شهد مسرح أحداث الشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى الصراع بين الدولة العثمانية (التي كانت جزءًا من قوات المحور) وبين قوات الحلفاء متمثلة بالامبراطورية البريطانية وروسيا القيصرية ولعبت الدول العربية التي شاركت في الثورة العربية الكبرى دورًا هامًا في هذا الصراع الذي استمر من 28 يوليو 1914 حتى توقيع الهدنة بين الامبراطورية الألمانية وقوات الحلفاء في 11 نوفمبر 1918 وأفضت إلى توقيع معاهدة فرساي في 28 يونيو 1919.[1][2]
مسرح الشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى | |||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من الحرب العالمية الأولى | |||||||||
حملة جاليبولي ضد العاصمة العثمانية في أسطنبول
| |||||||||
معلومات عامة | |||||||||
| |||||||||
المتحاربون | |||||||||
الدولة العثمانية الإمبراطورية الألمانية الإمبراطورية النمساوية المجرية المجر |
الإمبراطورية البريطانية روسيا إيطاليا أرمينيا المملكة الإيطالية | ||||||||
القوة | |||||||||
إجمالي المجندون 2،850،000 القوة 800،000 |
شهدت المنطقة خمس حملات شنتها قوات الحلفاء على أراضي الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الثانية هي حملة سيناء وفلسطين وحملة بلاد الرافدين وحملة القوقاز وحملة بلاد فارس وحملة جاليبولي، كما شهدت حملات وعمليات عسكرية ثانوية في عدن والأجزاء الجنوبية من الأراضي العربية.
بداية الأحداث
انضمت الدولة العثمانية إلى قوات المحور في 2 أغسطس عام 1914 كاستكمال للتحالف السري بين الدولة العثمانية وامبراطورية ألمانيا الذي كان قائمًا آنذاك، وشكل هذا التحالف الجديد تهديدًا للمستعمرات البريطانية في الهند والشرق وتحديًا للنفوذ الروسي في أرمينيا، كان الهدف الأساسي للعثمانيين هو استرجاع أراضي شرق الأناضول التي استولت عليها روسيا خلال الحرب الروسية العثمانية (1877 - 1878)، كانت أراضي محافظة أرتفين وأرداهان وكارس وميناء بتوم قد وقعت تحت الاحتلال الروسي ووجدت الطموحات العثمانية تعاطفًا وقبولًا لدى المستشارية الألمانية، وشكلت السيطرة على حقول النفط في بحر قزوين مطمعًا ألمانيًا بات بالإمكان تنفيذه بعد انضمام العثمانيين إلى تحالف قوات المحور.
أسست ألمانيا مكتب استخبارات الشرق الدي تولى متابعة أخبار مناطق بلاد فارس وأفغانستان، وبتحالفها مع قوات المحور سعت الدولة العثمانية إلى فرض سيطرتها على مناطق بلاد فارس وطاجكستان وصولًا إلى القارة الهندية؛ الأمر الذي أكد أنور باشا إمكانية حصوله إذا ما هزمت القوات الروسية في المدن الرئيسية في بلاد فارس.
خلال هذا الوقت كانت المناطق العربية في آسيا وشمال أفريقيا تحت الحكم العثماني، إلا أن نزعات التحرر من السيطرة التركية كانت قد بدأت في الظهور، وقد أدى دخول العثمانيين الحرب وتفشي العداء الذي ظهر من قبل الأتراك نحو بعض الجمعيات العربية إلى أشعال الثورة العربية الكبرى التي بدأها الشريف حسين من الحجاز بدعم وتحريض بريطاني تمثل بوعود بالاعتراف بالاستقلال العربي وتأييده وبالاعتراف بخليفة عربي مسلم على الأماكن المحررة، وعود سرعانما تنكرت لها المملكة البريطانية.
