خلل النطق التشنجي (Spasmodic dysphonia) (أو اختلالات الحنجرة) هي عبارة عن اضطراب أو خلل صوتي يتميز بوجود حركات لا إرادية لعضلة واحدة أو أكثر من عضلات الحنجرة (الثنايا الصوتية أو صندوق الصوت) أثناء الكلام.[1]
أنواع خلل النطق المتقطع
تتمثل أنواعه الثلاث في : خلل النطق التشنجي المقرب، خلل النطق التشنجي المبعد وخلل النطق التشنجي المختلط.
خلل النطق التشنجي المقرب
في هذا النوع، تتسبب حركات أو تشنجات العضلات اللا إرادية المفاجئة في العمل الجماعي أو القوي للطيات الصوتية (أو الحبال الصوتية).[1] ومثل هذه التشنجات تجعل من الصعب على الحبال الصوتية أن تهتز لتنتج الصوت. وهذا من شأنه أن يتسبب في تقطع الكلمات وصعوبة إخراجها نتيجة لتلك التشنجات العضلية. ولذلك، يكون الكلام متقطع والصوت شبيه بالتأتأة "التلعثم". وعادة ما يوصف صوت الفرد المصاب بخلل النطق المتقطع المقرب بأنه متوتر أو مخنوق وملئ بالجهد. ومن المدهش، أن هذه التشنجات تتوقف عادة أثناء الضحك أو عند التحدث بنغمة عالية أو أثناء التنفس والغناء، ولكن المطربين يواجهوا نقص في المدى الصوتي أو عدم القدرة على إنتاج بعض العلامات الموسيقية ذات المقام أو عند العرض. ولكن كثيراً ما يتسبب الإجهاد أو التوتر في أن تكون التشنجات العضلية أكثر شدة.[2]
خلل النطق التشنجي المبعد
في هذا النوع، تتسبب الحركات أو التشنجات للعضلات اللا إرادية المفاجئة في فتح الأحبال أو الأوتار الصوتية.[1] تلك الأوتار الصوتية لا يمكنها أن تهتز عندما تكون مفتوحة. ويسمح الوضع المفتوح للحبال الصوتية أيضاً بهروب الهواء من الرئتين أثناء الكلام. نتيجة لذلك، فإن أصوات هؤلاء الأفراد غالباً ما تكون ضعيفة وهادئة ولاهثة أو هامسة.
وكما هو الحال في خلل النطق التشنجي المقرب، تغيب التشنجات في كثير من الأحيان خلال بعض الأنشطة مثل الضحك والغناء ولكن المطربين قد يواجهون نقص في المدى الصوتي أو عدم القدرة على إنتاج بعض العلامات الموسيقية ذات المقام أو عند العرض.[2]
خلل النطق التشنجي المختلط
ويتضمن هذا النوع من الخلل العضلات التي تفتح الحبال الصوتية وكذلك العضلات التي تغلقها، وبالتالي يمتلك سمات كلا من خلل النطق التشنجي المقرب والمبعد.[1]
المنشأ
السبب الدقيق لخلل النطق التشنجي يعتبر غير معلوم.[1] ووفقاً للمعهد القومي للصمم واضطرابات التواصل الأخرى "أن الأبحاث قد كشفت عن أدلة متزايدة تأكد أن معظم حالات خلل النطق المتقطع هي في الواقع عصبية المنشأ أو لها علاقة بالجهاز العصبي (المخ والأعصاب)".[2]
خلل النطق التشنجي يعد اضطراب عصبي أكثر من كونه اضطراب في الحنجرة، وفي الأشكال الأخرى من الاختلالات، فإن التدخلات في العضو المقصود (أي الحنجرة) لم تقدم علاج نهائي، ولكن تخفف فقط من الأعراض. الأسس الباثوفسيولوجية "علم وظائف الأعضاء المرضي" الكامنة وراء هذا الخلل أصبحت مفهومة بشكل أكبر كنتيجة للاكتشافات في أنواع ونماذج الاضطرابات ذات الأصل الوراثي، ويعتبر هذا النهج هو أكثر السبل الواعدة لإيجاد حل طويل الأمد.[3]
