جائحة الطاعون الثانية هي تسلسل رئيسي لوباء الطاعون الذي بدأ بـالموت الأسود , حيث وصل الوباء البر الرئيسي لأوروبا في عام 1348 وقتل ما يفوق عن نصف سكان قارتي آسيا و أوروبا في الأربع سنوات المقبلة . بالرغم من أن الجائحة توقفت عن الإنتشار في أغلب المناطق , إلا أنها أصبحت متوطنة ( متماثل مع أوبئة تصيب الحيوانات ) وأصبح حدوثها متكرر حتى القرن التاسع عشر . سلسلة من الأوبئة حدثت في نهاية القرن السابع عشر وتكرر حدوثها في بعض المناطق حتى القرن التاسع عشر . وبعد ذلك ظهرت سلالة جديدة من البكتيريا كجائحة الوباء الثالث .
مسبب الطاعون هو بكتيريا من نوع يرسينيا بيستيس و التي توجد في براغيث الحيوانات البرية المختلفة و خصوصًا في الجرذان الموجودة في المجتمع البشري . في حالة بداية تفشي المرض قد تقتل هذه البكتيريا جميع عوائلها الحاليين وهكذا تموت , ولكن تبقى نشطة في عوائل أخرى لا يتم قتلها وبالتالي تسبب تفشٍ جديد بعد سنوات أو عقود . للبكتيريا طرق عدة للإنتقال و العدوى , متضمنة الجرذان المحمولة على متن السفن أو المركبات , و البراغيث المختبئة في الحبوب , و - في أكثر أشكالها ضررًا - تنتقل مباشرة عبر الدم و البلغم بين البشر .
نظرة عامة
كان هناك ثلاث موجات تفشي لمرض الطاعون . طاعون جستنيان في القرنين السادس و السابع كان أول هجوم معروف مسجل , و يمثل أول نمط من الطاعون المسجل بدقة . من الأوصاف التاريخية , ما يُعادل 40 % من سكان القسطنطينية فارقوا الحياة من الطاعون . التقديرات الحديثة تفترض أن نصف سكان أوروبا فارقوا الحياة نتيجة الطاعون قبل اختفائه في سبعينيات القرن الماضي . بعد 750 .[1] لم يظهر هذا الوباء مجددًا في أوروبا حتى ظهور الموت الأسود في القرن الرابع عشر .[2]
جائحة الطاعون الثانية بدأت في الصين أو بالقرب منها و على الأرجح انتشر المرض عن طريق الحرير أو عبر السفن . ربما هذا المرض قلل تعداد السكان في العالم بما يُقدر من 450 مليون إلى 375 – 350 مليون بحلول عام 1400 .[3]
عاد مرض الطاعون على فترات متفاوتًا بالشراسة و معدل الوفيات حتى أوائل القرن التاسع عشر . في إنجلترا , على سبيل المثال , عاد الطاعون في 63-1360 وقتل حوالي 20 % من سكان لندن وفي 1369 قتل حوالي 10 – 15 % .[4] في نهاية القرن السادس عشر , طاعون سان كرستوبال دي لا لاغونا ( 83-1582) في جزر الكناري .[5] في القرن السابع عشر كان هناك سلسلة إنتشارات من " الأوبئة العظيمة " : طاعون اشبيلية العظيم (52-1647) ؛ طاعون لندن العظيم (66-1665) ؛[6] وطاعون فيينا العظيم (1679). وبشكله الشرس , بعد طاعون مرسيليا العظيم 22-1720 ,[7] و طاعون 1738 العظيم ( الذي ضرب أوروبا الشرقية ) , و الطاعون الروسي 1772 - 1770 , بيد أنه اختفى بالتدريج من أوروبا إلا أنه بقي في مصر و الشرق الأوسط . في بداية القرن التاسع عشر , تلاشى خطر و تهديد مرض الطاعون , لكنه اُستبدل بسرعة بمرض جديد . مرض الكوليرا الأسيوية كانت الأولى من عدة أوبئة للكوليرا لتكتسح آسيا و أوروبا خلال القرنين التاسع عشر و العشرون .[8]
الوباء الثالث ضرب الصين في تسعينيات القرن التاسع عشر ودمر الهند , ولكن تم احتوائه بشكل كبير في الشرق الأوسط , واستوطن بالرغم من ذلك غرب الولايات المتحدة الأمريكية . مازال يسبب تفشي متقطع للمرض .[9]
تكرار ظهوره عبر أوروبا
