الرئيسيةعريقبحث

مسعود زقار


☰ جدول المحتويات


مسعود زقار (8 ديسمبر 1926 في العلمة - 21 نوفمبر 1987 في مدريد) كان أحد أبرز رجال المخابرات الجزائرية وبطل حقيقي عاش لأجل بلده الجزائر التي وهب نفسه لأجلها بنفسه وماله الخاص أيضاً، وكان قد مول العديد من العمليات الجاسوسية الناجحة لجواسيس جزائريين في الخارج رغم أنه لم يتم الكشف إلا على القليل جدا من تلك العمليات، رجل كانت ترتعد لذكر اسمه المخابرات الفرنسية لمكانته الخاصة لدى عظماء هذا العالم وأقويائه سيما من الأمريكيين.

مسعود زقار
Zegar.jpg

معلومات شخصية
الميلاد 8 ديسمبر 1926[1] 
العلمة 
الوفاة 21 نوفمبر 1987 (60 سنة)  
مدريد 
مواطنة Flag of Algeria.svg الجزائر 

مراحل حياته

نشأة الرجل

ولد مسعود زڤار في 8 ديسمبر 1926 بالعلمة ولاية سطيف الواقعة شرق الجزائر التي كانت تسمى آنذاك "سانت أرنو" أين كانت تعيش عائلته الفقيرة، وبما أن والده "بوزيدي" كان رجلا بسيطا فقد أرغم الطفل على تحمل مسؤولية العائلة بكاملها، سعيه لكسب القوت دفع به إلى المغامرة والهجرة إلى فرنسا وعمره لم يتجاوز العاشرة أين اشتغل لمدة 4 أشهر وعاد إلى أهله بفرنكات معدودة. وعوض أن يواصل دراسته بالمدرسة الفرنسية بالعلمة فضل مساعدة والده في المقهى التي تقع بالقرب من وسط مدينة العلمة، لكن هذا الطفل لم يكن عاديا في نظر والده بل كان كثير "الزغيد" أي يتسم بنشاط وحيوية منقطعة النظير، ولذلك عمد والده إلى تزويجه وعمره لم يتجاوز 13 سنة، لكن هذه الخطة لم تفلح مع مسعود ولم يدم الزواج طويلا فذهبت الزوجة إلى أهلها ولم تعد وتم الطلاق ليعود هذا الزوج المشاغب إلى حياة العزوبية من جديد. بعد العمل مع والده تحول إلى بائع للحلوى رفقة ابن عمه وكان عمره عندها 15 سنة، وهنا راودته فكرة صنع الحلوى بدل بيعها فيشرع في تجسيد فكرته وينجح في إنجاز ورشة لصناعة حلوى عرفت يومها باسم "برلنڤو والفليو" فكان يصنعها بنفسه بمستودع بالعلمة ويتولى تسويقها حتى خارج المدينة، فالورشة نجحت وبدأ مسعود يشق طريق النجاح. بعد أحداث 8 مايو 1945 انتقل زقار إلى وهران مع عائلته.

