الرئيسيةعريقبحث

صقالبة (الأندلس)


☰ جدول المحتويات


الصقالبة أو الموالي هم عبيد وأرقاء خطفوا من سلاف[1]، أصبحوا أحد عناصر المجتمع الأندلسي والمغاربي والصقلي خلال العصور الوسطى، وكانت تتألف من الخدم والمماليك الذين جلبهم النخاسون الجرمان واليهود أطفالاً من بلاد الفرنجة وحوض الدانوب وبلاد اللونبارد ومختلف ثغور البحر المتوسط، ويبيعوهم في الأندلس.[2]

انتهج عبد الرحمن الداخل سياسة الاستكثار من الموالي والاعتماد عليهم كخدم وجنود،[3] للتقليل من سطوة زعماء القبائل العربية الذين كانت لديهم دومًا نزعات للثورة على السلطة المركزية للدولة، في سبيل احتفاظهم بسلطانهم المحلي.[4] كما عملت تلك الشريحة أيضًا في الصنائع اليدوية والتجارة.[5]

بلغت تلك الشريحة ذروة مجدها في المجتمع الأندلسي في عهد عبد الرحمن الناصر لدين الله، حيث وصلوا إلى مناصب الحجابة والوزارة وقيادة الجيوش كبني مغيث وبني أبي عبدة وبني جهور وبني بسيل.[6] وقد توسع بعض الأمراء في استخدامهم كالحكم بن هشام الذي بلغ عددهم في قصره خمسة آلاف.[7]

كانوا آنذاك يمثلون طبقتين( الصقالبة الخصيان والصقالبة الأصحاء) الذين كونوا مجموعات مدربة انطوت تحت قيادات عسكرية ولعبوا دورهم السياسي والعسكري في مجريات الساحة الاندلسية.

والطبقة الأولى منهم، وهم خصيان الذين اقتطع جزء مهم من اعضاءهم الجسدية من اجل الخدمة في بيوت الخاصة من الامراء والخلفاء وأصحاب الاموال والمتنفذين من اهل الاندلس.  ولكي يعملوا في قصورهم من دون اثارة ريبة أو شك في نواياهم وخيانتهم لأسيادهم. [8] [9]

في عهد الحكم المستنصر بالله، تعاظم دور الصقالبة في القصر، واشتهر منهم زعيمهم «فائق» و«جؤذر» الخصيين اللذين كانا يحكمان علي ألف مملوك من الصقالبة ممن يعملون بالقصور وخاصة قصور الحريم. وبلغ علو شأنهم أنهم مع موت الحكم حاولوا تنصيب مرشحهم الخاص المغيرة بن عبد الرحمن الناصر بديلاً عن ولي عهد الحكم ابنه هشام المؤيد بالله، لولا معارضة الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي ومحمد بن أبي عامر لهذا المشروع وتثبيتهم لحكم الخليفة هشام المؤيد بالله.[10] وانتهت سطوتهم بحد السيف على يد المنصور بن أبي عامر.

تعريف الصقالبة

تعريف الصقالبة

ان اصل كلمة الصقالبة مأخوذة من صقلب، أما في اللغة الصقلبية فهي  سلافينو (salabeninn) وكانت في الماضي تعني اهل تلك البلاد وعرفت في اللغة اليونانية باللفظ (sklabeno) وهي تعني المعنى السابق نفسه واستمرت هذه التسمية حتى القرن الأول الهجري السابع الميلادي ومن ثم اصبحت تدل على معنى العبد (sklavos) ، وهذه التسمية كانت معروفة لدى العرب لاسيما بعد دخول المسلمين في معارك مع الدولة البيزنطية الذين كانوا يعتمدون فيها على الكثير من العبيد الصقالبة.

وأطلق الجغرافيون العرب هذا المصطلح على الشعوب السلافية [11]والبلغار والقوقاز والمناطق القريبة من نهر فولكا وهم من الجنس الآري  أو الهنداوربي الذين امتازت حضارتهم بالمستويات المتدنية مقارنة مع الحضارات المعاصرة لهم حتى القرن العاشر الميلادي اذ  توسعوا نحو غرب وجنوب أوروبا حيث تأثروا بالحضارات الاخرى واثرت بهم، وأصبحوا أكثر تحضراً مما سبق.

