الرئيسيةعريقبحث

سلف مشترك


☰ جدول المحتويات


السلف المشترك (Common Descent)‏ في التطور هي نظرية تقول أن جميع الأحياء على سطح الأرض لها أصل مشترك[1] اقترح تشارلز داروين نظرية السلف المشترك للأحياء خلال عملية تطورية في كتابه أصل الأنواع قائلا: "هناك عظمة في هذه النظرة للحياة؛ فبكل قواها المتعددة قد نُفخت في أنواع قليلة أو نوع واحد."

ويعتقد أن السلف الشامل الأخير، الذي هو عبارة عن أحدث سلف مشترك لكل الكائنات الحية، قد عاش على الأرض منذ 3.9 مليار سنة.[2][3]

تاريخ النظرية

في الأربعينيات من القرن التاسع عشر، قدّم عالم الرياضيات الفرنسي بيير لويس موبرتوس Pierre Louis Maupertuis أول اقتراح معروف مفاده أن جميع الكائنات الحية لها سلف مشترك، وقد تباعدت من خلال التباين العشوائي والانتقاء الطبيعي.[4][5] قال موبرتوس في مقالة له بعنوان Essai de cosmologie"" في عام 1750: "قد لا نقول أنه في المزيج المحظور من إنتاجات الطبيعة منذ أن تلك الكائنات هي فقط التي تستطيع البقاء في مؤسساتها التي كانت توجد فيها درجة معينة من التكيف، لا يوجد شيء غير عادي في حقيقة أن مثل هذا التكيف موجود بالفعل في كل هذه الأنواع التي توجد الآن".

في عام 1790، كتب الفيلسوف إيمانويل كانت في مقالته Kritik der Urteilskraft (نقد الحكم) أن تشابه الأشكال الحيوانية يشتمل على نوعٍ أصلي شائع وبالتالي والد شائع. في عام 1794،[6] سُئل جد تشارلز داروين الذي يُسمى إيراسموس داروين:

«هل من المبالغة في الشجاعة أن نتخيل أنه على مدى هذا الوقت الطويل جدًا، منذ أن بدأت الأرض في الوجود، وربما ملايين السنين قبل بدء تاريخ البشرية، هل من المبالغة في الجرأة تخيّل أن كل الحيوانات ذوي الدم الحار نشأت من كائن حي واحد عن طريق اكتساب أجزاء جديدة بنزعاتٍ جديدة وًجِّهت بتهيّجات وأحاسيس وتفاعل داخل المجموعة وهكذا أيضًا القدرة على الاستمرار في التطور بوساطة نشاطها المتأصّل وتوريث هه التحسينات للأجيال اللاحقة.[7]»

كانت آراء تشارلز داروين حول الأصل المشترك كما عُبِّر عنها في كتاب "أصل الأنواع" أنه من المحتمل أن يكون هناك سلف واحد فقط لجميع أشكال الحياة حيث قال:

«لذلك يجب أن أستنتج من القياس أن كل الكائنات العضوية التي عاشت على هذه الأرض قد انحدرت من شكل بدائي واحد نُفخت فيه الحياة أولاً.[8]»

لكنه يسبق هذه الملاحظة ويقول: "أن القياس سيؤدي بي إلى خطوة أخرى نحو الأمام أي إلى الاعتقاد بأن جميع الحيوانات والنباتات قد انحدرت من نموذج أولي واحد. لكن القياس قد يكون دليلًا خادعًا"،[9] وأكّد في الطبعة اللاحقة:

«نحن لا نعرف كل التدرجات الانتقالية المحتملة بين أبسط الأعضاء والأكثر مثالية، ولا يمكن التظاهر بأننا نعرف كل وسائل التوزيع المتنوعة خلال فترة طويلة من السنوات أو أننا نعرف درجة كمال السجل الجيولوجي. ولما كانت هذه الصعوبات عديدة فهي في رأيي لا تطيح بنظرية النسب من بعض الأشكال المبتكرة مع تعديل لاحق.»

لقد قُبلت النسب المشتركة على نطاقٍ واسع بين الأوساط العلمية بعد نشر داروين. في عام 1907، علق Vernon Kellogg على أنه "لا يوجد من الناحية الطبيعية من يشغلون المنصب والتحصيل المعترف به يشك في نظرية النسب".[10]

في عام 2008، قال عالم الأحياء T. Ryan Gregory: "لم يُعثر على أي ملاحظة موثوقة تتناقض مع الفكرة العامة للنسب المشترك. لا ينبغي أن يكون مفاجئًا إذن أن المجتمع العلمي عمومًا قد قبل النزول التطوري كواقع تاريخي منذ زمن داروين ويعتبره من بين الحقائق الأكثر وثوقية والأهمية الأساسية في كل العلوم".

