الرئيسيةعريقبحث

محرقة غار بن شطوح المنسية


محرقة غار بن شطوح

الجريمة المنسية

في يوم 23 مارس 1959 وقعت مأساة محرقة غاربن شطوح. اذ أقدمت فرنسا الهمجية على إبادة جماعية لعرش أولاد فاطمة في مجزرة ومحرقة ل118 مواطن مدني بالغازات السامة وقنابل النابلم، لتبقى واحدة من المجازر الاستعمارية المنسية فرنسا على أرض الجزائر.

يقع غار بن شطوح في دشرة تارشوين، المقابلة لجبل الرفاعة معقل الثوار  ومسرح لعشرات ان لم نقل المئات من  المعارك... في الصباح الباكر ليوم 23 مارس 1959 حلقت مروحية هجومية خفيفة يسميها الأهالي بالكشفات، وكان ذلك ايذاناً بزحف قوات العدو  نحو جبل الرفاعة قادمة من نقاوس ومروانة وباتنة. سواء بشاحنات النقل أو بالأنزال الجوي. وكالعادة هرع الرجال والشبان والمدنيون العزل دون استثناء للاحتماء في مغارة عميقة تحت الجبال الصخربة في وادي سحيق كان يسمى غاربن شيطوح.

هذه المغارة الآمنة كانت مكانا آمنا اتخذته قيادة الثورة بالمنطقة ورشة لخياطة الملابس وصناعة الأحذية للمجاهدين، ولسعته وعمقة كان الاهالي يتخدونه ملجأ عند كل عملية تمشيط للجيش الإستعماري الفرنسي.

مع  طلوع النهار بدأت الطلائع الأولى من قوات العدو تتوغل في مناطق بديدس والرفاعة عبر إنزال جوي ضخم مدعمة بمدفعيات الميدان المتمركزة في المكان المسمى الشيحات. واجتمع النساء والاطفال في مكان واحد  للتآزر والتكاتف بمنع جنود العدو الهمجيين من الاختلاء بالنساء والاعتداء عليهن. وكان الجميع يسمع من حين لآخر تبادل إطلاق النار بين المجاهدين وجنود العدو  في جبل الرفاعة. وطائرات العدو تروح وتعدو وهي ترمي بحممها على مسرح الاشتباكات.

لم تطل المعركة وفي الفترة المسائية تحركت قوات العدو للانسحاب في اتجاه مواقع تمركز حافلات العدو في المكان المسمى الشيحات نحو مدينة نقاوس.

وعلى غير العادة سلك العدو  مسلك غير مألوف في وادي ترشوين حيث أن غار بن شيطوح كان يتواجد في الممر الذي سلكه جنود العدو. خاف شيوخ واصيبوا بالفزع وهم في حالة ترقب خوفا من اكتشاف المخبأ وحدوث الكارثة وهو ماحدث فعلا.

ويروى بعض الناجين وهم نحو 27 مدنيا منهم من لايزال على قيد الحياة... أن أحد الرماة المعتصمين في الغار قام بإطلاق النار على أحد الجنود فأرداه قتيلا...

حاصرت قوات العدو الغار واكتشفت فوهته وشرعت في رمى القنابل اليدوية طوال الليل وفي الصباح الباكر تم انزال أعداد اضافية من الجنود ثم شرعت الطائرات في رمي القنابل على الموقع ولكنه كان في مكان يصعب الطيران فيه لأنه يقع في واد سحيق وتحت جبال صخرية  عالية.

أرسل العدو مبعوثين من الحركى لمخاطبة المعتصمين  داخل الكهف  ودعوتهم للخروج والإستسلام دون جدوى عندئذن كثف العدو  قصفه للغار بإستعمال القنابل الغازية  بمل في ذلك النابالم ..

كانت الغازات السامة  قد بدأت تؤثر على المعتصمين في الكهف... وكانت جموع الأهالى مكدسة بين من احترق ومن اختنق ومن يتخبط في لحظته الأخيرة. والعدو لم يتوقف عن القصف بالغزات والنابالم. وأمام ذلك حاول البعض ممن يتواجدون في الجزء الأمامي من الغار النجاة  بالخروج وتسليم أنفسهم حيث لم يتمكن سوى 27 مدنيا من مغادرة المغارة واستشهد الباقي بمجموع 118 بما فيهم اثنان من الذين خرجوا من الغار ومع ذلك تم اعدامهم في عين المكان ويتأكد العدو بأنه لم يبقى أحياء داخل المغارة  غادر المنطقة لليوم الثاني  ليستيقض عرش أولاد فاطمة والبعاعسة  على فاجعة الإبادة الجماعية  للرجال والشباب ..وساد العويل والنواح  في كل دشرة  وفي كل دار حيث لم تسلم عائلة  إلا وفقدت أحد أفرادها أو أكثر ...وللتاريخ فقد ظل الشهداء داخل الغار إلى غاية 1962 حيث تم اخراجهم ودفنهم في مقبرة الشهداء في قرية أولاد حمود .وبقي عدد منهم لم يتم اخراجهم الا في سنه 1974 من طرف الجيش الوطني الشعبي بإستعمال المتفجرات حيث أغلقت الصخور المنفذ الخلفى للغار.

هذه واحدة من الجرائم الإستعمارية الفرنسية في الجزائر، وللأسف هذه المجزرة تكاد تكون مجهولة أو منسية وكأنها تاريخيا لا حدث وحتى المسلك المؤدى إلى موقع الجريمة غير مهيأ ومن الصعوبة الوصول اليه على الأقل بالنسبة للمؤرخ والطالب وجيل الاستقلال للوقوف على  حقيقة الجرائم الإستعمارية في الجزائر .

 الغار أو شطوح اقوين اميا ذروح.


مراجع