وفي الاسبانية اطلق على كل عبد ابيض من السلاف بـ صقلب ومنها اشتقت كلمة  الصقلبي والصقالبة وتوسعوا في هذه التسمية  في هذه التسمية فأطلقوها على كل من يجلب من اية دولة نصرانية   اصحاب البشرة البيضاء كما اطلق عليهم الخرس وذلك لعجم السنتهم وعدم اجادتهم اللغة العربية. [12]

وتجمع الكثير من المصادر والمراجع على ان اصول الصقالبة ترجع إلى البلدان الواقعة على امتداد  بحر قزوين شرقاً إلى بحر الادرياتي غرباً، وهي بلاد البلغار، اذ كانوا غالباً ما يقعون تحت طائلة الاسر أو البيع فيتم ارسالهم إلى المدن المتحضرة التي تمتلك الاسواق الرائجة لتجارة العبيد.

مصادر الصقالبة

من المعروف ان هؤلاء العبيد الصقالبة هم في الاصل من الاحرار ومن الشعوب القوية من الناحية البدنية وتنحصر مصادر جلبهم في طرق عديدة منها:

1. أسرى الحروب.

2. البيع والشراء:

اما المصدر الاخر هو سوق النخاسة عن طريق عرض الاولاد للبيع والشراء رغبة  من الاباء في بيع ابناءهم بمبالغ عالية لتحسين مستواهم المعاشي، حيث يعرضون ابناءهم للبيع سواء كانوا مخصيين أو فحولة، فالصقالبة كانوا يعيشون في بلدانهم  بنظم اجتماعية تبيح لهم الزواج من عشرين امرأة وينجبن اعداد من الأبناء لا تحصى لذلك لم يكونوا يترددون في بيع قسم من أولادهم للحصول على مكاسب مادية أو معنوية من خلال تسلمه لاحد المناصب في الدولة  أو الخدمة في بيوت الملوك والأمراء والأغنياء، فضلاً إلى انهم كانوا يمتازون بالشدة والبأس والجمال في ابدانهم وشقرة في شعورهم للعمل في الحقول وأماكن العمل، ومن الاباء من يقدم ابناءه للخصاء لكي يخدموا في الكنائس ودور العبادة وكانت اعدادهم كثيرة.

واستغلّ اليهود رغبة بعض الآباء في بيع ابناءهم واخصاءهم للعمل في القصور، و لتجارتها الرائجة اذ وصل اليهود في تجارتهم هذه إلى الهند والصين بسبب سعة علاقاتهم التجارية مع الجاليات اليهودية في مختلف دول العالم. [13]

3. الاخصاء الطوعي

وهو نوع من التطوع الذي يقوم به الشخص لغايات دينية أو دنيوية وفي ذلك يورد الجاحظ[14] ان هناك من الصابئيين رجال معروفين بانسابهم وصفاتهم الذين خصوا انفسهم لغايات دينية و دنيوية، والصقالبة في بلدانهم كانوا يخصون ابناءهم طوعاً وهم اطفال ويدخلوهم إلى الكنائس حتى لا ينشغلوا بالنساء ويعملون في دور العبادة كرهبان وخدم في الكنائس رغبة منهم في الانقطاع عن الدنيا والعمل في مجال الدراسات الدينية.

أهميتهم

[15]بينما وصل عدد الصقالبة في عهد الناصر ستة الاف وسبعمائة وثمانين صقلبياً وعددهم في الزهراء حوالي ثلاثة الاف وتسعمائة وخمسون خصي، وغالباً ما كان الإماء يختارون لخدمة القصور من الصبيان الذين يتمتعون بالجمال حتى يعملون بين ايديهم في خدمة النساء والأولاد في القصور والذين يتمتعون بروح الفكاهة والهزل

وبسبب هذه الاهمية والإعداد الكثيرة من الصقالبة الخصيان في القصور، ومكانتهم الخطيرة القريبة من صنع القرار فقد أدوا أدواراً مهمة في مختلف الميادين ووصلوا إلى المراكز القيادية في الجيش والإدارة والمفاصل الحيوية للسلطة.[16]

وقد تميزوا بمدى قدرتهم على التأثير في قرارات الامراء حيث تمكنوا من خلال تواصلهم مع الامراء والتصاقهم باولاد الامراء من تولي الامارة و المناصب الرفيعة.