أدلة السلف المشترك

هابلوغروبات الصبغي Y المنتشرة غالبا في سكان العالم قبل عهد الاستعمار (أي قبل اختلاط الأوروبيين بشعوب أخرى) ، وهي تشير إلى أن انتشار البشر على الأرض كان على امتداد السواحل.

وجود شفرة جينية وكيمياء-حيوية مشتركة

كل أنواع الحياة المعروفة مبنية على نفس التنظيم البيو كيميائي الأساسي: معلومات جينية تسجل على الDNA تنسخ إلى الRNA من خلال تأير البروتين وانزيمات الRNA ثم تترجم إلى بروتينات بواسطة الريبوسومات مع الATP والNADH ومصادر طاقة أخرى. هذا إلى جانب ان الشفرة الجينية متطابقة تقريبا في كل الأحياء من البكتيريا حتى الإنسان. يعتبر البيولوجيون ان اشتراك جميع الكائنات الحية في وجود هذا الجين هو دليل حاسم على وجود سلف مشترك. كما ان تحليل الاختلافات الصغيرة في الشفرة الجينية دعمت وجود سلف مشترك.[11]

الكيمياء الحيوية المشتركة

تستند جميع أشكال الحياة المعروفة إلى نفس المنظمة الكيميائية الحيوية الأساسية كالمعلومات الوراثية المشفرة في الحمض النووي والمنقولة إلى الحمض النووي الريبي من خلال تأثير أنزيمات البروتين والحمض النووي الريبي ثم ترجمتها إلى بروتينات بواسطة الريبوسومات (متشابهة للغاية)، مع ثلاثي فوسفات الأدينوسينATP وفوسفات ثنائي نيوكليوتيد الأدينين وأميد النيكوتين (NADPH) وغيرها كمصادر للطاقة.[12]

الشفرة الوراثية الشائعة

إن الشفرة الوراثية ("جدول الترجمة" الذي تُترجم بموجبه معلومات الحمض النووي إلى أحماض أمينية وبالتالي البروتينات) متطابقة تقريبًا لجميع أشكال الحياة المعروفة من البكتيريا والعتيقة إلى الحيوانات والنباتات. يعتبر علماء الأحياء عمومًا أن هذه الشفرة تُعتبر دليلًا قاطعًا لصالح الأصل المشترك العالمي. يبدو أن الطريقة التي تُرّمز بها الكودونات (الحمض النووي الثلاثي) للأحماض الأمينية قد تحسنت بشدة.[13]

يجادل ريتشارد إيجل بأن السلاسل الجانبية غير القطبية جيدة التنظيم بشكلٍ خاص مما يوحي بأن هذه الكائنات المبكرة مكَّنت الكائنات الببتيدية من تكوين مناطق ببتيد ذات مناطق طاردة للماء قادرة على دعم تفاعلات تبادل الإلكترون (Redox) الأساسي لنقل الطاقة.[14]

أوجه التشابه الأخرى

يشير علماء الأحياء في كثيرٍ من الأحيان إلى القياس الكمي للعالمية للعديد من جوانب الحياة الخلوية كدليل داعم للأدلة الأكثر إقناعًا المذكورة أعلاه. تتضمن أوجه التشابه هذه حاملة الطاقة الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP). ومع ذلك، من الممكن أن تكون أوجه التشابه هذه ناتجة عن قوانين الفيزياء والكيمياء وليس من خلال النسب المشتركة العالمية وبالتالي أدت إلى تطور متقارب. في المقابل، هناك أدلة على تماثل الوحدات الفرعية المركزية لأنزيم ادينوسين ثلاثي الفوسفات ((ATPases عبر الغشاء في جميع الكائنات الحية وخاصة كيفية ارتباط العناصر الدوارة بالغشاء.[15]

الأشجار التطورية

هناك دليل مهم آخر يتمثل في الأشجار التطورية التفصيلية (أي "أشجار الأنساب" للأنواع) التي ترسم التقسيمات المقترحة والأسلاف المشتركة لجميع الأنواع الحية. في عام 2010، نشر دوغلاس ل. ثيوبالد تحليلًا إحصائيًا للبيانات الوراثية المتاحة ورسمها على الأشجار التطورية والتي أعطت دعمًا كميًا قويًا عن طريق اختبارٍ رسمي لوحدة الحياة.[16]

الاعتراضات المحتملة

التحليل التطوري لتبادل سحب الجينات

أشار Theobald إلى أن النقل الجيني الأفقي الكبير كان يمكن أن يحدث أثناء التطور المبكر. تبقى البكتيريا اليوم قادرة على تبادل الجينات بين الأنساب ذات الصلة البعيدة. هذا يضعف الافتراض الأساسي للتحليل التطوري بأن تشابه الجينوم ينطوي على أصل مشترك لأن التبادل الجيني الكافي من شأنه أن يسمح للسلالات بمشاركة جزء كبير من جينومها سواء تقاسموا سلفًا أم لا.[17]