الطاعون عاد ليضرب أوروبا و البحر الأبيض المتوسط مرارًا خلال القرنين الرابع عشر و السابع عشر .[10] حسب بيرابن , فإن الطاعون كان موجودًا في مكانٍ ما في أوروبا في كل سنة بين عامي 1346 و 1671 .[11] الإنتشارات اللاحقة , على الرغم من شدتها , سجلت تراجع من معظم أوروبا ( القرن الثامن عشر ) و في شمال إفريقيا ( القرن التاسع عشر ) .[12] و بحسب جيفري باركر , " فرنسا لوحدها فقدت حوالي مليون شخص من الطاعون في جائحة 31 – 1628 " .[13]
في عام 1466 , حوالي 40,000 شخص ماتوا في باريس من الطاعون .[4] خلال القرنين السادس عشر و السابع عشر , زار الطاعون باريس حوالي سنة من أصل ثلاث سنوات .[14] الموت الأسود دمر أوروبا لمدة ثلاث سنوات قبل أن يصل إلى روسيا , حيث ضرب المرض مرة واحدة كل خمس أو ست سنوات من عام 1350 إلى عام 1490 .[15] جائحة الطاعون خربت لندن في 1563 و 1593 و 1603 و 1625 و 1636 و 1665 ,[16] حيث قللت عدد سكانها حوالي 10 إلى 30 % خلال هذه السنوات .[17] حوالي 10 % من سكان أمستردام ماتوا بين 1623 – 1625 , ومرة أخرى بين 1635 – 1636 و 1655 و 1664 .[18] كان هناك 22 تفشي للطاعون في البندقية بين 1361 و 1528 . [19] طاعون 1576 – 1577 قتل 50,000 في البندقية , حوالي ثلث السكان .[20] الإنتشارات اللاحقة في وسط أوروبا شملت طاعون إيطاليا 1629 – 1631 , والتي ارتبطت بتحركات القوات خلال حرب الثلاثين عامًا , و طاعون العظيم في فيينا في عام 1679 . حوالي 60 % من سكان النرويج ماتوا بين عامي 1348 إلى 1350 .[21]الطاعون الأخير انتشر و دمر أوسلو في 1654 .[22]
في النصف الأول من القرن السابع عشر , الطاعون أودى بحياة حوالي 1,7 مليون ضحية في إيطاليا , أو حوالي 14 % من السكان .[23] في عام 1654 , الطاعون الروسي قتل حوالي 700,000 من السكان .[24] [25] في عام 1656 , الطاعون قتل حوالي نصف سكان نابولي البالغ عددهم 300,000 نسمة .[26] أكثر من 1.25 مليون حالة وفيات نتجت من الإصابة بالطاعون في القرن السابع عشر في إسبانيا .[27] طاعون 1649 ربما قلل عدد سكان إشبيلية إلى النصف .[28] في 1709 – 1713 , جائحة الطاعون التي تلت حرب الشمال العظمى ( 1700 – 1721 , السويد ضد روسيا و الحلفاء )[29] قتلت حوالي 100,000 في السويد ,[30] و 300,000 في بروسيا .[28] الطاعون قتل حوالي ثلثي سكان هلسنكي ,[31] و حصد ثلث سكان ستوكهولم .[32] في أوروبا الغربية آخر جائحة للوباء حدثت في 1720 في مرسيليا ,[21] في وسط أوروبا حدثت آخر إنتشارات عظيمة للوباء خلال طاعون الحرب الشمالية العظمى , في أوروبا الشرقية خلال الطاعون الروسي 1770 – 1772 , حيث قُتل لغاية 100,000 من سكان موسكو ,[33] و في البلقان خلال طاعون كاراجيا في 14 – 1813 .
الطاعون خرب معظم العالم الإسلامي .[34]الطاعون فعليًا كان يوجد في مكان واحد على الأقل في العالم الإسلامي كل سنة بين 1500 و 1850 .[35] ضرب الطاعون تكرارًا مدن شمال إفريقيا . الجزائر فقدت 30,000 – 50,000 في 21-1620 , و مجددًا في 57-1654 و 1665 و 1691 و 42-1740 .[36] الطاعون بقي الحدث الرئيسي في المجتمع العثماني حتى الربع الثاني من القرن التاسع عشر . بين 1701 و 1750 , سُجلت 37 جائحة كبرى وصغرى في القسطنطينية , و 31 بين 1751 و 1800 .[37] بغداد عانت بشدة من زيارات الطاعون , مع تفشي المرض أدى إلى مقتل ما يصل إلى ثلثي السكان .[38]
مراجع
- "Plague, Plague Information, Black Death Facts, News, Photos", National Geographic, مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 2016,03 نوفمبر 2008
- Hays 2005، صفحة 23.