صنف كلاً من المعهد القومي للإضطرابات العصبية والسكتات الدماغية والأكاديمية الأمريكية لعلم الأعصاب خلل النطق التشنجي على أنه خلل أو اضطراب عصبي.[4] ومع ذلك، لأن الصوت يمكن أن يبدو طبيعي أو شبه طبيعي في بعض الأحيان، فإن بعض الأطباء الممارسين يعتقدوا بأن السبب نفسي، والذي ينشأ في عقل الشخص المصاب أكثر من كونه سبب عضوي. ولكن لم تتبع أية منظمة أو مجموعات طبية هذا النهج. وقد وجدت مقارنة أجريت ما بين مرضي خلل النطق المتقطع ومرضي شلل الأحبال الصوتية أن 41.7% من مرضى خلل النطق التشنجي يفوا بمعايير الدليل التشخيصي والإحصائي للإضطرابات النفسية الرابع للمرض المشترك النفسي مقارنة بنسبة 19.5% من مرضى شلل الحبال الصوتية.[5] ومع ذلك، فإن هناك دراسة أخرى وجدت العكس، حيث وجدت أن مرضى خلل النطق التشنجي يكون لديهم الاعتلال المشترك النفسي أقل بكثير إذا ما قورن بمرضى شلل الحبال الصوتية : "انتشار الكثير من الحالات النفسية تختلف بشكل كبير بين المجموعات، بمستوى منخفض وصل إلى 7% أي (1/14) في مرض خلل النطق المتقطع، ونسبة 29.4% أي (5/17) في مرض خلل النطق الفني أو الوظيفي، ويصل لمستوى مرتفع وهو 63.6% أي (7/11) في مرض شلل الأحبال الصوتية".[6] وقد أقر استعراض في مجلة الطب السويسرية الأسبوعية أن "الأسباب النفسية" أو "اختلال التوازن النفسي" والتوتر المتزايد لعضلات الحنجرة قد تكون أحد أطراف نطاق العوامل المحتملة التي تؤدي إلى تطور هذا الخلل".[7] بدلاً من ذلك، فإن العديد من المحققين في هذه الحالة يشعرون بأن الاعتلال النفسي المشترك المصاحب للإضطرابات الصوتية هو نتيجة للعزلة الاجتماعية والقلق الذي يعاني منه المرضى بهذه الحالات كنتيجة لصعوبة الكلام، وذلك، بدلاً من كون هذا الاعتلال النفسي سبباً لعدم الفصاحة أو الطلاقة في التحدث.[8] الرأي الذي مفاده أن خلل النطق المتقطع أساسه نفسي لم يتم تأييده من قبل الخبراء في الأوساط العلمية.[6][9]
الدليل على وجود أسس عصبية لهذاالمرض
تم تصنيف خلل النطق المتقطع رسمياً على أنه اضطراب حركي، وكأحد الاختلالات التواصلية، كما أنه يعرف أيضاً باسم اختلالات الحنجرة.[10] وتتضمن الأدلة الداعمة لكون خلل النطق التشنجي إضطراباً عصبياً ما يلي :
- مرض خلل النطق التشنجي قد يحدث مع غيره من الاضطرابات الحركية العصبية مثل تشنج الجفون (وميض أو طرف العين المفرط وإغلاق العين الاضطراري اللا إرادي) والاختلال الحركي المتأخر (التحرك اللا إرادي والمتكرر لعضلات الوجه واللسان والجسم والأيدي والساقين) واختلالات الفك والفم (التحركات اللا إرادية لعضلات الفك، الشفتين واللسان) والصعر أو انتقال العنق (الحركات اللا إرادية أو التشنجات في عضلات الرقبة) أو الرعاش (حركة العضلات الارتجافية الإيقاعية).[1]
- يمتد أو يسري خلل النطق التشنجي في بعض العائلات ويعتقد أنه يتوارث. وقد حددت الأبحاث جين على الكروموسوم رقم تسعة والذي من المحتمل أنه يساهم في إحداث خلل النطق التشنجي والذي يكون شائع في بعض الأسر.[1]
- يوضح الفحص النسيجي للعصب الواصل إلى الحبال الصوتية في مرض خلل النطق التشنجي أن نسبة الألياف العصبية الرفيعة غير الطبيعية كانت أعلى مما كانت عليه في الحالات الطبيعية.[11]
- إشارات الرنين المغناطيسي الوظيفي تقل في القشور الحسية الحركية المرتبطة بحركة الجزء المصاب من الجسم في اختلالات الحنجرة، مما يدعم الأسس اللا توترية لهذه الاضطرابات الصوتية.[12]
التشخيص
