الحرب الأهلية الروسية تعدّ الفصل الأخير من الثورة الروسية، تميزت بالشراسة والوحشية الشديدة خصوصا ضد المدنيين مما أدى بحياة ما يقرب من ثلاثة عشر مليون نسمة وتهجير ما يقرب من مليون نسمة هجرة شبه دائمة. استمرت تقليديا في كتابة التاريخ السوفياتي فترة 1918-1921، ولكن الحرب كمناوشات امتدت فعلا بين 1917-1923 م مما جعل الموعد المحدد لها من الأمور المثيرة للجدل بين المؤرخين.
الحرب الأهلية الروسية | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من ثورات 1917–1923 | |||||||
بإتجاه عقارب الساعة من الأعلى فرقة من جيش الدون (القوازق) عام 1919، وحدة مشاة من الجيش الأبيض مارس 1920،جنود من جيش الفرسان الأول، ليون تروتسكي سنة 1918 ,شنق عمال في ياكترينوسلاف علي يد قوات الجيش النمساوي المجري
| |||||||
معلومات عامة | |||||||
|
كانت بين الشيوعين البلاشفة (الجيش الأحمر بقيادة ليون تروتسكي) ومجموعات غير متجانسة من المحافظين الديموقراطيين والشيوعيين المعتدلين والقوميين والروس البيض، كانت فرصة لتدخل العديد من القوي الداخلية والخارجية مثل اليابان، بريطانيا، كندا،فرنسا، إيطاليا، الولايات المتحدة، ألمانيا، أستراليا، اليونان، وتشيكوسلوفاكيا مما كان له دور رئيسي في الصراع وشدته.[2]
الخلفية التاريخية
- مقالة مفصلة: الثورة الروسية
الأسباب
طرح زعيم البلاشفة فلاديمير لينين عام 1914 شعار تحويل الحرب الامبريالية إلى حرب اهلية. وبعد صعود البلاشفة إلى السلطة في روسيا في أكتوبر عام 1917 ما زال هذا الشعار ملحا، إذ ان غالبية المسؤولين البلاشفة ظلوا يعولون على أن الثورة في روسيا تتحول فيما بعد إلى ثورة عالمية ورأوا في اشعال الحرب الاهلية وسيلة فعالة لذلك[3] والى جانب ذلك فان المؤرخين يشيرون إلى أسباب أخرى لاندلاع الحرب الاهلية في روسيا وبينها:
1- مقاومة الطبقات الحاكمة التي فقدت السلطة والممتلكات،
2- حل الجمعية التأسيسية (البرلمان) من قبل البلاشفة الذين شكلوا اقلية فيها،
3- توقيع معاهدة بريست-ليتوفسك الانفصالية المهينة مع ألمانيا،
4 – اجراءات البلاشفة القمعية في الريف التي استهدفت الاغنياء من الفلاحين بغية مصادرة ما تبقى لديهم من الحبوب،
5- دور الأسرى العسكريين النمساويين والمجريين والتشيك الذين حاولوا حل مشاكلهم باستخدام القوة في روسيا
6 - تدخل دول التحالف الرباعي (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة) في الشؤون الداخلية لروسيا
المراحل
ينقسم تاريخ الحرب الاهلية في روسيا إلى 3 مراحل رئيسية وهي:
آ - المرحلة الأولى (أكتوبر عام 1917 – نوفمبر عام 1918) التي تتصف بقيام الجيشين لدى القوتين المتعارضتين وتدخل دول التحالف الرباعي في شؤون روسيا والانتقال التدريجي من اشتباكات محدودة إلى معارك واسعة النطاق.[4]
ب – المرحلة الثانية (نوفمبر عام 1918 – مارس عام 1920) التي وقعت فيها المعارك الرئيسية بين الحرسين الأبيض والأحمر وتقلص التدخل الأجنبي الناتج عن انتهاء الحرب العالمية الأولى وفرضت قوات الجيش الأحمر سيطرتها على الجزء الأكبر لأراضي البلاد.
ج – المرحلة الثالثة (مارس 1920 عام – أكتوبر عام 1922) التي دار الصراع المسلح الأساسي بين المعسكرين الأبيض والأحمر فيها بالمناطق البعيدة عن العاصمتين ووسط البلاد.
