جادك الغيث موشحة أندلسية من تأليف العلامة الشاعر لسان الدين ابن الخطيب.
الموشحة
نسجت على منوال موشحة ابن سهل شاعر إشبيلية وسبتة من بعدها التي مطلعها :
هل درى ظبي الحمى أن قد حمى | قلب صب حلَّه عن مكنسِ | |
فهو في حرٍ وخفقٍ مثلما | لعبت ريح الصبا بالقبسِ |
فبدأها ابن الخطيب فقال :
جادك الغيث إذا الغيث همى | يا زمان الوصل بالأندلسِ | |
لم يكن وصلك إلا حلما | في الكرى أو خلسة المختلسِ |
وقد غنت تلك الموشحة فيروز :
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
،،،،،،،، ،
[2]جادك الغيـث إذا الغيـث همـى | يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس | |
لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا | في الكرى أو خلسـة المختلـس | |
إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى | ينقـل الخطـو علـى مايـرسـمُ | |
زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا | مثلمـا يدعـو الوفودَ الموسـمُ | |
والحيا قد جلـل الـروض سنـا | فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم | |
وروى النعمان عن مـاء السمـاء | كيف يـروي مالـكٌ عـن أنـس | |
فكسـاه الحسـن ثوبـاً مُعلـمـاً | يزد َ هـي منـه بأبهـى ملبـس | |
في ليـال ٍ كتمـت سـر الهـوى | بالدجـى لـولا شمـوس الغُـرر | |
مال نجـم الكـأس فيهـا وهـوى | مستقيـم السيـر سعـد الأثــر | |
وطرٌ مافيه مـن عيـب ٍ سـوى | أنـه مــرَّ كلـمـح البـصـر | |
حيـن لـذّ النـوم شيئـاً أو كمـا | هجـم الصبـح هجـوم الحـرس | |
غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا | أثـرت فينـا عيـون النـرجـس | |
أيٌّ شـئ لامـرئ قـد خلـصـا | فيكون الـروض قـد مكـن فيـه | |
تنهـب الأزهـار فيـه الفُرصـا | أمِنـت مـن مـكـره ماتتقـيـه | |
فـاذا المـاء تناجـى والحـصـا | وخـلا كـل ٌّ خلـيـل بأخـيـه | |
تُبصـر الـورد غيـوراً بَـرمـا | يكتسي مـن غيظـه مـا يكتسـى | |
وتــرى الآس لبِيـبـا فهـمـا | يسـرق السمـع بأذنـي فــرس | |
يا أهَيلَ الحي مـن وادي الغضـا | وبقلبـي مسـكـنٌ أنـتـم بــه | |
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا | لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه | |
فأعيدوا عهـد أنـس قـد مضـى | تعتقـوا عبدكـم مــن كـربـه | |
واتقـوا الله ، وأحيـوا مغـرمـا | يتلاشـى نفـسـاً فــي نـفـس | |
حبـس القلـب عليكـم كـرمـا | أفترضـون َ عـفـاء الحُـبُـس | |
وبقلـبـي منـكـم مـقـتـربٌ | بأحاديـث المنـى وهـو بعـيـد | |
قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب | شقوة المضني بـه وهـو سعيـد | |
قـد تسـاوى محسـنٌ أو مذنـبٌ | فـي هـواه بيـن وعـدٍ ووعيـد | |
أحـور المقلـة معسـول اللمـى | جال في النَّفْـس مجـالَ النَّفَـس | |
سدد السهـم فأصمـى إذ رمـى | بـفـؤادي نبـلـه المـفـتـرس | |
إن يكـن جـار وخـاب الأمـل | ففـؤاد الصَّـبِّ بالشـوق يـذوب | |
فـهـو للنـفـس حبـيـب اول | ليس في الحب لمحبـوب ذنـوب | |
أمــره معـتـمـل ممـتـثـل | في ضلوع قـد براهـا وقلـوب | |
حكـم اللحـظ بــه فاحتكـمـا | لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس | |
ينصـف المظلـوم ممـن ظلمـا | ويجـازي البَـرَّ منهـا والمُسِـي | |
مـا لقلبـي كلمـا هبـت صبـا | عاده عيـدٌ مـن الشـوق جديـد | |
جلـب الهـم لــه والوصـبـا | فهو للأشجان فـي جهـدٍ جهيـد | |
كـان فـي اللـوح لـه مكتتـبـا | قـولـه : إن عـذابـي لشـديـد | |
لاعجٌ في أضلعـي قـد أضرمـا | فهي نـارٌ فـي الهشيـم اليبـس | |
لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذِمـا | كبقـاء الصبـح بـعـد الغـلـس | |
سلمي يا نفس فـي حكـم القضـا | واعمري الوقت برجعي ومتـاب | |
ودعي ذكـر زمـان قـد مضـى | بين عُتبى قـد تقضـت وعتـاب | |
واصرفي القول إلى مولى الرضى | ملهـم التوفيـق فـي أم الكتـاب | |
الكريـم المنتـهـي والمنتـمـي | أسـد السـرج وبـدر المجـلـس | |
ينـزل النصـر علـيـه مثلـمـا | ينـزل الـوحـي روح الـقُـدس | |
مصطفـى الله سَمِـيٌّ المصطفـى | الغنـي بالله عـن كــل أحــد | |
مـن إذا ماعَقـد العهـد وفــى | وإذا مـا فتـح الخطـب عـقـد | |
