أحمد يسلم خميس زبير والشهرة "بدوي" هو من مواليد 1950م مدينة شبام نشأ في أسرة محافظة ولها دورها الفني شعبياً في بعض الفنون التراثية، كالزربادي في الزواجات وإنشاد الموشحات وغيرها، ومن جهة التعليم فقد اكمل فناننا الراحل تعليمه الابتدائي ثم المتوسطة (قديم) وألتحق بمدارس أهلية درس فيها بعضاًً من علوم الدين كالتجويد والفقه والنحو وأكمل تلاوة القرآن عدة مرات بترتيل متقن كل هذا كان راسخاً في ذاكرته حتى في آخر أيام حياته كنّا نستعرض بعض هذه الأمور كالتجويد والنحو فنجده سبّاقاً للإجابة مستذكراً ما درسه في شبابه مرتكزاً على الفهم والذكاء الذي حباه الله إياه.
بدوي زبير | |
---|---|
معلومات شخصية | |
اسم الولادة | أحمد يسلم زبير |
تاريخ الميلاد | 1 فبراير 1950 شبام، حضرموت، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية |
تاريخ الوفاة | 2001م |
الجنسية | يمني |
الحياة الفنية | |
الاسم المستعار | بدوي زبير |
النوع | دان حضرمي، موسيقى حضرمية |
الآلات الموسيقية | العود |
المهنة | مغني |
سنوات النشاط | من 1977م - حتى وفاته |
في مجال العزف يعد المدروف الآلة الأولى التي تمرّس عليه فناننا (بدوي) ثم أتت بقية الآلات تباعاً فتعلم الكمان والعود والإيقاعات بأنواعها فلم يكن معه مرشدا أو من يعلمه بل كان جهداً ذاتيا ومَلَكَة من هبات المولى صاحبتها عزيمة كالجبال وحداقة في الأشياء تجعله يفهم ما هو أمامه مهما كان صعبا، كل هذه المؤثرات والخصائص نمّت الإبداع لدى الفنان بدوي وصقلت فيه الموهبة ولاقت عنده الصوت الساحر البديع فتجمعت كل هذه الأشياء لتقدم للجمهور بأجمعه شخصية فنية مبدعه احتوت كل ما تشتهيه أنفس المتذوقين من ألوان الطرب الأصيل الذي يلامس القلوب قبل الأسماع. وبدأت الشهرة تشق طريقها إلى فناننا بدوي زبير وليس العكس في معظم المواهب الذين يشقون طريقهم إلى الشهرة وبدأ يقيم بعض الجلسات والسمرات الخاصة منذ بداية السبعينات وكانت حضرموت آنذاك تعيش ركوداً فنياً وفراغاً كبيراً بعد وفاة الفنان الكبير محمد جمعه خان عام 1963م فعلى مدى عشرة أعوام لم يسد أحدا هذا الفراغ في دقة الأداء وصدق التعبير ومداعبة الوجدان بطرب أصيل كما كان مشهوراً به الفنان محمد جمعه والتي تناقلت الأجيال أشرطته إلى يومنا هذا فكان الفنان بدوي من الجيل الأول الذي تأثر بهذا العملاق وبدأ بدوي زبير يغني معظم الحان وأغاني محمد جمعه فهذا ما صرح به الفنان بدوي في أكثر من لقاء وقال أعتبر محمد جمعه مدرسة فنية خالدة، ومشى بدوي زبير على هذا النهج وأخذ يبحث عن ماذا يريد الناس ؟ فأخذ يغني أغاني الدان المتنوعة وأخذ ينوّع بين الحان الساحل والوادي بل إلى ألوان أخرى كالأغنية الصنعانية والعدنية واللحجية فقد كان شاملا فأحس الناس أن الفراغ الذي تركه محمد جمعه قد ملي بخليفته الذي أعطى المستمعين ما كانوا يتذوقونه قديماً من محمد جمعه بل وزادهم ألواناً أخرى من الغناء وهذا بشهادة العارفين ومن لهم باع في مجال الفن. ومن ضمن الاهتمامات والمواهب التي عاشها فناننا بدوي زبير حرفة النجارة فقد كان نجاراً ماهراً فالنجارة أيضاً فن ترتكز على تصاميم وزخارف ونقوش فقد أنجز أعمالاً لا زالت إلى اليوم شاهدة له بالتمكن في هذه الصنعة. وللشعر حظ وافر لدى فناننا بدوي زبير وهذا