الحرورية فرقة اٍسلامية ظهرت واشتد أمرها في عهد علي بن أبي طالب. سموا الحرورية نسبة إلى بلدة حروراء في الكوفة وكانت مركز خروجهم، على علي بن أبي طالب.
المعتقدات
غلت الحرورية في إثبات الوعيد والخوف للمؤمنين من التخليد في النار مع وجود الإيمان. هم أحد فروع الخوارج، مضادون للمرجئة في النفي والإثبات والوعد والوعيد، ومن مفرداتهم أن من ارتكب كبيرة فهو مشرك ومذهب عامة الخوارج أنه كافر وليس بمشرك. قال بعضهم هو منافق في الدرك الأسفل من النار، فعند الحرورية أن الاسم يتغير بارتكاب الكبيرة الواحدة فلا يَسمى مؤمناً بل كافراً مشركاً، والحكم فيه أنه يخلد في النار واتفقوا على أن الإيمان هو اجتناب كل معصية، وقيل لهم الحرورية لأنهم خرجوا إلى حروراء لقتال علي بن أبي طالب وعدتهم اثنا عشر ألفاً، ثم سار علي إليهم وناظرهم ثم قاتلهم وهم أربعة آلاف فانضم إليهم جماعة حتى بلغوا اثني عشر ألفًا.[1]
مناظرة ابن عباس
قال عبد الله بن عباس: لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دارهم وكانوا ستة آلاف، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد بالظهر، لعلّي آتي هؤلاء القوم فأكلّمهم، قال: إني أخاف عليك، قلت كلا قال: فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائلون فسلمت عليهم فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس فما جاء بك، قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وصهره وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم أحد لابلّغكم ما يقولون وأخبرهم بما تقولون. قلت: أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وابن عمه؟ قالوا: ثلاث. قلت: ما هن؟ قالوا: أما إحداهن فإنه حَكَّم الرجال في أمر الله وقال الله تعالى: إن الحكم إلا لله، ما شأن الرجال والحكم؟ فقلت: هذه واحدة. قالوا: وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فإن كانوا كفاراً سلبهم وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم. قلت: هذه اثنتان فما الثالثة، قالوا: إنه محي نفسه عن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قلت هل عندكم شيء غير هذا، قالوا: حسبنا هذا.
قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم ما يردّ قولكم أترضون، قالوا: نعم. قلت: أما قولكم حَكَّم الرجال في أمر الله فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير الله حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم، فأمر الله الرجال أن يحكّموا فيه قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوى عدلٍ منكم، فأنشدتكم بالله تعالى أحكمُ الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم، وأنت تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال، قالوا: بل هذا أفضل، وفي المرأة وزوجها قال الله عزوجل: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في امرأة أخرجتُ من هذه، قالوا: نعم. قلت: وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم، أفتسبون أمكم عائشة، وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها، وهي أمُكم، فإن قلتم إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم، ولإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم، لأن الله تعالى يقول: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم، فأنتم تدورون بين ضلالتين فأتوا منهما بمخرج، قلت: فخرجت من هذه، قالوا: نعم. وأما قولكم: محي اسمه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمن ترضون، وأراكم قد سمعتم أن النبي صلّى عليه وآله وسلّم يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي: اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال المشركون: لا وما نعلم أنك رسول والله، لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك، فاكتب محمد بن عبد الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: امح يا عليّ رسول الله، اللّهم إنك تعلم أني رسولك، امح يا عليّ واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. فوالله لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خير من علي، وقد محا نفسه، ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة. خرجت من هذه، قالوا: نعم. فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم، فقتلوا على ضلالتهم، فقتلهم المهاجرون والأنصار.[2]
مقالات ذات صلة
المراجع
- كتاب: الخطط المقريزية المسمى بـ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نداء الإيمان. وصل لهذا المسار في 11 مايو 2016 نسخة محفوظة 9 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- مناظرة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما مع الحرورية العقائد الإسلامية. وصل لهذا المسار في 11 مايو 2016 نسخة محفوظة 16 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.