لسوء الحظ، غالباً ما يتم التأخر في تشخيص خلل النطق التشنجي بسبب عدم التعرف على أعراضه بالفحص الطبي. معظم المرضى الذين تم تشخيص حالتهم بشكل صحيح يتم تقّييمهم من قبل فريق يضم عادة أخصائي أنف، أذن، حنجرة، أخصائي علم أمراض النطق واللغة وأخصائي أعصاب. يقوم أخصائي الأنف، الأذن والحنجرة بفحص الحبال الصوتية للبحث عن أسباب أخرى محتملة للإضطرابات الصوتية. عمل منظار للحنجرة بالألياف البصرية، وهي عبارة عن طريقة بموجبها يتم إمرار أنبوبة مرنة مضاءة صغيرة من خلال الأنف وإلى داخل الحلق، تعتبر أداة مفيدة حيث تسمح لأخصائي الأنف، الأذن والحنجرة بأن يقيم حركة الحبال الصوتية أثناء الكلام. وقد تشمل الاختبارات التشخيصية الأخرى : الوماضية "أي قياس سرعة الدوران والتردد" والتي تسمح للطبيب بمشاهدة تذبذبات أو اهتزازات الحبال الصوتية بحركة بطيئة. ويقّيم أخصائي علم أمراض النطق واللغة صوت المريض وجودة الصوت. بينما يقّيم أخصائي الأعصاب المريض من حيث تواجد أعراض اضطرابات حركية أخرى.[2]
لا يوجد أي علاج معروف لمرض خلل النطق التشنجي.[1]
يعتبر العلاج الأكثر فعالية للحد من أعراض خلل النطق التشنجي هو حقن كميات صغيرة جداً من سم البوتيولينم (الذي يباع تجارياً تحت الأسماء التجارية "بوتكس" و"ديسبورت" و"ميوبلوك") مباشرة إلى داخل العضلات المصابة في الحنجرة. وتعمل تلك السموم على إضعاف العضلات عن طريق منع وصول الاندفاعات أو النبضات العصبية إلى العضلات.
ويحسن الحقن بسم البوتيولينم بشكل عام الصوت لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر وبعدها تعود الأعراض الصوتية في الظهور تدريجياً. ويتطلب هذا العلاج الحقن المستمر للحفاظ على صوت تحدثي جيد.[2]
وأحياناً ما يتم الخلط بين خلل النطق التشنجي وبين الاضطرابات الصوتية فوق الوظيفية الأخرى والتي قد تستجيب للعلاج الصوتي، ولكن هذا العلاج الصوتي يعتبر غير فعال في علاج خلل النطق المتقطع.[9]
أدت إحدى العمليات التي قطعت أحد أعصاب الحبال الصوتية (العصب الحنجري الراجع) إلى تحسين الصوت لمدة عدة أشهر إلى عدة سنوات ولكن هذا التحسن غالباً ما يكون مؤقت.[2]
أشخاص بارزين مصابين بخلل النطق التشنجي
- سكوت آدمز، منشئ فكاهية أو الشريط الهزلي "ديلبرت".[13]
- فرانك أليسون، وهو موسيقار وقائد فرقة فرانك أليسون وفرقة "الجوارب الفردية".[14]
- جوني بوش، موسيقار وكاتب الأغاني المحلية والغربية.[15]
- كيث فريزر، وهو كاتب كندي حيث قد قام بتوثيق تحديات ومعالجة حالته في كتاب "معرض الصوت: سفريات مع حنجرة زجاجية" عام 2002 م.[16]
- سجورز فروليك، مذيع الراديو الهولنديالسابق، والذي إضطر إلى التخلي عن وظيفته كمقدم بسبب هذا المرض.
- روبرت كيندي الإبن، [17] نجل عضو مجلس الشيوخ الأمريكي والمرشح الرئاسي روبرت كيندي، وهو ناشط سياسي وبيئي.
- فريد لافري، وهو منتج غنائي، كاتب، موسيقار، ومشارك في ملكية إستوديو تسجيلي مع نوفا سكوتيا من كيب بريتون. وكان هو المغني الرئيسي في تسجيل مجموعة "الطريق" وأصبح في وقت لاحق فنان منفرد ولكن ظهرت عنده الحالة المرضية عام 1980 م وإضطر لترك الغناء. وقد تلقى بعض الحقن لإبقاء صوته طبيعي إلى حد ما.
- ماري لو لورد.[18]
- أندي ماك ويليامز، مذيع الراديو السابق لفريق الهوكي "صواريخ ستينجر لمدينة سينسيناتي" وفريق الهوكي الآخر "صقور شيكاغو" وأيضاً فريق "أعاصير مدينة سينسيناتي".