الأحداث
الجمعية التأسيسية وإطلاق النار على المتظاهرين
وقد اعتبر حل الجمعية التأسيسية وإطلاق النار على المتظاهرين دافعا قويا لتلاحم القوى المعادية للبلاشفة. ويعتقد بعض المؤرخين ان 6 ينايرالأول عام 1918 هو تاريخ بدء الحرب الاهلية في روسيا. تحولت منطقة نهر الدون في جنوب روسيا إلى قبلة للقوى المعادية للسلطة البلشفية. واعلن القائد القوزاقي كاليدين بعدم اعترافه بشرعية الانقلاب البلشفي وبدأ في تشكيل جيش القوزاق ليدافع عن منطقة نهر الدون الحرة والاستيلاء على مدينة تساريسين (ستالينغراد فيما بعد). اما منطقة كوبان وشمال القوقاز فشهدت تشكيل وحدات متطوعين انضم إليها كل من لم يكن راض عن الحكم البلشفي من الضباط وصف الضباط. وترأس تشكيلات هذا الجيش كل من الجنرالات الروس المعروفين لافار كورنيلوف وميخائيل ألكسييف وانطون دينيكين [5]
انفصال الأقاليم القومية عن روسيا
في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 اعلنت الرادا المركزية في أوكرانيا (البرلمان الأوكراني) انفصال أوكرانيا عن روسيا. كما اعلنت انفاصلها عن روسيا الرادا البيلاروسية والمفوضية لمنطقة ما وراء القوقاز التي ضمت كلا من جورجيا وأذربيجان وأرمينيا
معاهدة بريست الانفصالية[6]
وقعت الحكومة البلشفية في 3 مارس عام 1918 معاهدة السلام الانفصالية مع ألمانيا التي أطلق عليها معاهدة بريست. وبموجب تلك المعاهدة التزمت روسيا بالاعتراف باستقلال كل من أوكرانيا وبيلاروسيا ولتوانيا ولاتفيا واستونيا وفنلندا وتسريح الجيش والاسطول ودفع تعويض بمقدار 6 مليارات مارك ألماني وتسليم ألمانيا سفن اسطول البحر الأسود. وبعد إبرام معاهدة بريست احتل الجيش الألماني كلا من أوكرانيا وبيلاروسيا ومنطقة البلطيق.[7]
لم تعترف دول التحالف الرباعي بمعاهدة بريست وانزلت سريتين من مشاة البحرية البريطانيين في مدينة مورمانسك في شمال روسيا محاولة استعادة الامدادات التي ارسلها التحالف إلى روسيا للحيلولة دون وقوعها في ايدى الالمان
الحرب في سيبيريا
تم تشكيل الفيلق من الأسرى التشيكوسلوفاكيين الذين ابدوا رغبتهم في مواصلة الحرب إلى جانب السلطات الروسية ضد ألمانيا. وبلغ تعداد الفيلق 40 الف جندي كان من المقرر ارسالهم إلى الجبهة الغربية عبر سيبيريا والشرق الأقصى الروسي. لكن توقيع البلاشفة على معاهدة بريست وخروج روسيا من الحرب وايقاف جلاء الفيلق حمل الجنود التشيكوسلوفاكيين على التمرد ضد السلطات على طول السكة الحديد الممتدة من نهر الفولغا إلى مدينة فلاديفوستوك في الشرق الأقصى. الأمر الذي أدى إلى الإطاحة بالسلطة البلشفية في كل من سيبيريا وفي منطقة نهر الفولغا وتشكيل الحكومة السيبيرية المؤقتة التي ترأسها الحزب الثوري الاشتراكي يوم 23 يونيو عام 1918. وتشكلت في تلك المناطق الوحدات الروسية من المتطوعين الذين ترأسها اللواء فلاديمير كابيل. وشن كابيل الهجوم على المدن التي ظلت تحت سيطرة البلاشفة[8].
في 7 أغسطس عام 1918 حررت قواته مدينة قازان حيث استولت على مستودعات الأسلحة والامدادات واحتياطيات الذهب للامبراطورية الروسية. اما القوات التشيكوسلوفاكية فاحتلت بحلول شهر أغسطس عام 1918المدن الروسية الكبرى مثل سامارا وسيزران وسيمبيرسك.
