سكان أستراليا الأصليون كما يعرفون باسم الأبورجيون هم الشعوب التي انحدرت من المجموعات التي عاشت في أستراليا وعلى الجزر المحيطة بها قبل حقبة الاستعمار البريطاني للبلاد. يشمل المصطلح الشعوب الأسترالية الأصلية وسكان جزر مضيق توريس. يفضل كثير من الناس استعمال مصطلح الشعب الأصلي والجزري، أو الأمم الأسترالية الأولى، أو الشعوب الأسترالية الأولى، أو الأستراليون الأوليون، كل هذه مصطلحات في استخدام متزايد.
ما زال تاريخ وصول الشعوب الأولى إلى القارة والجزر المجاورة محل جدل بين الباحثين. أقدم بقايا إنسانٍ وجدت في أستراليا على نحوٍ قاطع هي بقايا رجل المونغو إل إم 3 وسيدة المونغو، وتبيّن أن هذه البقايا تعود إلى 50 ألف عام قبل الحاضر.[1] ولكن الأدلة الآثارية الجديدة من تحليل الفحم والآثار التي يبدو عليها استعمال الإنسان تدلّ على تاريخ آخر، 65 ألف عام قبل الحاضر.[2][3] أما التأريخ بالتلألؤ فيدل على أن استيطان أرض أرنهم كان قبل 60 ألف عام.[4] أما أدلة النيران في جنوب أستراليا فتدل على «وجود الإنسان في أستراليا قبل 120 ألف سنة»، لكن المزيد من البحث العلمي مطلوب للتأكد من هذا.[5] دلّ علم الجينات على أن تاريخ الاستيطان كان في نحو 80 ألف سنة قبل الحاضر. وقدرت تقديرات أخرى الاستيطان بين 100 ألف سنة،[6] و125 ألف سنة.[7]
ما زال تعداد الأستراليين الأصليين وقت الاستعمار الأوربي محل جدل، لكن التقديرات تجعله بين 318 ألفًا،[8] ومليون،[9] بتوزّع يشبه توزع السكان الأستراليين اليوم، إذ تقطن الأغلبية في الجنوب الشرقي، حول نهر موراي.[10] ثم انحدرت أعدادهم بسبب الوباء بعد الاستيطان الأوروبي،[11][12] بدأ هذا مع انتشار وباء الجدري بعد ثلاثة أعوام من وصول الأوروبيين. وساهمت أيضًا المذابح والنزاعات الحدودية بينهم وبين الأوروبيين في تقليل أعدادهم.[13][14] لكن تسمية هذه الأعمال بالإبادة جماعية أمرٌ ما زال محل خلاف ونقاش.[15]
ولئن كان بين الشعوب الأصلية المختلفة تشابه في نقاط معدودة، فإن بينهم كذلك اختلافات كثيرة، فلكل شعب منهم مزيجه الخاص من الثقافات والشعائر واللغات. في أستراليا اليوم انقسمت هذه المجموعات أكثر إلى مجتمعات محلية.[16] حين استعمر الأوروبيون أستراليا، كانت 250 لغةً منطوقة في المنطقة، لم يبق منها اليوم إلا 120 إلى 145، كلها معرضة للخطر إلا 13 منها.[17][18] يتكلم معظم أهل أستراليا الأصليين اليوم الإنجليزية، يضمّون إليها عبارات وكلمات من لغاتهم الأصلية فيصنعون لهجة أسترالية أهلية إنكليزية (أثّرت هذه اللغة أيضًا على اللغات الأصلية من حيث الصوتيات والبنية النحوية).
يشمل التعداد السكاني في أستراليا الشعوب الأصلية بناءً على اعتبار الفرد نفسَه من السكان الأصليين أو من أهل جزر مضيق توريس أو أن أصله يعود إليهما معًا. وعلى ذلك كان تعدادهم في 30 يونيو عام 2016 نحو 798,365، أو 3.3% من السكان الأسترالين.[19] منذ عام 1995، صار علم الأستراليين الأصليين وسكان جزر مضيق توريس من الأعلام الرسمية لأستراليا.
