سورة المجادلة هي سورة مدنية، من المفصل، آياتها 22، وترتيبها في المصحف 58، وهي أول سورة في الجزء الثامن والعشرين، بدأت بأسلوب توكيد: «قَدْ سَمِعَ»، ذُكِرَ لفظ الجلالة في كل آية من السورة، نزلت بعد سورة المنافقون.[1] سُميت المجادلة لبيان قصة المرأة التي جادلت النبي وهى خولة بنت ثعلبة، وتسمى أيضا «سورة قد سمع»، و«سورة الظهار».
محور مواضيع السورة
سبب المجادلة هو أن أوس بن الصامت كان قد ظاهَر زوجته خولة، ومعنى الظِهار هو أن يقول لها "أنتِ عليّ كظهر أمّي"، فتصبح العلاقة بينهما حراماً، وكانت هذه العبارة في عُرف الجاهلية تقتضي أن لا يقترب الزوج من زوجته، غيرَ أنها لا يجوز لها أن تتزوج غيره، فكانت هذه المعضلة سبباً لذهاب خولة بنت ثعلبة إلى الرسول محمد لتسأله وتستفتيه، فقال لها الرسول "حَرُمْتِ عليهِ" أي أصبحت العلاقة بينكما حراماً، فقالت له "إن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا"، فقال لها "ما عندي في أمرك شيء"، فقالت "اللهم إني أشكو إليك"،[2] وكان الله يسمع هذا الجدال والمحاورة بينها وبين الرسول، فنزل عليه الوحي بهذه السورة التي تُعدّ أولى عشر سور مدنية تُذكر فيها أحكام علاقات المجتمع الإسلامي الجديد في المدينة النبوية المستقلة بحكمها، وأظهرت السورة سرعة الاستجابة الإلهية إلى توضيح المسائل الاجتماعية وتدبير أمر التشريعات المتعلقة بذلك.[3]
تناولت السورة أحكاما تشريعية كثيرة كأحكام الظهار والكفارة التي تجب على المُظَاهِر وحكم التناجي وآداب المجالس وتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول وعدم مودة أعداء الله إلى غير ذلك كما تحدثت عن المنافقين وعن اليهود.
سبب نزول السورة
- عن عروة قال: قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إنى لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى على بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله وهى تقول: يا رسول الله أبلى شبابي، ونثرت له بطنى، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي، ظاهر منى، اللهم إني أشكو إليك. قال: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) [4]
- عن عروة عن عائشة قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها، لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله وأنا في جانب البيت لا أدري ما يقول فأنزل الله ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ).
- عن أنس بن مالك قال: إن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة، فشكت ذلك إلى النبي فقالت: ظاهر مني حين كبر سنى ورق عظمى، فأنزل الله آية الظهار، فقال رسول الله لأوس أعتق رقبة. فقال: مالي بذلك يدان. قال: فصم شهرين متتابعين. قال: أما إنى إذا أخطأني أن لا آكل في اليوم، كَلَّ بَصري. قال: فأطعم ستين مسكينا. قال: لا أجد إلا أن تعيننى منك بعون وصلة. قال: فأعانه رسول الله بخمسة عشر صاعا حتى جمع الله له، والله رحيم، وكانوا يرون أن عنده مثلها، وذلك ستون مسكينا.
- أخبرنا بن عبد الله بن سلام قال حدثتنى خويلة بنت ثعلبة وكانت عند أوس بن الصامت أخى عبادة بن الصامت قالت دخل على ذات يوم، وكلمني بشيء وهو فيه كالضجر فراددته، فغضب، فقال: أنت على كظهر أمي. ثم خرج في نادي قومه، ثم رجع إلى فراودته عن نفسي، فامتنعت منه، فشادني فشاددته فغلبته بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف، فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تصل إلىَّ حتى يحكم الله فيًّ وفيك بحكمه، ثم أتيت النبي أشكو ما لقيت ؟ فقال زوجك: وابن عمك اتقى الله، وأحسنى صحبته، فما برحت حتى نزل القرآن ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) إلى ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير ) حتى انتهى إلى الكفارة قال: مريه فيعتق رقبة قلت: يا نبي الله والله ما عنده رقبة يعتقها قال: مريه فيصم شهرين متتابعين. قلت: يا نبي الله شيخ كبير ما به من صيام. قال: فيطعم ستين مسكينا. قلت: يا نبي الله والله ما عنده ما يطعم. قال: بله سنعينه بعرق من تمر مكتل يسع ثلاثين صاعا. قالت: قلت: وأنا أعينه بعرق آخر قال: قد أحسنت فليتصدق.[5]
مصادر
موسوعات ذات صلة :