الطاعون الدبلي أو الطاعون الدبيلي[2] أو الطاعون الدُمّلي[2][3][4] أو الطاعون العقدي[4] أو الطاعون النزفي[4] (Bubonic plague) هو مرض حيواني المنشأ ينتشر أساسًا بين القوارض الصغيرة والبراغيث التي تحملها. هو واحد من ثلاثة أنواع من الالتهابات التي يسببها طاعون يرسينيا (المعروف سابقًا باسم طاعون الباستوريلا) والذي ينتمي إلى عائلة الأمعائيات. يؤدي الطاعون الدبلي دون علاج إلى موت ثلثي المصابين خلال أربعة أيام من الإصابة به. في عام 2013 سجلت 750 حالة إصابة بالطاعون الدبلي، وأدى ذلك إلى موت 126 من المصابين به.[5]
طاعون دبلي | |
---|---|
دبل إربية على أعلى فخذ الشخص المصاب بالطاعون الدبلي. الغدد اللمفية الملتهبة (بأصل الفخذ أو الإربة) عادةً ما تظهر في الرقبة، الإبطين والفخذ في الأشخاص المصابين.
| |
معلومات عامة | |
الاختصاص | أمراض معدية (اختصاص طبي) |
من أنواع | طاعون، ومرض العقد الليمفية |
الموقع التشريحي | عقدة لمفاوية[1] |
الأسباب | |
الأسباب | يرسينيا طاعونية |
الإدارة | |
أدوية | |
حالات مشابهة | الموت الأسود، وطاعون |
التاريخ | |
وصفها المصدر | قاموس بروكهاوس وإفرون الموسوعي |
المصطلح الطاعون الدبلي مشتق من الكلمة الإغريقية βουβών و التي تعني "الأربية".[6] حيث أن الغدد اللمفاوية المنتفخة تظهر غالباً تحت إبطين وفي أربية الشخص المصاب بالطاعون الدبلي. و غالباً ما تم استخدام مصطلح الطاعون الدبلي كمرادف إلى الطاعون، ولكن يُقصب بالطاعون الدبلي ذلك الذي يصيب المريض من خلال دخول الطفيليات المسببة له من خلال الجلد وانتقالها عبر الأوعية اللمفية، كما هو الملاحظ في الالتهابات التي تسببها البراغيث.
يعتقد أن الطاعون الدبلي مع طاعون إنتان الدم، والطاعون الرئوي، (و الذين هما النوعان الآخران اللذان يسببهما طاعون يرسينيا) هم السبب وراء الموت الأسود الذي إجتاح أوروبا في القرن الرابع عشر وسبب وفاة 50 مليون شخص تقريباً، أو 25%-60% من سكان أوروبا.[7] في منطقة البحر المتوسط، بدى أن الطاعون الدبلي كان يظهر في فصول الصيف. أما في شمال القارة الأوروبية، فكان الطاعون أغلب الظهور في فصل الخريف.[8] و لأن الوباء تسبب في وفاة الكثير من الطبقة العاملة، أرتفعت قيمة الأجور بسبب الازدياد على طلب الأيدي العاملة. رأى بعض المؤرخين أن ذلك كان بمثابة نقطة التحول في تطور الاقتصاد الأوروبي.[7]
العلامات والأعراض
أكثر الأعراض انتشاراً هو التهاب الغدد اللمفية المعروف بالأدبال، والتي تصبح تورمات مؤلمة. بعد أن ينتقل الطاعون بلدغة برغوث مصاب، بكتيريا طاعون اليرسينيا يتموضع في الغدد اللمفية حيث يبدأ في إقامة مستعمرات والتكاثر. الأدبال المرتبطة مع الطاعون الدبلي عادةً ما توجد في مناطق تحت الإبطين وفي أعلى الفخذ والأربية والرقبة. كما يسبب غرغرينا في أطراف الجسم. (مثال: أصابع اليدين والقدمين الشفاة والأنف.)
