معركة وادي لكة أو معركة شذونة أو معركة سهل البرباط هي معركة وقعت في 28 رمضان 92 هـ/19 يوليو 711 م بين قوات الدولة الأموية بقيادة طارق بن زياد وجيش القوط الغربيين بقيادة الملك رودريك الذي يعرف في المصادر الإسلامية باسم لذريق. انتصر الأمويون في تلك المعركة انتصارًا ساحقًا أدى لسقوط دولة القوط الغربيين، وبالتالي سقوط معظم أراضي شبه الجزيرة الأيبيرية تحت سيطرة الأمويين.
معركة وادي لكة Batalla de Guadalete | |
---|---|
جزء من الفتح الإسلامي للأندلس | |
انسحاب القوط الغربيين أمام فرسان المسلمين، صورة من مخيلة سلفادور مارتينيز كوبيلز
| |
معلومات عامة | |
المتحاربون | |
مملكة القوط الغربيين | الدولة الأموية |
القادة | |
رودريك ⚔ | طارق بن زياد |
القوة | |
تقدير القرون الوسطى: 40,000 - 100,000 [1] |
تقدير القرون الوسطى: 187,000 [4][5] تقدير لويس: 10,000-15,000 [6] تقدير كولنز: ~1,900 [3] |
الخسائر | |
غير محدد (لكنه عدد كبير من النبلاء وموت الملك) |
3,000 قتيل |
المصادر حول المعركة
لم تتناول الكثير من المصادر الغربية المعركة، حيث كان المصدر الرئيسي في المصادر الغربية التي تناولت هو تأريخ عام 754 الذي كتب بعد عام 754 بفترة قصيرة.[8] المصدر اللاتيني المسيحي الآخر الذي كتب خلال قرن من تاريخ المعركة هو تأريخ اللومبارد الذي كتبه بولس الشماس، الذي لم يكن قوطيًا غربيًا ولا هسبانيًا، ويعتقد أنه كتب بين عامي 787- 796 م.[9] يعد تأريخ عام 741 هو الأقرب لتاريخ وقوع هذه المعركة، لكنه لم يحتو على أي مادة أصلية تتعلق بالمعركة. احتوت عدد من المصادر المسيحية اللاتينية في وقت لاحق على وصف لأحداث المعركة التي اعتمد عليها أحيانًا المؤرخون، لعل أبرزها تأريخ ألفونسو الثالث، الذي كتبه ألفونسو الثالث ملك أستورياس في أواخر القرن التاسع.
أما المصادر الإسلامية، فهناك العديد منها، لكنها محل انتقادات من قبل المؤرخين الغربيين، حيث لم يكتب أيا منها قبل منتصف القرن التاسع الميلادي، وأقدمها "فتوح مصر والمغرب" لابن عبد الحكم، الذي كتبه في مصر.[10]
خلفية
في السنوات التي سبقت المعركة، نجح موسى بن نصير والي إفريقية من قبل الدولة الأموية في السيطرة على المغرب الأقصى الذي كانت تسوده الاضطرابات والخروج عن سلطة الأمويين من آن إلى آخر. كما نجح في ضم مناطق لم تكن خاضعة للأمويين هناك، أهمها طنجة[11] التي جعل من مولاه طارق بن زياد حاكمًا عليها. ولم يعد بالمغرب الأقصى سوى سبتة التي لم تكن تخضع لسلطان الأمويين. كانت سبتة تحت حكم رجل يدعى بيوليان[12][13] وعلى الجانب الآخر، شهدت السنوات التي سبقت المعركة، انقلاب رودريك دوق باتيكا[14] على الملك ويتزا ملك القوط الغربيين، واستيلائه على المملكة. إلا أن سيطرته على المملكة لم تكن كاملة، نظرًا لوجود مناصرين لأبناء الملك المخلوع في الشمال.[15]
