واللوم إلّا أن يكونوا هم السّبب لعروض هذه الحالة على قلوبهم، وفي الوقت نفسه يسند حدوث القساوة إلى اللّه عز وجل ويقول: ﴿فَبما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً﴾[33]

  • أدلة الأمر بين أمرين في السُنّة الشريفة

وأمّا الروايات فقد ذكر كل من الشيخ الصدوق في «توحيده» والعلّامة المجلسي في «بحاره» الشئ الكثير نذكر منها :

1 - روى الصدوق عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه قالا: «إنّ اللّه عز وجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب، ثمّ يعذّبهم عليها واللّه أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون».قال: فسئلا: هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: «نعم أوسع ممّا بين السماء والأرض».[34]

2 - وروى الصدوق بإسناد صحيح عن الرضا "عليه السّلام" أنّه قال: «إنّ اللّه عز وجل لم يُطَع بإكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يهمل العباد في ملكه، وهو المالك لما ملّكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن إئتمر العباد بطاعته، لم يكن اللّه عنها صادّاً ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الّذي أدخلهم فيه».[35]

3 - وروى أيضاً عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه "عليه السّلام" قال: «لا جبر ولاتفويض ولكن أمر بين أمرين».قال، فقلت: وما أمر بين أمرين؟ قال: «مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته، فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته، أنت الّذي أمرته بالمعصية».[36]

4 - وللإمام الهادي "عليه السّلام" رسالة مبسّطة في الردِّ على أهل الجبر والتفويض، وإثبات العدل والأمر بين الأمرين نقلها علي بن شعبة في تحف العقول، والطبرسي في الاحتجاج، وممّا جاء فيها في بيان حقيقة الأمر بين الأمرين، قوله: «وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض، وبذلك أخبر أمير المؤمنين "عليه السّلام" عباية بن ربعى الأسدي حين سأله عن الاستطاعة الّتي بها يقوم ويقعد ويفعل، فقال له أمير المؤمنين "عليه السّلام": سألت عن الاستطاعة تملكها من دون اللّه أو مع اللّه؟ فسكت عباية، فقال له أمير المؤمنين "عليه السّلام": قل يا عباية، قال: وما أقول؟ قال "عليه السّلام": ... تقول إنّك تملكها باللّه الّذي يملّكها من دونك، فإن يملّكها إيّاك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه، والمالك لما ملّكك، والقادر على ما عليه أقدرك».[37]

انظر ايضاً

وصلات خارجية

الهوامش

  1. ابن منظور، لسان العرب، ج10، ص419.
  2. ابراهيم، المعجم الوسيط، ج2، ص325.
  3. العسكري، دراسة حول الجبر والتفويض والقضاء والقدر، ص5.
  4. السبحاني، الإلهيات، ج2، ص257.
  5. الكلبايكاني، محاضرات في الإلهيات، ص191
  6. الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص87.
  7. الأشعري، مقالات الإسلاميين، ج1، ص312.
  8. وهم أصحاب ضرار بن عمر وقد ظهر في أيام واصل بن عطاء(ت 131ه‍)
  9. الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص90.
  10. هم أصحاب الحسين بن محمد بن عبد الله النجار(ت 230ه‍)، له مناظرات مع النظّام.
  11. الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص89.
  12. الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص98.
  13. الشعراني، اليواقيت والجواهر في بيان عقيدة الأكابر، ص139-141.
  14. عبده، رسالة التوحيد، ص59- 62.
  15. القاضي عبد الجبار، المغني في أصول الدين، ج6، ص41.
  16. القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، ص323.
  17. الكلبايكاني، محاضرات في الإلهيات، ص203-204.
  18. فاطر :15.
  19. البقرة: 102.
  20. البقرة:249.
  21. يونس:100.
  22. المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص4.
  23. المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص17.
  24. القدريّة أسلاف المعتزلة وهم الّذين أنكروا القدر الإلهي السابق المتعلق بأفعال العباد الإختيارية.
  25. المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص54.
  26. الكلبايكاني، محاضرات في الإلهيات، ص205.
  27. السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر، ص241
  28. السبحاني، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف‌، ج3، ص99.
  29. السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر و تليه رسالة أخرى في الأمر بين الأمرين، ص 236
  30. الانفال:17.
  31. التوبة:14.
  32. البقرة:74.
  33. المائدة:13.
  34. الصدوق، التوحيد، ص360.
  35. الصدوق، التوحيد، ص361.
  36. الكليني، أصول الكافي، ج1، ص160.
  37. المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص75.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم
  • إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية.
  • ابن بابويه، محمد بن علي، التوحيد، الناشر: جامعة المدرسين، ط1، قم-إيران، 1398 هـ.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، الناشر : دار صادر، ط1، بيروت-لبنان.
  • الأشعري، علي بن إسماعيل، مقالات الإسلاميين، ط3، 1400هـ.
  • السبحاني، جعفر، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف‌، الناشر: مؤسسه الأمام الصادق "عليه السّلام"‌، ط1، قم- إيران‌، 1423 ه‍ .
  • السبحاني، جعفر، الإلهيات على هدى الكتاب والسُنّة والعقل، مؤسسة الإمام الصادق "عليه السّلام"، ط7، قم-إيران، 1388هـ/1430م.
  • الشعراني، عبد الوهاب، اليواقيت والجواهر، دار احياء التراث العربي، بيروت-لبنان.
  • الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، دار المعرفة، بيروت- لبنان، 1402هـ.
  • العسكري، مرتضى، دراسة حول الجبر والتفويض والقضاء والقدر، د.ن، د.م، د.ت.
  • القاضي، عبد الجبار، المغني في أصول الدين، الناشر: الشركة العربية، ط1، مصر، 1380هـ.
  • القاضي، عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، مكتبة وهبه، ط3، القاهرة- مصر، 1996م.
  • الكلبايكاني، علي، محاضرات في الإلهيات، اضواء الحوزة، طبعة جديدة، بيروت -لبنان، 1431هـ-2010م.
  • الكلينى، محمد بن يعقوب،اصول الكافي، الناشر: دار الكتب الإسلامية، ط4، طهران-إيران، 1407 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، دار احياء التراث العربي، ط2، بيروت – لبنان، د.ت.
  • عبده، محمد، رسالة التوحيد، دار ابن حزم، بيروت - لبنان، 1421هـ.

موسوعات ذات صلة :