بسبب انتقاله بلسعة البراغيث، الطاعون الدبلي عادةً ما يكون أول مرض من سلسلة أمراض متدرجة. إن أعراض الطاعون الدبلي تضهر بشكل مفاجئ، عادةً ما بين 2-5 أيام بعد الإصابة بالبكتيريا المسسببة له. بعض الأعراض تشمل:
- الغرغرينا في الأطراف والتي تشمل أصابع اليدين والقدمين، الشفاة وقمة الأنف.[9]
- قشعريرة.
- الشعور بسوء الصحة بشكل عام.
- درجة حرارة عالية. (102,C,39 | F)
- تشنجات عضلية.[10]
- نوبات مرضية.
- غدد لمفية متورمة على شكل أدبال ملساء، عادةً ما يتواجد على أعلى الفخذ ولكن يمكن أن يتواجد على الرقبة وتحت الإبطين، وعادةً ما يكون في مكان الإصابة بالعدوى الأولي. (خدش أو لسعة).
- من الممكن الشعور بالألم في المنطقة قبل تورمها.
- لون الجلد قد يتغير في بعض الحالات إلى الوردي.
بعض الأعراض الأخرى تتضمن التنفس الثقيل (الصعب)، قيء الدم، آلام في الأطراف، السعال، الإرهاق الشديد، مشاكل في الجهاز الهضمي، وجود نقاط سوداء في مختلف مناطق الجسم، هذيان، غيبوبة والآلام الشديدة. الألم عادةً ما يكون نتيجة انحلال وتحلل أنسجة الجلد بينما الشخص لا يزال حياً. النوعان الآخران من الطاعون الذي يسببه بكتيريا يرسينيا هما الطاعون الرئوي وطاعون إنتان الدم. الطاعون الرئوي يختلف عن الدبلي وطاعون إنتان الدم في انه يشمل نوبات سعال، وبذلك يكون شديد العدوى حيث يمكنه الانتقال من شخص إلى آخر.
المسببات
الطاعون الدبلي هو إتهاب في الجهاز اللمفي، و عادةً يكون نتيجة لدغة من برغوث مصاب (برغوث الجرذان Xenopsylla cheopis). في حالات نادرة جداً، كما في طاعون إنتان الدم، فإن المرض يمكن أن ينتقل بالاحتكاك المباشر بنسيج مصاب بالعدوى أو من خلال التعرض لسعال شخص آخر مصاب. البراغيث عادةً ما توجد على القوارض مثل الفئران والجرذان، وتقوم بالبحث على فريسة أخرى عندما يموت القارض الذي كان يستضيفهم. البكتيريا تبدأ حياتها غير مؤذية، وتعيش في أمعاء الثديات. القدرة على الانتشار والتكاثر تعتمد فقط على قدرتها على التنقل من حيوان ثديي مستضيف لها إلى آخر. إن البكتيريا تبقى غير مضرة للبرغوث، وبذلك تسمح للحيوان المستضيف الجديد بنشر البكتيريا. البكتيريا تتجمع في معدة البرغوث المصاب، (حيث أن البرغوث يتغذى على الدم) و بذلك يتقيأ الدم المهضوم (الذي يكون دم مصاب) في موضع اللدغة في جلد القارض أو الإنسان. حالما يحدث ذلك، تبدأ البكتيريا في الانتشار السريع إلى الغدد اللمفية وتبدأ بالتكاثر والتضاعف بشكل سريع.
بكتيريا اليرسينيا يمكنها مقاومة البلعمة، كما يمكنها التكاثر داخل خلايا البلعمة وبالتالي قتلها. عندما يتقدم المرض، فإن العقد والغدد اللمفاوية يمكن أن تبدأ بالنزف والانتفاخ ومن ثم الموت. الطاعون الدبلي يمكنه أن يتقدم إلى طاعون إنتان الدم القاتل في بعض الحالات. الطاعون معروف أيضاً باإنتشار إلى الرئة وبالتالي يتحول إلى المرض المعروف بالطاعون الرئوي. ذلك النوع من الطاعون لديه قدرة عالية على الانتشار حيث أن البكتيريا تنتشر عند السعال أو العطس.