الحس الوطني

مسعود زقار متوسطا الملياردير روكفيلر، وكاتب الدولة الأمريكي للمالية كونالبي

أصبح مسعود يعرف بألقاب مختلفة كرشيد كازا و"بحري" و"شلح" و"ميستر هاري" وهي التسمية التي اشتهر بها وسط الضباط الأمريكان المعسكرين بالقاعدة الأمريكية بالمغرب، وهي القاعدة التي تمكن من اختراقها بعد إتقانه للغة الإنجليزية وكثرة احتكاكه بضباطها، وقد بلغ به الأمر إلى حد توظيف أحد أصدقائه بها، وهو الهاشمي الذي عمل بالقاعدة وكان يمد مسعود بمختلف المعلومات الحربية، كما تمكن الاثنان من الحصول على أسلحة وأجهزة اتصال بالتواطؤ مع بعض الضباط. وبهذه الطريقة تمكن رشيد من الحصول على جهاز إرسال متطور يستعمل في تجهيز البواخر، وهو الجهاز الذي أدخلت عليه بعض التعديلات وأصبح يستعمل في البث الإذاعي لـ "صوت الجزائر" بالناظور، حيث شرعت هذه الإذاعة السرية في البث بتاريخ 16 ديسمبر 1956 كما أن احتكاكه بالأمريكيين سمح له باكتساب خبرة واسعة في مجال السلاح وأجهزة الاتصال وبلغ به الأمر حد تكوين علاقات مع شخصيات أمريكية راقية وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي فكان يحضر معهم معظم الحفلات والنشاطات التي ينظمونها، وقد أتيحت له الفرصة بأن يتعرف على حرم السيناتور جون كينيدي الذي أصبح بعد سنوات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فكان يوظف كل هذه العلاقات لدعم القضية الجزائرية فالعمليات الاستخباراتية كللت بنجاح باهر وبدأ الرجل يوسع دائرة استعلاماته في عدة أماكن، تمكن زڤار من خلق علاقات في محيط الرئيس الفرنسي شارل ديغول، وكان في كل مرة يزود قيادات الثورة بمعلومات سرية للغاية وكان بمثابة النواة لشبكة المخابرات التي لعبت دورا بارزا في الاستعلام الحربي. وبما أنه أصبح يتقن التعامل مع أجهزة الاتصال، فقد زود مقر "المصلحة الخاصة للسلاح بالإشارات" بمحطة للاتصال اللاسلكي يتصل بها مباشرة ببوصوف وهواري بومدين. لم يسبق لأي شخص أن تكفّل بمفرده بإنجاز مصنع للسلاح، وقد اختار رشيد كازا أن تكون هذه المغامرة بالمغرب، وكان ذلك في مكان ما بالقرب من منطقة الناظور، لأنه لا أحد يعلم الموقع بالضبط إلا مسعود وقلة ممن معه، وحتى هذه القلة كانت إذا غادرت المكان لا تكاد تعرف طريق العودة إلا بتوجيه من رشيد كازا، فلا ملك المغرب ولا أي شخص مغربي كان يعلم شيئا عن هذه المؤسسة النادرة في الوطن العربي، فظاهريا المصنع يبدو مختصا في صنع الملاعق والشوكات ويعمل به عمال أجانب من دولة المجر، لكن في المستودعات الخفية المكان مخصص لصنع الروكات أو ما يدعى بـ "البازوكا". وبما أن مسعود كان حريصا على سرية النشاط فلم يوظف فيه إلا المقربين إليه، بعضهم من أفراد العائلة وكلهم تقريبا من أبناء المنطقة؛ أي من مدينة العلمة، ومن هؤلاء جيلاني صغير، زڤار عبد الله، منصوري خالد، نواني بشير، زڤار عبد الحميد، عوفي مصطفى، مزنان علي ونواني محمد، وقد كان هؤلاء يشرفون على عمليات التركيب لمختلف قطع الغيار التي كان يستقدمها زڤار من أمريكا بطريقته الخاصة التي لا يعلمها إلا هو، والتي ظلّت غامضة ومجهولة إلى يومنا هذا، وحتى المقربين إليه لا يعلمون كيف كان زڤار يُدخِل مختلف القطع إلى المغرب، خاصة تلك التي تبدو من خلال شكلها بأنها مخصصة لصنع القذائف، وأما بعض القطع فقد كانت تدخل علانية على أساس أنها موجّهة لصنع الملاعق والشوكات، وحتى العمال المغاربة الذين تم تشغيلهم لم يكونوا على دراية بطبيعة المصنع الذي يعملون به، النفوذ الكبير لمسعود كان بالولايات المتحدة الأمريكية أين تعرف على أبرز الشخصيات كالرئيس السابق ريتشارد نيكسون الذي استطاع اقناعه باستقبال الرئيس هواري بومدين 1974، كما كانت له علاقة مع كاسي المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية وكذا رائد الفضاء فرونك بورمان الذي زار الجزائر بدعوة من مسعود واستقبل من طرف الرئيس هواري بومدين. علاقاته امتدت أيضاً لجورج بوش الأب قبل أن يصل إلى الرئاسة، والذي أصبح فيما بعد نائبا للرئيس ريغن، كان جورج بوش الأب صديقا لمسعود، وكان أثناء حملته الانتخابية يتنقل عبر الطائرة الخاصة لزڤار، بدليل أن الرئيس السابق الشاذلي بن جديد لما زار الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ريغن التقى بجورج بوش الأب الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس وقال للشاذلي سلم لي على صديقي زڤار. كان هناك عملاء أمريكان كانوا يتجسسون لصالح زڤار