الديوان دليل على ذلك فهو من كلماته وألحانه فقد كان مرهف الإحساس جيّاش العاطفة يعبّر عمّا حوله من أفراح وأحزان وكل نص من هذا الديوان له مع شاعرنا قصه أو موقف مؤثر جعلته يترجم ذلك إلى أبيات معبره يعرف ذلك أقرب الناس إليه فيأتي بالأغنية ويغنيها مرة أو مرتين فقط ليوصل مغزاها إلى من يريد ثم يهملها وذلك مما لم يساعد على انتشار أغانيه بل ومعظم الناس لا يعرفون انه يقول الشعر لأن شخصيته يغلب عليها التواضع الشديد برغم أن ما يقوله من نصوص غنائية لها قوتها البلاغية ومغزاها المبطن ورونقها الفني. وتربطه بمعظم الشعراء روابط وثيقة لا يتسع المقام إلى ذكرها غير أننا سنعرج قليلاً إلى إحدى هذه العلاقات وهي علاقته بالشاعر الكبير الراحل حسين أبوبكر المحظار فهو من الذين أشادوا ببدوي زبير ومن المعجبين بصوته وأدائه المتميز وما كانت بينهم من جلسات خاصة واتصالات مستمرة لهي دليل على عمق العلاقة بل ونماذج غنائية لشاعرنا المحظار يوجهها مباشرة لبدوي يخصه فيها ومن ضمن ذلك ما قاله في مدينة جده عندما التقى به وقد قدم بدوي من حضرموت فأخذ المحظار يسأله عن أحوال أهل حضرموت قائـلاً : ايش أخبار لي من عندهم جيت ((يا بدوي)) عاد أصواتهم في الحيد موجب زمن تدوي لي ليـالي ولي أيام وأنا ما سمعت الصوت كل شي يقتبل الافراقش يا بلادي حضرموت عاد حد قال طاب الأنس في دار أبو علوي عاد شي عندهم اللي يسـلّي ولـي يـغوي من لحون الأغاني لي تسلّي على المكبـوت مـا يعدي علـيّه الـيوم إلا وأنـا أصري معسر البعد نـاره نار فـي مـهجتي تكوي ايش جمر الغطاء عنده وتوليعة الباروت لا تذكرت لي نا كنـت نسرح معه واضوي لا قدي السيـف وألا في محل مرتفع علوي لاتهنى بشربي لا ذكـرته ولا بالـقوت حالتي بعد أحبابي ذميـمة ولا تســـوي ذاكلامي ويروي عن كلامــي الذي يروي با بلادي وباقضي بها العمر لمّا موت وقال أيضاً مخاطباً لبدوي يحذره من تركه مسقط رأسه شبام والجلوس في الغربة بعيدا عن الأهل والخلان قائلاً له :
حذاري تخدعك الأوهام أنا وأنت إلـى قدام
طريق الخلف والله ما عرفناها *أين تكون أين تكون ………. يالمضنون حذاري من ملاوي الهام شف نابه وريقه سام وهذي الأرض ياماناس مثناها*يتـلوّون يتـلوؤون ……….. يالمضنون حذاري تخدعك الأيام تصوّرلك قسم بشبام شبام العالية كلين يهواهــا *في ذا الكون في ذالكون…… يالمضنون ونعرج قليلاً للتحدث عن إنسانية الفنان بدوي زبير فهو إنسان بكل ما تحمله الإنسانية من معاني حميدة قبل كونه فنّان، واترك اليراع ليكتب ما شاء من الخطوط العريضة باختصار لكيلا أتهم بالمبالغة ممن لا يعرفون بدوي زبير إلا فناناً فحسب فقد جمع معظم الشمائل رأينا ذلك في كرمه وشجاعته وطلاقة وجهه وحبه للخير ورأفته بالضعيف والمحتاج وهو رجل مواقف عديدة لوتتبعناها لاحتاجت كتيب خاص بها. وها أنت (يا أبو صالح) قد فارقتنا جسماً ولم تفارقنا روحاً فذكراك باقية بيننا كلما سمعنا ترنيمة وتر وكلما لاح خيالك في قلوبنا وكلما تذكرنا ابتساماتك الرقيقة وحركاتك العذبة إلي تطري على السمرات والمجالس الجمال والإبداع فإن بقي كلام فنتركه للعيون لتسكب ما بقي من الدموع وللقلوب لتنزف ما بقي من الجراح فما بعد فراقك من لقاء يفرحنا وما بعد رحيلك من صوت يطربنا، فنتوجه إلى المولى أن يرعاك بعفوه ويسكنك فسيح جناته