الرئيسيةعريقبحث

الرشيد بن المعتمد


☰ جدول المحتويات


أبو الحسين عبيد الله الرشيد بن المعتمد[1][2] هو أحد أبناء المعتمد بن عبَّاد أمير إشبيلية وقرطبة في عصر ملوك الطوائف.[3] عينه المعتمد على قضاء إشبيلية،[2] ونصَّبه ولياً للعهد، إذ كان ينوي أن يخلفه في الحكم.[4]

الرشيد بن المعتمد
معلومات شخصية

سيرته

أسره عند كونت برشلونة

عندما أراد أبو بكر بن عمار - وزير المعتمد بن عباد - غزو مدينة مرسية، قرر التفاوض مع كونت برشلونة ريموند برانجيه ليحصل منه على المساعدة في الغزو. عرض ابن عمار أخذ ابن أخ الكونت رهينةً عند المعتمد ليضمن أن يساعده في فتح المدينة، وفي المقابل يصبح الرشيد بن المعتمد - قائد الحملة - رهينةً عند الكونت إذا لم يصل إليه المال الذي وُعِدَ به، إلا إنَّ ابن عمار لم يخبر المعتمد بهذا الشرط. ضرب جيشا المعتمد والكونت الحصار على مرسية، وعاد المعتمد إلى قرطبة ومعه الرهينة (ابن أخ الكونت)، وتأخر بإرسال المال، فظنَّ الكونت أنه خدع، وقبض على الفور على الرشيد وابن عمار، وفشل جيش إشبيلية بتحريرهما. عاد المعتمد إلى إشبيلية، وسجن ابن أخ الكونت، ففشل الحصار وانسحبت الجيوش من مرسية.[5] لكن عندما اتجه المعتمد بن عبَّاد إلى الصلح مع الكونت مقابل تسليمه المال وتبادل الرهائن ليستعيد الرشيد، طالب الكونت بتسليمه ثلاثين ألف مثقال من الذهب لقاء ذلك، ولم يكن المعتمد يستطيع تدبير هذا المبلغ، فصنع عملة زائفة من خليط من الذهب والمعادن، ولم ينتبه الكونت إلى ذلك، فتمَّت المبادلة، وعاد الرشيد إلى المعتمد.[6]

استدعاء المرابطين

عندما أراد المعتمد استدعاء المرابطين إلى الأندلس لمساعدة ملوك الطوائف ضدَّ قشتالة، اعترض عليه الرشيد قائلاً: «يا أبت، أتدخل على أندلسنا من يسلبنا ملكنا ويبدّد شملنا؟»،[7] فأجاب ابنَه: «أي بني، والله لا يُسمَع عني أبداً أني أعدتُّ الأندلس دار كفر، ولا تركتها للنصارى، فتقوم عليَّ اللعنة في منابر الإسلام مثل ما قامت على غيري».[8] وعندما طالب يوسف بن تاشفين أمير المرابطين أن يُسلِّمه المعتمد الجزيرة الخضراء ليعسكر فيها عند دخوله الأندلس، اعترض الرشيد في ذلك: «يا أبتِ، ألا ما تنظر إلى ما طلب؟»، فأجاب المعتمد: «يا بني، هذا قليلٌ في حقّ نصرة المسلمين»،[9] فردَّ الرشيد: «يا أبتِ افعل ما أمرك الله»، وأجابه المعتمد: «إن الله لم يلهمني إلا هذا، وفيه خيرٌ وصلاحُ لنا ولكافَّة المسلمين».[10] عندما ذهب المعتمد لخوض معركة الزلاقة مع ابن تاشفين ضد قشتالة، ولَّى الرشيد لتدبير أمور إشبيلية إلى حين عودته. وعندما انتصر في المعركة أرسل على الفور حمامة زاجلة إلى الرشيد في إشبيلية لينبؤه بالخبر، وأعلنه الرشيد من على منبر المسجد الجامع في المدينة.[11] وكانت رسالة المعتمد إلى الرشيد تقول:[12]

«كتابي هذا من المحلة يوم الجمعة الموافي عشرين من رجب، وقد أعزَّ الله الدين، ونصر المسلمين، وفتح لهم الفتح المبين، وأذاق المشركين العذاب الأليم، والخطب الجسيم، فالحمد لله على ما يسَّره وسناه من هذه الهزيمة العظيمة، والمسرة الكبيرة، هزيمة أدفونش أصلاه الله نِكال الجحيم، ولا أعدمه الوبال العظيم، بعد إتيان النهب على محلاته واستئصال القتل في جميع أبطاله وأجناده، وحماته وقواده، حتى اتخذ المسلمون من هاماتهم صوامع يؤذنون عليها، فالله الحمد على جميل صُنعِه، ولم يُصبنِي بحمد الله تعالى إلا جراحات يسيرة ألمَّت لكنها فرجت بعد ذلك وغنمت وظفرت.»