المصطلحات
مترادفات
عند الإشارة إلى الشعوب الأصلية لأسترليا، يمكن استخدام عدة مصطلحات، ولكن الاتفاق العام كان على احترام «ما يفضله كل فرد وكل عائلة وكل مجتمع، وأن نسمح لهم أن يتسمّوا بأي اسم يرتاحون إليه».[20]
استعملت كلمة الأصليين أو الأبورجيون (aboriginal) في اللغة الإنكليزية منذ القرن السادس عشر بمعنى «أول الشعوب، أهل الأرض». اشتقت هذه الكلمة من الكلمة اللاتينية aborigines، وهي منحوتة من ab بمعنى «مِن»، وorigo بمعنى (أصل، بداية).[21] وفي أستراليا يستعمل المصطلح للتعبير عن أهل أستراليا الأصليين، منذ عام 1789. وصارت الكلمة تكتب بالحرف الكبير، واسمًا جامعًا للشعوب الأصلية وسكان جزر مضيق تورس، ولو أن الأخيرين غير مشمولين في المصطلح اليوم. يحتجّ بعض الناس على مصطلح Aborigine، الذي يعني «أصلي»، لأنهم يرونه باليًا وفاسدًا ومرتبطًا بأستراليا الاستعمارية.[20][22]
مع أن كلمة «الأستراليين الأصليين» مستعملة بازدياد منذ العقد التاسع من القرن العشرين، فإن كثيرًا من الشعوب الأصلية وأهل جزر مضيق تورس لا يحبونها، إذ يرونها عامّة جدًّا تمحو هويتهم. لكن للكلمة تطبيقًا عمليًّا يجعل استخدامها ممكنًا إذا كان مناسبًا.[20]
في السنين الأخيرة، صارت مصطلحات الأمم الأولى[23] والشعوب الأولى[24] والأسترالين الأوائل أكثر شيوعًا. والأكثر قبولًا بين الناس مصطلح الأمم الأولى.[20]
وأفضل الأسماء وأكثرها احترامًا: تسمية الشعوب بلغاتها (مثل الأرينت) أو مناطقها الجغرافية (مثل النونغا). يعد مصطلح إيه تي إس آي قليل احترام.[22]
مصطلحات «أسود» و«رفيق أسود»
استعمل مصطلح «أسود» للتعبير عن الشعوب الأسترالية الأصلية منذ الاستعمار الأوروبي.[25] استعمل هذا المصطلح أولًا لوصف لون البشر وعادةً بقصد الإزراء،[20] أما اليوم فيستعمل لوصف التراث الأهلي والحضارة الأهلية ويشير إلى أي أحد من هذا التراث مهما كان لون بشرته.[26] في سبعينات القرن العشرين، اعتنق كثير من ناشطي السكان الأصليين مثل غاري فولي مصطلح «أسود» وأصدر الكاتب كيفن جلبرت من تلك الفترة كتابًا عنوانه: «أن تعيش أسود». تضمن الكتاب مقابلات مع أعضاء في المجتمع الأهلي الأسترالي، منهم روبرت جابانوغا، ليعكس الثقافة الأصلية المعاصرة. استعمل هذا المصطلح ومرادفاته حسب السياق واحذر فإنه قد يعدّ استخدامًا غير محترم.[20]
ومن المصطلحات الأخرى التي يستعملها الأستراليون الأهليون على نحوٍ غير إزرائي، «الرفيق الأسود» أو «blackfella»، الذي يقابل «الرفيق الأبيض». بعتبر بعض الناس استعمال البيض لهذه الكلمة عدوانيًّا.[20]
أنظمة الاعتقاد
المعتقدات التقليدية
الشعوب الأصلية
في نظم الاعتقاد الأهلية، ملحمة تكوينية تسمّى «الحلم»، ويرجع وجودها إلى الماضي السحيق إلى الأسلاف المؤسسين الذين يسمّون الشعوب الأولى، الذي جالوا في الأرض وسمّوا كل مكان ذهبوا إليه. يقوم التراث الشفهي الأسترالي الأصلي والقيم الدينية عندهم على تعظيم الأرض والإيمان بهذا الحلم.[27] الحلم هو زمن الخلق القديم، وحقيقة الحلم الآني، كلاهما في آنٍ معًا. لكل مجموعة من المجموعات اللغوية والثقافية منهم بنية معتقدية خاصة، هذه الثقافات تراكمت بعضها فوق بعض إلى درجة ما، وتطورت عبر الزمان. من الأرواح السلفية الأهم: ثعبان قوس المطر، وبايام، وديراوونغ وبنجيل. توورثت المعارف الموجودة في الحلم في قصص كثيرة وأغانٍ ورقصات ومهرجانات، ولم تزل حتى اليوم توفر إطارًا للعلاقات القائمة والمسؤولية القرابية والاعتناء بالأرض.[28]
كان الرقاة التقليديون (يعرفون باسم النغانغاكاري في المناطق الصحراوي الغربية من أستراليا الوسطى) رجالًا ونساءً محترمين جدا في المجنمع وكانوا لا يكتفون بالعمل في الرقية والطب، بل يمتد عملهم إلى حفظ قصص الحلم المهمة.[29]
أهل جزر مضيق تورس
لأهل جزر مضيق تورس أنظمة الاعتقاد الخاصة بهم. تصور قصص التاغاي أهل جزر مضيق تورس على أنهم أهل بحر، مرتبطون بالنجوم وبالنظام الذي يضع كل شيء في العالم في مكانه.[28][30] يشارك بعضهم الشعوب الأصلية ببعض المعتقدات مثل مفهومي الحلم والدهر، اللذين توارثتهما الأجيال شفاهةً.[31]
اللغة
كان هناك أكثر من 250 لغة يتحدث بها السكان الأصليون لهذه القارة قبل قدوم الاستيطان الأوروبي، أكثر هذه اللغات انقرضت الآن، ولم يتبقى سوى 15 لغة فقط.