من بني قيس بـن سعـد وكفـى | حيث بيت النصر مرفـوع العَمَـد | |
حيث بيت النصر محمًّي الحمـى | وجَنى الفضـل زكـي المغـرس | |
والهـوى ظـل ظلـيـلٌ خيـمـا | والنـدى هـبَّ الـى المغتـرس | |
هاكهـا ياسِبـطَ أنصـار العُلـى | والـذي إن عثـر الدهـر أقـال | |
غـادةً ألبسهـا الحـسـن مُــلا | تبهـر العيـن جـلاءً وصـقـال | |
عارضت لفظـاً ومعنـى وحلـى | قول مـن أنطقـه الحـب فقـال: | |
(( هل درى ظبي الحمى أن قد حمى | قلب صـب حَلَّـه عـن مكنـس | |
فهـو فـي حـر وخفـقٍ مثلمـا | لعبـت ريـح الصبـا بالقـبـس)) |
شرح وتحليل موشح جادك الغيث
الموشح فن أندلسي، يربط الطالب بالأندلس التي أقام فيها المسلمون دولة قوية عاشت قرونا، ثم انتهى أمرها بأن تكاثف الأوربيون في القضاء عليها، والموضوع يطلع الطالب على لون من ألوان الأدب ابتكره الأندلسيون في الشعر وبرعوا فيه، وقد سمي بالموشح لما فيه من ترصيع، وتزيين تشبيها له بوشاح المرأة المرصع بالجواهر، ومن سمات هذا الفن أنه قائم على نظام تنوع القوافي . وموضوع درسنا يشير إلى وفاء المحب، وصدق حبه مع جفاء محبوبته، فالشاعر مشتاق لمحبوبته حزين على فراقها، وقد بدأ النص بالدعاء لزمان الوصل بالسقيا، ثم أشار إلى أن مدة الوصل كانت قصيرة كأنها حلم أو نظرة مختلسة، حيث يريد لها أن تطول، ولا تنقضي ثم أتبع ذلك بمناداة أهل الحي الذين بعدوا عنه، وذكر أن قلبه معلق بهم، وكأنهم يسكنون قلبه، ثم ذكر أن حبه لهم في نفسه قد سبب له الضيق فجعله يشعر باضطراب فكره وعقله . ثم نراه ينتقل إلى التوسل إلى أحبائه أن يعاودوا وصله، حيث شبه نفسه بالعبد الذي يرجو عتقه، واستمر في الطلب فقال ( اتقوا الله وأحيوا مغرماً … )واستعطفهم بطريق السؤال إن كانوا يرضون هلاكه، ثم عاد للحديث عن القرب، والبعد وأنه مقترب منهم حيث يمني نفسه بقربهم مع أنهم بعيدون عنه . ثم لجأ إلى الخيال فتخيل محبوبته قمراً أظهر ضوءه غروب الشمس، ثم نجده ينتقل إلى قسوة محبوبته وأنها لا تصله، وهي بذلك تسوي بين المحسن والمذنب . وفي نهاية النص نجده يذكر بعض الصفات الحسية، فذكر حور عينها، ولمى شفتها، وقد جعل ذلك محبوبته كأنه حلت في نفسه محل النفس .
جو النص: يجد الشاعر في ذكريات الماضي السعيد مجالا لشعرهم حيث يتذكرون ما اغتنموا من سعادة، وما نعموا به من متعة بين الأحبة وجمال الطبيعة فتهيج عواطفهم بهذه الذكرى و يعرضون علينا صورة لها، جعلنا نشاركهم سرورهم بها وألمهم لذهاب عهدها، ولسان الدين بن الخطيب في هذه الموشحة يحدثنا عن أيام .جميلة سعيدة قضاها في غر ناطة ويتحسر على أنها مرت سريعة كما في قوله : يا زمان الوصل بالأندلس .
المصادر
- المقري ( نفخ الطيب ) المجلد السابع ص 11إلى ص 14
- مصطفى السقا ( المختار من الموشحات ) تحقيق حسين نصار الهيئة العامة لقصور الثقافة مصر 2008 م من ص 141 إلى ص 144
المراجع
- ابن منظور ( لسان العرب) دار صادر بيروت .
- ابن منظور ( لسان العرب ) ج 15 حرف الواو تحت مادة ( وشح )دار صادر بيروت 2003 م .
- أمل محسن سالم العميري (الموشحات ) الموقع الإلكتروني لجامعة أم القرى http://uqu.edu.sa/amomirey/ar/196271 .
- رضا محسن القريشي (الموشحات العراقية منذ نشأتها وحتى القرن التاسع عشر).
- مجدي شمس الدين (الموشحات) مجلة الافاق العربية 3-4/اذار 1999م .
- سلمان علي التكريتي / مجالي تطور الموسيقى العربية / مجلة افاق عربية عدد 12/أب/1983م.
- مصطفى السقا ( المختار من الموشحات ) تحقيق حسين نصار الهيئة العامة لقصور الثقافة مصر 2008م .
- مقداد رحيم (الموشحات الأندلسية وعلاقتها بالغناء ) افاق عربية عدد 9/مارس/1984م.
- الموسيقى العربية / مجلة افاق عربية عدد 12من أبريل 1983م.
- نزار حنا (الإيقاع في الشعر) دراسة مقارنة بين العربية والسريانية.
- محمد زكريا عناني (الموشحات الأندلسية)الهيئة المصرية العامة للكتاب .
- مصطفى السقا ( المختار من الموشحات ) تحقيق حسين نصار عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
- المقري ( نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب).
وصلات خارجية
جادك الغيث لسان الدين بن الخطيب
جادك الغيث غناء فيروز على يوتيوب
الموشحات من الموقع الإلكتروني لجامعة أم القري