التشخيص
إن الاختبارات المختبرية مطلوبة للتشخيص والتأكيد على الإصابة بالطاعون الدبلي. عادةً ما يتم التشخيص عن طريق التعرف على البكتيريا المسببة للمرض ووجودها في عينة زراعية مأخوذة من عينة المريض. و يتم التأكيد على الإصابة من خلال فحص عينة من مصل الدم والتي تؤخذ في المراحل المتقدمة والمتأخرة من الإصابة بالبكتيريا. و قد تم تطوير غمائس للفحص السريع للأشخاص الذين يعتقد أنهم مصابون حيث أنها تستخدم لاختبار وجود المولدات المضادة لبكتيريا اليريسنا، وو قد طورت تلك الطريقة لإستعمالها في العمل الميداني.[11]
العلاج
هنالك العديد من أصناف المضادات الحيوية الفعالة لمعالجة الطاعون الدبلي. و يندرج من ضمنها أمينوغليكوزيد (Aminoglycosides) مثل الستريبتوميسين (Streptomycin) و الجنتاميسين (gentamicin)، التتراسيكلين (Tetracycline) و بالأخص (دوكسي سايكلين Doxycycline)، و ال(Fluoroquinolone ciprofloxacin). نسبة الوفيات المرتبطة مع الحالات المعالجة من مرض الطاعون الدبلي هي حوالي 1-15% بالنسبة إلى الحالات الغير معالجة والتي يكون معدل الوفيات فيها حوالي 40-60%.[12] إن الأشخاص المحتمل إصابتهم بالطاعون يحتاجون العناية الفورية، حيث أن المضادات الحيوية يجب أن تعطى خلال 24 ساعة من بدء الأعراض لمنع الوفاة. بعض العلاجات الأخرى تتضمن الأكسجين، السوائل الوريدية، والدعم التنفسي. الأشخاص الذين كانوا على اتصال مع أي شخص مصاب بالطاعون الرئوي يُعطى مضادات حيوية اتِّقائِيّة (prophylactic).[13] بإستخدام المضادات الحيوية كالستريبتوميسين على نطاق واسع، أثبت نجاحه في علاج الطاعون الدبلي خلال 12 ساعة من الإصابة.[14]
تاريخ المرض
الوباء الأول
إن أول وباء مسجل أصاب الإمبراطورية الرومانية الشرقية (الإمبراطورية البيزنطية) و قد سمي طاعون جستنيان تيمناً بالإمبراطور جستنيان الأول الذي أصابه المرض وشفي منه من خلال علاجات مكثفة.[15][16] الوباء قد حصد حياة ما يقارب 25 مليون شخص (وباء القرن السادس) إلى 50 مليون شخص (تكرر ظهوره خلال قرنين).[17][18] المؤرخ بروكوبيوس (Procopius) كتب في "المجلد II في تواريخ الحروب" عن مواجهاته الشخصية مع الطاعون وتأثيره على الإمبراطورية الصاعدة. في ربيع عام 542م، وصل الطاعون إلى القسطنطينية وأخذ ينتشر من مرفأ مدينة إلى آخر حتى انتشر في المناطق حول البحر المتوسط، مهاجراً بعدها إلى المناطق الشرقية (آسيا الصغرى) و المناطق الغربية ( اليونان وإيطاليا). و لإن المرض أخذ بالانتشار براً بانتقال البضائع بسبب جهود جستنيان في الحصول على البضائع الفارهة في ذلك الوقت وتصدير أخرى، أصبحت عاصمته المصدر الأكبر للطاعون الدبلي. قد صرّح بروكوبيوس في عمله "التاريخ السري" بأن جستنيان كان إمبراطور شيطاني، حيث أنه إما اخترع المرض بنفسه أو كان الطاعون عقاباً من الله بسبب ذنوبه.[18]
الوباء الثاني
