راودت عدداً من قادة الدول النامية مخاوف من أن تصبح بلادهم مسرحاً بسبب التنافس الدولي بين الكتلتين الاشتراكية والرأسمالية، وبدؤوا طرح أفكار تعبر عن الرغبة في الابتعاد ببلادهم عن الدخول إلى جانب أحد الأطراف المتنافسة من القوى الكبرى. ففي عام (1946م)، قال الزعيم الهندي جواهر لال نهرو وكان وزيراً للخارجية حينها إِن سياسة الهند هي الابتعاد عن سياسة القوى التي تقود الكتل المتصارعة مع بعضها بعضاً. وفي مؤتمر باندونغ الذي عقد عام (1955م) وشاركت فيه (29) دولة، جدد نهرو رفضه لأي انحياز إلى أي من المعسكرين المتصارعين، ورأى أن ذلك يعرض الدول النامية إِلى الإِهانة، وقد تشكل في هذا المؤتمر مصطلح الحياد الإِيجابي، وحل محله تعبير عدم الانحياز عام (1961م). وفي مؤتمر بريوني في يوغسلافيا الذي عقد عام (1956م) دعا الزعيم المصري جمال عبد الناصر والزعيم اليوغسلافي جوزيف بروزتيتو والزعيم الهندي نهرو إِلى "عدم الانحياز" إِلى جانب أي من المعسكرين. وبالرغم من معارضة بعض قيادات الدول النامية لهذا التصور السياسي، فإِن الدعوة تواصلت، وهو ما تجسد في المؤتمر التحضيري الذي عقد في القاهرة عام (1961م) وتلاه مؤتمر قمة بلغراد في السنة نفسها، الذي شاركت فيه (21) دولة ليرتفع العدد في مؤتمر القاهرة عام(1962م) إِلى (47) دولة.
وقد استمر تطور الكتلة وتزايد عدد أعضائها إِلى أن بلغ العدد (113) دولة حتـى عام (1997م).
أهدافها
تشتمل أهداف الكتلة طبقاً لقرارات المؤتمر التحضيري في القاهرة عام (1961م) على ما يأتي:
- تشجيع السياسات المستقلة القائمة على تعايش النظم السياسية والاجتماعية المختلفة.
- تشجيع حركات الاستقلال القومي ولا سيما في المناطق المستعمرة.
- عدم الانضمام إِلى حلف عسكري تكون إحدى الدول الكبرى عضواً فيه.
- عدم الارتباط باتفاق ثنائي مع دولة من الدول الكبرى.
- عدم السماح لدولة كبرى بإِقامة قواعد عسكرية على أراضي الدولة غير المنحازة.
تطورها
وقد تطورت أهداف الكتلة فيما بعد، وأصبحت تشمل على دعوات لإِنشاء مصارف لدول عدم الانحياز، وتنمية التعاون الاقتصادي بين الدول الاعضاء، وتشجيع روابط منتجي المواد الأولية، كما حدث في مؤتمر كولومبو في سيريلانكا عام (1975م)، والدعوة لإِقامة نظام اقتصادي عالمي جديد كما حدث في مؤتمر الحركة في الجزائر عام (1973م).
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي وانحسار الحرب الباردة والظروف التي دفعت إِلى إِنشاء الحركة، فإن عدداً من الساسيين يرون أن الحركة ستتجه في المستقبل لتحقيق أهداف اقتصادية بديلة عن الأهداف السياسية التي نشأت من أجلها، ولا سيما أن التوجه الدولي يميل حالياً لبناء التكتلات الإقليمية الاقتصادية.
مشكلاتها
تتمثل أبرز مشكلات الكتلة فيما يأتي: عدم التزام الأعضاء في الفترة قبل أنهيار الاتحاد السوفيتي بخاصة، مبادئ الكتلة وأهدافها، وهذا يتضح فيما يأتي:
استعانة عدد من أعضاء الكتلة بالقوى العظمى لدعم مواقفهم في النزاعات الإقيمية التي يكون هؤلاء الأعضاء طرفاً فيها، ( مثل توقيع عدد من الدول العربية معاهدات صداقة وتعاون مع الاتحاد السوفيتي، أو السماح بوجود قوات عسكرية للدول الغربية على أراضيها.