شكلت القيادة البلشفية في يونيو عام 1918 الجبهة الشرقية التي ضمت 6 جيوش، وذلك بغية ايقاف تقدم قوات البيض نحو موسكو التي انتقلت إليها آنذاك الحكومة البلشفية من(بطرسبورغ). لكن تمرد قائدها الثوري الاشتراكي مورافيوف على السلطة البلشسفية خفض من فاعلية الهجوم المضاد.
في 30 أغسطس 1918 وقعت محاولة اغتيال الزعيم البلشفي فلاديمير لينين. وقامت بهذه المحاولة فانيا كابلان اليهودية العضوة في الحزب الثوري الاشتراكي الذي شارك البلاشفة في توليهم للسلطة والذي تمرد عليه بعد أن خيب آماله بسياسته القمعية في الريف وتوقيع معاهدة بريست. وردا على ذلك شنت التشكيلات التابعة للجان الاستثنائية الإرهاب على شتى فئات المجتمع الروسي وتم اعدام الكثير بمن فيهم رجال الدين بدون التحقيق والمحاكمة. كما اصدرت السلطات البلشفية قرارا باعدام الإمبراطور الروسي الأخير نيقولا الثاني واسرته في مدينة يكاترينبورغ بمنطقة اورال
في سبتمبرعام 1918 انتقلت قوات الجبهة الشرقية البلشفية إلى الهجوم المضاد واستعادت كلا من قازان وسيمبيرسك وسامارا. الأمر الذي حمل الأميرال ألكسندر كولتشاك الذي وصل إلى مدينة اومسك بغرب سيبيريا في نوفمبر عام 1918 على حل الحكومة السيبيرية المؤقتة واعلان نفسه حاكما لروسيا. واثار انقلاب كولتشاك استياء الثوار الاشتراكيين الذين اعلنوه عدوا اسوأ من لينين. ولعبت مقاومة الحزب الثوري الاشتراكي للاميرال كولتشاك دورا كبيرا في هزيمة الحركة البيضاء في منطقتي اورال وسيبيريا. وبالرغم من أن قوات كولتشاك استطاعت شن الهجوم الجديد على قوات الحمر في ربيع عام 1919 واحتلت منطقة الاورال واقتربت من نهر الفولغا ومنيت حركته بالهزيمة لان قواته لم تلق تأييدا بين الفلاحين في سيبيريا والاورال والفولغا لاجرائها حملات قمعية ردا على الإرهاب البلشفي. اما كولتشاك نفسه فقد خانته قواته وقوات الفيلق التشيكوسلوفاكي مما أدى إلى اعدامه على ايدي البلاشفة في مدينة إيركوتسك بسيبيريا الشرقية في مطلع عام 1920.[9]
المعارك في جنوب روسيا
في أغسطس – سبتمر عام 1918 انتقل جيش الدون القوزاقي[10] بقيادة كراسنوف إلى الهجوم ضد القوات الحمراء وتقدت نحو مدينتي تساريسين (ستالينغراد فيما بعد)وفورونيج. اما الجيش المتطوع بقيادة الجنرال كورنيلوف والجنرال دينيكين فقد قام بتحرير القوقاز الشمالي من البلاشفة.
في 8 يناير عام 1919 تولى الجنرال انطون دينيكين قيادة جيش المتطوعين وقمع مقاومة البلاشفة في القوقاز الشمالي واخضع جيش الجنرال كراسنوف الموالي للالمان للجيش المتطوع. وتمكن دينيكين من تلقي معونات كبيرة من دول التحالف الرباعي. واعترف دينيكين بكون الأميرال كولتشاك حاكما لدولة روسيا وقائدا عاما للقوات المسلحة الروسية[11]
في صيف عام 1919 انتقل مركز الصراع المسلح إلى جنوب روسيا حيث دحر جيش المتطوعين قوات الحرس الأحمر وحررت من البلاشفة مدن تساريتسين وخاركوف ويكاترينوسلافل ومنطقة القرم. وشهدت بعض المناطق الريفية في مؤخرة الجيش الأحمر انتفاضات شعبية. وبلغ تعداد جيش دينيكين 100 الف فرد. فاصدر دينيكين في جيشه إرشادات مفادها التوجه نحو موسكو والإطاحة بالحكم البلشفي في أسرع وقت.
