الرئيسيةعريقبحث

ضرب الشيش


☰ جدول المحتويات


الشيش: كلمة فارسية تعني السيخ المعدني. وضرب الشيش: هي إحدى المظاهر الطقسية لجلسات الذكر التي يقوم بها شيوخ الطريقة من المتصوفين، حيث يتخلل تلك الجلسات استعراضات تتضمن غرس سيخ معدني (شيش) أو أداة حادة في جسد "الُمريد" أو وجهه. وقد يتخلل تلك الجلسات أيضاً القفز على الجمر أو أكل الثعابين وهي حية.

ومن المثير في تلك الظاهرة عدم حدوث نزيف دموي على الرغم من اختراق "الشيش" لجسد الشخص من الجانب إلى الجانب الآخر في بعض الأحيان.

يعتبر المتصوفون أن من يقوم بذلك الدور يكون لديه "كرامات" من الله أو قدرة فريدة,[1] على الرغم من أن حدوث تلك الظاهرة لا يقتصر على هؤلاء المتصوفين من المسلمين بل يمكن أن نشاهدها أيضاً في بعض طقوس الهندوس.

يدعي من يقيم تلك الجلسات أنهم يتبعون طريقة شيخ معين في الذكر والزهد, مثل الطريقة الرفاعية نسبة أحمد الرفاعي والطريقة القادرية نسبة عبد القادر الجيلاني وغيرهما. على الرغم من اعتبار ضرب الشيش بدعة لم يأت بها أي من الشيخين المذكورين بنظر الكثير من علماء الدين.

كيف تقام الجلسة

حضرتُ إحدى جلسات ضرب الشيش في إحدى قرى بلاد الشام, حيث ذهبنا إلى منزل أحد الشيوخ والذي كان يلصق على الحائط شجرة عائلته التي تنتهي بسيدنا علي بن أبي طالب.

بدأت الجلسة بذكر الله والصلاة على نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم), ثم بدأ قرع الدفوف وأخذ الشيخ يردد كلمات مثل "الله حي" مرات ومرات. بينما يقف المريدون الذين يسمُون أنفسهم بالدراويش في دائرة كبيرة مرددين كلماته على قرع الدفوف. مع رمي أنفسهم في انحناءة كبيرة للأمام ثم للخلف. ويقف الشيخ في وسط الحلقة وهو يتمايل بنعومة وأحياناً يغلق عينيه ويرفع يديه في الدعاء. وبينما يعلو قرع الدفوف أسرع فأسرع والتراتيل ترتفع أعلى وأعلى يدخل الدراويش في مرحلة النشوة –وهي تسمى مرحلة الفناء لدى الصوفية- ولا أخفيكم أني كدت أن أخرج هارباً، حيث كان هنالك حوالي الأربعة والعشرون رجلاً تكدسوا في غرفة صغيرة، وقرع الدفوف والتراتيل تتردد عالياً، فقد خيّل لي بأن تسكت نبضات قلبي.

بعد ذلك قام رجل يغرز سفود في بطنه، ثم تمدد حوالي عشرة شبان على بطنهم وقام الشيخ قائد الذكر بالمشي على ظهورهم وهم مستلقون على الأرض. ثم قام الشيخ بغرز عدة أسياخ في وجه أحد المريدين بحيث تدخل من خده وتخرج من الخد الآخر.

هذا وقد يصل عدد المريدين في الصفوف إلى المئات وربما إلى الآلاف وذلك تبعاً للمناسبات الدينية وحضور كبار الشيوخ.