تذكر المصادر الإسلامية، أن السبب وراء فكرة غزو المسلمين لأيبيريا أن يوليان كانت له ابنة أرسلها لبلاط رودريك كما كان يفعل جميع النبلاء في تلك الفترة، فأعجب بها رودريك واغتصبها، مما أثار غضب يوليان وعزم على الانتقام. عرض يوليان موسى بن نصير[12] وقيل طارق بن زياد[16] مساعدتهم على غزو إسبانيا بأن يمدهم بسفنه. استشار موسى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فأجابه قائلاً: «خضها بالسرايا حتى تختبرها ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال.» أرسل موسى سرية للاستطلاع في رمضان 91 هـ قوامها 100 فارس و400 من المشاة تحت قيادة طريف بن مالك الذي نزل بهم جزيرة طريف.[12] شكك بعض المؤرخين الغربيين في كون يوليان كونت سبتة قد أعار المسلمين سفنه للعبور إلى أيبيريا، إضافة إلى قصة اغتصاب ابنته من قبل رودريك، وقالها بأنها أسطورة اختلقها المؤرخون المسلمون في نهاية القرن التاسع، مستدلين على ذلك بكون المسلمين قد كانت لهم قواتهم البحرية في غرب البحر المتوسط بالفعل، وهو ما يؤكده مهاجمتهم للجزائر الشرقية قبل ذلك بأعوام.[17]
وبعد عام تقريبًا، عبر 7,000 مقاتل مسلم أغلبهم من البربر تحت قيادة طارق بن زياد على سفن يوليان إلى جبل طارق، واجتاحوا الجزيرة الخضراء. في تلك الفترة، كان رودريك يشن حملة في الشمال على المتمردين البشكنس، حيث بلغته تحركات المسلمين، فقرر التوجه جنوبًا لقتالهم. وحين بلغ طارق تحرك جيش رودريك لقتاله، طلب المدد من موسى بن نصير الذي أمده بخمسة آلاف آخرين.[18]
موقع المعركة وتقديرات الأعداد
تذكر المصادر العربية وقوع المعركة قرب شذونة، في موقع يقال له البحيرة[19] أو وادي لكة أو وادي بكة[20] أو وادي برباط.[21] ويرجح المؤرخ توماس هودجكين رأي رودريغو خيمينيز دي رادا، بأن المعركة وقعت في فحص شريش.[22][23] فيما يعتقد خواكين بالبي بأن المعركة دارت على ضفاف وادي رانكة.[24]
تذكر المصادر العربية أن جيش رودريك كان قوامه 100,000 جندي،[19] وقيل 40,000 جندي.[22] في المقابل، قدر «تاريخ ألفونسو الثالث» يقدرهم بنحو 187,000 جندي. فيما تذكر المصادر العربية أن طارق عبر بسبعة آلاف جندي، ثم أمده موسى بن نصير بخمسة آلاف أخرى، أي أنه دخل المعركة باثني عشر ألف مقاتل على أقصى تقدير. وفي تقدير روجر كولينز الذي تجاهل المصادر الأولية، أن عدد المسلمين كان حوالي ألفي جندي، ولم يكن عدد قوات القوط الغربيين أكبر من ذلك بكثير.[25] أما ديفيد لويس فقد قدّر عدد قوات القوط الغربيين بحوالي 33,000 جندي.[26]
المعركة
التقت القوتان في 28 رمضان 92 هـ، في معركة استمرت لثمانية أيام، انتهت بهزيمة كبيرة للقوط، بعد أن تعرض رودريك لخيانة في داخل جيشه[19] أدت إلى هذا النصر الإسلامي الكبير. فوفقًا لتأريخ المستعربين، فقد ساهم منافسي رودريك الطامحين في الحكم في هزيمة القوط الغربيين.[27]
ألقى تأريخ ألفونسو الثالث باللوم على أبناء ويتزا لتآمرهم على رودريك.[28] كما كان ظهور أوبا شقيق ويتزا في طليطلة وقت أن دخلها موسى بن نصير، سببًا في اعتقاد بعض المؤرخين أنه شارك في المؤامرة التي حيكت ضد رودريك.[29] كما رجّح بعض المؤرخين الغربيين المعاصرين أن يهود أيبيريا المضطهدين من قبل القوط الغربيين[30][31][32] قد ساهموا بفاعلية وشاركوا في صفوف المسلمين،[33] مستشهدين بما ذكره صاحب كتاب أخبار مجموعة بأن المسلمين كانوا يستخدمون اليهود في حامياتهم.[34][35] ورغم كل ذلك، فلم يذكر تأريخ المستعربين مشاركة اليهود في جانب المسلمين.