لكن البلاشفة اعلنوا التعبيئة العامة وتمكنوا من تجنيد 180 الف جندي في في الجبهة الجنوبية، مما أدى إلى تباطؤ وتائر هجوم قوات دينيكين. وشهد شهر سبتمبر نجاحات كبرى للجيش الأبيض الذي استولى على كييف وفورونيج واوريول وكورسك وصار يهدد مدينة تولا بصفتها ترسانة رئيسية للبلاشفة. وبلغ الصراع المسلح بين الحمر والبيض ذروته في منتصف أكتوبر عام 1919 حين انتقل الجيش الأحمر إلى الهجوم المضاد على طول الجبهة الجنوبية بعد دعمه بقوات قادمة من الجبهة الشرقية المحاربة لكولتشاك. ولعب جيش الخيالة الأول بقيادة سيميون بوديونيه دورا كبير في حسم هذه المعارك.[12]
وفي شتاء عام 1920 تمكن الجيش الأحمر من الاستيلاء على مدينتي كييف وخاركوف ومنطقة دونباس الصناعية في أوكرانيا، الأمر الذي ساعد في انتقال المبادرة الإستراتيجية بالحرب من ايدي البيض إلى الحمر.
في أبريل مني الجيش الأبيض بهزيمة في منطقة كوبان واضطرت قواته إلى الجلاء إلى شبه جزيرة القرم. اما الجنرال انطون دينيكين الذي كان عليه بعد اعدام كولتشاك على ايدي البلاشفة ان يتولى قيادة القوات البيضاء في روسيا فسلم القيادة إلى الجنرال فرانغل وغادر روسيا متوجها إلى بريطانيا عن طريق القسطنطية (إسطنبول).[12]
هجوم يودينيش على سانت بطرسبورغ
شهدت فنلندا قبل منتصف عام 1919 تشكيل وحدات معادية للبلاشفة. وقام الجنرال الروسي نيقولاي يودينيش بتنسيق هذه الجهود بغية تشكيل الجبهة الشمالية الغربية في شمال غرب روسيا. اما حكومات استونيا ولاتفيا ولتوانيا التي لم تسيطر قبل ذلك الا على أراضي قليلة فقامت باعادة تنظيم جيوشها وانتقلت إلى العمليات الهجومية بدعم من القوات والروسية والألمانية.
في 10 يونيو اعلن الكسندر كولتشاك يودينيش قائدا للقوات الروسية البرية والبحرية في الجبهة الشمالية الغربية.
في 11 أغسطس تم تشكيل حكومة الإقليم الغربي الشمالي الروسي التي اعترفت باستقلال استونيا وذلك بالضغط من بريطانيا وبدأت المباحثات في هذا الشأن مع فنلندا. حاول يودينيش الاستيلاء على سانت بطرسبرغ مرتين.
وحلت المحاولة الأولى في ربيع عام 1919 حين أجبرت قواته الجيش الأحمر على الانسحاب ووصلت إلى مشارف بطرسبورج. لكن قيادة الجيش الأحمر نقلت احتياطيات إلى ضواحي بطرسبورج بحيث يبلغ تعداد قواتهم 40 الف جندي ودفعت وحدات الجيش الشمالي الغربي إلى ما وراء نهر لوغا واستعادت مدينة بسكوف.
في خريف عام 1919 جرى الهجوم الثاني لجيش يودينيش الذي تمكن من اختراق دفاعات الجيش الأحمر والوصول إلى ضواحي بطرسبورج. لكن خيانة قيادة القوات الاستونية التي باشرت بالمباحثات الانفصالية مع البلاشفة حول الاعتراف باستقلال استونيا حالت دون تحرير بطرسبورج من البلاشفة.
يجدر الذكر ان معظم القادة البيض اتخذوا موقفا حاسما لا يتزعزع من انقسام روسيا والحركات الانفصالية، الأمر الذي قطعهم عن دعم الحركات القومية ووحداتها المسلحة.[13]
الحرب السوفيتية البولونية
في 25 أبريل عام 1920 اجتاز الجيش البولوني المزود بالأسلحة الفرنسية والمدعوم من قبل فرنسا سياسيا حدود أوكرانيا السوفيتية واحتلت بحلول 6 مايو/آيار عاصمتها مدينة كييف. وكان رئيس بولندا المارشال بيلسودسكي يخطط لإنشاء دولة بولونية كبرى من بحر البلطيق حتى البحر الأسود تضم كلا من بولندا وأوكرانيا وبيلاروسيا ولتوانيا. لكن الهجوم المضاد الناجح للجيش الأحمر تحت قيادة الكسندر يغوروف حال دون وقوع ذلك. واجبرت قوات الجبهة الغربية الجنوبية السوفيتية في 26 مايو القوات البولونية على الانسحاب فوصلت إلى حدود بولندا.