تفسيرات محتملة

إن القيام برياضات وطقوس معينة تزيد الحماس عند هؤلاء الأشخاص "المريدين" وتنخفض القدرة الحسية التي جبل عليها الإنسان. فمجالس الذكر للصوفيين وإيقاعاتها تؤدي إلى تصعيد وجداني وصولاً لمرحلة التسامي إلى أن يصل الشخص إلى تنشيط الجهاز العصبي الذاتي (الودي ونظير الودي) ويخرج من عالم الحس والتأثر إلى عالم التجرد من الإحساس. فتسديد طعنة أو وخز لايعني شيئاً للمتسامي ولاينزف بسبب تقلص العضلات الذي يحدثه تنشيط الجهاز العصبي الذاتي.

ويمكن نسف هذه الكرامة المزعومة بأن تطلب منهم توجيه السيخ أو الشيش أو السكين إلى القلب.

رأي العلماء المسلمين

  • يبين شهاب الدين محمود الألوسي سر هذه الخوارق في تفسيره روح المعاني بقوله: "وما يشاهد من وقوعه لبعض المنتسبين إلى حضرة أحمد الرفاعي من الفسقة الذين كادوا يكونون لكثرة فسقهم كفاراً فقيل إنه باب من السحر المختلف في كفر فاعله وقتله فإن لهم أسماء مجهولة المعنى يتلونها عند دخول النار والضرب بالسلاح ولا يبعد أن تكون كفراً وإن كان معها ما لا كفر فيه، وقد ذكر بعضهم أنهم يقولون عند ذلك تلسف تلسف هيف هيف أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق أقسمت عليك ياأيتها النار أو أيها السلاح بحق حي حلي ونور سبحي ومحمد صلى الله عليه وسلم أن لا تضري أو لا تضر غلام الطريقة، ولم يكن ذلك في زمن الشيخ أحمد الرفاعي فقد كان أكثر الناس اتباعاً للسنة وأشدهم تجنباً عن مظان البدعة وكان أصحابه سالكين مسلكه متشبثين بذيل اتباعه ثم طرأ على بعض المنتسبين إليه ما طرأ".[2]
  • كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذه المخاريق التي يفعلها هؤلاء المبتدعون من الدخول في النار وأخذ الحيات هي نوعان أحدهما أن يفعلوا ذلك بحيل طبيعية مثل أدهان معروفة يذهبون ويمشون في النار ومثل ما يشربه أحدهم مما يمنع سم الحية مثل أن يمسكها بعنقصتها حتى لا تضره، ومثل أن يمسك الحية المائية ومثل أن يسلخ جلد الحية ويحشوه طعاما وكم قتلت الحيات من أتباع هؤلاء. النوع الثاني: وهم أعظم عندهم أحوال شيطانية تعتريهم، فتنزل الشياطين عليهم كما تدخل في بدن المصروع، وحينئذ يباشر النار والحيات والعقارب ويكون الشيطان هو الذي يفعل ذلك، كما يفعل ذلك من تقترن بهم الشياطين من إخوانهم الذين هم شر الخلق عند الناس ويرى الإنسي واقفا على رأس الرمح الطويل، وإنما الواقف هو الشيطان ويرى الناس نارا تحمى ويضع فيها الفؤوس والمساحي ثم إن الإنسي يلحسها بلسانه، وإنما يفعل ذلك الشيطان الذي دخل فيه، ويرى الناس هؤلاء يباشرون الحيات والأفاعي وغير ذلك، ويفعلون من الأمور ما هو أبلغ مما يفعله هؤلاء المبتدعون الضالون المكذبون الملبسون الذين يدعون أنهم أولياء الله وإنما هم من أعاديه المضيعين لفرائضه المتعدين لحدوده والجهال -لأجل هذه الأحوال الشيطانية والطبيعية- يظنوهم أولياء الله، وإنما هذه الأحوال من جنس أحوال أعداء الله الكافرين والفاسقين".[3]

مقالات ذات صلة

المصادر

  1. مقال عن الصوفية .. - تصفح: نسخة محفوظة 07 يوليو 2011 على موقع واي باك مشين.
  2. روح المعاني ص 69/17
  3. مجموع الفتاوى ج11 ص610-611


موسوعات ذات صلة :