في نهاية العصور الوسطى (1340-1400) مرت أوروبا بأفتك وباء طاعون مسجل في تاريخ البشرية "الموت الأسود"، و الذي كان وباء طاعون دبلي واسع الانتشار، حيث أنه بدأ في عام 1347 و حصد أرواح ثلث سكان أوروبا. و يعتقد أن ذلك أدى إلى جعل المجتمع أكثر عنفاً بسبب تزايد نسبة الوفيات، والتي أرخصت قيمة الحياة البشرية وبالتالي عملت على ازدياد الحروب والجرائم، والثورات الشعبية وما تبعها من موجات جلد وتعذيب ومحاكمات واضطهاد.[19] إن الموت الأسود نشأ في الصين أو بالقرب منها، ثم انتقل إلى إيطاليا وبدع ذلك إلى باقي أنحاء أوروبا. المؤرخان العربيان ابن الوردني والمرقرزي اعتقدا أن الموت الأسود قد نشأ في منغوليا، وقد تم إثبات ذلك استناداً إلى وثائق صينية أظهرت وجود وباء متفشي حينها في منغوليا في بدايات 1330م.[20] و قد تم نشر بحث في عام 2002 و الذي اقترح ان الوباء قد بدأ في صيف عام 1346م في منطقة (سهبية؟ the steppe region)، حيثما احتياطي من مسببات الطاعون تمتد من الشمال الغربي لشاطئ بحر قزوين إلى جنوب روسيا. المنغوليين قد قطعوا طريق التجارة "طريق الحرير" بين الصين وأوروبا والذي أدى إلى إيقاف انتشار الموت الأسود من شرق روسيا إلى غرب أوروبا. بدأ الوباء نتيجة إلى هجمة شنها المنغوليون على آخر محطة إيطالية لتبادل بضائع تجارية في المنطقة، والتي كانت "كافا" في "القرم".[14] في خريف عام 1346م، انتشر الوباء بين الأشخاض المحاصرين ومن ثم انتقل إلى القرية. و في الربيع التالي، فر التجار الإيطاليين إلى سفنهم غير عالمين أنهم كانوا حاملين للموت الاسود. مبدئباً انتشر الطاعون الأشخاص القريبين من البحر الاسود (بسبب القوارض والجرذان)، و من ثم انتشر إلى شتى انحاء أوروبا نتيجة هروب السكان من منطقة إلى اخرى في محاولاتهم للابتعاد عن الطاعون.
كان هناك الكثير من المعتقدات الطبية العرقية لتجنب الإصابة بالموت الأسود. المعتقد الأكثر شهرة كان انه بالمشي بالزهور حول أو في انوفهم وعدم استنشاق الروائح النتنة يمنع "الشر الذي يصيبهم بسبب تكل الروائح". اعتقد الناس ان الطاعون كان عقاباً من الله، وان الطريقة الوحيدة للتخلص منه هو رضى الله ومغفرته لهم.[21] حيث ان معتقد آخر كان حفر رمز الصليب على ابواب المنازل مع عبارة "رب ارحمنا".[21]
في بستويا بإيطاليا اقروا تشريعات وقوانين في المدينة وعلى المواطنين لإبقائها من خطر الإصابة بالموت الأسود. ابتدأت القوانين بمنع زيارة اي من المناطق المصابة بالطاعون وعدم إدخال من يذهب إليها إلى المدينة مرة اخرى، وعدم استيراد الكتان والصوف من مناطق اخرى وعدم دفن الموتى في المدينة. ولكن مع الرغم من القوانين الصارمة، فإن المدينة أصابتها العدوى.[22] الأشخاص الذين لم يصابوا بالطاعون كونوا جماعات وابتعدوا عن المصابين، وكانوا يأكلون كميات محدودة من الطعام والشراب، لم يكن مسموحاً لهم الكلام مع الاشخاص الآخرين لأن ذلك كان يزيد من خطر الإصابة بالمرض.[23]
حينما كانت أوروبا تمر بمعاناة هائلة بسبب المرض، كان باقي العالم أفضل حالاً بكثير. في الهند، ارتفع عددد السكان من 91 مليون نسمة في 1300م إلى 97 مليون نسمة في 1400م و إلى 105 مليون نسمة في 1500م. و بقي جنوب الصحراء الكبرى غير متأثر بالطاعون بشكل عام.[24]
وتميزت القرون التالية بتفشيات إقليمية محلية بشدة أقل. طاعون ميلان العظيم (1629-1631)، طاعون سيفيل العظيم (1647)، طاعون لندن العظيم (1665-1666)، طاعون فينّا العظيم (1679)، طاعون البلطيق العظيم (1708-1712) و طاعون مرسيل العظيم (1720) كانوا أقوى تفشيات الطاعون الدبلي في أوروبا.