الثقافة
كثرة عدد قبائل السكان الأصليين وتعدد لغات التخاطب المستخدمة بينهم أدت لاثراء الموروث الثقافي للسكان الأصليين.
التقسيم الجغرافي
حسب احصائات وزارة الإحصاء الأسترالية في عام 2001م فإن عدد السكان الأصليين يُقدر بـ 458,520 نسمة، أي مانسبته 2.4% من عدد سكان أستراليا. في عام 2006م قُدر عددهم بـ517,200 وتقسيمهم الجغرافي في الولايات الأسترالية كالتالي:
- ولاية نيو ساوث ويلز: 148,200 نسمة
- ولاية كوينزلاند: 146,400 نسمة
- ولاية غرب أستراليا: 77,900 نسمة
- المقاطعة الشمالية: 66,600 نسمة
- ولاية فكتوريا: 30,800 نسمة
- ولاية جنوب أستراليا: 26,000 نسمة
- جزيرة تسمانيا: 16,900 نسمة
- مقاطعة العاصمة الأسترالية: 4,000 نسمة
التعليم
الطلاب الأبروجينيلز يتركون مقاعد الدراسة في سن مُبكرة عادةً، ويُكملون حياتهم بمستوى دراسي مُنخفض، ولكن أصبح هُناك تطور ملحوظ في مستوى التعليم لديهم في الفترة من عام 1994 حتى عام 2002. مُستوى البطالة مُرتفع في السكان الأصليين.
الجريمة
في عام 2009 أوضحت عدد من التقارير أن مستوى الجريمة مُرتفع عند السكان الأصليين، حيث يزيد بـ 14 مرة عن السكان الآخرين.
مشاهير
برز العديد من هؤلاء السكان الأصليون عالميا وأبدعوا في عدة مجالات ومنهم:
- برونوين بانكروفت وهي أول مصممة أزياء أسترالية يتم دعوتها لإقامة عرضها الخاص في باريس.
مقالات ذات صلة
- صناعة كارتا
- سكان جزر بحر الجنوب
- مجموعات غذاء سكان أستراليا الأصليون
- أجيال مسروقة
- يوم الحزن الوطني
- الحرب السوداء
- وفاة الآنسة دو
مراجع
- Bowler et al. 2003.
- Davidson & Wahlquist 2017.
- Wright 2017.
- Bird et al. 2002، صفحة 1074.
- Carey et al. 2018، صفحات 71–93.
- Reyes-Centeno et al. 2014.
- Bindon 1997، صفحات 173–179.
- ABoS 2002.
- Gough 2011.
- Pardoe 2006، صفحات 1–21.
- Ballyn 2011.
- Glynn & Jenifer 2004، صفحات 145–146.
- Evans & Ørsted-Jensen 2014، صفحة 28.
- ABC News 2017.
- Levene 2005، صفحة 344 n.105.
- Hodge 1990.
- ABoS 2012.
- AIATSIS 2014.
- ABoS 2016.
- Common Ground.
- Aborigine – Definition 2012.
- Appropriate words & terminology.
- Media RING 2018.
- MCA.
- Hobart Town Courier 1828، صفحة 1.
- Bird 2011.
- Andrews 2004، صفحة 424.
- WVA - 8 interesting facts.
- Traditional Healers 2013، صفحات 15–19.
- QCAA 2018.
- 'The Dreaming'.