تحمست القيادة البلشفية ومن ضمنهم لينين بهذه الانتصارات وقرروا توجيه الجيش الأحمر إلى قلب بولندا معولين على اشعال انتفاضة العمال البولنديين واعلان الجمهورية البولونية السوفيتية.
وقال لينين حينذاك ان "مصير الثورة العالمية يقرر في الغرب وان الطريق إلى الحريق العالمي يمر عبر بولندا. حذر تروتسكي رئيس المجلس العسكري الثوري (وزير الحربية) آنذاك لينين من خطورة احتلال بولندا. إلا أن لينين اصدر امرا باحتلال وارسو. لكن الخيالة السوفيتية المستنزف قواها لم تتحمل مسيرا طوله 650 كيلومتر. وانتهت الحملة البولونية بكارثة اسفرت عن أسر 120 الف جندي سوفيتي. وتعدّ هذه الهزيمة من أكثر الهزائم المأساوية التي مني بها الجيش الأحمر في الحرب الاهلية.
في الأول من أكتوبر وقع الجانبان اتفاقية الهدنة. وعقدا وفي مارس عام 1921 معاهدة السلام التي ضمت بولندا بموجبها قسما من أراضي أوكرانيا وبيلاروسيا يقطنها 10 ملايين من السكان.
وبالرغم من توقيع معاهدة السلام فان العلاقات بين الجانبين ما زالت متوترة على امتداد العقدين، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى توقيعاتفاقية مولوتوف - ريبينتروب عام 1939 وتقسيم بولندا [14][15]
شبه جزيرة القرم آخر جيب للمقاومة البيضاء في أوروبا الروسية
انتقل البارون بيوتر فرانغل إلى خوض العمليات الحربية النشيطة ضد البلاشفة ابان الحرب مع بولندا. وتمكن الجنرال من تحويل وحدات دينيكين المتفرقة إلى جيش منظم وذلك باتخاذه اجراءات صارمة بما فيها الإعدام ازاء الضباط والجنود المتهمين بالخيانة.
في 14 أغسطس عام 1920 قامت وحدات بقيادة الجنرال أولاغاي بالانزال على ساحل منطقة كوبان بهدف الانضمام إلى وحدات القوزاق المتمردين على الحكم البلشفي، لكن محاولة تحرير مدينة يكاتريندار من القوات البلشفية باءت بالفشل واضطرت وحدات الجيش الأبيض والقوزاق إلى العودة إلى القرم.[16]
عول فرانغل الذي حاصرت القوات البلسشفية جيشه في القرم على الالتحاق بالجيش البولوني المهاجم. لذلك اخترق جيشه طوق الحصار وتوجه نحو الشمال وتمكن من الاسيلاء على بعض المناطق في إقليم دونباس الصناعي في أوكرانيا الشرقية. لكن البولونديين وقعوا اتفاقية الهدنة مع البلاشفة، ووجد الجيش الأبيض نفسه محكوما بالفشل. فانسحبت قوات فرانغل إلى داخل شبه جزيرة القرم.[17]
قام الجيش الأحمر بقيادة ميخائيل فرونزيه بحشد 190 الف جندي على حدود جزيرة القرم. واقترح فرونزيه على البارون فرانغل بالاستسلام وضمان الحياة لكل من يسلم نفسه إلى الجيش الأحمر للحيلولة دون اسالة الدماء الروسية، لكن فرانغل رفض هذا الاقتراح.