وساعدوه على تقديم معلومات مهمة للقيادة إبان الثورة، مثل عميل أمريكي أخبر مسعود بأن الأمن الفرنسي يدبر لاغتيال مسؤول من جبهة التحرير الوطني الجزائرية بألمانيا، وهناك عميل أمريكي آخر أخبر زڤار بأن هناك عميلا فرنسيا في أجهزة الحكومة المؤقتة، وكان بومدين على علم بها. كانت الحقيقة التي أبهر بها الجميع هي تلك المتعلقة بإنقاذ الجزائر من هجوم أمريكي وشيك وكان ذلك عام 1967 خلال الحرب العربية الإسرائيلية، ففي الوقت الذي كانت الجيوش العربية في مواجهة مع الإسرائيليين كان الأسطول السادس لأمريكا يحوم في البحر الأبيض المتوسط وبالضبط في نواحي شرشال، وبفضل التحركات التي قام بها زڤار مع القيادة الأمريكية، غادر الأسطول المكان وتم تجنب الكارثة بسلام. حقيقة أخرى كان يجهلها الجميع أن مسعود زقار تمكن بحنكته وبفضل احتكاكه بالأمريكان من إنقاذ رئيس دولة عربية من الاغتيال، حيث أعلم بومدين بالأمر قبل حدوثه وبومدين بدوره أبلغ هذا الرئيس الذي نجا من الموت بفضل التحرك الذي قام به زڤار. بالرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والولايات المتحدة بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967 إلا أن زڤار بقي الدبلوماسي السري الذي له أيدٍ في معظم الإدارات الأمريكية، وأهله ذلك إلى تكوين شبكة من الاستخبارات التي جعلته يتحكم في المعلومات عبر العديد من الدول. في السنوات الخاصة بالثورة الجزائرية قام زقار بكتابة رسالة سرية ليرسلها إلى جمال عبد الناصر من خلال العقيد الفرنسي المتعاون معه والذي تنقل سرياً إلى السفير المصري ومنحها إياه، والذي بدوره سافر إلى مصر بُغية تسليمها لعبد الناصر على أساس أن الرسالة أرسلها شارل ديغول بهدف وقف مد العون الحربي للثورة الجزائرية مقابل الدعم الاقتصادي من فرنسا لمصر، وكان رد عبد الناصر بالإيجاب والموافقة على الشروط الفرنسية، حيث عاد مرة أخرى سفير مصر إلى الجزائر حاملا معه رسالة عبد الناصر والتي منحها للعقيد الفرنسي المتعاون الذي سلمها بدوره لزقار، الذي اندهش عندما قرأ رسالة الرئيس المصري، وهنا كشف لقادة الثورة المؤامرات المصرية الفرنسية على الثورة الجزائرية.[2] في تاريخ 8 جانفي 1983 يصدر مجلس المحاسبة قرارا بالتحقيق مع وزير الخارجية السابق السيد عبد العزيز بوتفليقة، وهو نفس اليوم الذي يكون فيه مسعود زڤار جالسا في بيته الكائن بشارع البشير الإبراهيمي بالجزائر العاصمة فيفاجأ برجال الأمن العسكري يداهمون بيته، حيث يقومون بتفتيش المنزل ويأمرونه بإتباعهم، وبينما كان أعوان الأمن يقومون بعملهم داخل حجرات المنزل بكل حرية، يستأذن مسعود من الضابط المسؤول عن المجموعة ويطلب منه أن يسمح له بإجراء مكالمة هاتفية، فطلب على الخط السيد العربي بلخير مدير الديوان برئاسة الجمهورية في عهد الشاذلي ويقول له: "الأمن العسكري موجود الآن ببيتي ويريد توقيفي، إني لا افهم ما يحدث"، فيرد بلخير بالقول: "لا تقلق، افعل ما يأمرونك به وسأحل المشكلة". ومباشرة بعد إنهاء المكالمة، الضابط يدعو زڤار إلى ركوب السيارة ويقتاد إلى وجهة مجهولة، أين يقضي حوالي شهر في زنزانة معزولة، ثم يحول إلى ثكنة للأمن العسكري بالبليدة. مع العلم انه لم يكن الموقوف الوحيد في هذه القضية، بل كان معه كل من العيد عنان مدير دراسات بوزارة التخطيط وعبد القادر معيزي مدير الشركة الوطنية للبناء وصغير جيلاني رفيق زڤار. ثلاث تهم ثقيلة تسقط كالذباب كل ما فهمه رشيد كازا فيما بعد هو ان توقيفه كان لأسباب سياسية وبعد امتثال مسعود أمام قاضي التحقيق توجه له ثلاث تهم ثقيلة: 1- الخيانة 2 - المساس بالدفاع الوطني 3 - المساس بالاقتصاد الوطني، وهي التهم التي ليست لها عقوبة سوى الإعدام.

وفاته

توفي مسعود زڤار في 21 نوفمبر 1987 بأحد فنادقه بمدريد ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه بالعلمة، وعند وفاته لاحظ سكان المدينة بأن جنازة هذا الرجل لم تكن عادية، حيث شاركت فيها شخصيات مرموقة كالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ووزراء سابقون بالإضافة إلى رجال أعمال أجانب وبحضور مكثف لأصحاب العمائم الذين جاءوا من مختلف دول الخليج.

مراجع

  1. معرف المكتبة الوطنية الفرنسية (BnF): https://catalogue.bnf.fr/ark:/12148/cb12452838j — باسم: Messaoud Zéghar — العنوان : اوپن ڈیٹا پلیٹ فارم — الرخصة: رخصة حرة
  2. جريدة الخبر الجزائرية، عدد يوم 11 ديسمبر 2009

موسوعات ذات صلة :