الروك(1) كلمة قبطية[1]، من روش[2] (بالقبطية: ⲣⲱϣ)[3][4]، معناها قياس الأرض بالفدان وتثمينها أي تقدير درجة خصوبتها لتقدير الخراج عليها. ويقابل الروك في وقتنا الحاضر عملية المساحة العامة (المسح العقاري) وعملية تقدير الضرائب[5][6]. وفي مصطلحات الإدارة المعاصرة يسمى فك الزمام وتعديله[2].
والمقريزي يذكر عمل الروك في باب "ذكر قبالات أراضي مصر" وفيه يذكر عمل الخراج وكيفية تحصيله، فيذكر التالي: «فإذا مضى من الزمان ثلاثون سنة حوّلوا السنة، وراكوا البلاد كلها، وعدّلوها تعديلاً جديداً، فزيد فيما يحتمل الزيادة من غير ضمان البلاد، ونقص فيما يحتاج إلى التنقيص منها.[7]»، وفي نفس الباب: «فخاطب الأفضل ابن أمير الجيوش: في أن يحل الإقطاعات جميعها ويروكها وعرفه أن المصلحة في ذلك تعود على المقطعين والديوان لأنّ الديوان يتحصل له من هذه الفواضل جملة يحصل بها بلاد مقورة، فأجاب إلى ذلك، وحل جميع الإقطاعيات وراكها.[7]». وعمل الروك لم يكن يقتصر على الديار المصرية فحسب، بل تم عمله في الديار الشامية كما ورد في "السلوك لمعرفة دول الملوك": «وفيه كان روك المملكة الطرابلسية على يد شرف الدين يعقوب ناظر حلب، فاستقر أمرها لاستقبال رمضان سنة عشر وسبعمائة الهلالي، ومن الخراجى لاستقبال مغل سنة سبع عشرة. و تو بهذا الروك إقطاعات ستة أمراء طبلخاناه، وثلاثة إقطاعات أمراء عشروات، وأبطل منها رسوم الأفراح، ورسوم السجون، وغير ذلك من المكوس التي كان مبلغها في كل سنة مائة ألف درهم وعشرة آلاف درهم، وقدم شرف الدين بأوراق الروك إلى القاهرة.[8]»
أعمال الروك في مصر
- على يد ابن رفاعة عامل الخراج في خلافة الوليد وأخيه سليمان بن عبد الملك، حوالي سنة 97 هجرية.[9]
- على يد ابن الحبحاب في خلافة هشام بن عبد الملك، حوالي سنة 110 هجرية.[9]
- على يد ابن مدبر في خلافة المعتز بالله، حوالي سنة 253 هجرية.[9]
- الروك الأفضلي على يد الأفضل ابن أمير الجيوش في عهد الآمر بأحكام الله، حوالي سنة 501 هجرية.[10]
- الروك الصلاحي في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي، حوالي سنة 572 هجرية.[10] ذكره المقريزي في الجزء الأول في باب "ذكر قبالات أرض مصر".
- الروك الحسامي في عهد المنصور حسام الدين لاجين، حوالي سنة 697 هجرية.
- الروك الناصري في عهد الناصر محمد بن قلاوون، حوالي سنة 716 هجرية. وبالرغم من أن ابن الجيعان ينسب في مقدمة كتابه "التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية" هذا الروك إلى الأشرف شعبان، إلا أن الرأي الغالب أنه الروك الناصري.[10]
الروك الحسامي
وينسب للملك المنصور حسام الدين لاجين، ويذكر القلقشندي تاريخ عمله في رجب الفرد سنة سبع وتسعين وستمائة[11]. وابن إياس يذكر بدء عمله يوم الإثنين سادس جمادى الأولى في نفس السنة، وكان القائم عليه شخص من المباشرين الأقباط يقال له "التاج الطويل":
" | فشرع في كتب قوائم بمساحة البلاد وأسمائها، فأظهر النتيجة في ذلك. وجار على الناس ، وضج منه الأمراء وسائر الجند، وصار لا يراعي في الأنام خليلا. حتى قال فيه بعض الشعراء مداعبة:
وكانت ضواحي مصر يومئذ مقسمة على أربعة وعشرين قيراطا، منها أربعة قررايط للسلطان، وعشرة قررايط للأمراء والإطلاقات، وعشرة قررايط للجند كلهم، فرسم السلطان للتاج المذكور ، أن يكفي الأمراء والجند بعشرة قررايط، وأن يزاد الذي يشكي من الأجناد قيراطا، وبقي للسلطان ثلاثة عشر قيراطا، فشكوا الجند من ذلك وضجوا.[12] |
" |
الروك الناصري