وكذلك كان ياسر الفتى الصقلبي الذي لعب دوراً تآمرياً على الخليفة الناصر فقد حاول استبعاد ولي العهد الحكم وتقديم اخيه عبد الله بدلاً عنه وتم اكتشاف خيوط المؤامرة ومعاقبة القائمين عليها.

ونظراً للثقة المفرطة بهؤلاء الخصيان فقد كان يعهد اليهم  تولى الامور المالية لدى الكثير من الامراء.

وشارك الصقالبة الخصيان المجتمع الاندلسي  في أنشطتهم الثقافية والعلمية  وان غالبية هؤلاء تعلموا وكانوا على دراية واسعة ومعرفة في العلوم،  ومنهم حبيب الصقلبي الذي كان ذا زهد وعلم وفضل ومعرفة وألف كتاباً في فضائل الصقالبة جمع فيه اشعارهم وادبهم وبعض اخبارهم الثقافية. واهتم الامراء في الاندلس في تثقيف هؤلاء وتربيتهم منذ الصغر وتأهيلهم من الناحية العلمية لادارة بعض المؤسسات وتكليفهم لبعض المهام. [17]

ونظراً لكثرة الاعتماد على الصقالبة الخصيان وازدياد اعدادهم في الجيش وفي المجتمع فقد كونوا طبقة مستقلة واحتفظوا بلغاتهم وعاداتهم وظلوا يحملون الحس الأوروبي النابع من مجتمعاتهم ولذلك لعبوا دوراً خطيراً في الخارطة السياسية في القرن العاشر والحادي عشر الميلادي وأصبحوا يشكلون عنصراً مهماً في تقسيم المجتمع الاندلسي، وشكلوا امارات ودول في عصر دويلات الطوائف واستغلوا الظروف السياسية في بعض المناطق والمدن ليكونوا قوى مؤثرة في الخارطة السياسية في العصور اللاحقة  لعصري الامارة والخلافة. [18]

المراجع

  1. http://www.bibliotekar.ru/rusKiev/23.htm Yegorov, K.L.
  2. عنان 1997، صفحة 249
  3. دويدار, حسن يوسف. "عناصر السكان في الأندلس". المجتمع الأندلسي في العصر الأموي ( كتاب إلكتروني PDF ). القاهرة: مطبعة الحسين الإسلامية. صفحات ص 4-65. 1994/2547. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 5 يوليو 2018.
  4. عنان 1997، صفحة 204
  5. شحلان, أحمد. "مكونات المجتمع الأندلسي ومكانة أهل الذمة فيه". التاريخ العربي. مؤرشف من الأصل في 24 مارس 201622 يوليو 2011.
  6. عنان 1997، صفحة 205
  7. عنان 1997، صفحة 250
  8. أوليفيا; كونستبل (٢٠٠٢). فيصل عبدالله (المحرر). التجارة والتجار في الاندلس. الرياض: مطبعة العبيكان.
  9. التجارة والتجار في الأندلس. 2018-07-17. مؤرشف من الأصل في 20 فبراير 2020.
  10. عنان 1997، صفحة 518-524
  11. "الصقالبة المسلمون: شيّدوا القاهرة والأزهر وانتصروا لمعاوية والأندلس والعثمانيين". رصيف 22. 2017-07-26. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 201923 نوفمبر 2019.
  12. محمد الأمين; ولدان (٢٠١١). أهل الذمة في بلاد الأندلس في ظل الدولة الأموية. دمشق: دار الأوائل.
  13. اوليفيا; كونستبل (٢٠٠٢). التجارة والتجار في الأندلس. الرياض: مطبعة العبيكان.
  14. الجاحظ. الحيوان ص ٥٢.
  15. مصطفى, خزعل. "الصقالبة الخصيان في الاندلس". مؤرشف من الأصل في 9 ديسمبر 2019.
  16. فكري, وليد. "المنصور بن أبي عامر..الرجل الذي أنقذ الدولة ثم أسقطها!". alaraby. مؤرشف من الأصل في 10 يوليو 201923 نوفمبر 2019.
  17. ابن الحزم; الاندلسي. جمهرة انساب العرب ص. ١٠٠.
  18. المزروع. نفوذ الصقالبة ص ٩٥.

المصادر

موسوعات ذات صلة :