عبد القادر عودة (1906-1954م) قاضي وفقيه دستوري، ولد بقرية كفر الحاج شربيني من أعمال مركز شربين، تخرج من مدرسة المنصورة الابتدائية عام 1330 هـ، اشتغل بالزراعة، ثم عاد فواصَل الدراسة، وحصل على البكالوريا سنة 1348 هـ، ثم التحق بكلية الحقوق بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1930م، وكان من أول الناجحين.
عبد القادر عودة | |
---|---|
معلومات شخصية | |
تاريخ الميلاد | 1906 |
تاريخ الوفاة | 1954 |
مواطنة | مصر |
الحياة العملية | |
المهنة | كاتب |
التحق بوظائف النيابة، ثم القضاء، وكانت له مواقف مثالية. في عهد "عبد الهادي" قدمتْ إليه وهو قاضٍ أكثر من قضية من القضايا المترتبة على الأمر العسكري بحل جماعة "الإخوان المسلمين"، فكان يقضي فيها بالبراءة؛ استنادًا إلى أن أمر الحل غير شرعي. في عام 1951م استقال من منصبه الكبير في القضاء، وانقطع للعمل في الدعوة، مستعيضًا عن راتبه الحكومي بفتح مكتب للمحاماة، لكن لم يلبث أن بلغ أرفع مكانة بين أقرانه المحامين. في عهد اللواء محمد نجيب عُيّن عضوًا في لجنة وضع الدستور المصري، وكان له فيها مواقف لامعة في الدفاع عن الحريات، ومحاولة إقامة الدستور على أسس واضحة من أصول الإسلام، وتعاليم القرآن. في عام 1953م انتدبته الحكومة الليبية لوضع الدستور الليبي.
تم أعدامه بعد إتهام جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر في حادثة المنشية عام 1954م، وبسببها تم إلقاء القبض على عدد كبير من الإخوان المسلمين، ومعارضي حكم جمال عبد الناصر ومحاكمتهم أمام محاكمة عسكرية استثنائية بقيادة قائد الجناح جمال سالم، والتي أصدرت أحكام بإعدامه مع عدد آخر من قيادات الإخوان المسلمين وهم الشيخ محمد فرغلي ويوسف طلعت وإبراهيم الطيب المحامى وهنداوي دوير المحامى ومحمود عبد اللطيف. وتم إعدامهم في 7 ديسمبر 1954. هذا بخلاف من قتلوا جراء التعذيب خلال الفترة من 26 أكتوبر 1954 حتى عام 1965م [1]. وتلى ذلك محاكمة عدد آخر من زعماء الإخوان المسلمين في عام 1966م، وعلى رأسهم سيد قطب حيث قضت المحكمة العسكرية بقيادة الفريق الدجوى بإعدامه مع كل من يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل (إخوان مسلمون).
بدأ هذا الأمر في 28 فبراير 1954م بمظاهرة أمام قصر عابدين، قصر الجمهورية، لتهنئة محمد نجيب بعودته لرئاسة الجمهورية. حين ارتفعت هتافات واحدة، ورفعت المصاحف: لا شرقية لا غربية.. إسلامية إسلامية.. إسلامية قرآنية. ثم ارتفع صوته بخطاب ملتهب أشار فيه إلى تصدي قوات من الجيش لطلاب جامعة القاهرة وطلاب مدارس الجيزة، وإطلاق الرصاص عليهم وسقوط عدد من القتلى. فكان جزاء عبد القادر أن ألقي القبض عليه وعلى الأستاذ عمر التلمساني بعد خمسة أيام من هذه المظاهرة، ووُجهت له تهمة العمل على قلب نظام الحكم في مظاهرة 28 فبراير.
وهو والد الدكتور خالد عودة الأستاذ في كلية العلوم بجامعة أسيوط والذي تمت محاكمته بتهمة الانتماء إلى جماعة للإخوان المسلمين ضمن أربعين من الشخصيات العامة وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال أمام محاكمة عسكرية استثنائية بقيادة اللواء عبد الفتاح عبد الله. وقد تم إلقاء القبض عليه في 14 يناير 2007، واستمرت المحاكمة مدة 15 شهرا عقدت خلالها المحكمة سبعين جلسة حيث أنتهت في جلستها الحادية والسبعين إلى براءته مما نسب إليه بتاريخ 15 إبريل 2008م.
من مؤلفاته
- التشريع الجنائي الإسلامي
- الإسلام وأوضاعنا القانونية.
- الإسلام وأوضاعنا السياسية.
- الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه.
- المال والحكم في الإسلام.
له العديد من المقالات والبحوث القيمة التي طبعت مرات عديدة، ومنها ما ترجم للغات شتى، بل إن العديد من طلبة الماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية قدموا أطروحاتهم عن مؤلفات الشيخ عبد القادر عودة، باعتباره الرائد في هذا الميدان.