العلاج التقليدي
أعتقد أطباء القرون الوسطى أن الطاعون تكون بسبب الهواء الفاسد بسبب رطوبة الجو وتحلل الجثث الغير مدفونة والأبخرة التي تنتج بسبب سوء الصرف الصحي. كان العلاج الموصى به حمية غذائية جيدة، الراحة، والانتقال إلى منطقة غير موبوئة لكي يتمكن الشخص من الحصول على الهواء النقي. هذا قد ساعد، ولكن ليس للأسباب التي اعتقدها الأطباء في تلك الفترة. في الواقع، لأنهم أوصوا بالابتعاد عن الأماكن الغير نظيفة، كان الناس يبتعدون أيضاً عن القوارض الحاملة للبراغيث المسببة للمرض. و مع ذلك، كان ذلك سبباً لانتقال الطاعون لأماكن لم تكن مصابة به.
الوباء الثالث
الطاعون عاد للظهور للمرة الثالثة في منتصف القرن التاسع عشر. و كما في الوبائين السابقين، نشأ الوباء الثالث في شرق آسيا.[25] بداية الوباء كان في الصين، وبالتحديد في مقاطعة يوننان في عام 1855م.[26] بقي الطاعون في شمال غرب الصين لعدة سنوات قبل أن ينتشر. في مدينة كانتون بداية مارس عام 1894م، قتل المرض 60,000 شخص في أسابيع معدودة. حركة المرور المائية اليومية في مدينة هونغ كونغ المجاورة أدت إلى نشر الطاعون بشكل سريع جداً مما أدى إلى موت أكثر من 100,000 شخص في غضون شهرين.[27]
من الصين، انتشر الطاعون إلى شبه القارة الهندية في عام 1896م. على مدى 30 سنة، حصد الطاعون الدبلي حياة 12.5 مليون شخص. كانت بدايات الطاعون في المدن القريبة من الموانئ، ابتداءا من بومباي (الآن مومباي)، و ظهر لاحقاً في بونا (الآن بون)، كولكاتا، وكراتشي (الآن باكستان). بحلول عام 1899م، انتشر الوباء إلى مجتمعات أصغر والمناطق الريفية في شتى مناطق الهند. بشكل عام، أثر وباء الطاعون كان الأعظم في غرب وشمال الهند – في المناطق التي تم تسميتها لاحقاً ببومباي، بنجاب، والمناطق المتحدة – بينما شرق وجنوب الهند لم يتأثرا بتلك الشدة. في النهاية، أكثر من 12 مليون شخص ماتوا في الهند (بما في ذلك باكستان وبنغلاديش) و الصين بسبب الطاعون الدبلي.