القوى المتحاربة في المنطقة
باستثناء الجيش العثماني (الذي كان حاكما للمنطقة آنذاك) فإن مختلف الجيوش المشاركة في الحرب العالمية الأولى شاركت في القتال داخل الشرق الأوسط عبر تجنيد قوات من السكان المحليين أبقت جيوشها الوطنية خارج ساحة النزاع في الشرق الأوسط، تمت استمالة وتجنيد القوات من خلال استثارة النزعات القومية والعرقية والدينية من جهة وعبر تقديم الوعود بالدعم لتحصيل الاستقلال أو حتى التوسع في أراضي النفوذ من جهة أخرى.
الجيش العثماني
عقب ثورة الشباب الأتراك عام 1908 وبعد بداية الحقبة الدستورية الثانية في 3 يوليو 1908 في زمن السلطان عبد الحميد الثاني؛ تم إدخال تعديلات جوهرية في الجيش العثماني، كما تم تطوير مراكز الجيش الرئيسية، دخلت القوات العثمانية عقب ذلك في الحرب العثمانية الإيطالية أو ما عرف بسم الحرب الليبية ما بين 28 سبتمبر 1911 وحتى 18 أكتوبر 1912 لاحتلال ليبيا (طرابلس وبرقة)، وانتهت الحرب بهزيمة العثمانيين وسيطرة الإيطاليين علي ليبيا والحدود المائية المقابلة، وفي ذات الوقت كانت حرب البلقان مستعرة في أراضي مقدونيا وتيرس التي كانت تحت السيطرة العثمانية.
قسمت قيادة جيوش العثمانيين تحت إدارة مقرين رئيسيين، وقسم الجيش العثماني إلى 4 أقسام:
- الجيش الأول ويحتوي على 14 فرقة
- الجيش الثاني ويضم 4 فرق.
- الجيش الثالث ويتكون من 9 فرق
- الجيش الرابع ويضم 4 فرق.
تم استحداث جيشين جديدين عقب دخول العثمانيين الحرب العالمية الأولى هما الجيش الرابع والجيش الخامس، كما تم تأسيس 36 وحدة مشاة 14 منها أسس من الصفر، وفي عام 1915 تم تأسيس الجيش السابع والجيش الثامن، ولحقه تأسيس القوة الانضباطية عام 1917 وجيش الإسلام العثماني في 1918م، بحلول عام 1918 كانت وحدات الجيش الأساسية قد تضررت بشكل كبير وأوجبت تلك الخسارات على الجيش العثماني استحداث وحدات جديدة عرفت بسم وحدات الجيش الشرقي.
الجيش الألماني
ساهمت القوات الألمانية بإرسال مستشارين عسكريين للمنطقة، وأسست ألمانيا قوة الاستكشاف الألمانية القوقازية التي شاركت في حملة القوقاز بهدف تأمين امدادات النفط إلى امبراطورية ألمانيا ودعم الاستقرار في جورجيا التي كانت مؤيدة للألمان في حربهم؛ الأمر الذي أدى إلى حدوث خلافات بينهم وبين الأتراك العثمانيين حلفائهم.
الجيش الروسي
قبل الحرب كان للروس الجيش الروسي القوقازي في المنطقة، ولكن هزيمتهم الكبيرة في معركة تاتنبرغ عام 1914 فرضت عليهم دفع الكثير من قواتهم نحو الأراضي الفارسية لتأمين المدن الهامة هناك، وفي صيف 1914 تأسست وحدات الجيش الأرمني التطوعي تحت رعاية واشراف روسيا القيصرية وقد تطوع أكثر من 000’20 أرميني لقتال قوات العثمانيين؛ العدد الذي زاد بعد ذلك ليصل إلى 000’150 ألف متطوع أريمني بحسب بعض المصادر.
الجيش البريطاني
في عام 1914 كانت قوات الجيش البريطاني الهندي قد تمركزت حول مناطق حملة بلاد فارس وكان لقواتهم خبرة واسعة في التعامل عم القوى المحلية القبلية نتيخة تجاربهم في الهند، وقد أسست القوات البريطانية لاحقًا جيش قوة الاستكشاف المتوسطية وجيش الدردنيل البريطاني ووحدة قوة الاستكشاف المصرية، وقد شارك أكثر من 5000 مقاتل عربي في الجيوش البريطانية.