وينسب للملك الناصر محمد بن قلاوون، ويذكر القلقشندي تاريخ عمله في سنة ست عشرة وسبعمائة[11]. ويذكر المقريزي في خططه أن الروك الناصري بدأ سنة خمس عشرة وسبعمائة واستمر خمسة وسبعون يوما:
" | وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة اختار السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أن يروك الديار المصرية، وأن يبطل منها مكوساً كثيرة، ويفضل لخاص مملكته شيئاً كثيراً من أراضي مصر ،...، وكتب مرسوماً للأمير بحر الدين جيكل بن البابا أن يخرج لناحية الغربية ومعه أعزل الحاجب ومن الكتاب المكين بن فرويته، وأن يخرج الأمير عز الدين إيدمر الخطيريّ إلى ناحية الشرقية، ومعه الأمير ايتمش المجدي، ومن الكتاب أمين الدولة ابن قرموط، وأن يخرج الأمير بلبان الصرخدي والقليجي وابن طرنطاي، وبيبرس الجمدار إلى ناحية المنوفية والبحيرة، وأن يخرج البليلي والمرتيني إلى الوجه القبلي، وندب معهم كتاباً ومستوفين وقياسين، فساروا إلى حيث ذكر، فكان كل منهم إذا نزل بأوّل عمله طلب مشايخ كل بلد ودُلَلائِها وعدولها وقضاتها وسجلاتها التي بأيدي مقطعيها، وفحص عن متحصلها من عين وغلة وأصناف، ومقدار ما تحتوي عليه من الفدن ومزروعها وبورها، وما فيها من ترايب وبواق وغرس ومستبحر، وعبرة الناحية وما عليها لمقطعيها من غلة ودجاج وخراف وبرسيم وكشك وكعك، وغير ذلك من الضيافة فإذا حرّر ذلك كله ابتدأ بقياس تلك الناحية وضبط بالعدول والقياسين وقاضي العمل ما يظهر بالقياس الصحيح، وطلب مكلفات تلك القرية وغنداقها وفضل ما فيها من الخاص السلطاني وبلاد الأمراء وإقطاعات الأجناد والرزق حتى ينتهي إلى آخر عمله ،...، ثم حضروا بعد خمسة وسبعين يوماً وقد تحرّر في الأوراق المحضرة حال جميع ضياع أرض مصر، ومساحتها وعبرة أراضيها وما يتحصل عن كل قرية من عين وغلة وصنف،..، وأبطل السلطان عدة مكوس: منها مكس ساحل الغلة،...[7] | " |
.
ملاحظات
1 في معجم تيمور للألفاظ العامية: «والرُّوك عندهم - أي العامة : الأرض المشاعة بين الشركاء لم تقسم.[13]»
مصادر
- ابن مماتي: قوانين الدواوين. تحقيق د. عزيز سوريال عطية. مكتبة مدبولي. ص 455
- د. محمد عمارة: قاموس المصطلحات في الحضارة الإسلامية.دار الشروق.19933. ص 261
- W. E. Crum, A Coptic Dictionary, Oxford, 1939, p. 308
- معوض داود عبد النور: قاموس اللغة القبطية للهجتين البحيرية والصعيدية – قبطي عربي. ص 332
- محمد رمزي: القاموس الجغرافي للبلاد المصرية. القسم الأول البلاد المندرسة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.1994. ص 9
- رينهارت دوزي: تكملة المعاجم العربية، ترجمة د. محمد سليم النعيمي الجزء الخامس ذ. ر. ز، منشورات وزارة الثقافة والإعلام 1982 الجمهورية العراقية سلسلة المعاجم والفهارس 48. ص 255
- تقي الدين المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار.
- تقي الدين المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك.
- عمر طوسون: مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن. طبعة 1931. ص 195
- د. جمال الدين الشيال: دراسات في التاريخ الإسلامي. طبعة 2000. ص 99
- أبو العباس القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا. الجزء الثالث.المطبعة الأميرية بالقاهرة. 1914. ص 436
- محمد بن أحمد بن إياس الحنفي: بدائع الزهور في وقائع الدهور. تحقيق: محمد مصطفى. الجزء الأول من القسم الأول.ص 396
- أحمد تيمور: معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية. تحقيق: د. حسين نصار. الجزء الثالث.مطبعة دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة. 2002. ص 346