تطور متقارب

إذا كانت الكائنات المبكرة مدفوعة بنفس الظروف البيئية لتطور الكيمياء الحيوية المتقاربة، فقد تكون قد اكتسبت تسلسلات وراثية مماثلة بشكلٍ مستقل. وفقًا لذلك، انتُقد "الاختبار الرسمي" من قِبل تاكاهيرو يونيزاوا وزملاؤه لعدم احتوائه على مسألة التقارب.[18]

مقالات ذات صلة

المصادر

  1. Steel, Mike; Penny, David (2010). "Origins of life: Common ancestry put to the test". Nature. 465 (7295): 168–9. doi:10.1038/465168a. PMID 20463725.
  2. Doolittle, WF (2000). "Uprooting the tree of life" ( كتاب إلكتروني PDF ). Scientific American. 282 (6): 90–95. doi:10.1038/scientificamerican0200-90. PMID 10710791. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 27 مارس 2009.
  3. Glansdorff, N; Xu, Y; Labedan, B (2008). "The last universal common ancestor: emergence, constitution and genetic legacy of an elusive forerunner". Biology direct. 3 (1): 29. doi:10.1186/1745-6150-3-29. PMC . PMID 18613974.
  4. Crombie & Hoskin 1970، صفحات 62–63 - تصفح: "for+the+first+time"&cd=1 نسخة محفوظة 2 يونيو 2016 على موقع واي باك مشين.
  5. Treasure 1985، صفحة 142
  6. Kant 1987، صفحة 304: "Despite all the variety among these forms, they seem to have been produced according to a common archetype, and this analogy among them reinforces our suspicion that they are actually akin, produced by a common original mother." "original+mother"&cd=1 نسخة محفوظة 21 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  7. Harris 1981، صفحة 107 - تصفح: "blind+destiny"&cd=1 نسخة محفوظة 27 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  8. Darwin 1859، صفحة 484
  9. Darwin, C. R. 1860. On the origin of species by means of natural selection, or the preservation of favoured races in the struggle for life. London: John Murray. 2nd edition, second issue, page 466
  10. Krogh, David. (2005). Biology: A Guide to the Natural World. Pearson/Prentice Hall. p. 323. (ردمك ) "Descent with modification was accepted by most scientists not long after publication of Darwin's On the Origin of Species by Means of Natural Selection in 1859. Scientists accepted it because it explained so many facets of the living world."
  11. Knight, Robin; et al. (2001). "Rewiring the Keyboard: Evolvability of the Genetic Code". Nature Reviews Genetics. 2 (1): 49–58. doi:10.1038/35047500. PMID 11253070.
  12. Paps, Jordi; Holland, Peter W. H. (30 April 2018). "Reconstruction of the ancestral metazoan genome reveals an increase in genomic novelty". Nature Communications. 9 (1730 (2018)): 1730. Bibcode:2018NatCo...9.1730P. doi:10.1038/s41467-018-04136-5. PMC . PMID 29712911. مؤرشف من الأصل في 24 مايو 201904 مايو 2018. نسخة محفوظة 24 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
  13. Egel, Richard (March 2012). "Primal Eukaryogenesis: On the Communal Nature of Precellular States, Ancestral to Modern Life". Life. 2 (1): 170–212. doi:10.3390/life2010170. PMC . PMID 25382122.
  14. Knight, Robin; Freeland, Stephen J.; Landweber, Laura F. (January 2001). "Rewiring the keyboard: evolvability of the genetic code". Nature Reviews Genetics. 2 (1): 49–58. doi:10.1038/35047500. PMID 11253070.
  15. Sharma, N. S. (2005). Continuity And Evolution Of Animals. Mittal Publications. صفحات 32–.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  16. Theobald, Douglas L. "Prediction 1.3: Consilience of independent phylogenies". 29+ Evidences for Macroevolution: The Scientific Case for Common Descent. The TalkOrigins Foundation. مؤرشف من الأصل في 20 مايو 201920 نوفمبر 2009.
  17. Theobald, Douglas L. (13 May 2010). "A formal test of the theory of universal common ancestry". نيتشر. 465 (7295): 219–222. Bibcode:2010Natur.465..219T. doi:10.1038/nature09014. PMID 20463738.
  18. Yonezawa, Takahiro; Hasegawa, Masami (16 December 2010). "Was the universal common ancestry proved?". Nature. 468 (7326): E9. Bibcode:2010Natur.468E...9Y. doi:10.1038/nature09482. PMID 21164432.

موسوعات ذات صلة :