عندما تعرَّضت إشبيلية عاصمة بني عبَّاد للحصار على أيدي المرابطين عام 484 هـ (1091م)، أصيب المعتمد بالخوف والاضطراب، فترك أمر تدبُّر كافة شئون إشبيلية للرشيد.[13] ثم سقطت إشبيلية واقتيد الرشيد مع والده أسيراً إلى المغرب. وأثناء نقلهم من مكناسة إلى أغمات عتب المعتمد عتاباً كبيراً على الرشيد، فكتب الرشيد شعراً[14] إلى والده يستعطفه:[15]


يا حليف الندى ورب الساحوحبيب النفوس والأرواح
من تمام النعمى على التماحيلمحة من جبينك الوضَّاح
قد غنينا ببشره وسناهعن ضياء الصبح والمصباح

وردَّ عليه والده بشعرٍ مماثل.[15]

قيل فيه

اشتهر الرشيد بالكرم والنجوى، ويروي ابن بسام أنه في أحد مجالسه امتحده وزير المعتمد أبو بكر بن عمار بالشعر قائلاً:[16]


ماضر إن قيل إسحاقٌ وموصلهها أنتَ أنتَ وذي حمصٍ وإسحاق
أنت الرشيد فدع من قد سمعتَ بهوإن تشابه أخلاق وأعراق
لله دركَ داركها مشعشعةواحضر بساقيكَ ما قمت بنا ساق

ويروى الشاعر أبو بكر بن اللبانة أنه في عام 483 هـ بينما كان في مجلس الرشيد جاء ذكر غرناطة وسقوطها في يد يوسف بن تاشفين أمير المرابطين (وذلك قبل أن يأخذ أيضاً إشبيلية عاصمة بني عبَّاد بقليل)، فارتعد الرشيد وأخذ يتحدث عن قصرها، وأخذ من في المجلس يدعون لقصره وملكه بالدوام. عند ذلك أمر الرشيد بأن يقوم له أبو بكر الإشبيلي يغني، فأنشد:[17]


يا دار مية بالعلياء فالسندأقوت، وطال عليها سالف الأبد

فتجهَّم الرشيد أكثر (لخوفه من ضياع ملكه على أيدي المرابطين)، ثم أمر أشخاصاً آخرين بالغناء فقالوا ما جعله يتجهَّم أكثر، وآخر الأمر قام ابن اللبانة فأنشد:


محلَّ مكرمةٍ لا هُدَّ مبناهوشمل مأثرةً لا شتَّهُ الله
البيتُ كالبيتِ لكن زاد ذا شرفاًإنَّ الرشيدَ مع المعتدِّ رُكنَاه
ثاوٍ على أنجم الجوزاء مقعدُهُوراحلٌ في سبيل الله مثواه

فارتاح الرشيد ورضي عنه.

المراجع

  1. أحمد بن محمد المقري التلمساني: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ص675، مدخلة "مدائح ابن اللبانة في بني عباد". رابط إلكتروني. نسخة محفوظة 28 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. عبد الرحمن علي الحجي (1987): التاريخ الأندلسي: من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة، ص391. دار القلم، دمشق - سوريا. دار المنارة، بيروت - لبنان.
  3. أحمد بن محمد المقري التلمساني: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ص674، مدخلة "الراضي ابن المعتمد".
  4. أدهم 2000، صفحة 214
  5. أدهم 2000، صفحة 153
  6. أدهم 2000، صفحة 156
  7. الصلابي 2007، صفحة 76
  8. أبو خليل 1979، صفحة 33-37
  9. الصلابي 2007، صفحة 78
  10. أدهم 2000، صفحة 215
  11. أبو خليل 1979، صفحة 55
  12. أدهم 2000، صفحة 227-228
  13. أدهم 2000، صفحة 277
  14. أدهم 2000، صفحة 289
  15. أدهم 2000، صفحة 290
  16. أحمد بن محمد المقري التلمساني: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ص678، مدخلة "رجع إلى بني عباد رحمهم الله تعالى".
  17. ابن الأثير: الكامل في التاريخ، الجزء الرابع، ص334. رابط إلكتروني. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.

كتب


موسوعات ذات صلة :