في عام 1899م وصل الطاعون إلى جزر هاواي.[28] أول دليل على المرض وجد في مدينة هونولولو الصينية على جزيرة أواهوو.[29] التي كانت تقع بالقرب من أرصفة الجزيرة البحرية، والجرذان من السفن التجارة الصينية كانت تتمكن من النزول إلى أراضي هاواي دون أن يراها أحد. كلما شقتت الجرذان طريقها إلى وسط المدينة، بدأت الأعراض المرضية تظهر على الناس. في 12 ديسمبر 1899، تم تأكيد أول إصابة بالمرض. حينها، فكر مجلس الصحة بطرق لإيقاف المرض من الانتشار أكثر. كان حلهم حرق أي مبنى في المدينة الصينية كانوا يشكون أنه يحتوي على مسببات للمرض. في 31 ديسمبر 1899، تم إشعال أول حريق. كانوا في البداية خططوا أن يتم حرق عدة مباني فقط، واعتقدوا أن بإمكانهم التحكم في نيران الحريق، ولكنهم فقدوا السيطرة على الحريق، فإحترقت المباني المجاورة. نتيجة لذلك، تم تدمير الكثير من المنازل في المدينة الصينية و 4,000 شخص تقريباً تركوا بلا منازل.[30]
عانت أستراليا من 12 انتشار للوباء بين 1900م و 1925م بسبب الإستيراد وشحن البضائع.[31] أسهم بحث قام به ضباط طبيين أستراليين (ثومبسن، آرمسترونغ وتيدسويل) إلى فهم كيفية انتقال بكتيريا اليرسينيا إلى البشر من خلال البراغيث على الجرذان المصابة.[32] نسبة عن منظمة الصحة العالمية، أُعتبر الوباء فعّال لغاية 1959م حين قل عدد الخسائر البشرية إلى 200 شخص في السنة. في عام 1994م، إنتشر الوباء مرة أخرى في خمس ولايات هندية وسبب حوالي 700 إصابة بالعدوى (تضمن 52 حالة وفاة) و تسبب في هجرة الكثير من الأشخاص في الهند لمحاولة تفادي الطاعون.
المستويات الضئيلة التي وجدت في محطة قطار الأنفاق في نيويورك
في مارس 2015م أصدرت كلية وييل كورنيل الطبية دراسة وجد الباحثون فيها جسيمات صغيرة مسببة إلى التهاب السحايا لدى مدينة نيويورك نظام معروف بإسم "Micro biome map" أي خريطة الأحياء الدقيقة. أخذ علماء الجينات من كلية وييل كورنيل الطبية عينات من العديد من الأسطح الموجودة في نظام الأنفاق. استخدم العلماء عيناتهم لإنشاء خريطة أخرى سميت بخريطة الأحياء الدقيقة المدنية "Urban biome map". اتخذ ذلك العمل ما يقارب 18 شهر لإتمامه. من الناحية الإيجابية، مستويات الجمرة الخبيثة والطاعون الدبلي كانت ضئيلة جداً ولم تكن حية. يعتقد الباحثون أن خريطتهم تمّكن من عمل منظومة أكبر وأكثر شمولة للكشف عن الأمراض والإرهاب الحيوي، وقد أطلقوا على الفكرة اسم "(PathoMap (Pathogen Map". و من المثير للإهتامام أن الفريق قد تمكن من "تتبع أثر البكتيريا التي توجد في البيتزا (في النقانق والجبن)" وفقاً لوول ستريت جورنال (Wall Street Journal).
الحرب البيولوجية
بعض أول حالات الحرب البيولوجية كانت نتجيج الطاعون الدبلي، حيث تم تسجيل أن جيوش القرن الرابع عشر كانت تقذف جثث المصابين فوق أسوار مدن الأعداء وقراهم لنشر المرض. لاحقاً، تم استخدام الطاعون خلال حرب الشينو-يابانية الثانية كسلاح بكتيري من قبل الجيش الياباني الإمبراطوري. تم توفير تلك الأسلحة من قبل وحدات شيروإيشي (Shiro Ishii) و تم تجربتها على البشر قبل إستخدامها في ساحة الحرب. مثلاً، في عام 1940م، قصفت القوات الجوية التابعة للجيش الياباني الإمبراطوري ننغبو (Ningbo) ببراغيث مصابة بالطاعون الدبلي.[33] و خلال محاكمات جرائم حرب خاباروفسك (Khabarovsk)، شهد المتهمون كاللواء كياشي كاواشيما (Kiyashi Kawashima) بأنه في عام 1940م قام 40 عضو من الوحدة 731 قامت بإسقاط جوي لبراغيث مصابة على شانغدي (Changde). هذه العمليات تسببت بأوبئة طاعون.[34]
انظر أيضاً
- قائمة بالأمراض الجلدية
- قائمة بالأوبئة
- نظرية مياسما (Miasma Theory)
- الطاعون (مرض)
- طبيب الطاعون
- ملابس طبيب الطاعون
- العولمة والمرض
- الطاعون الرئوي
قراءات إضافية
- Alexander, John T. (2003) [First published 1980]. Bubonic Plague in Early Modern Russia: Public Health and Urban Disaster. Oxford, UK; New York, NY: Oxford University Press. . OCLC 50253204.
