شعر نساء بشتون يكاد يكون المرجع الوحيد للشعر الحسي للنساء وقد قام بجمعه سعيد بهو الدين مجروج وقام الشاعر الفرنسي اندريه فيلتير بترجمتها إلى الفرنسية، وترجمها إلى العربية جميل صلاح وصدرت عن دار الانتشار العربي. يعبر شعر النساء البشتونيات عن المرأة الإنسان حين تكون في منفى الجسد، إن معرفة هذا النوع من الإبداع الحسي يدهشنا فهو يأخذنا إلى أن نقف متأملين اغتراب المرأة مع ذاتها وتماسها مع الجسد المنفي الذي يبث صرخاته في نظم شعري حر يجعل الجسد صوته ومحوره. من هذه المنطقة المحظورة يكتبن نساء البشتون شعرهن عاريا راقصا على إيقاع الوحدة والانكسار، وهو شعر شديد الحسية حين تكون المرأة في منطقة الجسد والحب وعلى حافة الانتظار وحيدة إلا من الشعر.
لتقطف الورود ملء راحتيك
أنا بستان أنت مالكه
اللاندي شعر حر بتفعيلة يتناص مع الموروث الشعبي بكل إسقاطاته وتوظيف التصورات المحسوسة في ظواهر فنية ولغوية تتراوح بين الحسية حينا والرمزية أحيانا. معروف عنه أنه تكتبه النساء ومحوره حياة الألم والاضطهاد التي تعانيها النساء، وشعر اللاندي لا يكتبه الرجل إذ يعد ذلك معيباً ولذا كانت المرأة ترتجله متخذة دور البطولة المطلقة في نظمه وخلقه كتجربة حسية حقيقية، وسرت هذه الأشعار بين النساء «البشتون» بشكل كبير وهي تجربة إبداعية فريدة أقرب إلى الحسية منها إلى الشعر وفيه تصوير للبعد الحسي والجسدي للمرأة البشتونية التي لم تستطع الخروج من البعدين اللذان تتحرك فيهما وهما الرجل، والجسد. إذ شكل شعر اللاندي بكل تفاصيله وقد برعت المرأة البشتونية فيه تماماً. في يدي وردة تذبل
فأنا لا أعرف لمن أعطيها في هذه الأرض الغريبة.
تميز شعر نساء البشتون بقدر من الصدق والتجرد في تصوير أدق تفاصيل الجسد الحسية والعاطفة ساعد على هذا أن لا امرأة بعينها ينسب لها، ولهذا اتسم بالجرأة والسهولة في التعبير على مستوى المحرم والممنوع اجتماعيا بالإضافة إلى نمط الحياة التي تعيشها النساء البشتون مثل الكبت والإقصاء إلى مجرد كائن جنسي محظور وغير مرئي ينتج هذا الصوت الإنساني/ النداء/ التمرد على المحظور/ الخوض في تلك المنطقة المحرمة فالشاعرات البشتونيات متحررات، متماسات مع ثنائية الجسد والحب بتطرف في فضاء متسع غير مسيج بأعراف أو محظورات من أية نوع سواء دينية أو اجتماعية فهو شعر حر، متحرر، مفرط في حسيته في شعر اللاندي تمتلك المرأة جسدها في كل مقطع شعري وتتحكم به كأنما تنتج مشهدا متحركا هي من يخرجه ويشاهده.
خفية أكتوي، خفية أبكي
أنا امرأة التي لا تقدر الإفصاح عن حبها.
ورغم بساطة وعفوية هذا المخزون الأنثوي الشعري الذي يُنظر إليه مرتبطا بوعي زمانه ومكانه واشتراطاته الاجتماعية والثقافية، فأننا نلمس في متن الأشعار صورا لامرأة تفني ذاتها من أجل إرضاء الآخر المُتخيل.
تباعد جبال بيننا الآن
وحدها العصافير رُسلنا، وأناشيدها الدليل
بعض اشعار النساء البشتونيات:
خفية أكتوي، خفية أبكي أنا امرأة الباشتون التي لا تقدر الإفصاح عن حبها.
اختبأت خلف الباب وخلسة طالعتني، أدلك نهدي العاريين.
طواعية سأهبك شفتي لكن لم عليّ أن أهز جرتي؟ فأنا مبتلة تماماً.
أيها الربيع! شجر الرمان مزهر من حديقتي، سأحتفظ لحبيبي البعيد ، برمان صدري .
الليل، الشرفة مظلمة، والمضاجع عديدة خشخشة أساوري ستهديك، يا حبيبي، إلى الطريق.
خذني أولاً بين ذراعيك، كن لي بعدها فقط بإمكانك أن تلتف حول فخذي المخمليين.
ضمني برغبة تحت ضوء القمر الوضاء في تقاليدنا، نهب شفاهنا في النور الساطع.
تعال كن زهرة على صدري لأنعشك كل صباح بضحكة مدوية.
فعلت بي كل ما أردت ضع الآن غطاءً على وجهي: فأنا أريد أن أنام.
حذار، تماسك، لا تفقد رباطة جأشك مثل فنن مزهر مائل فوق الرأس، أنا بقربك.
يحرمك الله من كل متعة في السفر لأنك تركتني هاجعة غير مشبعة.
الجبال، يا حبيبي، في الناحية الأخرى، تأمل القمر ملياً تراني فوق السقف في انتظارك.
الليلة الماضية رقدت بين ذراعي بعيداً عني هذه الليلة، كيف ستجد الراحة ؟
من صدري صنعت سريراً حبيبي المنهك يسير على الدرب الطويل قادماً إلي.
هل يمكنك أن تموت في ساحة الشرف، يا حبيبي! كي تتغنى الفتيات بنصرك كلما ذهبن لجلب الماء من النبع.
أواه يا حبيبي! إن كنت ترتعش بين ذراعي هكذا، ماذا ستفعل عندما تنطلق ألف شرارة من صليل السيوف؟ اليوم إبان المعركة، أعرض حبيبي عن العدو. شعرت بالعار لعناقه ليلة أمس .
عاد بثقوب رصاص بندقية جهنمية سأضمد جراحك وأهبك شفتي.
إذا أعرضت عن العدو ، يا حبيبي، لا ترجع إلي ! اذهب وابحث لك عن مأوى في بلد بعيد .
حتى ولو وجدوك مقطعاً بسيوف حادة، لا أريد أن يصل خبر هذه الفضيحة إلى مسامعي.
أرسلتك بيدي إلى الموت وصعدت فوق السقف لأراك تتصدى لأول إطلاق نار .
أسرع يا حبيبي، قم بسرعة بالهجوم، لقد راهنت عليك مع فتيات القرية
مصادر
- مقالة :
- كتاب عن الشعر البشتوني