من كلام عودة
- "حين أقارن بين القانون في عصرنا الحاضر وبين الشريعة، إنما أقارن بين قانون متغير متطور، يسير حثيثًا نحو الكمال حتى يكاد يبلغه كما يقال، وبين الشريعة التي نزلت منذ ثلاثة عشر قرنًا ولم تتغير ولم تتبدل فيما مضى، ولن تتغير أو تتبدل في المستقبل، شريعة تأبى طبيعتها التغيير والتبديل؛ لأنها من عند الله، ولا تبديل لكلمات الله، ولأنها من صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه، فليس ما يخلقه في حاجة إلى إتقان من بعد خلقه..
- نحن -إذن- حين نقارن إنما نقارن بين أحدث الآراء والنظريات في القانون، وبين أقدمها في الشريعة، أو نحن نقارن بين الحديث القابل للتغيير والتبديل، وبين القديم المستعصي على التغيير والتبديل، وسنرى ونلمس من هذه المقارنة أن القديم الثابت خير من الحديث المتغير، وأن الشريعة -على قدمها- أجل من أن تقارن بالقوانين الوضعية الحديثة، وأن القوانين الوضعية بالرغم مما انطوت عليه من الآراء وما استُحدث لها من المبادئ والنظريات لا تزال في مستوى أدنى من مستوى الشريعة".
وفاته
نصح "عبد القادر عودة" "جمال عبد الناصر" عام 1954م بضرورة إلغاء قرار حل جماعة الإخوان؛ مخافةً أن يتهور شاب منهم في حالة غيظ واندفاع، فيقوم بعمل من أعمال الاعتداء بعيدًا عن مشاورة قادة الحركة، أجاب "عبد الناصر": "كم عدد الإخوان؟ مليونان، ثلاثة ملايين... إنني مستغنٍ عن ثلث الأمة، ومستعد للتضحية بسبعة ملايين إذا كان الإخوان سبعة ملايين"، وهنا غلب الذهول الشهيد "عودة"، وقال في ثورة: "سبعة ملايين ثمنًا لحياة فرد... ما أغناك عن هذا يا جمال!". وكان هذا الموقف من الأسباب التي دفعت إلى المصادقة على حكم الإعدام.
ومن الأسباب كذلك أن "عودة" عمد الضباط إلى اتخاذ قرار بعزل "محمد نجيب" من رئاسة الجمهورية، فأقدم على استلام الراية وابتدر قيادة الحركة، ونظم عشرات الآلاف من الجماهير في مظاهرة؛ وهو ما أرغم الضباط والوزراء على إعادة اللواء "محمد نجيب" رئيسًا للجمهورية المصرية.
ومن الأسباب كذلك أن "عبد الناصر" أقدم على توقيع معاهدة مع الإنجليز، فطلب مكتب الإرشاد من الفقيه القانوني "عبد القادر عودة" أن يتناول الاتفاقية تناولاً قانونيًّا، بعيدًا عن أسلوب التحامل والتشهير، فجاءت الدراسة التي سلمت إلى السلطات المصرية في ذلك الوقت، دراسةً قانونيةً تبرز للعيان ما تجره الاتفاقية على البلاد من استبقاء الاحتلال البريطاني مقنعًا، مع إعطائه صفة الاعتراف الشرعية.
ويوم الخميس الواقع في 9 ديسمبر عام 1954م كان موعد تنفيذ حكم الإعدام على "عبد القادر عودة" وإخوانه الخمسة، وتذكر بعض المصادر أنه حين تقدم "عودة" إلى منصة الإعدام قال : "ماذا يهمني أين أموت؛ أكان ذلك على فراشي، أو في ساحة القتال.. أسيرًا، أو حرًّا.. إنني ذاهب إلى لقاء الله"، ثم توجه إلى الحاضرين وقال لهم: "أشكر الله الذي منحني الشهادة.. إن دمي سينفجر على الثورة، وسيكون لعنةً عليها".[2]
مراجع
- حياة الإخوان في المعتقل, الحلقة 7, الجزء الثاني, مذكرات القرضاوي, إسلام أون لاين نسخة محفوظة 03 مايو 2009 على موقع واي باك مشين.
- - من أعلام الحركة الإسلامية للمستشار "عبد الله العقيل". - الموسوعة الحركية بإشراف الأستاذ "فتحي يكن".
- من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة - تأليف عبد الله عقيل بن سليمان العقيل - دار التوزيع والنشر الإسلامية - مصر - القاهرة - الطبعة الثالثة - 2006م - صفحة 523.
وصلات خارجية
- القاضي الشهيد "عبد القادر عودة"، إخوان أون لاين، 23 ديسمبر 2003م