- Carol, Benedict (1996). Bubonic Plague in Nineteenth-Century China. Stanford, CA: Stanford University Press. . OCLC 34191853.
- Biddle, Wayne (2002). A Field Guide to Germs (الطبعة 2nd Anchor Books). New York: Anchor Books. . OCLC 50154403.
- Little, Lester K. (2007). Plague and the End of Antiquity: The Pandemic of 541–750. New York, NY: Cambridge University Press. . OCLC 65361042.
- Rosen, William (2007). Justinian's Flea: Plague, Empire and the Birth of Europe. London, England: Viking Penguin. .
- Scott, Susan, and C. J. Duncan (2001). Biology of Plagues: Evidence from Historical Populations. Cambridge, UK; New York, NY: Cambridge University Press. . OCLC 44811929.
- Batten-Hill, David (2011). This Son of York. Kendal, England: David Batten-Hill. . OCLC http://www.tsoy.co.uk .
- Kool, J. L. (2005). "Risk of Person-to-Person Transmission of Pneumonic Plague". Clinical Infectious Diseases. 40 (8): 1166–1172. doi:10.1086/428617. PMID 15791518.
الهوامش
- Echenberg, Myron J. (2007). Plague Ports: The Global Urban Impact of Bubonic Plague, 1894–1901. New York, NY: New York University Press. . OCLC 70292105.
- Little, Lester K. (2007). "Life and Afterlife of the First Plague Pandemic." In: Little, Lester K. editor. (2007), Plague and the End of Antiquity: The Pandemic of 541–750. Cambridge University Press. (2007). (hardback); (paperback).
- McCormick, Michael (2007). "Toward a Molecular History of the Justinian Pandemic." In: Little, Lester K. editor. (2007), Plague and the End of Antiquity: The Pandemic of 541–750. Cambridge University Press. (2007). (hardback); (paperback).
- "Bubonic Plague Originated in China", Discovery News,1 November 2010. Retrieved on 6 December 2011.
- "Bubonic Plague Fire Destroyed Honolulu's Chinatown" Hawaii for Visitors. Retrieved on 6 December 2011.
- "Bubonic Plague and the Chinatown Fire Honolulu Advertiser, 7 July 2005. Retrieved on 6 December 2011.
المراجع
- معرف أنطولوجية المرض: http://www.disease-ontology.org/?id=DOID:10773 — تاريخ الاطلاع: 15 مايو 2019 — الاصدار 2019-05-13
- القاموس الطبي لأحمد شفيق الخطيب. نسخة محفوظة 29 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- قاموس تشخيص الأمراض. نسخة محفوظة 29 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- القاموس الطبي. نسخة محفوظة 29 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- World Health Organization (November 2014). "Plague Fact sheet N°267". Retrieved 10 May 2015
- LeRoux, Neil (2007). Martin Luther As Comforter: Writings on Death Volume 133 of Studies in the History of Christian Traditions. BRILL. صفحة 247. . مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019.
- "Plague History". Jun 13, 2012. مؤرشف من الأصل في 9 مايو 201921 أغسطس 2015.
- Felipe Armesto (2007). The World History Volume 2:The Revenge of Nature: Plague, Cold, and The Limits of Disaster In The Fourteenth Century. New Jersey: Pearson, Prentice Hall. p. 451.
- Inglesby TV, Dennis DT, Henderson DA; et al. (May 2000). "Plague as a biological weapon: medical and public health management. Working Group on Civilian Biodefense". JAMA. 283 (17): 2281–90. doi:10.1001/jama.283.17.2281. PMID 10807389.
