استيطان الأمريكيتين هي هجرة ضخمة نزحت فيها شعوب من العالم القديم إلى الأمريكيتين، وقد وُضعت لهذه الهجرة نماذج عديدة اقترحتها مجتمعات أكاديمية مختلفة. إن سؤال كيف ومتى ولماذا دخل البشر (الهنود القدماء) الأمريكيتين لأول مرة هو سؤال هام جداً بالنسبة للآثاريين والأعراقيين، وقد كان موضوعاً لنقاشات حامية لقرون. بُنيَ الفهم العلميّ الحالي للهجرة إلى الأمريكيتين وعبرهما على أربع فروع من العلوم ذات علاقات متبادلة هي: علم الآثار وعلم الإنسان الحيوي وتحاليل الحمض النووي واللغويات.
مع أنه يُوجد اتفاق عام على أن المستوطنين الأوائل جاؤوا من آسيا عبر جسر يابسة بيرنجيا، فما زال نموذج الهجرة ووقتها ومكان نشأة الشعوب الآسيوية المهاجرة أمراً غير واضح.[2] سعى الباحثون خلال السنوات الأخيرة إلى استخدام أدوات مألوفة لتأييد أو نفي بعض النظريات مثل البداية الكلوفزية.[3] ومع مجيء الاكتشافات الجديدة فإن هذه الفرضيات القديمة تأخذ بالاختفاء وتبنى مكانها أخرى جديدة. تشير الدلائل الآثارية إلى أن الاستعمار الواسع الأول للهنود القدماء في الأمريكيتين حدث خلال نهاية العصر الجليدي الأخير، أو تحديداً أكثر خلال ما يُعرف بالفترة الجليدية القصوى الأخيرة قبل حوالي 16,500 إلى 13,000 عام.[4]
نظرية جسر اليابسة
تعرف أيضاً بنظرية مضيق بيرنغ أو بنظرية بيرنجيا، وهي نظرية يُوجد اتفاق واسع عليها منذ ثلاثينيات القرن العشرين. يَقترح هذا النموذج للهجرة إلى العالم الجديد أن البشر هاجروا من سيبيريا إلى ألاسكا، مثل العديد من قطعان الحيوانات الأخرى. وقد كانوا قادرين على العبور بين القارتين عبر جسر يابسة يُسمى جسر يابسة بيرنغ، الذي امتد عبر ما هو اليوم مضيق بيرنغ خلال الفترة الجليدية الأخيرة من عصر البلستوسين، حيث ظهر قبل 50,000 عام واستمرّ حتى ما قبل حوالي 10,000 عام، عندما كان مستوى البحر أخفض بـ60 متراً مما هو عليه اليوم. جُمعت هذه المعلومات باستخدام سجل نظائر الأكسجين المُستخرجة من قيعان المحيطات العميقة. وبسبب هذا الأمر فقد كُشفَ من تحت الماء جسر يابسة بلغ عرضه 1500 كيلومتر على الأقل وربط بين سيبيريا والخليج الغربي لألاسكا. توصل العلماء من دراسة الدلائل الآثارية إلى أن شعوب الصيادين هذه عبرت مضق بيرنغ قبل 12,000 عام على الأقل واستطاعت في النهاية أن تصل إلى الحافة الجنوبية لقارة أمريكا الجنوبية قبل 11,000 عام.
هاجر أوائل المستوطنين من أوراسيا إلى الأمريكيتين عبر بيرنجيا في وقت ما خلال العصر الجليدي الأخير - قبل حوالي 17,000 عام -، عندما تمدد القطبان الجليديان وانخفض مستوى البحر. فقد كان يَتبع هؤلاء الصيادون المرتحلون قطعان طرائدهم من سيبيريا إلى ألاسكا عبر ما هو اليوم مضيق بيرنغ، ثم انتشروا جنوباً بشكل تدريجي. بناءً على انتشار وتوزع اللغات الأمريكية وعائلات اللغات في المنطقة، فإنه يَبدو أن حركة هذه القبائل بحذاء (من المحاذاة) المنحدرات السفحية لجبال الروكي وشرقاً عبر السهول العظمى إلى سواحل المحيط الأطلسي حدثت في الفترة المُمتدة مما قبل 30,000 إلى 10,000 عام على الأقل.
المراجع
- Burenhult, Göran (2000). Die ersten Menschen. Weltbild Verlag. .
- Goebel, Ted; Waters, Michael R.; O'Rourke, Dennis H. (2008). "The Late Pleistocene dispersal of modern humans in the Americas". Science. 319 (5869): 1497–1502. doi:10.1126/science.1153569. PMID 18339930. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 29 يونيو 201905 فبراير 2010.
- Gremillion, David H. (2008-09-25). "Archaeolog: Pre Siberian Human Migration to the Americas: Possible validation by HTLV-1 mutation analysis". Traumwerk.stanford.edu. doi:10.1371/journal.pgen.1000078. مؤرشف من الأصل في 11 أبريل 201412 أكتوبر 2010.
- Bonatto, Sandro L.; Salzano, Francisco M. (1997). "A single and early migration for the peopling of the Americas supported by mitochondrial DNA sequence data". Proceedings of the National Academy of Sciences. 94: 1866–1871. doi:10.1073/pnas.94.5.1866. مؤرشف من الأصل في 14 مارس 202010 أكتوبر 2009.