- داريل مكدينال، صاحب فرقة الراب "دي إم سي".[19]
- ديان رهم، مضيف عرض ديان رهم في الإذاعة الوطنية العامة (إن بي آر).[20]
- مارك ستيوارت، موسيقار روك أمريكي (حاز على الجائزة الألمانية Audio Adrenaline).[21]
- ليندا طومسون، عازفة موسيقى الروك البريطانية الشعبية.[22]
انظر أيضاً
المراجع
- a b c d e f g h "Definition of Spasmodic dysphonia". MedTerms medical dictionary. MedicineNet.com. Retrieved 2007-05-11 نسخة محفوظة 07 أغسطس 2012 على موقع واي باك مشين.
- a b c d e f "Spasmodic Dysphonia". Publication No. 97-4214.معاهد الصحة الوطنية الأمريكية. Retrieved 2007-05-11. Includes text taken directly from the website. As a work of the معاهد الصحة الوطنية الأمريكية, part of the وزارة الصحة والخدمات البشرية الأمريكية, this text constitutes a work of the U.S. federal government, therefore it is in the public domain نسخة محفوظة 06 أغسطس 2011 على موقع واي باك مشين.
- 1: Curr Opin Otolaryngol Head Neck Surg. 2004 Dec;12(6):543–8. ببمد 15548915
- Dystonias Fact Sheet: National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS) - تصفح: نسخة محفوظة 26 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- Gündel H, Busch R, Ceballos-Baumann A, Seifert E (2007). PubMed Psychiatric comorbidity in patients with spasmodic dysphonia - a controlled study.]. J Neurol Neurosurg Psychiatry. PubMed نسخة محفوظة 23 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- a b Newswise Medical News | Patients with Selected Voice Disorders Are Subject to Psychiatric Problems - تصفح: نسخة محفوظة 09 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Seifert, E.; Kollbrunner, J. (2005-07-09). PubMedStress and distress in non-organic voice disorder.]. Swiss Med Weekly. PubMed. Retrieved 2007-05-11 نسخة محفوظة 21 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Ann Otol Rhinol Laryngol. 2001 Oct;110(10):941–5
- a b Spasmodic Dysphonia is a Neurological Disorder Current Evidence and References, by Christy L. Ludlow, Ph.D نسخة محفوظة 06 فبراير 2011 على موقع واي باك مشين.
- Otolaryngol Head Neck Surg. 2005 Nov;133(5):654–65. ببمد 16274788
- Otolaryngol Head Neck Surg. 1999 Jan;120(1):129–33
- Neurology. 2005 Nov 22;65(10):1562–9 ببمد 16301482
- "'Dilbert' creator recovers from rare disorder". Associated Press. 2006-10-27. Retrieved 2007-07-30 نسخة محفوظة 22 أكتوبر 2012 على موقع واي باك مشين.
- Frank Allison - تصفح: نسخة محفوظة 02 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
- Beal Jr., Jim (1998-04-29)."Golden country Johnny Bush hasn't run dry after almost 50 years of heartaches and honky-tonks", San Antonio Express-News نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- The Voice Gallery - Thomas Allen Publishers - Thomas Allen & Son Limited - تصفح: نسخة محفوظة 11 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- Liebovich, Mark (2006-06-25). ex=1308888000&en=4366351657b8045b&ei=5090&partner=rssuserland&emc=rss "Another Kennedy Living Dangerously". The New York Times. Retrieved 2007-07-30 نسخة محفوظة 29 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Sullivan, Jim (2004-02-19). "Hello, Mary Lou – Goodbye, Heartache". Boston Globe نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Heffernan, Virginia (2006-02-25). "After the Hit Records, A Search for His Roots". The New York Times
- "About Diane Rehm". WAMU 88.5 American University Radio. Retrieved 2007-07-30 نسخة محفوظة 07 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- "Mark Stuart informs his Facebook followers that he has Spasmodic Dyphonia" خلل النطق التشنجي على فيسبوك.
- "Thompson's Trials: UK Folk Rock Great Makes Triumphant Return to the Stage". Tim Perlich, NOW Toronto. Retrieved 2007-08-23 نسخة محفوظة 31 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
وصلات خارجية
- Spasmodic Disphonia Online Community (VoiceMatters.net)
- American Academy of Otolaryngology-Head and Neck Surgery (AAO-HNS)
- American Speech-Language-Hearing Association (ASHA)
- National Spasmodic Dysphonia Association, Inc. (NSDA)
- American Academy of Neurology
- Worldwide Education and Awareness for Movement Disorders (WE MOVE)
- Spasmodic Dysphonia section of VoiceInfo.org
- Dystonia Society Network Group – for sufferers and carers to share experiences
- Society for the Management of Spasmodic Dysphonia