بالرغم من التفوق العددي الكبير لم يستطع الجيش الأحمر اختراق دفاعات الجيش الأبيض الا في 11 نوفمبر عام 1920 بمساعدة من جيش نيستور ماخنو الفلاحي (الجيش الأسود)وانسحب الجيش الأبيض إلى ساحل القرم الجنوبي حيث بدأ جلاء قوات البيض الذي استمر 3 أيام، وذلك بواسطة 126 باخرة توجهت نحو القسطنطية (إسطنبول) التركية وعلى ظهرها 150 الف مهاجر روسي[18]
انتفاضات في روسيا
انتهت المقاومة المنظمة لسلطة البلاشفة في جنوب روسيا بسقوط القرم. وبدأت ديكتاتورية البروليتاريا منذ ذلك الحين في قمع انتفاضات الفلاحين التي عمت روسيا كلها احتجاجا على مصادرة حبوب وممتلكات الفلاحين. ومن اعظم تلك الانتفاضات انتفاضة الفلاحين في مقاطعة تامبوف بقيادة انتونوف التي استخدمت القوات البلشفية لقمعها شتى الوسائل بما فيها الغازات السامة. كما يجدر ذكر انتفاضة البحارة العسكريين في مدينة كرونشتادت الواقعة في ضاحية بتروغراد في مارس عام 1921 وطرح البحارة المتمردون شعار "مجالس سوفيت دون البلاشفة". وقمع المفوضون البلاشفة ووحدات اللجان الاستثنائية" تلك الانتفاضة بقسوة بالغة مغرقين البحارة بدمائهم
جيوب أخيرة للمقاومة في الشرق الأقصى الروسي
اوقف البلاشفة تقدم قواتهم نحو الشرق في مطلع عام 1920 خشية نشاط القوات اليابانية وقرروا إنشاء جمهورية موالية لهم في الشرق الأقصى أطلق عليها جمهورية الشرق الأقصى. وامتدت أراضي تلك الجمهورية من جزيرة بايكال حتى مدينة فلاديفوستوك الواقعة على ساحل المحيط الهادي.
في 26 مايو عام 1921 انتقل الحكم في الجمهورية إلى ايدي الحركة البيضاء التي قامت بالانقلاب على الحكومة الموالية للبلاشفة بدعم من القوات اليابانية المرابطة في فلاديفوستوك. وانتقل الجيش الأبيض إلى الهجوم في اتجاه الغرب وتحرر في 22 ديسمبر مدينةخاباروفسك من البلاشفة.
في 5 فبراير عام 1922 انتقل الجيش الأحمر بقيادة فاسيلي بلوخير إلى هجوم مضاد واستولت على خاباروفسك في 14 فبراير.
واستمرت الحرب في الشرق الأقصى حتى يوم 25 أكتوبر عام 1921 حين دخل الجيش الأحمر وقوات الأنصار مدينة فلاديفوستوك وتم توقيع اتفاقية انسحاب القوات اليابانية من روسيا. ويعتبر يوم 25 أكتوبر عام 1922 يوم انتهاء الحرب الاهلية في روسيا
الدعاية خلال الحرب الأهلية الروسية
تميزت الحرب الأهلية الروسية بالتنوع في الدعاية بين الاطراف المشاركة في الحرب وذلك لجذب مزيد من المتطوعين للانضمام الي أي طرف أو لدفع اليأس والأحباط الي معنويات جنود الخصوم و في تلك الفترة كانت للصور مكانة خاصة في نفوس الشعب الروسي لنشأة الروس علي الأيقونات الدينية الموجودة في كل الكنائس والي جانب ان الصور كانت تصل بالرسالة الي أغلبية الشعب من الفلاحين والعمال سواء كان من المتعلمين أو من الأميين الي جانب ضعف أي من الوسائل الاعلامية الأخرى سواء كانت من سينما مبتدئه أو من صحف ضعيفة التوزيع
و تميزت الدعاية بالألوان الباهرة والرجوع للخلفيات الدينية حتي بالنسبة للشيوعيين البلاشفة الذين لجئوا الي ما يماثل صور الايقونات الدينية تميزت الدعاية البلشفية بقوة التعبير ووضوح المبادئ التي تنادي بها وكان لها الدور الأمثل في جذب أعداد هائلة من المتطوعين الروس من العمال والفلاحين الي صفوف البلاشفة
النتائج
- كانت نتائج الحرب الأهلية خطيرة. حيث كانت روسيا في حالة حرب لمدة سبع سنوات، وخلال ذلك فقد حوالي 2,000,000 من شعبها حياتهم. وكانت الحرب الأهلية التي توفي فيها 1,500,000، بما في ذلك ما لا يقل عن 1,000,000 جنود في الجيش الأحمر الروسي وأكثر من 500,000 جندي الأبيض الذين لقوا حتفهم في المعركة. وحده سيميونوف قتل حوالي 100000 من الرجال والنساء والأطفال في المناطق التي كان له فيها السلطة. وتم خلال الإرهاب الأحمر، ومن خلال قوات الشيكا تم تنفيذ ما يقدر بحوالي 250,000 من الإعدام بلا محاكمة ل " أعداء الشعب ".[15][19]
- حوالي 300,000 إلى 500,000 من القوزاق قتلوا أو رحلوا من موطنهم، التي يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين.