نتج عن انهيار جيش القوط خسارتهم لعدد كبير من الجنود، بينما خسر المسلمون على أقصى تقدير 3,000 رجل.[26] أما عن مصير رودريك، فتقول المصادر الإسلامية أنه اختفى أثره بعد المعركة، ولكنها تستدل على موته غارقًا في الوحل بعثور المسلمين على فرس رودريك الأبيض وقد غاص في بركة موحلة، ووجود خُف منغمس في الطين، رجحوا من خلاله غرقه في الوحل.[36]
نتائج المعركة
مهدت المعركة لاستكمال الفتح الإسلامي للأندلس، وكان الدافع وراء تقدم المسلمين السريع هو الارتباك الذي أصاب القوط بعد الهزيمة الساحقة لجيشيهم ومقتل الملك، مما زاد من السقوط السريع للعاصمة الذي حال دون انتخاب ملك جديد وإنشاء خط المقاومة. وبعيدًا عن ذلك لم يتوقع المتآمرون أن طلبهم مساعدة العرب باستعادة الحُكم مُقابل الحُصُول على الغنائم كان سيكلفهم باهظًا للغاية وماهي النوايا الحقيقية لدخول العرب.
ومع مرور الوقت بدأت الحقائق بالظهور، فقد كانت هناك عوامل مهمة ساعدت في نجاح المسلمين، وهي أن العديد من الساخطين قد انضموا إلى القوات الفاتحة، وتعاون سكان الأيبيريا-الرومان، الذين لم يكن لديهم الحق في المشاركة في الحكومة (باستثناء الكنيسة) ورأى في القادم الجديد حليفًا محتملًا ضد الجرمان. هناك حديث أيضًا عن مساعدة الشعب اليهودي، الذي تعرض للاضطهاد من الملكية القوطية الكاثوليكية، والكثير من بقية السكان الذين لم يقاوموا بسبب غضبهم من المجاعات والأوبئة والمتوقون إلى الاستقرار السياسي.
قرر موسى بعد أن رأى أن الجيش الإسلامي لم يكن كافيًا للدفاع عن المنجزات المكتسبة، ولا بد من دعمه بمدد عسكري رأسه بنفسه.[37] فغادر القيروان في رجب 93هـ / أبريل 712م بجيش قوامه 18,000 رجل - وقيل عشرة آلاف - ومعظمهم من العرب.[38] فعبر مضيق جبل طارق وعسكر في الجزيرة الخضراء في رمضان 93هـ / يونيو 712م لِعدَّة أيام حيث وزع المهمات العسكرية على قادته. وبدأت رحلته الاستكشافية، التي كان هدفها طليطلة، ومضى عبر قرمونة وإشبيلية وماردة إلى أن التقيا في مقاطعة طليطلة ويواصلوا احتلال وادي إبرو وأستورياس وجليقية دون أن يجدوا أي مقاومة.
المراجع
- The Muslim conquest and settlement of North Africa and Spain. ʻAbd al-Wāḥid Dhannūn Ṭāhā. Routledge, 1989, pp. 89.
- Davis L. Lewis (2008). God's Crucible: Islam and the Making of Europe, 570–1215. W.W. Norton & Company, Nueva York, pp. 123-124, .
- Roger Collins (2005) [2004]. La España visigoda, 409–711. Editorial Crítica, Barcelona, pp. 141, .
- José Antonio Mases (2001). Asturias vista por viajeros románticos extranjeros y otros visitantes y cronistas famosos: siglos XV al XX. Volumen I. Ediciones Trea, Gijón, pp. 447
- José María Escandón (1862). Historia monumental del heróico Rey Pelayo y sucesores en el trono cristiano de Asturias. Imprenta de La Esperanza. Editor A. Dubruill, Madrid, pp. 188. Basandóse en la Crónica de Alfonso III, versión "Crónica Sebastianense".
- توماس إف. غليك (2005) [1979]. Islamic and Christian Spain in the early Middle Ages. BRILL, Universidad de Princeton, pp. 21, .
- Glick, pp. 19-20.
- Roger Collins (1989), The Arab Conquest of Spain, 710–97 (London: Blackwell Publishing), 26–27.
- Paul, VI.xlvi - تصفح: نسخة محفوظة 29 يونيو 2009 على موقع واي باك مشين.
