تتمحور حرية الإعلام في روسيا حول قدرة رؤساء شركات الإعلام الضخمة على اتباع سياسات مستقلة، وتمكّن الصحفيين من الوصول إلى مصادر المعلومات والعمل بدون أن يواجهوا ضغوطًا خارجية. يشمل الإعلام في روسيا قنوات التلفاز والراديو والدوريات ووسائط الإنترنت، والتي قد تكون مملوكة للحكومة أو القطاع الخاص وفقًا لقوانين روسيا الاتحادية.
في مطلع العام 2013، صُنفت روسيا في المرتبة الـ 148 من بين 179 دولة وفقًا لمؤشر حرية الصحافة الذي تضعه منظمة «مراسلون بلا حدود». في عام 2015، أعلنت منظمة «فريدم هاوس» في تقرير حرية الصحافة أن روسيا حصلت على الدرجة 83 (الدرجة 100 هي الأسوأ)،[2] غالبًا بسبب القوانين الجديدة التي طُرحت عام 2014 وأعطت السلطة المزيد من الهيمنة على وسائل الإعلام. وصفت منظمة «فريدم هاوس» الوضع في القرم بأنه أسوأ. فمنذ عام 2014، ضُمّت القرم إلى روسيا، فكانت الأخيرة تلجأ بشكل روتيني إلى السلطة القضائية، وأحيانًا بدون محاكمات، كي تحد من حرية التعبير، وفقًا لما جاءت به منظمة «فريدم هاوس».[3]
انتقدت عدة منظمات دولية جوانب متنوعة من وضع حرية الصحافة المعاصر في روسيا.[4][5][6][7]
الإطار التشريعي
يؤمّن الدستور الروسي حرية التعبير والصحافة، لكن تطبيق الحكومة للقوانين والنظام البيروقراطي والتحقيقات الجنائية المُسيّسة أجبرت الصحافة على ممارسة رقابة ذاتية لتعيق تغطية قضايا معينة ومثيرة للجدل، ما أدى إلى انتهاك تلك الحقوق والقوانين. وفقًا لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، تمارس الحكومة الروسية الهيمنة على الجمتمع المدني عن طريق تطبيق القوانين بشكل انتقائي وفرض القيود والرقابة.[8]
مفوض حقوق الإنسان (الأومبودسمان)
يعيّن الأومودسمان في روسيا، والذي يُدعى رسميًا بمفوض حقوق الإنسان، من طرف البرلمان ولفترة محددة. لا يمكن إعفاء المفوّص من وظيفته قبل انتهاء فترة تفويضه، ولا يخضع لأي سلطة أو كيان سياسي، حتى رئيس الدولة أو الحكومة. يحق لأقاليم روسيا الإدارية، والبالغ عددها 83، انتخاب أومبودسمان محلي ذي سلطة محدودة بالإقليم. لكن أقل من نصف تلك الأقاليم انتخبت مفوضًا خاصًا بها.[9]
ذكر المفوض الروسي لحقوق الإنسان فلاديمر لوكِن عام 2006 في تقريرٍ له أن ادعاء غياب حرية التعبير في روسيا أمرٌ مبالغ فيه، فالحكومة تراعي حقوق حرية التعبير المصونة في الدستور، ولا وجود لرقابة مؤسسية. قال المفوّض أيضًا أن الولايات المتحدة الأمريكية «دولة نازية» وأن روسيا ستدمرها. لهذه الأسباب المتعددة، نادرًا ما يلجأ الصحفيون والناشرون إلى المفوض كي يعترضوا على القيود التي تحد من حقهم في البحث عن المعلومات وتلقيها ونقلها ونشرها أو توزيعها. لكن القيود المخفية موجودة إلى حد ما، وغالبًا ما تكون على شكل ضغط اقتصادي ومالي تمارسه السلطات ورجال الأعمال الموالين للحكومة على وسائل الإعلام. ينتشر أيضًا ما يُعرف بـ «الرقابة الذاتية»، أي إحجام الصحفيين عن نشر المعلومات التي، بنظرهم، قد لا ترضي السلطات. لذا، تضمن الحكومة في الكثير من الأماكن حق الصحفيين في التعبير إذا كان الهدف هو مدح السلطات، لكن حق الصحفيين في انتقاد الحكومة مذكورٌ في الدستور فقط.[10]
الهجمات والتهديدات ضد الصحفيين
أصبحت مخاطر الصحافة في روسيا معروفة منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، لكن المخاوف من عدد جرائم القتل غير المحلولة ازدادت بشدة بعد مقتل الصحفية آنا بوليتكوفسكايا في موسكو في السابع من شهر أكتوبر عام 2006. تحدّث مراقبون دوليون عن عشرات الوفيات الأخرى، بينما تشير مصادرٌ من داخل روسيا إلى أن عدد القتلى تجاوز المئتين.[11][12]
يصادف يوم ذكرى الصحفيين الذين قُتلوا أثناء أداء واجبهم الخامس عشر من شهر ديسمبر كلّ عام في روسيا.
