اليرغول الفلسطيني
من التراث الشعبي الفلسطيني هي فلسطين الأغنية البكر ونشيد الحادي وصوت الناي على الغدران... هي التاريخ... هي أم البدايات... وهي الباقية ما دام فيها من يحرس التراث وينام على رائحته ويتنشق فجره ويضيء شمسه العالية.
ارتبطت الأغنية التراثية الفلسطينية ارتباطاً كبيراً بالآلات الموسيقية الشعبية، والآلات الموسيقية الشعبية قديمة في فلسطين قدم التاريخ نفسه, يستعملها الفلسطيني مع كل رقصة أو أغنية سواء أكان ذلك جماعياً أو بصورة فردية ومن هذه الآلات اليرغول أو ما يعرف بالمجوز.
يعتبر اليرغول من آلات النفخ الموسيقية، وهي من أقدم الآلات التي عرفها التاريخ نظراً لبساطتها وسهولة استخدامها ويقال أن الطبيعة هي أول من اكتشفتها، حيث إن هبوب الرياح كان يساعد على إصدار أصوات معينة في أي قطعة غاب مجوفة...
اليرغول آلة بسيطة ويطلق عليها آلة الفقراء لان معظم من يسمعها هن الفقراء والبسطاء... واليرغول هو نايٌ ذو أنبوبتين يُصنع من عيدان البوص المجوفة، وهاتان الأنبوبتان متوازيتان ومقرونتان الواحدة منهما بالأخرى بخيوط متينة تُلَفُّ على القصبتين من الأسفل والأعلى ولليرغول عُصَيَّة من البوص تُدخل في الطرف السفليّ لإحدى الأنبوبتين المثقوبتين. وتساعد هذه الأنبوبة على الرّدّ على اليرغول واستمرار اللحن دون انقطاع، وكذلك تعطيه نغمة خاصة تختلف قليلاً عن نغمة المقرون.
عرفت فلسطين اليرغول، وعبّر الفلسطيني من خلاله عن مشاعره وأحاسيسه وبث شجونه وحنينه لوطن ارتوى من حبات عرقه... على أنغامه غنى الميجانا وظريف الطول ودلعونا وجفرا فأصبح رمزاً من رموز ارثها الجميل، يذكر كل من يسمعه برائحة فلسطين وعبق الماضي الجميل، وحتى اليوم لا تحلو أعراسنا ومناسباتنا الجميلة إلا على أنغام اليرغول، فيطرب لسماعه الصغار قبل الكبار ويؤدون على أنغامه أجمل الدبكات والسحجات الشعبية..
في طفولتي كنت أتعجّب من قدرة العازف عليه على تحمل العزف عليه طول الحفلة، فهو بحاجة إلى نفس قوي وموهبة نادرة بتحريك الأصابع والتنقل من لحن إلى آخر ومو كل من دقدق على المجوز غنى...