- Charles Cutler Torrey, trans. (1922), The History of the Conquest of Egypt, North Africa and Spain: Known as the Futūh Miṣr of Ibn ʻAbd al-Ḥakam (Yale University Press); also John Harris Jones, trans. (1858), History of the Conquest of Spain (Göttingen: W. Fr. Kaestner), pp. 18-22 excerpted at Ibn Abd-el-Hakem: The Islamic Conquest of Spain from Medieval Sourcebook. نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- مؤلف مجهول 1989، صفحة 14-15
- مؤلف مجهول 1989، صفحة 16
- ابن عبد الحكم 1999، صفحة 276
- Bernard F. Reilly (1993), The Medieval Spains (Cambridge: Cambridge University Press), 49–50.
- Collins (1989), 28, and (2004), Visigothic Spain, 409–711 (London: Blackwell Publishing), 130–2
- ابن عبد الحكم 1999، صفحة 277
- Dykes Shaw (1906), "The Fall of the Visigothic Power in Spain", The English Historical Review, 21:82 (April), 221, writing in 1906, rejects this as legend from the late ninth- and tenth-century Arabic histories. The first Latin chronicler to pick it up was the Monk of Silo in 1110. It blossomed under Pedro del Corral (who in the fifteenth century invented "Floresinda", an authentic Gothic name) and Miguel de Luna (who in the sixteenth turned her into a meretrix).
- مؤلف مجهول 1989، صفحة 17
- مؤلف مجهول 1989، صفحة 18
- ابن القوطية 1989، صفحة 33
- William E. Watson (1993), "The Battle of Tours-Poitiers Revisited", Providence: Studies in Western Civilization, 2. نسخة محفوظة 4 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
- ابن خلدون ج4 1999، صفحة 254
- Thomas Hodgkin (1887), "Visigothic Spain", The English Historical Review, 2:6 (April), 233.
- Thomas F. Glick (1979), Islamic and Christian Spain in the Early Middle Ages: Comparative Perspectives on Social and Cultural Formation (Princeton: Princeton University Press), 32. نسخة محفوظة 24 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
- Collins (2004), 141.
- David Levering Lewis (2008), God's Crucible: Islam and the Making of Europe, 570–1215 (W.W. Norton & Co.), 123-124.
- Collins (1989), 28.
- Collins (2004), 137-138
- E. A. Thompson (1969), The Goths in Spain (Oxford: Clarendon Press), 250–51.
- Wolfram Drews (2002), "Jews as Pagans? Polemical Definitions of Identity in Visigothic Spain", Early Medieval Europe, 11 (3), 189–207
- Francis X. Murphy (1952), "Julian of Toledo and the Fall of the Visigothic Kingdom in Spain"
- Bernard S. Bachrach (1977), Early Medieval Jewish policy in Western Europe (Minneapolis: University of Minnesota Press), 23–25.
- Jewish Encyclopedia, s.v. "Kaula al-Yahudi". نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- Arie Schippers (1994), "The Jews in Muslim Spain", Spanish Hebrew Poetry and the Arabic Literary Tradition: Arabic Themes in Hebrew Andalusian Poetry, 43.
- Bernard S. Bachrach (1973), "A Reassessment of Visigothic Jewish Policy, 589–711", The American Historical Review, 78:1 (February), 32.
- مؤلف مجهول 1989، صفحة 19
- طقّوش، مُحمَّد سُهيل (1431هـ - 2010م). تاريخ المُسلمين في الأندلُس: 91 - 897هـ \ 710 - 1492م (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 46. .
- مُؤلِّف مجهول; تحقيق: إبراهيم الإبياري (1410هـ - 1989م). أخبار مجموعة في فتح الأندلُس وذكر أُمرائها رحمهم الله والحروب الواقعة بها بينهم ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الكتاب اللُبناني. صفحة 15. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 9 يناير 2020.
المصادر
- ابن عبد الحكم, أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله (1999). فتوح مصر والمغرب. الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصر.
- مؤلف مجهول, تحقيق: إبراهيم الإبياري (1989). أخبار مجموعة في فتح الأندلس. دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت. .
- ابن القوطية, أبو بكر محمد بن عمر (1989). تاريخ افتتاح الأندلس. دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت. .
- ابن خلدون, عبد الرحمن (1999). كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاونهم. دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت. .