الاعتداءات على الصحفيين
منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، قُتل عددٌ من الصحفيين والمراسلين الروس أثناء تغطيتهم الوضع في الشيشان، والقصص المستمرة عن الجريمة المنظمة، ومسؤولي الحكومة والمسؤولين الإداريين والشركات التجارية الكبيرة. وفقًا للجنة حماية الصحفيين، قُتل 50 صحفيًا منذ عام 1992 بسبب نشاطهم المهني في روسيا (ما جعلها تستحق المرتبة الثالثة ضمن قائمة الدول الخطيرة جدًا على الصحفيين منذ عام 1992 وحتى 2006). توفي 30 صحفيًا منذ عام 1993 وحتى عام 2000، و20 صحفيًا منذ عام 2000.[13][14]
وفقًا لمؤسسة غلاسنوست ديفنس، هناك 9 حالات اشتُبه فيها بمقتل صحفيين عام 2006، و59 اعتداءًا على الصحفيين، و12 هجومًا على مكاتب التحرير. في عام 2005، ورد في قائمة شاملة لجميع الحالات مقتل 7 صحفيين و63 اعتداء و12 هجومًا على مكاتب التحرير و23 حالة رقابة و42 محاكمة جنائية و11 حالة تسريح غير قانونية و47 حالة احتجاز من طرف الشرطة و382 دعوى و233 حالة أُعيق فيها الصحفيون عن أداء عملهم، وإغلاق 23 مكتب تحرير و10 حالات إخلاء، ومصادرة 28 منتجًا مطبوعًا، و23 حالة من إيقاف البث، و38 حالة رفض نشر أو طباعة عملٍ ما، و25 حالة تهديد، و344 حالة خرق لحقوق الصحفيين في روسيا.[15]
في السابع من أكتوبر عام 2006، تعرضت الصحفية الروسية آنا بوليتكوفسكايا إلى إطلاق نارٍ في ردهة المبنى الذي تسكنه، اشتُهرت بوليتكوفسكايا بانتقادها تصرفات روسيا في الشيشان والحكومة الشيشانية الموالية لروسيا. أشعل موت بوليتكوفسكايا موجة من الانتقادات وجهتها وسائل الإعلام الغربية ضد روسيا، ووجهت أيضًا اتهامات أخرى مفادها أن الرئيس فلاديمير بوتين، في أفضل الأحوال، فشل في حماية الإعلام المستقل والجديد للبلد.[16][17]
ذكر معهد الصحافة الدولي في تقريرٍ له التنفيذَ الانتقائي للقوانين في روسيا، والتحقيقات الجنائية المسيسة، واعتقال الصحفيين، والاعتداءات العنيفة التي يتعرضون لها على يد قوات الأمن. ووفقًا للمنظمة نفسها، لاتزال روسيا أخطر دولة أوروبية بالنسبة للصحفيين، فقُتل 4 في عام 2009.[18]
أوردت منظمة العفو الدولية عام 2009 أن «المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين الذين تكلموا علانية عن الاعتداءات على حقوق الإنسان، تعرضوا للتهديد والترهيب، ويبدو أن الشرطة غير راغبة بالتحقيق في تلك التهديدات، وسادَ نوعٌ من الحصانة لمرتكبي تلك الهجمات على ناشطي المجتمع المدني». ذكرت منظمة العفو الدولية أيضًا وجود «مناخٍ من التعصب تجاه وجهات النظر المستقلة». وفقًا للجنة حماية الصحفيين، أصبحت روسيا اليوم مكانًا أكثر خطرًا مما كانت عليه في الحرب الباردة. ولا تسبقها في قائمة الدول التي تمثّل خطرًا على حياة الصحفيين سوى العراق والجزائر.[19]
في شهر أكتوبر من عام 2016، نشرت مجموعة من الصحفيين الشيشان مجهولي الهوية التماسًا في صحيفة الغارديان، وصفوا فيه الترهيب والاعتداءات الجسدية التي تعرضوا لها من طرف حكومة رمضان قديروف، والهيمنة التامة التي يفرضها المسؤولون على المنظمات الإعلامية في جمهورية الشيشان.[20]
أعربت لجنة حقوق الإنسان التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها من الوضع الراهن في روسيا.[7]
- في شهر أغسطس من عام 2014، تعرّض الناشر ليف شلوسبرغ، المقيم في بسكوف وعضو حزب يابلوكو المعارض، إلى اعتداءٍ خطير أفقده وعيه. ويدعي أن للهجوم علاقة بالورقة التي نشرها، والتي وردت فيها تحقيقات تفيد بنقل روسيا جنودها من بسكوف إلى أوكرانيا.[21]
- في شهر أغسطس من العام ذاته، تعرّض المراسل ألكسندر كروتوف إلى الاعتداء والضرب في ساراتوف، وتلك المرة الرابعة التي يتعرض فيها لمثل هذا الاعتداء في مسيرته المهنية الممتدة لـ 20 عامًا، عمل خلالها مراسلًا إخباريًا لدار نشر محلية.[21]
- في شهر سبتمبر من عام 2014، تعرّض طاقم تلفزيوني يغطي أحداث عملية نصبٍ إلى اعتداءٍ في نوفوسيبيرسك. دُمرت معدات الطاقم وأُصيب فيها مصور الفيديو.