الجيش الفرنسي
أرسلت فرنسا الجيش الأرميني الفرنسي إلى مسرج الشرق الأوسط كجزء من الجيش الخارجي الفرنسي، والتزمت فرنسا بإرسال وحدات جيش منها إلى الشرق الأوسط إيفاءًا لتعهداتها التي قدمت في اتفاقية سايكس بيكو السرية التي وقعت عام 1916 م، تم تجهيز وحدات الدعم الأرمينية تحت إشراف ادموند اللنبي، وبخلاف ما تم الاتفاق عليه فقد جرت القوات الأرمينية للقتال في سوريا وفلسطين أثناء الحرب العالمية الأولى، ثم عادت هذه القوات إلى صفوفف بلادها بعد انتهاء الحرب.
التجنيد
أصدرت الدولة العثمانية في 12 مايو 1914 قانونًا جديدًا يقتضي بتخفيض سن التكليف من 20 إلى 18 عامًا، وألغت نظام قوات "الرديف" أو القوات الاحتياطية جاعلة خدمة الجيش كلها ضمن العمل الإلزامي، كما مددت فترة الخدمة لتصبح سنتين في قوات المشاة و3 سنوات في باقي قطاعات الجيش و5 سنوات في البحرية، كما تطوعت عدة فئات للخدمة مثل المولوية والقادرية، وتطوع الكثير من العرب والبدو لمواجهة زحف القوات البريطانية في سيناء وفلسطين، كان من المتعذر الاعتماد على المتطوعين للخدمة في تأسيس وحدات الجيش النظامية نتيجة لافتقارهم للتدريب الكافي ولأن عددًا كبيرا منهم جاء مدفوعًا بمطامع مالية.
قبيل الحرب قامت روسيا القيصرية بتأسيس نظام التطوع للخدمة في أرمينيا واستخدمته للتجنيد في جزء من القوقاز، وفي صيف عام 1914 تم تأسيس وحدات المتطوعين الأرمن تحت إمرة الجيش الروسي النظامي، ونتيجة لكونهم سكانًا محليين فقد استطاع الأرمن تحقيق انجازات عسكرية جيدة، أدت معرفتهم بالمناخ العام وبالتضاريس وخبراتهم بالعادات والتقاليد المحلية وتقلبات الجو؛ أدى كل ذلك إلى نجاحه كقوات مشاة واستطلاع، كان المتطوعون الأرمن صغيري البينة سريعي الحركة وعلى دراية بإسلوب حرب العصابات الأمر الذي أفاد الجيش الروسي من وجودهم بشكل كبير.
نهاية الأحداث
في 30 أكتوبر 1918 تم توقيع "هدنة مُدرُس" (Armistice of Mudros) بين الدولة العثمانية والوفاق الثلاثي (الاتحاد العسكري بين بريطانيا وفرنسا وروسيا) في ميناء مدرس في جزيرة ليمنوس اليونانية، وتم إيقاف كل التحركات العسكرية العثمانية في كافة الحملات القائمة.
الاحتلال العسكري
في 13 نوفمبر 1918 احتلت القوات الفرنسية إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية، تبعها دخول القوات البريطانية في اليوم التالي، وأدى الاحتلال إلى إشعال حرب تحرير تركيا الذي نشطت خلاله الحركة الوطنية التركية التي قادها مصطفى كمال أتاتورك، وفي 1923 م تمت معاهدة لوزان التي قضت باستقلال تركيا وتوزيع إرث الدولة العثمانية الذي كانت قد تم الاتفاق عليه سريًا منذ عام 1915 عبر اتفاقية سايكس بيكو واتي أفضت إلى حقبة الاستعمار الأوروبي الحديث في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا
- الحرب العالمية الأولى
- الثورة العربية الكبرى
- قائمة نزاعات الشرق الأوسط الحديثة
- المكتب العربي
- معركة عيون كارة
مراجع
- "معلومات عن مسرح أحداث الشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى على موقع id.loc.gov". id.loc.gov. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
- "معلومات عن مسرح أحداث الشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى على موقع babelnet.org". babelnet.org. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.