- "Symptoms of Plague". Brief Overview of Plague. Healthagen, LLC. مؤرشف من الأصل في 20 يونيو 201726 نوفمبر 2014.
- "Plague, Laboratory testing". Health Topics A to Z. مؤرشف من الأصل في 20 يناير 201923 أكتوبر 2010.
- "Plague". مؤرشف من الأصل في 3 فبراير 201925 فبراير 2010.
- "Plague". Healthagen, LLC. مؤرشف من الأصل في 6 مارس 201204 أبريل 2011.
- Echenberg,Myron (2002). Pestis Redux: The Initial Years of the Third Bubonic Plague Pandemic, 1894–1901. Journal of World History,vol 13,2
- Little (2007), pp. 8–15.
- McCormick (2007), pp. 290–312.
- Rosen, William (2007), Justinian's Flea: Plague, Empire, and the Birth of Europe. Viking Adult; pg 3; . نسخة محفوظة 24 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- Moorshead Magazines, Limited. "The Plague Of Justinian." History Magazine 11.1 (2009): 9–12. History Reference Center
- Cohn, Samuel K.(2002). The Black Death: End of a Paradigm. American Historical Review, vol 107, 3, pg. 703–737
- Sean Martin (2001). Black Death:Chapter One. Harpenden,GBR:Pocket Essentials. صفحة 14.
- "The Black Death". history.com. 2013. مؤرشف من الأصل في 8 سبتمبر 201814 نوفمبر 2013.
- "Mee Jr., Charles L. "The Black Death, a Bubonic Plague of Great Dimensions – Part 2 | WordFocus.com." Wordfocus.com | English Vocabulary Words Derived from Latin and Greek Prefixes | Etymology. Web. 02 Dec. 2011". Wordfocus.com. مؤرشف من الأصل في 20 يناير 201918 ديسمبر 2012.
- Sean Martin (2001). Black Death: Chapter Two. Harpenden, GBR:Pocket Essentials. صفحة 26.
- Reaching Out: Expanding Horizons of Cross-Cultural Interaction
- نيكولاس ويد (October 31, 2010). "Europe's Plagues Came From China, Study Finds". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 04 يوليو 201801 نوفمبر 2010.
The great waves of plague that twice devastated Europe and changed the course of history had their origins in China, a team of medical geneticists reported Sunday, as did a third plague outbreak that struck less harmfully in the 19th century.
- Cohn, Samuel K. (2003). The Black Death Transformed: Disease and Culture in Early Renaissance Europe. A Hodder Arnold. صفحة 336. .
- Pryor, E. G. (1975). "The Great Plague OF Hong Kong" ( كتاب إلكتروني PDF ). Journal of the Royal Asiatic Society Hong Kong Branch. Hong Kong: Royal Asiatic Society of Great Britain and Ireland-Hong Kong Branch. 15: 69. ISSN 1991-7295. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 16 يناير 2020June 2, 2014.
- "Bubonic Plague Originated in China". DNews. مؤرشف من الأصل في 6 سبتمبر 2012.
- "Hawaii for Visitors, retrieved on December 6, 2011". Hawaiiforvisitors.com. مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 201918 ديسمبر 2012.
- "The Honolulu Advertiser, retrieved on December 6, 2011". The.honoluluadvertiser.com. مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 201918 ديسمبر 2012.
- "Bubonic Plague comes to Sydney in 1900". Sydney Medical School – Online Museum. جامعة سيدني. 2012. مؤرشف من الأصل في 2 مايو 201902 أغسطس 2012.
- Thompson, J. Ashburton (1901). "A Contribution to the Aetiology of Plague". The Journal of Hygiene. London. 1 (2): 153–167. doi:10.1017/S0022172400000152. PMC . PMID 20474113.
- "The Independent - 404". The Independent. مؤرشف من الأصل في 12 سبتمبر 2011.
- Daniel Barenblatt, A Plague upon Humanity., 2004, pages 220–221.