المراجع
- https://web.archive.org/web/20170317144835/https://freedomhouse.org/sites/default/files/FIW2017_Graphics.zip. مؤرشف من الأصل في 17 مارس 2017.
- "Russia". Freedom of the Press. Freedom House. 2015. مؤرشف من الأصل في 10 نوفمبر 201905 مايو 2015.
- "Harsh Laws and Violence Drive Global Decline". Freedom House. 2015. مؤرشف من الأصل في 22 أغسطس 201905 مايو 2015.
- International Press Institute: Russia - تصفح: نسخة محفوظة 5 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- "Europe no longer so exemplary, Russian tragedy deepens - Reporters Without Borders". مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 201514 فبراير 2015.
- "Freedom curtailed in the Russian Federation - Amnesty International". 26 February 2008. مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 201414 فبراير 2015.
- "The October 2009 Concluding Observations of the United Nations Human Rights Committee". OHCHR.org. مؤرشف من الأصل في 25 أكتوبر 201615 يونيو 2017.
- "Human Rights Watch: World Report, Russia p. 393" ( كتاب إلكتروني PDF ). HRW.org. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يناير 201915 يونيو 2017.
- St. Petersburg Times: Controversial Ombudsman Mikhailov Dismissed, 23 October 2009. نسخة محفوظة 1 مارس 2014 على موقع واي باك مشين.
- Lukin, Vladimir (9 February 2007). "Report Of the Commissioner for Human Rights in the Russian Federation For the Year 2006". Official Website of the High Commissioner for Human Rights in the Russian Federation. مؤرشف من الأصل في 05 مارس 2009.
- "Czar Putin". CNN. Transcripts.cnn.com. 9 December 2007. مؤرشف من الأصل في 29 أبريل 201918 أكتوبر 2014.
- Azhgikhina, Nadezhda Ilinichna (7 November 2016). "10 Years on From the Murder of Russian Journalist Anna Politkovskaya, What Has Changed?". Newsweek. مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 201905 مارس 2018.
- "Attacks on the Press 2005: Russia", Committee to Protect Journalists, 16 February 2006. نسخة محفوظة 3 مارس 2011 على موقع واي باك مشين.
- "Motive Confirmed: Deaths of journalists where the CPJ is reasonably certain that the journalist was murdered in direct reprisal for his or her work; was killed in crossfire during combat situations; or was killed while carrying out a dangerous assignment such as coverage of a street protest", spreadsheet, Committee to Protect Journalists, 15 August 2009. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 20 يناير 20167 أبريل 2020.
- Конфликты, зафиксированные ФЗГ в течение 2005 года на территории РФ - تصفح: نسخة محفوظة 7 August 2007 على موقع واي باك مشين.
- Putin's Russia failed to protect this brave woman - تصفح: نسخة محفوظة 27 September 2007 على موقع واي باك مشين., Joan Smith.
- Anna Politkovskaya, Prominent Russian Journalist, Putin Critic and Human Rights Activist, Murdered in Moscow - تصفح: نسخة محفوظة 14 November 2007 على موقع واي باك مشين., Democracy Now
- International Press Institute: Europe Overview - تصفح: نسخة محفوظة 5 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- "Anatomy of injustice", The Committee to Protect Journalists, September 2009. نسخة محفوظة 25 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
- "Chechen journalists, international journalists – Ramzan Kadyrov has silenced us all". The Guardian (باللغة الإنجليزية). 2016-10-10. ISSN 0261-3077. مؤرشف من الأصل في 14 يوليو 201914 أكتوبر 2016.
- فريدم هاوس, [freedomhouse.org/report/freedom-press/2015/russia Russia 2015 Press Freedom report]