- ما يقدر بحوالي 100,000 يهودي قتلوا في أوكرانيا، ومعظمها من قبل الجيش الأبيض. الأجهزة العقابية في حكومة كلوتشاك قتلت 25,000 شخص في مقاطعة ايكاترينبرغ وحدها[20].[21][22]
- في نهاية الحرب الأهلية، وكانت كل قوي روسيا السوفيتية قد استنفدت وظهرت سحب الخراب القريب. كان الجفاف منتشرا عام 1920 و1921، فضلا عن المجاعة 1921 تجعل الأمور أكثر من كارثية.
- بالإضافة الي ذلك المرض الذي وصل الي أبعاد الوباء، حيث كان حوالي 3,000,000 شخص يموتون من التيفود وحده في عام 1920.
- قتل الملايين من المجاعة، والمذابح التي وقعت بالجملة من كلا الجانبين، والمذابح ضد اليهود في أوكرانيا وجنوب روسيا. قبل 1922 كان هناك ما لا يقل عن 7,000,000 أطفال الشوارع في روسيا نتيجة لعقد من الزمن تقريبا من الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الأولى والحرب الأهلية.[23]
- كان حوالي 2000000 من الروس البيض مهاجرين، حيث فر من روسيا مع فارغنل، من خلال بعض دول الشرق الأقصى، والبعض الآخر فر إلى الغرب حيث دول البلطيق المستقلة حديثا. وشملت هذه الهجرة جزءا كبيرا من السكان المتعلمين والمهرة من روسيا.
- دمر الاقتصاد الروسي تماما خلال الحرب، حيث دمرت المصانع والجسور، ونهبتالماشيه والمواد الخام، والمناجم اجتاحتها الفيضانات، وتلفت الآلات. ووصلت قيمة الإنتاج الصناعي إلى 7/ 1 من قيمة 1913، والزراعة، إلى الثلث. ووفقا ل برافدا "ان العاملين في المدن وبعض القرى المكتظة بالسكان يعانون من الجوع، والسكك الحديدية بالكاد تزحف، والبيوت متداعية. والبلدات منهكة بالكامل نتيجة الموت والصناعة الميتة والأوبئة المدمرة انتشار".
- تشير التقديرات إلى أن مجموع الناتج من المناجم والمصانع في عام 1921 قد انخفضت إلى 20 % من مستوى ما قبل الحرب العالمية، والعديد من العناصر الأساسية، قد شهدت انخفاضا بشكل جذري. على سبيل المثال، انخفض إنتاج القطن إلى 5 %، والحديد إلى 2% من مستويات ما قبل الحرب.
- سياسة الشيوعية الحربية أنقذت الحكومة السوفياتية خلال الحرب الأهلية، ولكن جزءا كبيرا من الاقتصاد الروسي قد وصل إلى طريق مسدود. الفلاحين وردت على طلبات الشراء بالرفض. قبل عام 1921، تقلصت مساحة الأراضي المزروعة إلى 62 % من مساحة ما قبل الحرب، وكان حصاد المحصول فقط حوالي 37 %. وانخفض عدد الخيول من 35 مليون في 1916الي 24000000 في عام 1920، والماشية من 58الي37 مليون. انخفض سعر الصرف للعملة مقابل الدولار من 2 روبل == 1 دولار أمريكي في عام 1914 إلى 1,200 روبل == دولار أمريكي في عام 1920.