- Historical Estimates of World Population, Census.gov, مؤرشف من الأصل في 28 سبتمبر 2017,27 ديسمبر 2012
- Britannica 1911.
- Las epidemias de la Historia: la peste en La Laguna (1582-1583) - تصفح: نسخة محفوظة 2020-02-25 على موقع واي باك مشين.
- list.htm A list of National epidemics of plague in England 1348–1665, Urbanrim.org.uk, مؤرشف من الأصل في 21 مايو 2020,03 نوفمبر 2008
- Plague History Provence, – by Provence Beyond, Beyond.fr, مؤرشف من الأصل في 09 فبراير 2020,03 نوفمبر 2008
- "Cholera's seven pandemics". CBC News. 2 December 2008. نسخة محفوظة 2011-02-09 على موقع واي باك مشين.
- Wade 2010.
- Parker 2009، صفحة 25.
- Hays 1998، صفحة 58.
- Hays 2005، صفحة 46.
- Parker 2001، صفحة 7.
- Harding 2002، صفحة 25.
- Byrne 2004، صفحة 62.
- Harding 2002، صفحة 24.
- "Plague in London: spatial and temporal aspects of mortality", J. A. I. Champion, Epidemic Disease in London, Centre for Metropolitan History Working Papers Series, No. 1 (1993). نسخة محفوظة 2019-04-04 على موقع واي باك مشين.
- Geography, climate, population, economy, society - تصفح: نسخة محفوظة 2010-02-03 على موقع واي باك مشين.. J.P.Sommerville.
- Brian Pullan (2006), Crisis And Change in the Venetian Economy in the Sixteenth And Seventeenth Centuries, Taylor & Francis Group, صفحة 151, , مؤرشف من الأصل في 02 مايو 2019
- Mary Lindemann (1999), Medicine and Society in Early Modern Europe, Cambridge University Press, صفحة 41, , مؤرشف من الأصل في 02 مايو 2019
- Harald Aastorp (2004-08-01), Svartedauden enda verre enn antatt, Forskning.no, مؤرشف من الأصل في 02 نوفمبر 2013,January 3, 2009
- Øivind Larsen, DNMS.NO : Michael: 2005 : 03/2005 : Book review: Black Death and hard facts, Dnms.no, مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2018,November 3, 2008
- Karl Julius Beloch, Bevölkerungsgeschichte Italiens, volume 3, pp. 359–360.
- Collins S. (1671) The Present State of Russia. Edited by Marshall T. Poe, 2008 نسخة محفوظة 2018-05-08 على موقع واي باك مشين.
- Медовиков П. Е. (1854) Историческое значение царствования Алексея Михайловича نسخة محفوظة 2019-07-17 على موقع واي باك مشين.
- Naples in the 1600s, Faculty.ed.umuc.edu, مؤرشف من الأصل في 10 أكتوبر 2008,November 3, 2008
- The Seventeenth-Century Decline, S.G. Payne, A History of Spain and Portugal نسخة محفوظة 2020-04-18 على موقع واي باك مشين.
- Bray 2004، صفحة 72.
- Kathy McDonough, Empire of Poland, Depts.washington.edu, مؤرشف من الأصل في 11 أكتوبر 2008,November 3, 2008
- Alexander 1980، صفحة 21.
- Ruttopuisto – Plague Park, Tabblo.com, مؤرشف من الأصل في 11 أبريل 2008,November 3, 2008
- Tony Griffiths (2009), Stockholm: A Cultural History, Oxford University Press, صفحة 9, , مؤرشف من الأصل في 02 مايو 2019
- Melikishvili, Alexander (2006). "Genesis of the anti-plague system: the Tsarist period" ( كتاب إلكتروني PDF ). Critical Reviews in Microbiology. 36 (1): 19–31. CiteSeerX . doi:10.1080/10408410500496763. PMID 16610335. مؤرشف ( كتاب إلكتروني PDF ) من الأصل في 23 نوفمبر 200922 مارس 2020.
- The Islamic World to 1600: The Mongol Invasions (The Black Death), Ucalgary.ca, مؤرشف من الأصل في 31 يناير 2009,10 ديسمبر 2011
- Byrne 2008، صفحة 519.
- Davis 2003، صفحة 18.
- Université de Strasbourg. Institut de turcologie, Université de Strasbourg. Institut d'études turques, Association pour le développement des études turques. (1998), Turcica, Éditions Klincksieck, صفحة 198
- Issawi 1988، صفحة 99.