- مع نهاية الحرب، الحزب الشيوعي لم يعد يواجه تهديدا حادا، ومع ذلك، فإن التهديد من تدخل آخر من القوي الاجنبية، بالإضافة إلى فشل الثورات الاشتراكية في البلدان الأخرى، وأبرزها الثورة الألمانية، ساهمت في استمرار عسكرة المجتمع السوفياتي مما اعتبر كقوة دافعة لتقدم البلاد التي شهدت طفرة اقتصادية كبيرة خلال ثلاثنيات القرن العشربن[14][15]
انظر أيضاً
المراجع
- Britannia, pp. 3, 230
- article "Civil War and military intervention in Russia 1918-20", Big Soviet Encyclopedia, third edition (30 volumes), 1969-1978 (بالروسية) نسخة محفوظة 19 فبراير 2009 على موقع واي باك مشين.
- Read, Christopher, From Tsar to Soviets, Oxford University Press (1996), p. 237: By 1920, 77% of the Red Army's enlisted ranks were composed of peasant conscripts.
- Cover Story: Churchill's Greatness. Interview with Jeffrey Wallin. (The Churchill Centre) نسخة محفوظة 12 يونيو 2008 على موقع واي باك مشين.
- John M. Thompson, A vision unfulfilled. Russia and the Soviet Union in the twentieth century (Lexington, MA; 1996) 159.
- Evan Mawdsley (2008) The Russian Civil War: 42
- Lenin - تصفح: نسخة محفوظة 4 نوفمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
- The Czech Legion - تصفح: نسخة محفوظة 28 يوليو 2011 على موقع واي باك مشين.
- "Bolsheviki Grain Near Petrograd". New York Tribune (باللغة الإنجليزية). Washington, DC. مكتبة الكونغرس. 15 November 1919. صفحة 4. مؤرشف من الأصل في 14 يونيو 201810 سبتمبر 2010.
- Каледин, Алексей Максимович. A biography of Kaledin (in Russian) - تصفح: نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Evan Mawdsley (2008) The Russian Civil War. Edinburgh, Birlinn: 27
- Evan Mawdsley (2008) The Russian Civil War. Edinburgh, Birlinn: 35
- Williams, Beryl, The Russian Revolution 1917-1921, Blackwell Publishing Ltd. (1987), 0631150838
- [1], Andrew and Mitrokhin, The Sword and the Shield, paperback edition, Basic books, 1999. نسخة محفوظة 14 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- page 180, Overy,The Dictators: Hitler's Germany, Stalin's Russia, W. W. Norton & Company; 1st American Ed edition, 2004.
- Berland, Pierre, Mhakno, Le Temps, 28 August 1934: In addition to supplying White Army forces and their sympathizers with food, a successful seizure of the 1920 Ukrainian grain harvest would have had a devastating effect on food supplies to Bolshevik-held cities, while depriving both Red Army and Ukrainian Black Army troops of their usual bread rations.
- Dmitri Volkogonov, Trotsky: The Eternal Revolutionary, transl. & edited by Harold Shukman, HarperCollins Publishers, London (1996), p. 180: By December 1918 Trotsky had ordered the formation of special detachments to serve as blocking units throughout the Red Army. On 18 December he cabled: "How do things stand with the blocking units?...It is absolutely essential that we have at least an embryonic network of blocking units and that we work out a procedure for bringing them up to strength and deploying them."
- https://web.archive.org/web/20190310135003/http://www.pjsymes.com.au/articles/az-baku.htm. مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2019.
- 28, Andrew and Mitrokhin, The Sword and the Shield, paperback edition, Basic books, 1999. نسخة محفوظة 17 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- Kenez, Peter; Pipe, Richard; Pipes, Richard (1991), "The Prosecution of Soviet History: A Critique of Richard Pipes' The Russian Revolution", Russian Review, 50, صفحات 345–351, doi:10.2307/131078, مؤرشف من الأصل في 08 يونيو 2019 .
- Holquist, Peter (2002), Making War, Forging Revolution: Russia's Continuum of Crisis, 1914-1921, Cambridge: Harvard University Press, صفحة 164, .
- Колчаковщина
- And Now My Soul Is Hardened: Abandoned Children in Soviet Russia, 1918-1930, By Thomas J. Hegarty, Canadian Slavonic Papers نسخة محفوظة 21 يونيو 2013 على موقع واي باك مشين.